وقفةٌ في مدارج الفجر تنفضْ |
سحبَ الليل عن جبين الضادِ |
ونلُمّ الخيوط فوق الذرى السمرِ |
ينابيعَ ثورةٍ وجهادِ |
وقفةً يا هدير نَدْرُجْ مع النور |
توشّي أولى خطاه بلادي |
لمحةً يا جراح لبنان نخْطَف |
قصة المجد من فم الروّادِ |
العصور العمياء تكتسح التاريخ |
ملءَ الذرى وملءَ الوهادِ |
وبلادي ، أمّ الينابيع ، تذوي |
فوق أرجائها شفاه العوادي |
والبقايا من روعة الألق الما |
ضي تشدّ السواد فوق السوادِ |
العصور العمياء ، ألفٌ من الاعـ |
ـوام جفّ السنا ، وضلّ الحادي |
وأفاقت أولى الخطى تزحم المو |
تَ على رعشة الشعاع الهادي |
أين ماجت دنيا العروبة بالفجر ، |
وغنّت طلائع الأمجاد ؟ |
أين جسّدتُ أمتي لهباً بكراً ، |
وأبصرتُ دفقة الميلادِ ؟ |
لا تسلني ، وادرج معي في الذرى |
السمر ، على كل مَشْرَفٍ أو وادي |
هدأةً ، يا دويّ لبنان ، فألامس |
قصيدٌ مُجَنَّحُ الأبعادِ |
لمحة ، استعرْ من الوثبة الأولى |
وميضاً أحدو به إنشادي |
من سقى دوحةَ العروبة ، والآ |
فاق غبْرٌ ، إلى الضياء صوادِ ! |
من رمى النور في عيون الحيارى |
فأفاقت على الحياة بلادي ! |
حملت كل أرزة جمرةَ البعث ، |
وشقّت بالنار صمت الرمادِ |
وحدانا لبنان ، فانطلق الركبُ ، |
وماجت حواضرٌ وبوادي |
كلّ صخرٍ لنا عليه نشيدٌ |
عربيّ يهز دنيا جمادِ |
قبل شمعون ، كنتِ يا شامخاتِ |
الأرز نبعي ، وفجريَ المتهادي |
قبل شمعون ، كنت الصيحةُ السمـ |
ـراء تجلو مفاخرَ الأجدادِ |
قبل شمعون ، قبل قافلة العبدان ، |
كان اسمه عرينَ الضادِ |
كان لبنان معقلي ، وسيبقى |
ملتقى إخوتي ، ومهوى فؤادي |
... |
|
يا سفوحَ العبير ، يا هَضبات |
الورد ، ماذا على سفوح العبيرِ ! |
أيحيلون جنة الله وكراً |
لدخيلٍ ، ومرتعا لاجيرِ ! |
أيكمّون بالرصاص فم الورد ، |
إذا قال : لم أكن للنيرِ ! |
فاذا موطن الاغاريد مأوى |
كل لص ، وشائه موتورِ |
لفحيح الاحقاد ، للشوك يا لبنان ، |
لا للندى ولا للزهورِ |
قسما ، ما استطبتُ كأسي على |
النبع ، ونبعي مخضّبٌ بالشرور |
أيّ حريةٍ يغني بها "ألعبدُ" ، |
على باب غاصبٍ مسعورِ ! |
أي حرية، سلوا طلقاتِ |
النار عنها غدراً وراء الظهورِ |
وانسحاب الخُطى على العتماتِ |
السود خوفا من عاصفات النور |
في دماء المتنيّ* قصةُ لبنان، |
خذوها عن الدم المهدورِ |
إروها ، لا تُشحْ بوجهك يا سفّاح ، |
جرح الشهيد لحن العصور |
إروها ، واستمعْ صداها جموعا |
هادرات ، وثورة كالسعير |
إستمعْ غضبة الجماهير تمْلي |
بدماها قصيدةَ التحريرِ |
في حنايا الهضاب ، في الشاطئ الرجـ |
ـراج بركان وثبتي ونشوري |
هو منا ، ونحن منه الدم المسـ |
ـفوك فوق الثرى ، ثرانا الطهور |
الاباةُ المصممون اباتي |
والصقور المزمجرون صقوري |
وجراحي على عمانٍ جراحي |
في حنايا صيدا ، وجبهة صور |
دمنا تصرخ الملايين فيه |
يا عصور الضياع والذل ثوري ! |
يا حماة الدجى ، تشققتِ الأرض ، |
ومادت عن ألف فجرٍ منيرِ |
عربي الهدير.. لن تحجبوه |
بركامٍ من ناصلاتِ الستور |
يتحدى الصباح مهزّلةَ التزوير ، |
إن الصباح فوق الزورِ |
وطني للزنابق البيض ، فألقوه |
جحيماً ، ودمدماتِ نسور |
يصمتُ الشعبُ كالجبال ، وتبقى |
بيد الشعب حاسماتُ المصير |
... |
|
يا دماءً تكاد تلفَحُ وجهي |
بلهيب الصمود والعنفوانِ |
يا دم الشعب ، فات أعداءَ شعبي |
إذا اراقوكَ قصةُ البركانِ |
جرحُ عدنان* ما يزال على الشام |
انطلاق التاريخ من عدنانِ |
جدّدته على شوارع بيروت ، |
كهوف الاحقاد والاضغانِ |
يهزم الصبحُ كل وكرٍ بنته |
في الدياجير غُلةُ الثعبانِ |
ويطلّ الضحى على اثنين في |
الميدان : شعبي والنصر في الميدان |
قُدماً يا بنودنا في الهضابِ |
الشمِّ ، إنا في الصدر خافقتانِ |
قُدما لن تكون يا أسمر الارز |
وحيداً في زحمة الطوفانِ |
الثرى والسماء حولك اهلٌ |
وقلوبٌ على الجراح حَوَانِ |
وسيوف الصقور إخوتك الاحـ |
ـرار عطشى إلى النزل ، روانِ |
الثرى والسماء أهلك ، فاسخَرْ |
من حراب هممنَ بالعدوانِ |
عرفتها الدنيا على بور سعيدٍ |
كيف باءت بالعار عار الزمان |
كيف رُدّت كسيحةً وثبةُ الغدر ، |
ودُقّت مخالبُ القُرْصانِ |
تنشق الكبرياءُ عطركَ يا لبنان ، |
فاشمخ به على نيسانِ |
للهوى باسقاتُكَ الخضر للمجد ، |
ولن تنحني لسوط جبانِ |
والاشمّ الراسي على قدميه |
- قَدَرٌ ذاك – مصرعُ الطغيان |
قَدرٌ ان تهلّ في جَنبات |
البيد دنيا جديدةُ الألوانِ |
أرزُ لبنان نفحةٌ في سماها |
ينسج الحبَ نولُها والاغاني |
قدرٌ أن يموج في أرضنا |
الخضراء فجرٌ للضاد ، لا فجرانِ |
في عُمانٍ ، وفي الجزائر منه |
عاصفاتٌ يزأرن في لبنانِ |
أمة تصنع الحياة، ويخشى |
رعشة النور صانع الاكفانِ |
بيديك المصير يا هدرة الشارع ، |
فامضي في الساح ملءَ العنان |
يصمت الشعب كالجبال ، ويبقى |
بيد الشعب مصرع الطغيانِ |
______________ |
|
* الشهيد نسيب المتني، طليعة ضحايا الحرية، في لبنان.. |
|
* الشهد عدنان المالكي |