من أين نحن ؟ تلعثمت |
بحروفها شفتا صغيري |
وتعلّقت عينان وا |
دعتان بالصمت المرير |
تستنطقان شروديَ |
القتّال عن سرٍّ كبيرِ |
من أين نحن؟ وغام في |
عينيّ جرحٌ كالسعير |
وضممتُ طفلي ، والسؤال ، |
وبسمةً عصرت شعوري |
كفّنْتُ خلف بريقها |
عشرين مفجعةَ السطور |
عشرين من عُمُر القتيل ، |
بلى ، ومن دامي المصير |
من أين ؟ قصة ثورةٍ |
طاشت على ثغرٍ غريرِ |
أتريدها ؟ مأساة تر |
بتكٍ الشهيدة يا صغيري ! |
... |
|
مَنْْ أشعلَ الصدر البريءَ ، |
وهزّ في دمك السؤالا ! |
أتريد قصتك الخضيبة ، |
لا رُوَاءَ ولا خيالا ؟ |
في كل عامٍ وقفةٌ |
نتحسس الذكرى ظلالا |
نتفقد الجرح الدفين ، |
ونستقي منه النضالا |
لا ترهقِ الصدر البريء ، |
وخلِّها غصصاً طوالا |
مزقاً مفجَّعةً على |
نَبَرات قافيةٍ تَوالى |
من أين نحن ؟ أأستعيرُ |
البسمةَ الثكلى مقالا ! |
وأجيبُ تمتمةَ الصغير ، |
وأنفض الجمر اشتعالا ! |
سيظل جرحى في الشمال ، |
يصوغ في لهَبي الشمالا |
... |
|
إنّا من البلد القتيل ، |
من الجراح ، من الرعودِ |
من صخرةٍ عثر الشهيدُ |
وراءها بدم الشهيد |
من ربوةٍ خضراءَ رَقْـ |
ـرقتِ الألوهةَ في نشيدِ |
من ضلْع شلالٍ يقصّ |
على الدنى قصص الخلودِ |
من ألف ساقيةٍ توشوشُ |
وهي سكرى في قصيدي |
إنا ترابٌ يا صغيري |
ظامئ خلف الحدودِ |
داري هناكَ وخيمتي |
تتمردان على السجودِ |
عربيتان أكاد أنشَقُ |
فيهما عبقَ الصمودِ |
موّارتان بأغنيات |
البعث ، والفجر الوليد |
... |
|
إنا خيوطُ الدفقةِ |
الأولى إذا شمَخ النهارُ |
وانداح في أرض العرو |
بة عاصفٌ ، وزها انتصار |
من ضفة العاصي ، من |
الشلال غيّضَه الدمارُ |
من "دفنةٍ" وهضابُها |
صمتٌ وشوق ، وانتظارُ |
من شاطئٍ أمواجه |
مُضَرٌ وصخرتُهُ نزار |
ولدت رؤى الوطن الكبير ، |
وأرضعَ الحُلُمَ الصغارُ |
من أين ؟ لا تسأل أباك ، |
طريقنا شوكٌ ونارُ |
تدري غداً ، لم ينته |
الشوط المرير ولا السفار |
عند المحيط ، على الخليج ، |
يقرّ للركب القرارُ |
... |
|
تدري غداً يا معن كيف |
تمزّقت هذي البلادُ ! |
كيف استبحُ مهادكَ |
العربي ، واغتصب المهاد |
كيف ارتمى عَلَم العروبة* |
كي يجلّله الحدادُ |
كم لفّه جسدٌ بخلجته |
وفدّاهُ سوادُ |
وتناثرت مزَقُ الرصاص |
وشق زحمتها عناد |
وحنا الشهيد عليه ، |
وانتصر "الذئاب" كما أرادوا |
واستلم البلد القتيلُ ، |
ولملم الجرحَ الجهاد |
ومشى على نعش "اللواء" |
عصابةٌ حكموا وسادوا |
تدري غداً ، كم "ناضلَ" |
الأجراءُ في وطني و "ذادوا"! |
... |
|
قدري ، ويعرف جيلُكَ |
الوضّاء أي دجىً رهيبِ ! |
نُحرت بعتمته الضحيةُ |
فهي شدْوٌ في النيوب |
والثائرون براعم ، |
زُغْبٌ تتيه على الدوربِ |
يا للجريمة في الشمالِ ، |
وللفجيعة في الجنوبِ ! |
لم ننطفئْ .. يا معن .. |
شعلةُ أمتي فوق الخطوبِ |
لم ننطفئ .. كذبَ الغروبُ ، |
ومن يَعَضّ على الغروب |
إسمعْ هديرَ العائدين |
يهزُّ أضلاعَ الغيوب |
ويفجّر التاريخ ملحمةً ، |
ودفْقَ سناً وطيبِ |
عدنا.. لنمحوَ من حياةِ |
الشمس كارثة المغيبِ |
... |
|
إسمَعْ على قمم الكفاحِ ، |
يهزُّها نجداً فنجدا |
صوتٌ كعطشان اللهيبِ |
على الهشيم انداح وقدا |
تحنو الملايين العطاشَ ، |
فترتوي بأساً ومجداً |
ويُحيلها لندائه |
قلباً وحنجرةً وزندا |
عملاقُكَ العربي .. آمنّا |
بماردنا المفدّى |
بالأسمر الحادي .. وودّ |
الصبحُ قافلةً لِتُحْدى |
بمجسّدِ التاريخ أغنيةً ، |
بشعبٍ ذاب فردا |
إنا لهَاتُكَ يا جمال ، |
فأترعِ الصحراء رعدا |
واهدم بنا سدّاً على |
رأس الطغاةِ ومُدّ سدا |
عند المحيط ، على الخليج ، |
تَقَرّ صيحتنا وتهدا |
... |
|
إنّا يمينكَ في اللواءِ ، |
وفي عُمَانَ ، وفي الجزائرْ |
في كل مَيْدانٍ تنفّسَ |
فيه ثائرةٌ وثائرْ |
في كل رابيةٍ تُكَحّلُ |
بالغَد العطرِ المحاجرْ |
تُغْفي الرمال على رؤاكَ ، |
وتستفيق على البشائرْ |
وتعيش في دمنا .. وخلّ |
الليل يبتدعُ الستائرْ |
دنيا العروبة محْجُرٌ |
بك شدَّه قدرٌ ، وناظرْ |
بغداد قلعتُنا .. وطيفٌ |
موكبُ الهجناءِ عابرْ |
والأطلسيّ قصيدةٌ |
عربية بلَهَاةِ شاعرْ |
من أين ؟ رُدّ على صغيري ، |
فالسؤالُ الحلو قاهرْ |
ألموعد الجبار وحدتُنا ، |
وللمأساةِ آخرْ ! |
____________ |
|
* اشارة إلى انزال العلم السوري – آنذاك – في مدينة انطاكية يوم تسليم اللواء |