شدِّي على قُبَلِ العناقِ |
شُدِّي ، فلن يَرويَ اشتياقي |
ظَمَئي كغُلَّتك الرهيبةِ ، |
واحتراقكِ كاحتراقي |
شدِّي على شفتيَّ يا |
بغداد ، زلزلني التلاقي |
غيبي معي في قبلةٍ |
نصْهَرْ بها أبد الفراقِ |
بغداد ، هذي أنتِ ، بعد |
الصمت ، والحُجُبِ الصفاق |
واليأسِ ، والعَتماتِ ، مرٌ |
ذكرها .. مرّ المذَاقِ |
أنا لست في حُلُم ، فهذا |
الزند محلول الوثاقِ |
الراعد الجبّار صوتك ، |
والمذيع من الرفاق |
بغداد تقتلع السدودَ ، |
وألف فجرٍ في انطلاقِ |
الفارس العربيُّ .. موجي |
يا ميادين السباقِ |
ضمِّي حوافرَ مهرهِ |
وتَنشّقي ارجَ العتاقِ |
عاد العراق .. ليسحقَ |
الاغلال إعصارُ العراقِ |
عاد العراق .. لِيَمْلأ |
الميدان ، محطومَ الوثاقِ |
... |
|
ألرعدُ الجبّار من |
بغداد ، والفجرُ الحبيبُ |
نفض النيام ليرقصوا ، |
ليعانقوه ، ليستجيبوا |
الثورةُ انطلقت ، وهزّ |
الدار مذياعي القريبُ |
وتعلقت بالنبرة السمراء ، |
بالنبأِ القلوبُ |
لا سجن بعد اليوم ، دُكّ ، |
تحطّمَ السجنُ الرهيب |
لا قيدَ ، لا اغلالَ ، قهقه |
أيها الفجر الخضيب |
المجرمون على النعال ، |
يجرُّهم موجٌ غضوبُ |
تحت النعال .. كذاكَ |
تُنهي قصةَ الغدر الشعوبُ |
للموت مملكةُ العنيد ، |
وعهدها الدامي الكئيبُ |
للموتِ يا بغداد ، قاعُ |
جهنّمٍ عَطِشٌ رحيبُ |
الظلمة العمياء يَرقُص |
فوقها صُبْحٌ طَروب |
والغصّة السوداء عرسٌ ، |
ما لسكرته غُروب |
شُدِّي على قُبَلِ العناقِ |
فكل جارحةٍ وجيبُ |
عاد العراق .. وهذه |
نَبَراته بدمي لهيب |
... |
|
يا صيحة الصباغ* ، يا |
دمهُ الزكيّ على الصعيدِ |
يا ثأرَ يونسَ* ، والدّمُ |
العربي مَبْخرةُ الخلود |
يا شهقةَ الشهداء ، بين |
النار تزأر ، والحديدِ |
يا موكبَ الأبطالِ في |
بغداد ، يا سُمرَ الفهودِ |
يا صافعين على المشانقِ |
زهْوَ تيجان "العبيدِ" |
شقّوا القبور، تطَلّعوا! |
بغداد تُبْعثُ من جديد |
كحّلْ جفونك يا صلاحَ |
الدين بالفجر الوليدِ |
وانظرْ ، دماؤك في نشيد |
الثأر عنوانُ النشيدِ |
انظُرْ .. هنا صُلِب الشهيدُ |
فمن ترى بعد الشهيد؟ |
ماذا على مبنى الدفاع ، |
وعَبْرَ ساحاتِ الرشيدِ ؟ |
موجٌ ، كقاصفة الرعود ، |
بَلَى ، كقاصفةِ الرعودِ |
ونثأرُ أشلاءِ الخيا |
نة تحت أقدام الحشود |
والعرشُ ، عَرشُ العار ، |
أنقاضٌ على جَنباتِ عيدِ |
يا ثأر يونُسَ ، يا دمَ |
الصبّاغ ، يا أرضَ الجدود ! |
عودي ، تمزّقتِ السدودُ ، |
وطُهِّرت بغداد ، عودي ! |
... |
|
زغرِدْ : هنا بغداد ، واصدَحْ |
أيها الفجرُ المندّى ! |
واحمل على رَعْشِ القلوب |
دويَّ ثورتنا المُفَدّى |
نامت أعاصيرُ العراقِ ، |
وطالَ ليلُكَ واستبدا |
وتنَمّرَ السفّاحُ ، يوسعُ |
بارقاتِ النور وأْدَا |
صحراؤنا أدْرَى متى |
تنْفَضّ عاصفةً ، وتهدا |
يا روعة الأحرار .. هَدّوا |
قلعةَ الإرهابِ هَدّا |
ومضوا يُضيئون الدروبَ ، |
ويمْهَرونَ الساحَ مَجْدا |
زمْجر : هنا بغداد فالـْ |
بُرْكانُ بالبركان يُحدَى |
الفرحة الكبرى .. أتعرف |
في غمارِ النصر حدّا ؟ |
الشام أغنيةٌ تضجّ ، |
وتلتقي حشداً فحشدا |
والنيل .. يا للخُلْدِ ، عانَقَ |
في ذرى التاريخ خلدا ! |
عرسُ العروبة، مُدّ سَكْـ |
ـرَتَهُ وراءَ البيدِ مُدّا ! |
لُمّ الجزيرةَ يا نداءَ البعثِ ، |
غائرةً ، ونجدا ! |
واركُزْ على قمم "العرائس" |
من بنود النصر بَنْدا |
زغردْ : هنا بغداد ، واشـْ |
ـدُدْنَا على النبرات شدا |
الفرحة الكبرى .. وموتي |
يا ذئابَ الأرضِ حقدا ! |
ماذا على الشط الجميلِ ، |
وأين مني الضفتانِ ؟ |
أأغيب عن هزَج الجموع |
وعن هديرِ المهرَجانِ ! |
للشعب سكرتُه ، ولي |
في عرس دجلة سكرتانِ |
ما زلتِ يا بغداد أبْيَاتاً |
تعربد في لساني |
ما زال سحرُ الضفتين ، |
لهيبَ شوقٍ في كياني |
ويكادُ يحضُنُني الشراع ، |
لو التقينا .. لو رآني |
رجّعْتُ ملحمة الشباب |
على شواطئكِ الحسان |
وقبَسْتُ من إعصاركِ |
العربي جَمْرَ العنفوانِ |
وحملت نارك في دمي |
فوق الحواجزِ والزمان |
فوق الحدود .. أحسّها |
نصْلاً تسَمّرَ في جناني |
مدِّي يديك ، تقوّضتْ |
دنيا الجريمة في ثوانِ |
مدِّي يديك .. يَلُفّنا |
عبقُ البشائر والاغاني |
عاد العراقُ .. فللرشيدِ |
مع الغمائم همستانِ |
ولخيلِ "عُقبةَ" وقفةٌ |
عند المحيط .. بلا عنانِ |
مهلاً حماةَ الليل ، |
إنّا في غدٍ متلاقيانِ |
لن تُرْهِبَ القدَر المصممَ |
غضبةُ اللص الجبانِ |
... |
|
أي الجرائم في شواطئنا |
تفحّ على الطريقِ ؟ |
ماذا تريد رواعد الإجرام ، |
والبَغيِ العتيقِ |
ماذا يريد الحاقدون |
على انتفاضات الشروقِ |
السافكو دمنا ، حمَاةِ |
الغدر ، تجّار الرقيقِ |
ماذا برأس المجرمين ؟ |
وخلف لعلعةِ البروق |
الحرب ؟ هيّأنا القبور |
لكل نخّاسٍ صفيق |
قسَماً لتنفجرنَّ هذي |
الأرض بالحقد العريقِ |
ولنَجْعَلَنْ جثث اللصوص |
بظهرها حطبَ الحريقِ |
ليجُسّ عودَ "الضاد" |
بعد اليوم قطّاعُ الطريق ! |
... |
|
ذوقي رحيقَ النصر يا |
بغداد ، ملءَ الكأس ، ذوقي |
إنّا كما شاء الهوى |
لهبٌ على العهد الوثيقِ |
رقدت صعاليك العروشِ |
بظلمة المهوى السحيق |
وتهيأ الزحف العظيم ، |
فيا ملاعبنا أفيقي ! |
رايات اسمرنا على |
الفيحاء ماردة الخفوق |
_____________ |
|
* الشهيد صلاح الدين الصباغ. |
|
* الشهيد يونس السبعاوي. |