في مرتقى شفة نمر سعدي

(1)
شفتايَ نرجستانِ ظامئتانِ في قفرِ الخيالْ

قدمايَ قُبَّرتانِ ضائعتانِ في أبدِ الظلالْ

وهسيسُ ماءِ الصبحِ يصنعُ نشوتي الحُبلى بأنداءِ الجمالْ

(2)

يا شاعري الضلِّيلُ... يا غجريُّ يا جوَّابَ بحرِ السندبادْ

شُدَّ الشراعَ بما يجنُّ من العواصفِ أو يكادْ

فكنوزكَ السحرّيةُ الأسماءِ خلفَ جزيرةٍ خضراءَ

ما خلفَ البحارْ

وشعاعكُ الخمريُّ تشربهُ العيونُ الساجياتُ إلى القرارْ

(3)

يا أنتَ يا أحدَ الذينَ ذووا كزنبقةٍ بلا معنىً هناكْ

في مرتقى شفةٍ مراوغةٍ وشعرٍ كاسدٍ

إرمِ الشباكَ على الشباكْ

ما زلتُ ألمحُ من بعيدٍ... عبرَ قلبكَ من بعيدْ

حشداً من الأسماكِ غافيةً ترودْ

يا أنتَ يا قُزحاً تكسَّرَ أو تبعثرَ في دمي

كفمِ الحبيبةِ شعَّ من خللِ الضبابِ المستنيرِ

كأنَّما انفجَرَتْ رؤى الشعراءِ

ملءَ الكونِ عن أزهارِ نارنجٍ

وأجنحةٍ مضببَّةٍ.. وأنهارٍ مُلوَّنةٍ....

وعن فمها وراءَ البسمةِ العذراءِ يُرعشهُ ارتباكْ

(4)

ضحكاتها كذبٌ على قلبي

" أراكَ غداً.... أراكَ...."

تزمُّ خيطاً من نجومٍ ساهياتٍ في المُحالْ

ويزمُّني شفقُ اعتلالْ

ينسابُ في لغتي وفي رئتي كأطيافِ الزوالْ

(5)

بغرورها كسَرَتْ رؤى عينيكَ... قلبكَ...

أو خطى قدميكَ فوقَ طريقكَ الحافي كعاطفةِ الرمادْ

(6)

بغرورها كسَرَتْ بياضَ قصائدِ الصبحِ الربيعيِّ الجميلِ

وأنتَ من فزعٍ تُحدِّقُ في الرمادْ

(7)

عينايَ كالمطرِ الحزينِ تهوِّمانْ

عيناكِ كالقمرِ الحزينِ تهوِّمانْ

ودجايَ تثخنهُ الجراحُ وفي سمائكِ كوكبانْ

أحسستُ في غوريهما كلَّ ارتعاشاتِ الزمانْ

(8)
يا عطرَ كلِّ حمامةٍ هبَّتْ على جهتي

ويا ألقَ الخيولْ

ضاعَ الكلامُ القرمزيُّ فلستُ أدري ما أقولْ

والشهقةُ البيضاءُ بينَ يديَّ تهزأ بي

وأوراقي وأقلامي تراقبُ في ذهولْ

(9)

تبَّاً لوحيِ الشعرِ لا يسعُ الصراخَ ولا العويلْ

أتُرى تجفُّ الذكرياتُ

وحالُ أيامي وأحلامي تحولْ..؟

(10)

آهٍ من الحُبِّ الذي يمتدُّ بي كغمامةٍ

كصراخِ بوقٍ موجعٍ

كخطى النشيجِ على رمالِ هوايَ

من وجعٍ ومن ولعٍ يهيجْ

(11)

حُبِّي الذي يمتدُّ من أقصى المحيطِ إلى الخليجْ

(12)

وأنا بلا مغزىً وفي سأمٍ أُفتِّشُ عن نجومِ المستحيلْ

ضاعَ المَحارُ وضاعَ من كفيَّ وجهكِ والصليلْ

(13)

أوَّاهُ يا قصري الخرافيُّ الجميلْ

يا رحلتي عبرَ الزمانِ ودهشةَ السفرِ الطويلْ

سأظلُّ مثلَ السندبادِ بلا بلادٍ

طائراً في الأرضِ من منفىً إلى منفىً...

ويوصدُ دونيَ الصبحُ البهيجْ

باباً من اللعناتِ فرَّتْ منهُ كلُّ حمائمي

في منتهى ليلٍ يضرِّجهُ الضجيجْ

(14)

قلبي كخفقِ غزالةٍ ملءَ الفلاةْ

قلبي شعاعُ الشمسِ يصحو ثُمَّ يمتلكُ الحياةْ

وحنينُ فلاَّحٍ يُعانقُ فيكِ تربتَهُ الحبيبةْ

وعلى ثرى كفَّيكِ قبلةُ عاملٍ

في محجرِ النسيانِ في الأرضِ الغريبةْ

تتصوَّرينَ لهُ فيغمضُ مقلتيهِ

على طيوفٍ من لقاءٍ من تصابِ

يهواكِ حينَ يراكِ موتاً فوضويَّاً

مثلما يهوى صليبهْ

ويغيبُ في أبدِ الرجوعِ إلى ابتداءاتِ

التذكُّرِ والعذابِ

(15)

يا ليتني كنتُ اختصرتُ الأرضَ / سرَّكِ أنتِ

في الكفِّ الخضيبةْ

وشردتُ في المطرِ البهيرِ

نفضتُ من كِسَرِ السحابِ

عن وجهكِ المغسولِ بالصحوِ النقيّْ

أوَّاهُ يا قمري الذي طمروهُ ما بينَ

السنابلِ في الروابي

يا خنجرَ الريحانِ والحبقِ الذي

يحتلُّ خاصرتي كجيشٍ بربريّْ

(16)

هبطَ الظلامُ على خطاكِ وجرَّ كلكلَهُ عليّْ

وعلى الضحى في مقلتيّْ قلبي

فلم أرَ خُلَّبَ الأحلامِ فيكِ

وما طلعتِ ولو لثانيةٍ بلهفةِ مقلتيّْ

تحنو عليكِ زنابقُ الغيمِ الشفيفِ

فمن تُرى يحنو عليّْ..؟