أروى بنت عبد المطلب

المؤازرة

دخل عليها ابنها طليب بن عمير -قبل إسلامها- فقال: يا أمي تبعتُ محمدًا وأسلمت للَّه.

فقالت له: إن أحق من آزرت وعضدت ابن خالك، واللَّه لو كنا نقدر على ما يقدر عليه الرجال، لتبعناه ودافعنا عنه.

فقال طليب: فما يمنعك يا أمي من أن تسلمي وتتبعيه، فقد أسلم أخوك حمزة؟ فقالت: أنظر ما يصنع أخواتي ثم أكون إحداهن.

فقال طليب: فإني أسألك بالله إلا أتيته، فسلمت عليه وصدقته، وشهدتِ أن لاإله إلا الله وأن محمدًا رسول الَّله.

إنها "أروى بنت عبد المطلب بن هاشم" إحدى عمات النبي صلى الله عليه وسلم الست، كانت قبل إسلامها تعضده وتؤازره وتنصره.

قال بعض المؤرخين: إنها أسلمت وهاجرت إلى المدينة، واستدلوا بما رُوِى أن أبا جهل -ومعه عدد من الكفار- اعترضوا النبي صلى الله عليه وسلم فآذوه، فعمد طليب بن عمير إلى أبى جهل فضربه ضربة شجه بها، فأخذوه وأوثقوه. فقام دونه أبو لهب حتى خلاه.

فقيل لأروى: ألا ترين ابنك طليبًا قد صير نفسه غرضًا دون محمد؟ فقالت: خير أيامه يوم يذبُّ عن ابن خاله، وقد جاء بالحق من عند اللَّه.

فقالوا: أوقد تبعتِ محمدًا؟ قالت: نعم.

فخرج بعضهم إلى أبى لهب فأخبره، فأقبل حتى دخل عليها فقال: عجبًا لك ! ولاتباعِكِ محمدًا وتركِكِ دينَ عبد المطلب! فقالت: قد كان ذلك، فقم دون ابن أخيك واعضده وامنعه، فإن يظهر أمره، فأنت بالخيار أن تدخل معه أو تكون على دينك، وإن يُصَبْ، كنتَ قد أعذرت فى ابن أخيك.

فقال أبو لهب: أَوَلَنَا طاقة بالعرب قاطبة، جاء بدِين مُحْدَثٍ، ثم انصرف. وظلت أرْوَى مؤازرة النبي صلى الله عليه وسلم ناصرة دينه.

قالت ترثى النبي صلى الله عليه وسلم:

ألا يا رسولَ الله كنتَ رجاءنا       وكُنْتَ بنا برّا ولم تَكُ جافيًا

كانت أروى بنت عبد المطلب قد تزوجت عمير بن وهب فولدت له طليبًا، ثم تزوجت من بعده كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار فولدت له أروي.

تُوُفِّيَتْ -رضى الله عنها- فى نحو سنة 15 من الهجرة.

ورد في "أسد الغابة في معرفة الصحابة" لابن الأثير المؤرخ:

" أَرْوَى بِنْت عَبْد المُطَّلِب بن هاشم بن عَبْد مناف القُرَشِيَّة الهاشمية، عمة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

ذكرها أبو جعفر في الصحابة، وذكر أيضاً أختها عاتِكَة بِنْت عَبْد المُطَّلِب. وخالفه غيره، فأما ابن إسحاق ومن وافقه فقالوا: لم يُسلم من عمات النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم غير صفية أم الزبير، وقال غير هؤلاء: أسلم من عمات النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم صفية وأَرْوَى. وقال مُحَمَّد بن إبراهيم بن الحَارِث التيمي: لما أسلم طُلَيب بن عُمَير دخل على أمه أَرْوَى بِنْت عَبْد المُطَّلِب فقال لها: قد أسلمت وتبعت مُحَمَّداً وذكر الحديث، وقال لها: ما يمنعك أن تسلمي وتتبعيه، فقد أسلم أخوك حمزة؟ قالت: أنظر ما تصنع أخواتي، ثم أكون مثلهن. قال: فقلت: إني أسألك بالله إلا أتيته وسلّمتِ عليه وصدّقتِه، وشهدت أن لا إله إلا الله. فقالت: فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن مُحَمَّداً رسول الله. ثم كانت بعد تعضد النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم، وتعينه بلسانها، وتحض ابنها على نصرته والقيام بامره.

أخرجها أبو عُمر. ولم يصح من إسلام عماته إلا صفية، وذكرها ابن منده وأبو نُعيم في ترجمة عاتِكَة، ولم يفرداها بترجمة".