مصطفى لطفي المنفلوطي

1876 ـ 1924م

هو مصطفى لُطفي بن محمّد لطفي بن محمد حسن لطفي المنفلوطي وهو من الأدباء الذين كان لطريقتهم الإنشائية أثر في الجيل الماضي. وُلِدَ في منفلوط، من صعيد مصر وتلقّى علومه في الأزهر، وكان يميل إلى مطالعة الكتب الأدبية كثيراً، ولزم الشيخ
محمد عبده فأفاد منه.

ومن آثاره: "النّظرات"، وتقع في ثلاثة أجزاء، وهي مجموعة مقالاته وآرائه الإجتماعية؛ وتذهب آراؤه إلى إحياء الفضيلة الصّحيحة والضّمير النّقي، "العبرات"، "الشاعر"، "الفضيلة"، "ماجدولين" وهي قصص عرّبها بالواسطة، وتتميّز كتابته بصدق العاطفة في آرائه واندفاعه الشّديد من أجل المجتمع. وقد استطاع أن ينقُذَ أسلوبه النّثري من الزِّيَن اللّفظية والزّخارف البديعية، ولكن عُيِّب عليه ترادفه وتنميقه الكثير، واعتناؤه بالأسلوب المصنوع من دون المعنى العميق.

كان المنفلوطي يميل في نظريّاته إلى التّشاؤم، فلا يرى في الحياة إلاّ صفحاتها السّوداء. فما الحياة بنظره إلاّ دموع وشقاء؛ وكَتَب قطعة "الأربعون" حين بلغ الأربعين من عمره، وقد تشائم فيها من هذا الموقف وكأنّه ينظر بعين الغيب إلى أَجَلِه القريب.

أُصيبَ المنفلوطي بشللٍ بسيطٍ قبل وفاته بشهرين، فثَقل لسانه منه عدّة أيامٍ، فأخفى نبأه عن أصدقائه، ولم يجاهر بألمه، ولم يدع طبيباً لعيادته، لأنه كان لا يثق بالأطباء، ورأيه فيهم أنهم جميعاً لا يصيبون نوع المرض ولا يتقنون وصف الدّواء؛ ولعلّ ذلك كان السّبب في عدم إسعاف التّسمم البَوليّ الذي أُصيب به قبل استفحاله.

وفي ليلة الجمعة السّابقة لوفاته، كان يأنس في منزله إلى إخوانه ويسامرهم ويسامرونه، وكان يَفِد إليه بعض أخصائه وأصدقائه من الأدباء والموسيقييّن والسياسييّن، حتى إذا قضى سهرته معهم انصرفوا إلى بيوتهم ومخادعهم، وانصرف هو إلى مكتبه، فبدأ عمله الأدبي في نحو الساعة الواحدة بعد نصف اللّيل، لكنه ما كاد يمكث طويلاً حتى أحسّ بتعب أعصابه، وشَعَر بضيقٍ في تنفّسه، فأوى إلى فراشه ونام، ولكن ضيق التّنفس أرقه. كُتِبَ عليه أن يُختَم بالتّأوه والأنين، كما عاش متأوّهًا من مآسي الحياة، ساجعاً بالأنين والزّفرات، وأدار وجهه إلى الحائط وكان صباح عيد الأضحى قد أشرقت شمسه ودبّت اليقظة في الأحياء، فدبّ الموت في جسمه في سكونٍ وارتفعت روحُه مطمئنّةً إلى السّماء.