الشيخ محمد قبادو

1812-1871م

ولد محمد قبادو في مدينة تونس وتلقّى تعليمه الأول في مدارسها المعروفة. لكنه كان ينكبّ على كتب التصوف، لذلك خرج من تونس إلى طرابلس حيث لازم محمد ظافر المدني، مؤسس الطّريقة الصوفية المدنيّة في زاويته. ولما عاد إلى تونس بعد ثلاث سنوات، كان معدًا للتّدريس إعدادًا تامًا، لكنه استمرّعلى حضور الدّروس عند أئمة الجامع الأكبر، جامع الزيتونة.

قام الشيخ محمد قبادو بزيارة روما ثم انتقل إلى الأستانة (استنبول)، وعاد إلى تونس سنة 1841. وكان لهذه الرحلة أثر مهمٌّ في تفكيره، فانصرف في تركيا إلى العلوم الرياضية. ويبدو أنه اطّلع على أنواعٍ من التاريخ لم تكن متيسّرة في تونس. كما إنّ الإتّصالات والمناقشات في عاصمة الدولة العثمانية صقلت قدرته البيانية ودرّبته على المقارعة والمحاجة، فِكْرًا وكتابةً وشعراً.ٍ

يُعتبر محمد قبادو من سادة القلم في تونس في أواسط القرن التاسع عشر، وهذا ينطبق على شِعره، كما على نثره. ودوره في تونس أنّه كان واحداً من قادة الحركة الإصلاحية النابهين. فهو وخير الدّين باشا هما اللّذان دفعا بفكرة الإصلاح بعيدًا. وتكمن أهميّة قبادو المصلح في أنه أدرك العلة في التّأخر الذي مُنيَت به الأمة. وخلص باجتهاده وتفكيره إلى وصف العلاج. وهناك أمران يتّضح فيهما موقفه من الأمة بشكلٍ خاصٍ، الأوّل فهو رأيه في الحكومة، وأما الثاني فرأيه فيما يتعلق بالعلوم.

وضع قبادو مقدمةً طويلةً لترجمة كتابين في الحرب وتعبئة الجيوش. في هذه المقدّمة دعا إلى الإهتمام بالعلوم الرياضية وبيّن رأيه في أهمية العلم بالتّفصيل. فهو يرى إنّ العلوم الرّياضيّة هي التي راضَ الأوروبيّون بها صعاب الأمور وهم مستمرون في توزيع كافة أوزاعهم لها.

ولما عاد قبادوا إلى الزيتونة، نشط في نشر آرائه بين جماعةٍ من الزيتونيّين.