هدى شعراوي

1879- 1947م

هدى شعرواي هي بنت محمد سلطان باشا الذي كان رئيسًا لأوّل مجلس نيابي في مصر، والذي تقلّب في مناصب رفيعة في جهات مختلفة من مصر. بسبب هذا التنقل، وُلِدَت هدى في المِنيا في تموز/يوليو. كانت أمها التركية قويّة الشخصية، ممّا أفادها وأفاد ابنتها لأن الوالد توفّي وهدى لا تزال في الثامنة من عمرها.

كانت أوقاتها في التعليم محدودة. فقد تعلّمت القليل لأنها زُوِّجَت وهي في الثالثة عشر من عمرها. إلا أنّها انفصلت عن زوجها بعد سنتين ونيف. وفي هذه الفترة التي تلت الإنفصال ثقّفت نفسها لغة عربية وفرنسية وموسيقى وفنًا. وقد كتبت هدى عن ناحية من نواحي تعليمها. فقد أُغرِمَت بالقراءة، وظلّ ذلك الغرام معها طيلة حياتها، فكان المصدر الرئيسي لثقافتها. كانت تطّلع على كل ما يُكتَب حول المرأة وقضيتها. لذلك، لما قامت ثورة 1919 في مصر، كانت هدى شعراوي، وهو الإسم الذي جاءها من زوجها، في طليعة اللّواتي قدن المظاهرات.

عَمِلَت هدى شعرواي على إنشاء ودمج وتنظيم خمس عشرة جمعية نسائية، بالإضافة إلى إنشاء الصّحافة التي قامت على إدراتها وتحريريها. ومن التجارب التي مرّت بها هدى شعراوي، في صباها، قضية زيارة المحال التجارية. فقد كان المألوف أن يرافقها وصيفاتها وسعد آغا، إذ لم يكن يليق بها أن تذهب بمفردها. فاستطاعت أن تقنع والدتها بالفائدة المادية التي تعود عليهن من شراء مستلزماتهن بأنفسهن، وكيف يتسنى عندها اختيار أفضل الأشياء والإستغناء عن الدّلالات والبائعات المتجولات.

أسست هدى جمعية لرعاية الأطفال العام 1907. وفي العام 1908 نجحت في إقناع الجامعة المصرية بتخصيص قاعة للمحاضرات النسوية، وكان لنشاط زوجها علي الشعراوي السياسي الملحوظ في ثورة 1919 أثر كبير على نشاطاتها، فشاركت بقيادة مظاهرات السيدات عام 1919، وأسست "لجنة الوفد المركزية للسيدات" وقامت بالإشراف عليها.

في العام 1921 وفي أثناء استقبال المصريين لسعد زغلول، دعت هدى شعراوي إلى رفع السن الأدنى للزواج للفتيات ليصبح 16 عاما، وكذلك للفتيان ليصبح 18 عاما، كما سعت لوضع قيود للرجل للحيلولة دون الطلاق من طرف واحد، كما أيدت تعليم المرأة وعملها المهني والسياسي، وعملت ضد ظاهرة تعدد الزوجات، كما دعت إلى خلع غطاء الوجه وقامت هي بخلعه. وهو مااعتبره البعض وقتها علامة "انحلال"، لكنها حاربت ذلك من خلال دعوتها إلى تعليم المرأة وتثقيفها وإشهار أول اتحاد نسائي في مصر.

أسست هدى "الإتحاد النسائي المصري" العام 1923، وشغلت منصب رئاسته حتى عام 1947. كما كانت عضوا مؤسسا في "الإتحاد النسائي العربي" وصارت رئيسته في العام 1935، وفي نفس العام صارت نائبة رئيسة لجنة اتحاد المرأة العالمي [3]، حضرت عدة مؤتمرات دولية منها مؤتمر روما العام 1923 ومؤتمر باريس عام 1926 ومؤتمر أمستردام العام 1927 ومؤتمر برلين العام 1927 ومؤتمر استنبول العام 1935[3]، وكذلك دعمت إنشاء نشرة "المرأة العربية" الناطقة باسم الإتحاد النسائي العربي، وأنشأت مجلة l"Egyptienne العام 1925 ومجلة المصرية العام 1937.

توفّيت هدى شعراوي في كانون الأول/ديسمبر. وكان آخر ما خطته برقية احتجاج على القرار الذي اتّخذته الأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني/نوفمبر من سنة 1947 لتقسيم فلسطين.

توفيت هدى مخلّفة وراءها إرثاً ضخماً من العناية بشؤون المرأة المصرية والعربية والإسلامية. وكانت مشاركتها في قضية فلسطين وفي إنشاء الإتحاد النسائي العربي، إثر انعقاد المؤتمر النسائي العربي الأول في القاهرة سنة 1938، ضخمة ومُنَظَّمة.

وهدى شعراوي هي قائدة حركة تحرير المرأة في العالم الإسلامي قاطبة. فقد قضت ما لا يقلّ عن خمسين عامًا من حياتها في صراعٍ مريرٍ من أجل رفع الظلم عن المرأة المُسلِمة عمومًا، والعربية خصوصاً. وكانت البادئة بعد صفية سعد زغلول برفع الحجاب، والأولى في المناداة بالمساواة الكاملة بين الجنسين لتمكين نصف الشعب العربي من الخروج عن عزلته الإجتماعية والإنطلاق إلى عالم البناء والإنتاج. وموطن العظمة في هدى شعراوي أنها كانت في شخصيتها تجمع المتناقضات. فلقد ولدت في فراشٍ من ذهب، ولكنها تنكّرت للترف، واختارت أن تقضي حياتها في النّضال والكفاح من أجل أسمى وأنبل الغايات. وكانت تقاليد عصرها تُحرّم العِلْمَ على النساء؛ فتحدّت هذه التقاليد بأن علّمت نفسها بنفسها، وتوسّعت في طلب العلم حتى بلغت أعلى مراتب الثقافة والمعرفة، وأتقَنَت ثلاث لغات، وأصبح بيتها صالونًا أدبيًا وسياسيًا يهرع إليه في يوم الثلاثاء من كل أسبوع أعلام السياسة والفلسفة والأدب والفنون.

خاضت هدى شعراوي مجال السياسة الذي لم تكن تجرؤ على الإقتراب منه امرأةٌ قبلها. ولم تكن تخاف من الجهر بآرائها، والتفاني في تحقيقها.

مؤلفاتها

عصر الحريم - يحكي مذكرات المرأة المصرية في الفترة ما بين (1880-1924). وقد ترجمته إلى الإنجليزية الصحفية البريطانية مارجوت بدران.