قسطنطين زريق

1909-2000م

وُلد الدّكتور قسطنطين زريق في حيّ القيمرية بدمشق العتيقة في
سوريا. أُطلق عليه أكثر من لقبٍ، بينها: شيخ المؤرّخين العرب، مُرشد الوحدَوييّن، المُربّي النّموذجي، داعية العقلانيّة في الفكر العربي الحديث، الخ... ودمشق العتيقة ذات الأبواب العشرة، حيث وُلِد زريق وترعرع، مدينةٌ فريدةٌ في تكوينها وتقاليدها وتاريخها. وهي تشبهُ متحفًا يضمّ كلّ ما هو قديم ووسيط وحديث. ففيها الحيّ المُتّصل بالشّارع "المُستقيم" الذّي ورد ذكره في العهد الجديد باعتباره المكان الذّي نزلت فيه البشارة على بولس الرّسول، وينتهي إلى باب شرقي حيث تدلّى من أسواره خالد بن الوليد عندما فتح دمشق. وفي هذه البقعة الصّغيرة قبور: يوحنّا المعمدان، الإمام الحُسين، مُعاوية، صلاح الدّين، ابن تيميّة، وإبن عربي.

عاش قسطنطين زريق نشأته الأولى في مدينة دمشق فشهد خروج العثمانيين ودخول الجيش العربي وقيام المملكة السّورية بقيادة فيصل الأوّل ومعركة ميسلون وقيام الإنتداب الفرنسي. وتركت هذه الفترة بصماتها الكبيرة والعميقة في شخصيّة زريق وأثّرت في تكوينه العقائدي والسّياسي.

إلتحق زريق بالكليّة الإنجيليّة السّورية، الجامعة الأميركية في بيروت لاحقًا، لمُتابعة دراسته الجامعية. ثمّ ذهب إلى جامعة برنستون حيث تخرّج حاملاً دكتوراه في التّاريخ.

عاد زريق بعد تخرّجه إلى الجامعة الأميركية في بيروت أستاذًا، ثمّ نائبًا للرّئيس، ورئيسًا بالوكالاة، ورئيسًا. علّم كذلك في جامعة دمشق وفي جامعتيّ كولومبيا وجورج تاون في الولايات المُتّحدة.

إنضمّ إلى السّلك الدّيبلوماسي السّوري لمدّةٍ قصيرةٍ شغل فيها رئاسة الوفد السّوري إلى الأمم المُتّحدة.

ظلّ التّدريس الجامعي والتّأليف رسالة هذا الرّجل بامتياز. فقد آمن بأن بثّ الوعي العلمي والقومي في الأجيال الصّاعدة هو الضّمان الأفضل والأبعد تأثيرًا.

لطالما شدّد زريق في كتاباته ومُحاضراته وكتبه على أركانٍ أساسيةٍ تُحدّد مُستقبل العرب، أوّلها "تحقيق أكبر قسطٍ من التّوحيد بين الأقطار العربية في ميادين السّياسة والإقتصاد والدّفاع"، ثانيها "تجنيد قوى الأمّة بكاملها وتوجيهها إلى ميادين الصّراع"، ثالثها "إشراك القوى الشّعبية في النّضال" ورابعها "أنّ الخطر الصّهيوني، بل كلّ خطرٍ اعتدائيّ علينا لا يردّه إلاّ كيانٌ عربيّ قوميّ مُوحّد". ولا يمكن تحقيق هذه الأهداف، كما آمن وقال، إلاّ ضمن ما سمّاه "الوعاء الدّيموقراطي".

خلّف الدّكتور زريق مجموعةً من المؤلّفات البارزة، أهمّها: "الوعي القومي"، "معنى النّكبة"، "أيّ غدٍ!"، "نحن والتّاريخ"، "هذا العصر المُتفجّر"، "في معركة الحضارة"، "نحن والمُستقبل"، "الكتاب الأحمر" الذّي كتبه في مطلع الثّلاثينات من القرن الماضي والذّي اعتُبر آنذاك ميثاقًا للقومية العربية.