أمين الريحاني

1940-1876

امين الريحاني من مواليد الفريكة,
لبنان, عام 1876م و هاجر فيما بعد الى الولايات المتحدة الاميركية. عاش في نيويورك اكثر من ربع قرن كتب بالعربية والانكليزية، وترك بعد رحيله ثلاثة وستين كتابا، وسجل في قاموس تاريخ حياته التي قد كرس اغلبها في خدمة الادب والثقافة: منها واحد وثلاثون بالعربية واثنان وثلاثون بالانكليزية .

من مؤلفاته بالعربية: نبذة في الثورة الفرنسية، المكاري والكاهن، الريحانيات، زنبقة الغور، المغرب الاقصى،قلب لبنان، وجوه شرقية غريبة، بذور الزراعيين، ومن مؤلفاته بالانكليزية: المر واللبان) واللزوميات كتاب خالد، جادة الرؤيا، القمة العربية والصحراء، مصير فلسطين وغيرها الكثير .

كان الريحاني دائم العبور من السلفية الى العقلانية النقدية ومن الفصل بين الدخيل والاصيل ومن الجهل المتخلف الى التنوير التقدمي ومن الانطواء السياسي على الذات الى الانتفاح على العالم ومن تلك العداوة الشديدة بين العرب والغرب المتمثل في اميركا الى تفاهم وتصادق وتبادل قيم وقدرات بينهما هو ذا عبور من عربي اموي الهوى الى عربي معاصر يعرف كيف تبنى الشعوب والاوطان ويشارك في بنائها سواء كان في الارض العربية ام في الارض الاميركية، ام في سائر ارجاء الارض. فقد كان الريحاني يؤمن ايمانا كبيرا بأن انفتاح العرب على دول الغرب بشكل مؤمن لهم ما تتطلبه الحياة المعاصرة هو شيء يجب ان يصاغ بطريقة سلمية وصائبة من اجل الوصول الى الاهداف المرجوة، ولكن بعيدا عما سوف قد يجلب لهم ما لا تحمد عقباه .

اما فيما يتعلق باكتشاف الروح فان الريحاني قد عانى كثيرا من الصراع الفكري الحاد ، ذلك الصراع العنيف بين المادة والروح، بين العقل والايمان، بين الطبيعة وما وراء الطبيعة، بين المنظور واللامنظور . لذلك تجده قد اخذ بنظرية النشوء والارتقاء كمدخل اساسي لذلك الصراع الحاد الذي قد ملأ مخيلته محاولا من خلاله اكتشاف الروح والغوص في اعماقها. وتجد ايضا ان الريحاني هو ليس العربي الاول الذي تأثر بالفلسفة الاوروبية وخاصة الفلسفة الالمانية بشقيها المادي الصارم والروحي المعمق. كما انه ليس العربي المنفرد الذي اعجب بسائر ادباء كونكورد الذين كانوا دوما يحتفون بملامح الطبيعة الاميركية . لكنه في الحقيقة كان يسعى دوما لاكتشاف الذات وما وراء الذات من خلال تعمقه في الفلسفات المختلفة باحثا عن تلك الروح العظيمة التي يتجسد فيها ذلك الانسان الذي تجمع فيه خصال النضال والكفاح والمقاومة من خلال تلك الثورة الذهنية اللامحسوسة والتي ينبعث من خلالها شعور قد يدفع الى التضحية والفداء من اجل الوصول الى الغاية المرجوة وارضاء لتلك الذات التي لا تلبث ان تسكن بتحقيق قناعتها المتولدة والمنحدرة من وعي وثقافة ما . وكان الريحاني يحمل دوما في ذهنه فكرة بأن الدخيل في موطن ما هوليس دخيلا بل بات اصيلا هنا. نجد ان الريحاني قد صاغ رؤيته هذه من خلال تجربة هجرته الشخصية الى اميركا والتي اعتبر فيها نفسه بانه ليس دخيلا بقدر ما هو اصيل لكون هذا العالم من وجهه نظره ملك لكل انسان ومن حقه ان يعيش حيثما اراد فالانسان هو الانسان في اي مكان وفي اي زمان .

امين الريحاني شخصية تستحق كل الثناء واننا في حقيقة الامر لن نستطيع في هذا العجالة ان نذكر كل ما قدمه الريحاني من خدمة للثقافة العربية عموما وللمثقف العربي خصوصا ، ولكننا نستطيع القول بأننا قد اوجزنا وبشكل مبسط جدا سيرة حياته الثقافية الحافلة بذلك الشغف غير المحدود للكتابة، وبذلك الحس الفلسفي الجميل الذي يتوق الى نبش مكنونات الذات البشرية . وبذلك الشغف الجميل ايضا في محاولة ايصال صوت المثقف العربي المعاصر الى كل من يجهل ماهية الثقافة العربية وقوتها وروعتها ورصانتها بين مختلف ثقافات العالم وايصاله لتلك الافكار المغلفة بالمصداقية والغيرة على امته العربية.