أحمد بن الأمين الشنقيطي

1872- 1913م

أحمد أمين الشنقيطي، من رجال النهضة الأدبية، ولد في شنقيط في
موريتانيا، وتعلّم علوم عصره في بلده متلقيا العلم على شيوخها. أُتيحت له فرصة الرحلة في بلاده فأفاد منها في التعرف إلى مواطنها وما في هذه المواطن من تنوّع في الحياة وصعوبة في العيش أحيانا، وفهم جغرافية بلاده. قابل أهل الحل والعقد والمعرفة والعلم، فكان له من ذلك مادة دسمة نفعته في وضع الكتاب الذي كان مصدر معرفة غزيرة عن البلاد وأهلها.

كان أحمد الشنقيطي في أواسط العقد الثالث من عمره لما غادر بلاده سنة 1315هـ في رحلته إلى الشرق، وقد توفق إلى أداء فريضة الحج، بعد ذلك بسنتين. كان يسير مفتح العين والأذن، ومن هنا كانت الفائدة التي جناها من التقائه بعلماء مكة والمدينة الأصليين منهم والمجاورين. أخذ يتنقّل لزيارة المناطق الإسلامية التابعة لروسيا، بالإضافة إلى السفر من أقصى الصحراء الكبرى في الغرب ليتجه إلى أواسط آسيا، ثم ينتقل من تلك الأصقاع إلى تركيا، فيجتاز الأناضول ويزور الآستانة حيث نَعِم بالإطّلاع على خزائن كُتبها الغنية بالمخطوطات العربية واتصل بعدد من علمائها وفضلائها وأدبائها. ومرّ بأزمير، ومنها انتقل إلى سوريا ولقي العلماء الذين كانت دمشق وحلب تزخران بهم. وانتهى به المطاف إلى القاهرة، حتى وافته المنية قُبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى.

كان أحمد بن أمين الشنقيطي على علمٍ تامٍ ومعرفةٍ كبيرةٍ بالعلوم الأصولية والفقهية، كما كان له دراية تامة بالتعاليم الصوفية. فضلاً عن ذلك، فقد كان في الدرجة العليا من علوم العربية وآدابها. هذه الأنواع والفنون من العلوم والمعارف تظهر جلية في الكتب التي ألّفها أو حققها، إن مِن حيث الدقة في العمل أو من حيث الجهد في التوضيح.

عني الشنقيطي بشرح ديوانين، هما: ديوان طرفة بن العبد وديوان الشماخ بن ضرار. ووضع شرحًا للمعلقات العشر مفصلاً فيه أخبار قائليها. وله من المؤلفات: "الدُّرر اللوامع"، و"شرح جمع الجوامع في العلوم العربية". بالإضافة إلى كتابه المفيد جدًا المعروف بإسم: "الوسيط في أدباء شنقيط". هذا الكتاب حصاد جيد ليس فقط عن جغرافية البلاد وسكانها وعاداتهم وتجارتهم فحسب، بل وعن ما يزيد على أربعمئة صفحة من الأدب الشنقيطي العربي الفصيح، وهو ثروة ما كانت لتتاح لولا هذا الجهد الذي بذله الأديب الرّحالة، ولولا أن استقرّ بمصر. وقد رتب الشعر قبليًا أولاً، ثم انتقل إلى الأفراد فتحدث عنهم، وقد أكثر من الشواهد.