الشيماء

أخت النبي

كانت تلاعب النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير، وتقول له:

يا ربَّنَـا أبْقِ لَـنَا مُحَمَّـدًا حتى أرَاهُ يَافِــعًا وأمْـــــرَدَا

ثُمَّ أَراهُ سَـيِّدًا مُـسَـوَّدَا واكْـبِـتْ أعَـادِيهِ مَعًا وَالْحُـسَّدَا

وَأعْطِهِ عِزّا يَـدُومُ أبدًا

وكان أبو عروة الأزدي إذا أنشد هذا يقول: ما أحسن ما أجاب اللَّه دعاءها!

إنها الشيماء "حذافة بنت الحارث" -رضى اللَّه عنها- أخت النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة... وحاضنته مع أمها حليمة السعدية -رضى اللَّه عنها-.

أحبتْ الشيماء أخاها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وتابعتْ أخباره أولا بأول، وسمعتْ بدعوته حين بُعث فصدقتْه وناصرتْه. رأتْ في دعوته السلام والأمن والحب والتسامح والإخاء...

ولما أغارت خيل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على هوازن (قبيلة الشيماء)، وهزم بنو سعد، كانت فيمن أخذ من السبي، وكانت قد كبر سنها، وضعف جسمها وتغيرت ملامحها كثيرًا، فقالت لمن أسرها من المسلمين: أنا أخت صاحبكم. فلما قدموا بها، قالت: يا محمد! أنا أختك. وعرّفته بعلامة عرفها، فرحب بها وبسط لها رداءه فأجلسها عليه، ودمعت عيناه، فقال لها: "إن أحببتِ أن ترجعى إلى قومك أوصلتُك، وإن أحببتِ فأقيمي مكرَّمة محبّبة". فقالت: بل أرجع. فأسلمـت وأعطـاهـا النبي صلى الله عليه وسلم نَعـَمًا، وغـلامـًا، وجـارية؛ إكـرامًا لها [ابن هشام].

ولما توفى رسول الله ارتد قومها (بنو سعد) عن الإسلام، فوقفتْ موقفًا شجاعًا، تدافع عن الإسلام بكل جهدها؛ حتى أذهب الله الفتنة عن قومها.

وكانت -رضى اللَّه عنها- كثيرة العبادة والتنسُّك، واشتهرت بشِعرها الذي ناصرت فيه الإسلام ورسوله، وظلت تساند المسلمين وتشد من أزرهم حتى أتاها اليقين، فرضى اللَّه عنها.

ورد في كتاب "أسد الغابة في معرفة الصحابة" لابن الأثير المؤرخ:

الشيماء بِنْت الحَارِث السعدية،أخت النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم من الرضاعة.

أخبرنا أبو جعفر بإسناده عن ابن إسحاق قال: واسم أبي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الذي أرضعه: الحَارِث بن عَبْد العزَّى بن رفاعة بن ملاَّن بن ناصرة بن بكر بن هوازن. وأخوته من الرضاعة: عَبْد الله بن الحَارِث، وأنيسة بِنْت الحَارِث، وحذافة ابنة الحَارِث، وهي الشيماء. غلب عليها ذلك، وهي لحليمة أم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وذكروا أن الشيماء كانت تحضن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع أمها، قال: ابن إسحاق: عن أبي وجزة السعدي قال: لما انتهت الشيماء إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قالت: يا رسول الله، إن لأختك من الرضاعة. قال: "وما علامة ذلك؟" قالت: عضة عضضتنيها في ظهري وأنا متوركتك. فعرف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم العلامة، فبسط لها رداءه... وقد تقدم ذكرها في حذافة وغيرها.

أخرجها أبو نُعَيْم، وأبو عُمر،و أبو موسى".