خير الدين الزركلي

1893-1976م

ولد خير الدين الزركلي في بيروت بلبنان من أبوين دمشقيين كانا يقيمان وقتها في بيروت. نشأ في دمشق وتعلم في إحدى مدارسها الأهلية.

تفتحت مواهبه الأدبية والشعرية باكراً فأقبل على المطالعة بنهم وجرى لسانه بنظم الشعر وهو بعد في مطلع الشباب وأمضى أوقاتاً طويلة في المكتبة الظاهرية بدمشق يطلع على المخطوطات الموجودة فيها.

أصدر في وقت مبكر من شابه مجلة "الأصمعي" الأسبوعية ضمنها عصارة فكره المتقد مدافعاً عن العروبة رافضاً التسلط العثماني مما دفع السلطات التركية في دمشق إلى إغلاق المجلة واضطر الزركلي للهرب إلى بيروت حيث التحق في مدرسة الليسه الفرنسية أستاذاً للتاريخ والأدب العربي. وكان يومها في الخامسة والعشرين من عمره. عاد إلى دمشق فور انتهاء الحرب العالمية الأولى وخروج العثمانيين وأصدر جريدة يومية باسم "المفيد" كما تصدر الحركات الوطنية والقومية التي ساندت الملك فيصل وحكومته. وعند دخول الفرنسيين بجيوشهم إلى
دمشق في 24 حزيرن/ يوليو 1920 بعد معركة ميسلون الشهيرة غادر الزركلي دمشق إلى عمّان. وبعد فراره حكم عليه المجلس العسكري التابع للجيش الفرنسي بالإعدام غيابياً وأمر بمصادرة ممتلكاته متهماً إياه بالخيانة لأنه جاهر بعدائه للفرنسيين ولدعوته السوريين لمقاومة الانتداب.

عُيّن الزركلي في عمّان مفتشاً عاماً للمعارف، ثم تولى رئاسة ديوان الحكومة. غير أن دمشق ظلت في خياله وضميره وأطلق في هذا الوقت قصيدته المشهورة ومطلعها:

أبكي دياراً خلقت للجمال                أبها مثال
أبكي تراث العزّ والعزّ غالٍ                 صعب المنال
أبكي نفوساً قعدت بالرجال              عن النضال
أبكي خلال المُلك كيف استحال         إلى خيال

لم تستمر إقامة الزركلي طويلاً في
عمّان، فعاد إلى دمشق بعد إيقاف تنفيذ حكم الإعدام عليه وأخذ عائلته متجهاً إلى القاهرة وأنشأ فيها المطبعة العربية. وبعد سنتين أصدرت محكمة فرنسية في دمشق حكماً جديداً بإعدامه، فكان لهذا النبأ وقعه السييء عليه فاعتلّت صحته وباع مطبعته وتقاعد. زار خلال هذه الفترة الحجاز مدعواّ من آل سعود فتقرب منهم وأكرمهم.

جاء القدس عام 1930 وأصدر مع زميل له جريدة "الحياة اليومية". لكن الحكومة الإنكليزية أغلقتها بعد وقت قصير. وحاول إصدار جريدة في يافا لكنها لم تعمر سوى أيام قليلة بسبب التحاقه بالعمل الدبلوماسي في الحكومة السعودية.

عمل الزركلي مستشاراً بالوكالة في المفوضية العربية للسعودية بمصر حيث اشترك في المداولات التي كانت تدور حينذاك لإنشاء جامعة الدول العربية. انتدب سنة 1946 لإدارة وزارة الخارجية السعودية بجدة، ثم عيّن وزيراً مفوضاً ومندوباً دائماً لدى الجامعة العربية سنة 1951، وعمل بعدها سفيراً للسعودية بالمغرب (1957).

لم تشغله اعماله الصحفية والدبلوماسية عن الكتابة والتأليف وأثمرت جهوده عدة مؤلفات أهمها كتاب "الإعلام" الذي ترجم فيه لما يقارب 13500 علماً من أعلام العرب، قديمهم وحديثهم معتمداً على مئات المصادر التاريخية المنشورة والمخطوطات المحفوظة في أكثر من مكتبة عامة وخاصة. وكان الزركلي قد بدأ الإعداد لهذا المؤلف في سن مبكر وأصدر طبعته الأولى في سنة 1927 في ثلاثة أجزاء، ثم أعاد النظر فيه وأصدره بعد ثلاثين عاماُ في طبعة ثانية مضيفاً إليه مواداً جديدة ومنقحاً ما سبق أن ضمنه من معلومات في الطبعة الأولى. وظهرت الطبعة الكاملة بعد وفاته سنة 1976.

مات بالقاهرة بمصر.