موفق الدين ابن يعيش

553- 643 هـ

أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش بن أبي السرايا بن محمد بن محمد بن علي بن المفضل بن عبد الكريم بن محمد بن يحيى بن حيّان القاضي بن بشر بن حيان الأسدي، الموصلي الأصل، الحلبي المولد والمنشأ، الملقب موفق الدين النحوي ويعرف بابن الصائغ. قرأ النحو على أبي السخاء فتيان الحلبي، وأبي العباس المغربي النيروزي وسمع الحديث على أبي الفضل عبد الله بن أحمد الخطيب الطوسي بالموصل، وعلى أبي محمد بن عبد الله بن عمر بن سويدة التكريتي، وبحلب من أبي الفرج يحيى بن محمود الثقفي والقاضي أبي الحسن أحمد بن محمد بن الطرسوسي وخالد بن محمد بن نصر بن صغير القيسراني، وبدمشق على تاج الدين الكندي، وغيرهم، وحدث بحلب وكان فاضلاً ماهراً في النحو والتصريف.

رحل من حلب في صدر عمره قاصداً بغداد ليدرك أبا البركات عبد الرحمن بن محمد المعروف بابن الأنباري وتلك الطبقة بالعراق وبلاد الجزيرة، فلما وصل إلى الموصل بلغه خبر وفاته، فأقام بالموصل وسمع الحديث بها، ثم رجع إلى حلب. ولما عزم على التصدر للإقراء سافر إلى دمشق واجتمع بالشيخ تاج الدين أبي اليمن زيد بن الحسن الكندي الإمام المشهور وسأله عن مواضع مشكلة في العربية، وعن إعراب ما ذكره أبو محمد الحريري في المقامة العاشرة المعروفة بالرحيبة، وهو قوله في أواخرها - حتى إذا لألأ الأفق ذنب السرحان، وآن انبلاج الفجر وحان - فاستبهم جواب هذا المكان على الكندي: هل الأفق وذنب السرحان مرفوعان أو منصوبان، أو الأفق مرفوع وذنب السرحان منصوب، أو على العكس؟ وقال له: قد علمت قصدك، وأنك أردت إعلامي بمكانتك من هذا العلم، وكتب له خطه بمدحه والثناء عليه، ووصف تقدمه في الفن الأدبي.

كان ابن يعيش حسن التفهيم لطيف الكلام طويل الروح على المبتدئ والمنتهي، وكان خفيف الروح ظريف الشمائل كثير المجون، مع سكينة ووقار.

شرح الشيخ موفق الدين كتاب "المفضل" لأبي القاسم الزمخشري شرحاً مستوفىً، وليس في جملة الشروح مثله، وشرح "تصريف الملوكي" لابن جني شرحاً مليحاً، وانتفع به خلق كثير من أهل حلب وغيرها، حتى إن الرؤساء الذين كانوا بحلب ذلك الزمان كانوا تلامذته.

توفي في حلب ودفن بتربته بالمقام المنسوب إلى إبراهيم الخليل.


المرجع: وفيات الأعيان