يحيى بن زياد بن عبد الله

توفي 207 هـ

ابن منظور بن مروان الأسلمي الديامي الكوفي مولى بني أسد المعروف بالفراء أبو زكريا. أخذ عن أبي الحسن الكسائي، وروى عن قيس بن الربيع ومندل بن علي. وأخذ عنه سلمة بن عاصم ومحمد بن الجهم النمري وغيرهما. كان هو والأحمر أشهر أصحاب الكسائي، وكانا أعلم الكوفيين بالنحو من بعده. وأخذ أيضاً عن يونس بن حبيب البصري فاستكثر منه، والبصريون ينكرون ذلك.

كان الفراء فقيها عالما بالخلاف وبأيام العرب وأخبارها وأشعارها، عارفا بالطب والنجوم متكلما يميل إلى الاعتزال، وكان يتفلسف في تصانيفه ويستعمل فيها ألفاظ الفلاسفة. وحكى أبو العباس ثعلب عن ابن نجدة قال: لما تصدى أبوزكريا يحيى بن زياد الفراء للاتصال بالمأمون كان يتردد إلى الباب، فلما كان ذات يوم بالباب جاء ثمامة بن الأشرس المتكلم المشهور قال: فرأيت صورة أديب وأبهة أدب فجلست إليه وفاتشته عن اللغة فوجدته بحرا، وعن النحو فشاهدته نسيج وحده، وعن الفقه فوجدته فقيها عارفا باختلاف القوم، وفي النجوم ماهرا، وبالطب خبيرا، وبأيام العرب وأخبارها وأشعارها حاذقا فقلت له: من تكون؟ وما أظنك إلا الفراء، فقال: أنا هو، قال فدخلت فأعلمت أمير المؤمنين بمكانته فاستحضره وكان سبب اتصاله به.

وقال أبو بريدة الوضاحي: أمر أمير المؤمنين
المأمون الفراء أن يؤلف ما يجمع به أصول النحو وما سمع من العرب، فأمر أن تفرد له حجرة من حجر الدار، ووكل بها جواري وخدما للقيام بما يحتاج إليه حتى لا يتعلق قلبه ولا تتشوف نفسه إلى شيء، حتى إنهم كانوا يؤذنونه بأوقات الصلاة، وصير له الوراقين وألزمه الأمناء والمنفقين، فكان الوراقون يكتبون حتى صنف كتاب الحدود، وامر المأمون بكتبه في الخزائن، وبعد أن فرغ من ذلك خرج إلى الناس وابتدأ يملي كتاب المعاني، وكان وراقيه سلمة بن عاصم وأبو نصر بن الجهم.

قال أبو بريدة: فأردنا أن نعد الناس الذين اجتمعوا الإملاء كتاب المعاني فلم نضبط عددهم، ولما فرغ من إملائه خزنه الوراقون عن الناس ليتكسبوا به وقالوا: لا نخرجه لأحد إلا لمن أراد أن ننسخه له على أن يكون عن كل خمسة أوراق درهم، فشكا الناس إلى الفراء فدعا الوراقين وكلمهم في ذلك وقال: قاربوا الناس تنفعوا وتنتفعوا فأبوا عليه فقال: سأريكم وقال للناس: إني أريد أن أملي كتاب معان أتم شرحا وأبسط قولا من الذي أمليت قبلا، وجلس يملي فأملى في الحمد مائة ورقة، فجاء الوراقون إليه وقالوا: نحن نبلغ الناس ما يحبون، فنسخوا كل عشرة أوراق بدرهم.

قال أبو بكر بن الأنباري: لو لم يكن لأهل
بغداد والكوفة من علماء العربية إلا الكسائي والفراء لكان لهم بهما الافتخار على جميع الناس إذ انتهت العلوم إليهما وكان يقال: الفراء أمير المؤمنين في النحو.

توفي أبو زكريا الفراء في طريق
مكة .

ومن تصانيفه: كتاب اختلاف أهل الكوفة والبصرة والشام في المصاحف، معاني القرآن أربعة أجزاء ألفه لعمر ابن بكير، البهي ألفه للأميرعبد الله بن طاهر، كتاب المصادر في القرآن، كتاب اللغات، كتاب الوقف والابتداء، كتاب الجمع والتثنية في القرآن، الكتاب الفاخر، كتاب النوادر، كتاب المذكر والمؤنث، كتاب يافع ويافعة، كتاب ملازم، كتاب الحدود ألفه بأمر المأمون، كتاب مشكل اللغة الكبير، كتاب المشكل الصغير كتاب الوار وغير ذلك.


المرجع: معجم الأدباء