عمرو بن قميئة

179 - 85 ق. هـ / 448 - 540 م

عمرو بن قميئة بن ذريح بن سعد بن مالك الثعلبي البكري الوائلي النزاري.

شاعر جاهلي مقدم، نشأ يتيماً وأقام في الحيرة مدة وصحب حجراً أبا امرئ القيس الشاعر، وخرج مع امرئ القيس في توجهه إلى قيصر فمات في الطريق فكان يقال له (الضائع).

وهو المراد بقول امرئ القيس: (بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه).

وجاء في "الأغاني" لأبي الفرج الأصفهاني: هو فيما ذكر أبو عمرو الشيباني عن أبي برزة: عمرو بن قميئة بن ذريح بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار.

قال ابن الكلبي: ليس من العرب من له ولدٌ كل واحد منهم قبيلة مفردة قائمة بنفسها غير ثعلبة بن عكابة فإنه ولد أربعةً كل واحد منهم قبيلة: شيبان بن ثعلبة وهو أبو قبيلة وقيس بن ثعلبة وهو أبو قبيلة وذهل بن ثعلبة وهو أبو قبيلة وتيم الله بن ثعلبة وهو أبو قبيلة. وكان عمرو بن قميئة من قدماء الشعراء في الجاهلية ويقال: إنه أول من قال الشعر من نزار وهو أقدم من امرىء القيس ولقيه امرؤ القيس في آخر عمره فأخرجه معه إلى قيصر لما توجه إليه فمات معه في طريقه وسمته العرب عمراً الضائع لموته في غربة وفي غير أربٍ ولا مطلب.

كان عمرو بن قميئة شاعراً فحلاً متقدماً وكان شاباً جميلاً حسن الوجه مديد القامة حسن الشعر ومات أبوه وخلفه صغيراً فكفله عمه مرثد بن سعد وكانت سبابتا قدميه ووسطياهما ملتصقتين وكان عمه محباً له معجباً به رقيقاً عليه.

مراودة امرأة عمه له وامتناعه عليها

وأخبرني عمي قال: حدثنا الكراني قال: حدثنا أبوعمر العمري عن لقيط وذكر مثل ذلك سائر الرواة: أن مرثد بن سعد بن مالك عم عمرو بن قميئة كانت عنده امرأةٌ ذات جمال فهويت عمراً وشغفت به ولم تظهر له ذلك فغاب مرثد لبعض أمره - وقا لقيط في خبره: مضى يضرب بالقداح - فبعثت امرأته إلى عمرو تدعوه على لسان عمه وقالت للرسول: ائتني به من وراء البيوت ففعل فلما دخل أنكر شأنها فوقف ساعة ثم راودته عن نفسه فقال: لقد جئت بأمر عظيم وما كان مثلي ليدعى لمثل هذا والله لو لم أمتنع من ذلك وفاءً لأمتنعن منه خوف الدناءة والذكر القبيح الشائع عني في العرب قالت: والله لتفعلن أو لأسوأنك قال: إلى المساءة تدعينني. ثم قام فخرج من عندها وخافت أن يخبر عمه بما جرى فأمرت بجفنة فكفئت على أثر عمرو فلما رجع عمه وجدها متغضبة فقال لها: ما لك قالت: إن رجلاً من قومك قريب القرابة جاء يستامني نفسي ويريد فراشك منذ خرجت قال: من هو قالت: أما أنا فلا أسميه ولكن قم فافتقد أثره تحت الجفنة فلما رأى الأثر عرفه.

هروبه من عمه إلى الحيرة

قال مؤرج في خبره: فحدثني أبو برزة وعلقمة بن سعد وغيرهما من بني قيس بن ثعلبة قالوا: وكان لمرثد سيفٌ يسمى ذا الفقار فأتى ليضربه به فهرب فأتى الحيرة فكان عند اللخميين ولم يكن يقوى على بني مرثد لكثرتهم وقال لعمرو بن هند: إن القوم اطردوني فقال له: ما فعلوا إلا وقد أجرمت وأنا أفحص عن أمرك فإن كنت مجرماً ما رددتك إلى قومك فغضب وهم بهجائه وهجاء مرثد ثم أعرض عن ذلك ومدح عمه واعتذر إليه انتهى.

وأما أبو عمرو فإنه قال: لما سمع مرثد بذلك هجر عمراً وأعرض عنه ولم يعاقبه لموضعه من قلبه فقال عمرو يعتذر إلى عمه:

فما لبثي يوماً بسائق مغنمٍ ولا سرعـتـي يومـاً بـسـائقة الـردى

وإن تنظراني اليوم أقض لبانةً وتستوجبا منـي عـلـي وتـحـمـدا

لعمرك ما نفسٌ بجد رشيدةٍ تؤامـرنـي سـوءاً لأصـرم مـرثـدا

وإن ظهرت مني قوارص جمةٌ وأفرع من لومي مزاراً وأصـعـدا

على غير جرمٍ أن أكون جنيته سوى قول باغٍ كادنـي فـتـجـهـدا

لعمري لنعم المرء تدعو بخيله إذا ما المنادي في الـمـقـامة نـددا

عظيم رماد القدر لا متعبسٌ ولا مـؤيسٌ مـنـهـا إذا هـو أوقـدا

وإن صرحت كحلٌ وهبت عريةٌ من الريح لم تترك من المال مرفدا

صبرت على وطء الموالي وخطبهم إذا ضن ذو القربي عليهم وأخمدا

يعني أخمد ناره بخلاً وروى: أجمداً المجمد: البخيل.

ولم يحم فرج الحي إلا محافظٌ كريم المحيا ماجدٌ غير أجردا

الأجرد: الجعد اليد البخيل.

بلوغه التسعين وقوله في ذلك

قال علي بن الصباح في خبره عن ابن الكلبي: وعمر ابن قميئة تسعين سنة فقال لما بلغها :

كأني وقد جاوزت تسعين حجةً خلعت بها عني عنان لـجـامـي

على الراحتين مرةً وعلى العصا أنوء ثلاثاً بـعـدهـن قـيامـي

رمتني بنات الدهر من حيث لا أرى فما بال من يرمى وليس برام!

فلو أن ما أرمى بنبلٍ رميتها ولكنـمـا أرمـى بـغـير سـهـام

إذا ما رآني الناس قالوا: ألم يكن حديثاً جديد البري غـير كـهـام!

وأهلكني تأميل يومٍ وليلةٍ وتأميل عامٍ بعد ذاك وعام

 

خروجه مع امرىء القيس إلى قيصر

أخبرني عمي قال: حدثني عبد الله بن أبي سعد قال: حدثني محمد بن عبد الله بن طهمان السلمي عن إسحاق بن مرار الشيباني قال: نزل امرؤ القيس بن حجر ببكر بن وائل وضرب قبته وجلس إليه وجوه بكر بن وائل فقال لهم: هل فيكم أحد يقول الشعر فقالوا: ما فينا شاعر إلا شيخ قد خلا من عمره وكبر قال: فأتوني به فأتوه بعمرو بن قميئة وهو شيخ فأنشده فأعجب به فخرج به معه إلى قيصر وإياه عنى امرؤ القيس بقوله:  

بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه وأيقن أنا لاحقان بقيصرا

فقلت له: لا تبك عينك إنما نحاول ملكاً أو نموت فنـعـذرا

وقال مؤرج في هذا الخبر: إن امرأ القيس قال لعمرو بن قميئة في سفره: ألا تركب إلى الصيد فقال عمرو:

شكوت إليه أنني ذو جلالةٍ وأني كبـيرٌ ذو عـيالٍ مـجـنـب

فقال لنا: أهلاً وسهلاً ومرحباً إذا سركم لحمٌ من الوحش فاركبوا

صوت

يا آح من حر الهوى إنما يعرف حر الحب من جربا

أصبحت للحب أسيراً فقد صعدني الحب وقد صوبـا

لا شك أني ميتٌ حسرةً إن لم أزر قبل غدٍ زينـبـا

تلك التي إن نلتها لم أبل من شرق الدهر أو غربـا