تو. 726 م
هو نصيب بن رباح أبو الحجناء وأبو محجن.
كان عبداً أسودا لرجل من أهل وادي القرى، فكانت على نفسه ثم أتى عبد العزيز بن مروان فمدحه ، فوصله واشترى ولاءه. ثم اتصل نصيب بعد ذلك بعبد الملك ثم بسليمان بن عبد الملك وبعمر بن عبد العزيز والياً على المدينة ثم خليفة.
كان نصيب بن رباح شاعراً فحلاً فصيحاً، جيد الكلام مقدماً في المديح والنسيب والرثاء.
كان له بنات من لونه امتنع عن تزويجهن للموالي ولم يتزوجهن العرب. فقيل له ما حال بناتك: فقال: صببت عليهن من جلدي فكسدن علي! قال الثعالبي: وصرن مثلاً للبنت يضن بها أبوها فلا يرضى من يخطبها ولا يرغب فيها من يرضاها إليه.
قال أبو الفرج الأصفهاني في "الأغاني": ((هو نصيب بن رباح، مولى عبد العزيز بن مروان، وكان لبعض العرب من بني كنانة السكان بودان، فاشتراه بعد العزيز منهم، وقيل: بل كانوا أعتقوه، فاشترى عبد العزيز ولاءه منهم، وقيل: بل كاتب مواليه، فأدى عنه مكاتبته.
وقال ابن دأبٍ: كان نصيبٌ من قضاعة ثم من بليٍّ. وكانت أمه سوداء فوقع عليها سيدها فحبلت بنصيبٍ، فوثب عليه عمه بعد وفاة أبيه فباعه من عبد العزيز.
وقال أبو اليقظان: كان أبوه من كنانة من بني ضمرة. وكان شاعراً فحلاً فصيحاً مقدماً في النسيب والمديح، ولم يكن له حظٌ في الهجاء، وكان عفيفاً، وكا يقال: أنه لم ينسب قط إلا بامرأته.
أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال: كتب إلي عبد الله بن عبد العزيز بن محجن بن نصيبٍ بن رباح يذكر عن عمته غرضة بنت النصيب: أن النصيب كان ابن نوبيين سبيين كانا لخزاعة، ثم اشترت سلامة أم نصيب امرأةٌ من خزاعة ضمريةٌ حاملاً بالنصيب، فأعتقت ما في بطنها.
أخبرني الحسين بن يحيى عن حماد عن أبيه عن محمد بن كناسة قال: كان نصيبٌ من أهل ودان عبداً لرجلٍ من كنانة هو وأهل بيته. وكان أهل البادية يدعونه النصيب تفخيماً له، ويروون شعره. وكان عفيفاً كبير النفس مقدماً عند الملوك، يجيد مديحهم ومراثيهم.
أخبرني الحسين عن حماد عن أبيه عن ابن الكلبي قال: كان نصيب من بلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة. وكانت أمه أمةً سوداء، وقع عليها أبوه فحملت ثم مات، فباعه عمه أخو أبيه من عبد العزيز بن مروان)).
وجاء في معجم الأدباء لياقوت الحموي: ((نصيب بن رباح مولى عبد العزيز بن مروان شاعر من فحول الشعراء الإسلاميين، كان عبدا لرجل من كنانة من أهل ودان، وكان فصيحاً مقدماً في النسيب والمديح مترفعا عن الهجاء كبير النفس عفيفا، قيل لم ينسب قط إلا بامرأته، وكان مقدماً عند الملوك يجيد مديحهم ومراثيهم، وفي سبب اتصاله بعبد العزيز بن مروان وفك رقبته من الرق روايات شتى منها: انه لما قال الشعر وهوشاب جعل ياتي مشيخة القبيلة وينشدهم فاجتمعوا إلى ملاه وقالوا: إن عبدك هذا قد نبغ بقول الشعر ونحن منه بين شرتين، إما أن يهجونا فيهتك أعراضنا، او يمدحنا فيشبب بنسائنا، وليس لنا في شيء من الخلتين خيرة. فقال له ملاه: يانصيب، انا بائعك لامحالة فاختر لنفسك، فسار إلى عبد العزيز بن مروان بمصر فدخل عليه وانشده:
لعبد العزيز على قومـه |
|
وغيرهم منن غـامـره |
فبابك أسهل أبـوابـهـم |
|
ودارك مأهولة عامـره |
وكلبك أرأف بالـزائرين |
|
من الأم بابنتها الـزائره |
وكفك حين ترى المعتفين |
|
أندى من الليلة الماطره |
فمنك العطاء ومنا الثناء |
|
بكل محـبـرة سـائره |
فقال عبد العزيز: اعطوه اعطوه فقال: - أصلحك الله - إني عبد ومثلي لايأخذ الجوائز، قال فما شأنك؟ فاخبره بحاله فدعا الحاجب فقال: اخرج به إلى باب الجامع فابلغ في قيمته فدعا المقومين فنادوا عليه، من يعطي لعبد اسو جلد؟ قال رجل هو علي بمائة دينار، فقال تصيب قولوا على اني ابري القس واريش السهام واحتجن الاوتار، فقال الرجل: هو على بمائتي دينار. قال: قولوا على اني ارعى الابل وامريها واقضقضها واصدرها واوردها وارعاها وارعيها. قال رجل هو على بخمسمائة دينار. قال نصيب قولوا على اني شاعر عربي لايوطيء ولا يقوي ولا يساند. قال رجل هو على بالف دينار، فسار به الحاجب إلى عبد العزيز فاخبره بما تم فقال: افعوا اليه الف دينار فقبضها وافتك بها رقبته، ولم يزل في جملة عبد العزيز حتى احتضر، فاوصى به سليمان بن عبد الملك خيرا فصيره في جملة سماره.
حكى ان نصيبا دخل على سليمان بن عبد الملك وعنده الفرزدق فقال سليمان للفرزدق يا أبافراس: أنشدني وإنما أراد أن ينشده مديحاً فيه فأنشده قوله يفتخر:
وركب كأن الريح تطلب عندهم |
|
لها ترة من جذبها بالعصـائب |
سروا يركبون الريح وهي تلفهم |
|
إلى شعب الأكوار ذات الحقائب |
إذا أبصروا ناراً يقولون ليتـهـا |
|
وقد خصرت أيديهم نارغالـب |
فتمعر سليمان واربد لما ذكر الفرزدق غالبا وقال لنصيب: قم وانشد مولاك ويحك، فقام نصيب وانشده:
أقول لركب صادرين لقيتـهـم |
|
قفاذات أوشال ومولاك قـارب |
قفوا خبروني عن سليمان إننـي |
|
لمعروفه من أهل ودان طالـب |
فعاجوا وأثنوا بالذي أنت أهـلـه |
|
ولوسكتوا أثنت عليك الحقـائب |
وقالوا عهدنـاه وكـل عـشـية |
|
بأبوابه من طالبي العرف راكب |
هو البدر والناس الكوكب حولـه |
|
ولاتشبه البدر المضيء الكواكب |
فقال سليمان للفرزدق: كيف ترى شعره؟ فقال هو اشعرأهل جلدته. قال سليمان: واهل جلدتك، ياغلام اعط نصيبا خمسمائة دينار وللفرزدق نار ابيه، فخرج الفرزدق وهويقول:
وخير الشعر أشرفه رجالاً |
|
وشر الشعر ما قال العبيد |
وقال:
ليس السواد بناقصـى مـادام لـي |
|
هذا اللسـان إلـى فـؤاد ثـابـت |
من كان ترفعه منـابـت أصـلـه |
|
فبيوت أشعاري جعلن منـابـتـي |
كم بـين أسـود نـاطـق بـيانـه |
|
ماضي الجنان وبين أبيض صامت؟ |
إني ليحسدنـي الـرفـيع بـنـاؤه |
|
من فضل ذاك وليس بي من شامت |
وقال:
كأن القـلـب قـيل يغـدي |
|
بليلى العـامـرية أو يراح |
قطاة غرها شرك فبـاتـت |
|
تجاذبه وقد علق الجـنـاح |
لها فرحان قد تركا بـو كـر |
|
فعشهما تصفـقـه الـرياح |
إذا سمعا هبوب الريح نضـا |
|
وقد أودى بها القدر المتـاح |
فلا في الليل نالت ماترجـى |
|
ولا في الصبح كان لها براح |
وقال:
فان أك حالكاً فالمسك أحـوى |
|
وما لسواد جسمي مـن دواء |
ولى كرم عن الفحشـاء نـاء |
|
كبعد الارض من جو السماء |
ومثلي في رجالكـم قـلـيل |
|
ومثلك ليس يعدم في النسـاء |
فإن ترضى فردي قول راض |
|
وإن تأبى فنحن على السواء |
وقال:
ألا ليت شعري ما الذي تجدين بي |
|
غداً غربة النأي المفرق والبعـد |
لدي أم بكر حين تغترب النـوى |
|
بنا ثم يخلو الكاشحون بها بعـدي |
أتصرمني عند الذين هم الـعـدا |
|
فتشمتهم بي أم تدوم على العهـد |
وقال:
ألام على ليلى ولو أستطيعـهـا |
|
وحرمة مابين البيئة والحـجـر |
لملت على ليلى بنفسـي مـيلةً |
|
ولو كان في يوم المحلق والنحر |
المراجع: كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني / معجم الأدباء لياقوت الحموي