عروة بن أذينة

توفي 130 هـ / 747 م

عروة بن يحيى بن مالك بن الحارث الليثي.

شاعر غزل مقدم، من شعراء صدر الاسلام، من أهل المدينة، وهو معدود من الفقهاء والمحدثين أيضاً، ولكن الشعر أغلب عليه.

قال أبو الفرج الأصفهاني في "الأغاني": هو عروة بن أذينة وأذينة لقبه واسمه يحيى بن مالك بن الحارث بن عمرو بن عبد الله بن زحل بن يعمر وهو الشداخ بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار. وسمي يعمر بالشداخ لأنه تحمل ديات قتلى كانت بين قريش وخزاعة وقال: قد شدخت هذه الدماء تحت قدمي فسمي الشداخ.

ويكنى عروة بن أذينة أبا عامر وهو شاعر غزل مقدم من شعراء أهل المدينة وهو معدودٌ في الفقهاء والمحدثين روى عنه مالك بن أنس وعبيد الله بن عمر العدوي. أخبرني بذلك أحمد بن عبد العزيز الجوهري عن عمر بن شبة وروى جده مالك بن الحارث عن علي بن أبي طالب.

وفد على هشام فذكره بشعره في القناعة ولامه ثم ندم فأرسل إليه جائزة

حدثني محمد بن جرير الطبري وحفظته وأخبرنا به أحمد بن عبد العزيز الجوهري وحبيب بن نصر المهلبي قالوا: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني عمر بن محروس الوراق بن أقيصر السلمي قال: حدثنا يحيى بن عروة بن أذينة قال: أتى أبي وجماعةٌ من الشعراء هشام بن عبد الملك فنسبهم فلما عرف أبي قال له: أنت القائل:

أسعى له فيعنيني تطلبه ولو جلست أتاني لا يعنيني

هذان البيتان فقط ذكرهما المهلبي والجوهري وذكر محمد بن جرير في خبره الأبيات كلها:

وأن حظ امرىءٍ غيري سيبلغه لابـد لابـد أن يحـتـازه دونـي

لا خير في طمع يدني لمنقصةٍ وغفة من قوام العيش تكـفـينـي

لا أركب الأمر تززي بي عواقبه ولا يعاب به عرضي ولا دينـي

كم من فقيرٍ غني النفس تعرفه ومن غني فقير النفس مـسـكـين

ومن عدو رماني لو قصدت له لم يأخذ النصف مني حين يرمينـي

ومن أخٍ لي طوى كشحاً فقلت له: إن انطواءك عني سوف يطويني

إني لأنطق فيما كان من أربي وأكثر الصمت فيما ليس يعنـينـي

لا أبتغي وصل من يبغي مفارقتي ولا ألين لمن لا يشتهي لـينـي

فقال له ابن أذينة: نعم أنا قائلها قال: أفلا قعدت في بيتك حتى يأتيك رزقك!.

وغفل عنه هشامٌ فخرج من وقته وركب راحلته ومضى منصرفاً ثم افتقده هشامٌ فعرف خبره فأتبعه بجائزة وقال للرسول: قل له: أردت تكذبنا وتصدق نفسك. فمضى الرسول فلحقه وقد نزل على ماء يتغدى عليه فأبلغه رسالته ودفع الجائزة. فقال: قل له: صدقني ربي قال يحيى بن عروة: وفرض له فريضتين فكنت أنا في إحداهما.

أخبرنا وكيع قال: حدثنا هارون بن محمد بن عبد الملك قال: حدثني الزبير بن بكار قال: حدثني أبو غزية قال: حدثني أنس بن حبيب قال: خرج ابن أذينة إلى هشام بن عبد الملك في قوم من أهل المدينة وفدوا عليه وكان ابنه مسلمة بن هشام سنة حج أذن لهم في الوفود عليه فلما دخلوا على هشام انتسبوا له وسلموا عليه فقال: ما جاء بك يابن أذينة فقال:  

أتينا نمت بأرحامنا وجئنـا بـإذن أبـي شـاكـر

فإن الذي سار معروفه بنجدٍ وغار مـع الـغـائر

إلى خير خندف في ملكها لبادٍ من الناس أو حاضر

فقال له هشام: ما أراك إلا قد أكذبت نفسك حيث تقول:

لقد علمت وما الإسراف من خلقي أن الذي هو رزقي سوف يأتيني

أسعى له فيعنيني تطلبه ولو جـلـسـت أتـانـي لا يعـنـينـي

فقال له ابن أذينة: ما أكذبت نفسي يا أمير المؤمنين ولكني صدقتها وهذا من ذاك. ثم خرج من عنده فركب راحلته إلى المدينة فلما أمر لهم هشامٌ بجوائزهم فقده فقال: أين ابن أدينة فقالوا: غضب من تقريعك له يا أمير المؤمنين فانصرف راجعاً إلى المدينة فبعث إليه هشام بجائزته.

مر بغنمه وراعيه نائم فضربه وقال شعراً أخبرنا وكيع قال: حدثنا هارون بن محمد قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني عمي عن عروة بن عبيد الله قال: كان عروة بن أذينة نازلاً مع أبي في قصر عروة بالعقيق وخرج أبي يوماً يمشي وأنا معه وابن أذينة ونظر إلى غنم كانت له في يدي راعٍ يقال له كعب وهي مهملة وكعب نائم حجرة فجعل ابن أذينة ينزو حوله وهو يضربه ويقول:

لو يعلم الذئب بنوم كعب إذاً لأمسى عندنا ذا ذنـب