الدارمي

الدرامي
تو 109هــ

الدارمي من ولد سويد بن زيد الذي كان جده قتل أسعد بن عمرو بن هند، ثم هربوا إلى مكة فحالفوا بني نوفل بن عبد مناف. وكان الدرامي في أيام عمر بن عبد العزيز.

وكانت له أشعار ونوادر، وكان من ظرفاء أهل مكة، وله أصوات يسيرة. وهو الذي يقول:

لمـا رأيتـك أولـيتـنـي ال          قبيح وأبعدت عني الجمـيلا
تركت وصالك في جـانـبٍ
      
وصادفت في الناس خلاً بديلا

أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال ، أن تاجراً من أهل
الكوفة قدم المدينة بخمر فباعها كلها وبقيت السود منها فلم تنفق، وكان صديقاً للدرامي، فشكا ذاك إليه، وقد كان نسك وترك الغناء وقول الشعر؛ فقال له: لاتهتم بذلك فإني سأنفقها لك حتى تبيعها أجمع؛ ثم قال:

قل للمليحة في الخمار الأسود           ماذا صنعت براهبٍ متعبـد
قد كان شمر للصلاة ثـيابـه
               حتى وقفت له بباب المسجد

وغنى فيه، وغنى فيه أيضاً سنان الكاتب، وشاع في الناس وقالوا: قد فتك الدارمي ورجع عن نسكه؛ فلم تبق في المدينة ظريفة إلا ابتاعت خماراً أسودا حتى نفذ ما كان مع العراقي منها؛ فلما علم بذلك الدارمي رجع إلى نسكه ولزم المسجد.

فأما نسبة هذا الصوت فإن الشعر فيه للدارمي والغناء أيضاً، وهو خفيف ثقيل أول بالسبابة في مجرى الوسطى عن إسحاق. وفيه لسنانٍ الكاتب رمل بالوسطى عن حبش. وذكر حبش أن فيه لابن سريج هزجاً بالبنصر
.

أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا هارون بن محمد قال حدثني محمد بن أخي سلم الخزاعي قال حدثني الحرمازي قال زعم"لي" ابن مودود قال: كان الدارمي المكي شاعراً ظريفاً وكانت متفتيات أهل مكة لا يطيب لهن متنزه إلا بالدارمي، فاجتمع جماعة منهن في منتزه لهن، وفيهن صديقة له، وكل واحدة منهن قد واعدت هواها، فخرجن حتى أتين الجحفة وهو معهن؛ فقال بعضهن لبعض: كيف لنا أن نخلو مع هؤلاء الرجال من الدارمي؟ فإنا إن فعلنا قطعنا في الأرض! قالت لهن صاحبته: أنا أكفيكنه؛ قلن: أنا نريد إلا يلومنا؛ قالت: علي أن ينصرف حامداً، وكان أبخل الناس، فأتته فقالت: يادارمي، إنا قد تفلنا فاجلب لنا طيباً؛ قال نعم هو ذا، آتي سوق الجحفة آتيكن منها بطيب؛ فأتى المكارين فاكترى حماراً فصار عليه إلى مكة وهو يقول:

أنا بـالـلـه ذي الـعـز             وبالركن وبالـصـخـرة
من اللائي يردن الـطـي
      ب في اليسر وفي العسرة
وما أقـوى عـلـى هـذا
         ولو كنت على البصـره

فمكث النسوة ماشئن. ثم قدم من مكة فلقيته صاحبته ليلة في الطواف، فأخرجته إلى ناحية المسجد وجعلت تعاتبه على ذهابه ويعاتبها، إلى أن قالت له: يادارمي، بحق هذه البنية أتحبني؟ فقال نعم، فبريها أتحبني؟ قالت نعم؛ قال: فيا لك الخير فأنت تحبيني وأنا أحبك، فما مدخل الدراهم بيننا!.

أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا هارون بن محمد قال حدثنا الزبير قال: قال محمد بن إبراهيم الإمام للدارمي: لو صلحت عليك ثيابي لكسوتك؛ قال: فديتك! إن لم تصلح علي ثيابك صلحت علي دنانيرك.

صوت من المائة المختارة

يا ربع سلمى لقد هيجت لي طربا     زدت الفؤاد على علاته وصبـا
ربع تبدل ممن كـان يسـكـنـه
            عفر الظباء وظلماناً به عصبـا


المرجع: كتاب الأغاني