الأعلم الهذلي
هو حبيب بن عبد الله أخو صخر الغي الهذلي أحد بني عمرو ابن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة. شاعر محسن ويعتبر احد العدائين المعدودين وهو القائل:
لما رأيت بني نفاثة أقبلوا يغـزون كـل مقلص خناب
ونشيت ريح الموت من تلقائهم وكرهـت وقـع مهند قـضـاب
رفعت ساقاً لا أخاف عـثارها ونبذت بالمـتن العراء ثيابي
لامت ولو شهدت لكان نكيرها بـولاً يـبل جـوانب القـبقاب
حكى الأثرم عن أبي عبيدة أنه حدث عن عبد الله بن إبراهيم الجمحي قال: كان الأعلم أخو صخر الغي أحد صعاليك هذيل وكان يعدو على رجليه عدواً لا يلحق واسمه حبيب بن عبد الله فخرج هو وأخواه صخر وصخير حتى أصبحوا تحت جبل يقال له السطاع في يوم من أيام الصيف شديد الحر وهو متتأبط قربة لهم فيها ماء فأيبستها السموم وعطشوا حتى لم يكادوا أن يبصروا من العطش فقال الأعلم لصاحبيه: أشرب من القربة لعلي أن أرد الماء فأروى منه وانتظراني مكانكما وكانت بنو عدي بن الديل على ذلك الماء وهو ماء الأطواء يتفيئون بنخل متأخر عن الماء قدر رمية سهم. فأقبل يمشي متلثماً وقد وضع سيفه وقوسه ونبله فيما بينه وبين صاحبه فلما برز للقوم مشى رويداً مشتملاً فقال بعض القوم: من ترون الرجل فقالوا: نراه بعض بني مدلج بن مرة. ثم قالوا لبعضهم: الق الفتى فاعرفه فقال لهم: ما تريدون بذلك الرجل هو آتيكم إذا شرب فدعوه فليس بمفيتناً فأقبل يمشي حتى رمى برأسه في الحوض مدبراً عنهم بوجهه فلما روي أفرغ على رأسه من الماء ثم أعاد نقابه ورجع في طريقه رويداً فصاح القوم بعبد لهم كان على الماء: هل عرفت الرجل الذي صدر قال: لا فقالوا: فهل رأيت وجهه قال: نعم هو مشقوق الشفة فقالوا: هذا الأعلم وقد صار بينه وبين الماء مقدار رمية سهم آخر فعدوا في أثره وفيهم رجل يقال له: جذيمة ليس في القوم مثله عدواً فأغروه به وطردوه فأعجزهم ومر على سيفه وقوسه ونبله فأخذه ثم مر بصاحبيه فصاح بهما فضبرا معه فأعجزوهم فقال الأعلم في ذلك:
لما رأيـت القـوم بالـعـلياء دون قـدي المناصـب
وفـريت من فــزع فـلا أرمي ولا ودعــت صـاحــب
يغـرون صـاحـبهـم بنا جهـداً وأغـري غـيـر كاذب
أغـري أخي صـخرا ليعـ جــزهـم ومــدوا بالحـلائــب
وخشيت وقع ضـريبة قد جـربت كل التجارب
فأكون صـيدهـم بهاو أصـير للضـبع الســواغب
جـزراً وللطيـر المـربة والـذئـاب وللثـــعـالب
خرج صخر الغي وأخوه أبو عمرو في غزاة لهما فباتا في أرض رملة فنهشت أخاه أبا عمرو حية فمات فقال يرثيه:
لعمرأبي عمرو لقد ساقه المنا إلى جدث يوزي له بالأهاضـب
لحـية جحر فـي وجار مقيــمة تنمى بها سـوق المنا والجـوالـب
أخي لا أخا لي بعـده ســبقـت به منيته جمع الرقي والطـبائب
وذلك مما يحـدث الدهر إنهـلـه كــل مـطـلـوب جــثـيــث وطالـب.