جحدر

جحدر ...أحد لصوص العرب

جحدر بن ربيعة بن قيس البكري الوائلي، أبو مكنف فارس بكر في الجاهلية وله شعر. قيل اسمه ربيعة ولقبه جحدر. له وقائع، وقتل في حرب تغلب يوم تحلاق اللمم.

كان جحدر بن ربيعة من لصوص العرب وشياطينهم، يغير على أحيائهم فينهبها، وربما فتك بمن تعرض له؛ واشتد شره في أيام الوليد بن عبدالملك، حتى أباد خلقاً كثيراً.

فبلغ أمره الحجاج فكتب إلى عامله باليمامة يؤنبه لعجزه عن الضرب على يدي ذلك الفاتك، وأمره أن يوقع به، أو يحمله إليه أسيرا.ً

فأوطأ العامل جماعة من فتية بني حنظلة، وجعل لهم الجعائل العظيمة إن هم أتوه به مغلولاً أو مقتولا.ً

فأرسلوا إليه يقولون: إنهم يريدون الانقطاع إليه، والخضوع لأمره؛ فأخلد جحدر إلى قولهم، وأدخلهم في صحبته. فأخذوا ينهبون تحت لوائه، إلى أن صادفوا منه غرة فشدوا وثاقه، وقدموا به إلى العامل الذي وجههم به إلى الحجاج.

فلما مثلوا بين يديه قال الحجاج: أنت جحدر؟ قال: نعم، فقال: وما جرأك على ما بلغني عنك؟ قال: جور الزمان، وجراءة الجنان! قال: وما بلغ من أمرك؟ قال: لو ابتلاني الأمير، وجعلني مع الفرسان، لرأى مني ما يعجبه.

فقال: يا جحدر؛ إني قاذف بك إلى حفيرة بها سبع شرس، فإن قتلك كفانا مؤونتك، وإن قتلته عفونا عنك لشجاعتك، فقال: أصلح الله الأمير! لقد قرب الفرج.

فأمر الحجاج بحبسه، وكتب إلى العامل أن يرتاد له سبعاً عتياً ويحمله إليه. فارتاد له أسداً خبيثاً كريه المنظر، قد أفنى جميع ما باليمامة من حيوان، ووضعه في قفص من حديد، وأنفذه إلى الحجاج.

فأمر أن يلقى في الحفيرة، ولا يطعم شيئاً ثلاثة أيام، حتى إذا ما اشتد به الجوع، أخرج إليه جحدر، وما أعطي إلا سيفاً، والحجاج مشرف على الحفيرة؛ والناس حوله ينظرون إلى الأسد ما هو صانع بفريسته.!

فلما رفع له نهض وزأر زئيراً رج الجبال، وراع الحاضرين، فأنشد جحدر:


ليث وليث فى مجال ضنك    كلاهما ذو أنف ومحك
وشدة فى نفسه وفتك        ان يكشف الله قناع الشك
ن يكشف الله قناع الشك    فأنت لي في قبضتي وملكي

ثم أدلي به، فوقع عليه وقوع الصاعقة، فصرخ الأسد عند رؤيته صرخة عظيمة، فأجابه هو بأعظم منها، وضربه بسيفه ضربة فلقت هامته؛ فكبر الناس، وأعجب به الحجاج، وقال: لله درك! ما أنجدك.

ثم خيره بين أن يقيم عنده مكرماً، أو يلحق ببلاده على ألا يؤذي أحداً، ولا يحدث حدثاً؛ فاختار جحدر الإقامة معه، وأحسن أدبه، حتى حظي عنده وجعله من سماره وخواصه؛ وبعد ذلك بزمن غير طويل ولاه اليمامة، ومكث فيها مدة، قام فيها بأعباء الولاية خير قيام.

المراجع:. جمهرة الأنساب ، ونهاية الأرب ، وطبقات فحول الشعراء