أَلنِّيلُ عَبْدُكَ وَالمِيَاهُ جَوَارِي |
بِاليُمْنِ وَالبَرَكَاتِ فِيهِ جَوَارِ |
أَمَّنْتَهُ بِمَعَاقِلٍ وَجَوَارِي |
وَجَعَلْتَهُ مُلْكاً عَزِيزَ جِوَارِ |
أُنْظُرْ سَفَائِنَكَ الَّتِي سَيَّرْتَهَا |
فِيهِ كَأَطْوَادٍ عَلَى التَّيَّارِ |
وَانْظُرْ جُنُودَكَ فِي الفَلاَةِ تحَمَّلُوا |
شَرَّ العِقَابِ لأُمَّةٍ أَشْرَارِ |
حَصَرُوا العَدُوَّ فَمَا وَقَتْهُ حُصُونُهُ |
مِنْ بَأْسِهِمْ وَكَثَافَةُ الأَسْوَارِ |
يَفْنَى بِمَقْذُوفَاتِهِمْ حَرْقاً كَمَا |
تَفْنَى الفَرَائِسُ وَالسِّبَاعُ ضَوَارِ |
وَيُدَمِّرُ النَّسَّافُ شُمَّ قِلاَعِهِ |
فَيُثِيرُهَا منْثُورَةً كَغُبارِ |
وَيَدُكُّ مِنْ شُوسِ الرِّجَالِ مَعَاقِلاً |
فَيَظَلُّ شَكْلُ المَوْتِ شَكْلَ دَمَارِ |
مَنْ لَمْ يُبَدْ بِالسَّيْفِ مِنْهُمْ وَالقَنَا |
فَهَلاَكُهُ بِالمَاءِ أَوْ بِالنَّارِ |
قوْمٌ بَغوْا فَجَنَوْا ثِمَارَ فَسَادِهِمْ |
بِالمُوبِقَاتِ وَتِلْك شَرُّ ثِمَارِ |
وَلَوِ الزَّمَان أَرَادَ عَادُوا خُضَّعاً |
لِجَمِيلِ رَأْيِكَ عَوْدَ الاسْتِغْفَارِ |
لَكِنْ أَبَى لَكَ أَنْ تَفُوزَ مُسَالِماً |
وَقَضَتْ بِذلِكَ حِكْمَةُ الأَقْدَارِ |
فسَقَيْتَ صَادِئَةَ النِّصالِ دِمَاءَهُمْ |
وَكَفيْتَ خَيْلَك دَاءَ الاسْتِقْرَارِ |
بِالأَمْسِ كَانُوا دَوْلَةً مَعْدُودَةً |
وَاليَوْمَ هُمْ خَبَرٌ مِنَ الأَخْبَارِ |
بِالأَمْسِ كَانُوا سَادَةً وَاليَوْمَ هُمْ |
بَعْضُ العَبِيدِ بِصُورَةِ الأَحْرَارِ |
بِالأَمْسِ يَمْلِك فِي الرِّقَابِ أَمِيرُهُمْ |
وَاليوْمَ يَمْلِكُ نَفْسَهُ بِفِرَارِ |
صَغُرُوا لَدِيْكَ فَلَمْ تَسِرْ لِقِتَالِهِمْ |
وَهُمُ الكِبَارُ رَمَيْتَهُمْ بِكِبَارِ |
وَمضَيْتَ تَمْلِكُ أَمِيرُهُمْ مِنْ قَبْلمَا |
شَبَّ النَّزَالُ وَآذَنُوا بِبَوَارِ |
تَجْرِي بِسَيِّدِ مِصْرَ فُلكٌ ضَمَّهَا |
فُلكٌ مِنَ الدَّأْمَاءِ غَيْرُ مُدَارِ |
سَيَّارَةٌ جُنْحَ الظَّلاَمِ مُنِيرَةٌ |
فِي الأُفقِ مِثْلَ الكوْكَبِ السَّيَّارِ |
أَوْ يَسْتَقِلُّ بِهِ مُغَيرٌ مُنْجِدٌ |
جَوَّابُ آفَاقٍ كَبَرْقٍ وَارِي |
تَتَقَذَّفَ النِّيرَانُ مِنْهُ كَأَنَّهُ |
أَسَدٌ مُثَارٌ فِي طِلاَبِةِ ثَارِ |
سِرْ كَيْفَ شِئْتَ لَكَ القُلُوبُ مَنَازِلٌ |
أَنَّى انْتَقَلْتَ فَمِصْرُ فِي الأَمْصَارِ |
واطْوِ المَغَارِبَ خَافِياً لَوْ أَنَّهَا |
تُخْفِي عُلاَكَ مَطَالِعُ الأَنْوَارِ |
وَتَلَقَّ فِي دَارِ الخِلاَفَةِ مُشْرِفاً |
مَا شِئْتَ مِنْ شَرَفٍ وَمِنْ إِكْبَارِ |
وَارْجِعْ إِلَى الدَّارِ الَّتِي أَوْحشْتَهَا |
عَوْدَ الرَّبِيعِ إِلَى رُبُوعِ الدَّارِ |
وَاهْنَأْ بِأَبْهَجِ مُلْتَقى مِنْ أُمَّةٍ |
تهْوَاك فِي الإِعْلاَنِ وَالإِسْرارِ |
حَلَّتْ سَرَائِرُهُمْ سَوَادَ عُيُونِهِمْ |
شَوْقاً إِليْكَ فَثِرْنَ فِي الأَبْصَارِ |
أَهْلاً بِرَبّ النِّيلِ وَالوَادِي بِمَا |
فِيهِ مِنَ الأَرْيَافِ وَالأَقْطَارِ |
بِالعَازِمِ العزمَاتِ وَهيَ صَوَادِقٌ |
وَمُعَاقِبِ الظُّلُمَاتِ بِالأَسْحَارِ |
بِالفاتِحِ البَانِي لِمِصْرَ مِنَ العُلَى |
صَرْحاً يُزَكِّي شَاهِدَ الآثَارِ |
وَمُعَقِّبِ الفَخْرِ التَّلِيدِ بِطَارِفٍ |
لَوْلاَهُ كَادَ يَكُونَ سُبَّةَ عَارِ |
فَخْرٌ تَحَوَّلَ مَهْدُهُ لَحْداً لَهُ |
زَمَناً وعادَ اليَوْم مَهْدَ فَخارِ |