عَاجَتْ أَصِيلاً بِالرِّيَاضِ تَطُوفُهَا |
كَمَلِيكَةٍ طَافَتْ مَعاهِدَ حُكْمِهَا |
حَسْنَاءُ أَمَّرَهَا الجَمَالُ فَأَنْشَأَتْ |
فِي أَيْكِهَا الأَطْيَارُ تَخْطبُ بِاسْمِهَا |
وَالحُسْنُ أَكْمَلُ مَا يَكُونُ شَبِيبَةٌ |
فِي بَدْئِهَا وَمَلاحَةٌ فِي تِمِّهَا |
سَتَرَتْ بِأَخْضَرَ سُنْدُسِي جِيدَهَا |
فَحَكَي المُحَيَّا وَردةً فِي كِمِّهَا |
وَتَمَايَلَتْ فِي ثَوْبِ خَزٍّ مُورِقٍ |
غُصْناً وَهَلِ لِلْغُصْنِ نَضْرَة جِسْمِهَا |
فَإِذَا جَاوَرتْ فِي سَيْرِهَا مِنْ زَهْرَةٍ |
هَمَّتْ بِأَخْذِ ذُيُولِهَا وَبِلَثْمِهَا |
أَوْ جَاوَرَتْ فَرْعاً رَطِيباً لَيِّناً |
أَلوَى بِمِعْطَفِهِ وَمَالَ لِضَمِّهَا |
وَتَحُفُّ أَبْصَارٌ بِهَا فَيَخِزْنَها |
بِحَيَائِهَا وَيَشُكْنِهَا فِي وَهمِهَا |
كَالنَّحْلِ طُفْنَ بِزَهْرَةٍ فَلَسَعْنَهَا |
وَرَشَفْنَ مِنْهَا مَا رَشَفْنَ بِرغْمِها |
حَتَّى إِذَا حَلَّى العَيَاءُ جَبِينُهَا |
بِنَدًى وَأَخْمَدَ جَمْرَةً مِنْ عَزْمِهَا |
جَلَسَتْ تُقَابِلُ أُمَّهَا وَكَأَنَّمَا |
كِلْتَاهُمَا جَلَسَتْ قُبَالَةَ رسْمِهَا |
لَكِنَّ عَاصِفَةً أَغَارَتْ فَجْأَةً |
بِالهُوجِ مِنْ لَدَدِ الرِّيَاحِ وَقُتْمهَا |
فَاهْتَزَّتِ الغَبْرَاءُ حَتَّى صَافَحَتْ |
عَذَبَاتِ سَرْحَتِهَا مَنَابِتُ نَجْمِهَا |
وَتَنَاثَرَتْ ضُفُرُ الفَتَاةِ غَمَائِماً |
سَتَرَتْ عَنِ الأَبْصَارِ طَلْعَةَ نَجْمِهَا |
فَتَحَيَّرَتْ فِيمَا تُحَاوِلُ وَهْيَ قَدْ |
أَعْيَتْ بِلا مِرْآتِهَا عَنْ نَظْمِهَا |
فَدَنَتْ تُحَاذِي أُمِّهَا وَتَنَاظَرَتْ |
بِعُيُونِهَا وَجَلَتْ سَحَابَةَ هَمِّهَا |
وَكَذَا الفَتَاةُ إِذَا ابْتَغَتْ مِرْآتَهَا |
فَتَعَذَّرَتْ نَظَرَتْ بِعَيْنَيْ أُمِّهَا |