عاجت أصيلا بالرياض تطوفها

خليل المطران

عَاجَتْ أَصِيلاً بِالرِّيَاضِ تَطُوفُهَا

كَمَلِيكَةٍ طَافَتْ مَعاهِدَ حُكْمِهَا

حَسْنَاءُ أَمَّرَهَا الجَمَالُ فَأَنْشَأَتْ

فِي أَيْكِهَا الأَطْيَارُ تَخْطبُ بِاسْمِهَا

وَالحُسْنُ أَكْمَلُ مَا يَكُونُ شَبِيبَةٌ

فِي بَدْئِهَا وَمَلاحَةٌ فِي تِمِّهَا

سَتَرَتْ بِأَخْضَرَ سُنْدُسِي جِيدَهَا

فَحَكَي المُحَيَّا وَردةً فِي كِمِّهَا

وَتَمَايَلَتْ فِي ثَوْبِ خَزٍّ مُورِقٍ

غُصْناً وَهَلِ لِلْغُصْنِ نَضْرَة جِسْمِهَا

فَإِذَا جَاوَرتْ فِي سَيْرِهَا مِنْ زَهْرَةٍ

هَمَّتْ بِأَخْذِ ذُيُولِهَا وَبِلَثْمِهَا

أَوْ جَاوَرَتْ فَرْعاً رَطِيباً لَيِّناً

أَلوَى بِمِعْطَفِهِ وَمَالَ لِضَمِّهَا

وَتَحُفُّ أَبْصَارٌ بِهَا فَيَخِزْنَها

بِحَيَائِهَا وَيَشُكْنِهَا فِي وَهمِهَا

كَالنَّحْلِ طُفْنَ بِزَهْرَةٍ فَلَسَعْنَهَا

وَرَشَفْنَ مِنْهَا مَا رَشَفْنَ بِرغْمِها

حَتَّى إِذَا حَلَّى العَيَاءُ جَبِينُهَا

بِنَدًى وَأَخْمَدَ جَمْرَةً مِنْ عَزْمِهَا

جَلَسَتْ تُقَابِلُ أُمَّهَا وَكَأَنَّمَا

كِلْتَاهُمَا جَلَسَتْ قُبَالَةَ رسْمِهَا

لَكِنَّ عَاصِفَةً أَغَارَتْ فَجْأَةً

بِالهُوجِ مِنْ لَدَدِ الرِّيَاحِ وَقُتْمهَا

فَاهْتَزَّتِ الغَبْرَاءُ حَتَّى صَافَحَتْ

عَذَبَاتِ سَرْحَتِهَا مَنَابِتُ نَجْمِهَا

وَتَنَاثَرَتْ ضُفُرُ الفَتَاةِ غَمَائِماً

سَتَرَتْ عَنِ الأَبْصَارِ طَلْعَةَ نَجْمِهَا

فَتَحَيَّرَتْ فِيمَا تُحَاوِلُ وَهْيَ قَدْ

أَعْيَتْ بِلا مِرْآتِهَا عَنْ نَظْمِهَا

فَدَنَتْ تُحَاذِي أُمِّهَا وَتَنَاظَرَتْ

بِعُيُونِهَا وَجَلَتْ سَحَابَةَ هَمِّهَا

وَكَذَا الفَتَاةُ إِذَا ابْتَغَتْ مِرْآتَهَا

فَتَعَذَّرَتْ نَظَرَتْ بِعَيْنَيْ أُمِّهَا