تِلْكَ الدُّجُنَّةُ آذَنَتْ بِجَلاَءِ |
وَبَدَا الصَّبَاحُ فَحَيِّ وَجْهَ ذُكَاءِ |
أَلعَدْلُ يَجْلُوهَا مُقِلاًّ عَرشَهَا |
وَالظُّلمُ يَعْثُرُ عَثْرَةَ الظَّلْمَاءِ |
يَا أَيُّهَا اليَومُ العَظِيمُ تَحِيَّةً |
فُكَّ الأَسَارَى بَعْدَ طُولِ عَناءِ |
أَوْشَكْتُ فيكَ وَقَدْ نَسَيتُ شَكِيَّتِي |
أَنْ أُوسِعَ الأَيَّامَ طِيبَ ثَنَاءِ |
حَسْبَي اعتِذَارُكَ عَن مَسَاءَةِ مَا مَضَى |
بِمَبَرَّةٍ مَوْفُورَةِ الآلاَءِ |
أَلشَّمْسُ يَزدَادُ ائتِلاقاً نُورُهَا |
بَعدَ اعْتَكارِ اللَّيْلَةِ اللَّيْلاَءِ |
ويُضَاعِفُ السَّرَّاءَ فِي إِقْبَالِهَا |
تَذْكَارُ مَا وَلَّى مِنَ الضَّرَّاءِ |
لاَ كَانَتِ الحِجَجُ الَّتِي كَابَدْتُهَا |
مِنْ بَدْءِ تِلكَ الغارةِ الشّعوَاءِ |
ألحزنُ حيثُ أبيتُ ملءُ جوانحي |
والنارُ مِلءُ جَوَانِبِ الغَبْرَاءِ |
دَامِي الْحُشَاشَةِ لَمْ أَخَلْنِي صَابِراً |
بَعْدَ الفِرَاقِ فَظَافِراً بِلِقَاءِ |
مُنْهَدُّ أَرْكَانِ العَزِيمَةِ لَمْ أَكدْ |
يَأْساً أُمَنِّي مُهْجَتِي بِشِفاءِ |
حجَج بَلَوْتُ المَوْتَ حِينَ بَلَوْتُهَا |
مُتَعَرِّضاً لِي فِي صُنُوفِ شَقَاءِ |
لَكِنَّهَا وَالْحَمْدُ لِلهِ انقْضَتْ |
وَتَكَشَّفَتْ كَتكشفِ الغَمَّاءِ |
وَغَدَا الْخَلِيلُ مُهَنِّئاً وَمُهَنَّأً |
بَعْدَ الأَسَى وتَعَذُّرِ التَّأْسَاءِ |
جَذْلاَنَ كَالطِّفْلِ السَّعِيد بِعِيدِهِ |
مُسْتَرْسِلاً فِي اللَّفْظِ وَالإِيمَاءِ |
يَقْضِي وَذلِكَ نَذْرُهُ فِي يَوْمِهِ |
حَاجَاتِ سَائِلِهِ بِلاَ إِبْطَاءِ |
مَا كَانَ أَجْوَدَهُ عَلَى بُشَرَائِهِ |
بِثَرَائِهِ لَوْ كَانَ رَبَّ ثَرَاءِ |
عَادَ الْحَبِيبُ الْمُفْتَدَى مِنْ غُرْبَةٍ |
أَعْلَتْ مَكَانَتَهُ عَنِ الْجَوْزَاءِ |
إِنَّ الأَدِيبَ وَقَدْ سَمَا بِبَلاَئِهِ |
غيْرُ الأَدِيبِ وَلَيْسَ رَبَّ بَلاَءِ |
فِي بَرْشَلُونَةَ نَازِحٌ عَنْ قَوْمِهِ |
وَدِيَارِهِ وَالأَهْلِ وَالقُرْبَاءِ |
نَاءٍ وَلَوْ أَغْنَتْ مِنَ المُقَلِ النُّهى |
مَا كَانَ عَنْهُمْ لَحْظَةً بِالنَّائِي |
بالأَمْسِ فِيهِ العَينُ تَحسُدُ قَلْبَهَا |
وَاليَومَ يَلتَقِيَانِ فِي نَعْمَاءِ |
أَهلاً بِنَابِغَةِ البِلاَدِ وَمَرْحَباً |
بِالعَبْقَرِيِّ الفَاقِدِ النُّظَرَاءِ |
شَوقِي أَمِيرِ بِيانِهَا شَوقِي فَتَى |
فِتيانِهَا فِي الوَقْفَةِ النَّكْرَاءِ |
شَوقِي وَهَلْ بَعْدَ اسمِهِ شَرَفٌ إِذَا |
شَرُفَتْ رِجَالُ النُّبْلِ بِالأَسْمَاءِ |
وَافَى وَمَنْ لِلفَاتِحينَ بِمِثلِ مَا |
لاَقَى مِنَ الإِعْظَام وَالإِعْلاَءِ |
مِصْرٌ تُحَيِّيهِ بِدَمعٍ دَافِقٍ |
فَرَحاً وَأَحْدَاقٍ إِلَيْهِ ظِمَاءِ |
مِصْرٌ تُحَيِّيهِ بِقَلْبٍ وَاحِدٍ |
مُوفٍ هَواهُ بِهِ عَلَى الأَهْوَاءِ |
جَذْلَى بعَوْدِ ذَكِيِّهَا وَسَرِيِّهَا |
جَذْلَى بِعَوْدِ كَمِيِّهَا الأَبَاءِ |
حَامِي حَقِيقَتَهَا وَمُعْلِي صَوتَهَا |
أَيَّامَ كَانَ الصَّوتُ لِلأَعْدَاءِ |
أَلمُنْشِيءِ اللَّبِقِ الحَفِيلِ نَظيمُهُ |
وَنَثِيرُهُ بِرَوَائِعِ الأَبْدَاءِ |
أَلْبَالِغِ الخَطَرَ الَّذِي لَمْ يَعْلُهُ |
خَطَرٌ بِلاَ زَهْوٍ وَلاَ خُيَلاَءِ |
أَلصَّادِقِ السَّمْحِ السَّريرَةِ حَيْثُ لاَ |
تَعْدُو الرِّيَاءَ مَظَاهِرُ السُّمَحَاءِ |
أَلرَّاحِمِ المِسْكِينَ وَالْمَلْهُوفَ وَالْ |
مَظْلُومَ حِينَ تَعَذُّرِ الرُّحَمَاءِ |
عِلْماً بِأَنَّ الأَقْوِيَاءَ لِيَوْمِهِمْ |
هُمْ فِي غَدَاةِ غَدٍ مِن الضُّعَفَاءِ |
أَلطَّيِّبِ النَّفَّسِ الكَريمِ بِمَالِهِ |
فِي ضِنَّةٍ مِنْ أَنْفُسِ الكُرَمَاءِ |
أَلكَاظِمِ الغَيْظَ الْغَفُورَ تَفَضُّلاً |
وَتَطَوُّلاً لِجِهَالَةِ الْجُهَلاَءِ |
جِدِّ الْوَفِيِّ لِصَحْبِهِ وَلأَهْلِهِ |
وَلِقَوْمِهِ إِنْ عَزَّ جِدُّ وَفَاءِ |
أَلمفْتَدِي الْوَطَنَ الْعزِيزَ بِرُوحِهِ |
هَلْ يَرْتَقِي وَطَنٌ بِغَيْرِ فِدَاءِ |
مُتَصَدِّياً لِلْقُدْوَةِ المُثْلَىَ وَمَا |
زَالَ السَّرَاةُ مَنَائِرَ الدَّهْنَاءِ |
هَذِي ضُرُوبٌ مِنْ فَضَائِلِهِ الَّتِي |
رَفَعَتْهُ فَوْقَ مَنَازِلِ الأُمَرَاءِ |
جَمَعَتْ حَوَالَيْهِ القُلُوبَ وَأَطْلَقَتْ |
بَعْدَ اعْتِقَالٍ أَلْسُنَ الْفُصَحَاءِ |
مَا كَانَ لِلإِطْراءِ ذِكْرَى بَعْضَهَا |
وَهْيَ الَّتِي تَسْمُو عَنِ الإِطْرَاءِ |
قُلتُ اليَسِيرَ مِنَ الكَثِيرِ وَلَمْ أَزِدْ |
شَيْئاً وَكَمْ فِي النَّفْسِ مِنْ أَشْيَاءِ |
أَرْعَى اتِّضَاعَ أَخِي فَأُوجِزُ وَالَّذِي |
يُرْضِي تَوَاضُعَهُ يَسُوءُ إِخائِي |
إِنَّ البِلاَدَ أَبا عَلِيٍّ كَابَدَتْ |
وَجْداً عَلَيْكَ حَرَارَةَ البُرَحَاءِ |
وَزَكَا إِلَى مَحبُوبِهَا تَحْنَانُهَا |
بِتَبَغُّضِ الأَحْدَاثِ وَالأَرْزَاءِ |
لاَ بِدْعَ فِي إِبْدَائِهَا لَكَ حُبَّهَا |
بِنِهَايَةِ الإِبَدَاعِ فِي الإِبْدَاءِ |
فَالْمُنْجِبَاتُ مِنَ الدِّيَارِ بِطَبْعِهَا |
أحَنَى عَلَى أَبْنَائِهَا العُظَمَاءِ |
أَلقُطْرُ مُهْتَزُّ الجَوانِبِ غِبْطَةً |
فِيمَا دَنَا وَنَأَى مِنَ الأَرْجَاءِ |
رَوِيَ العِطَاشُ إِلى اللِّقَاءِ وَأَصبَحُوا |
بَعْدَ الجَوَى فِي بَهْجَةٍ وَصَفَاءِ |
وَبِجَانِبِ الفُسْطَاطِ حَيٌّ مُوْحِشٌ |
هُوَ مَوْطِنُ المَوْتَى مِنَ الأَحْيَاءِ |
فِيهِ فُؤادٌ لَم يَقَرَّ عَلَى الرَّدَى |
لأَبَرِّ أُمٍّ عُوجِلَتْ بِقَضَاءِ |
لاَحَ الرَّجَاءُ لَهَا بِأَنْ تَلْقَى ابنَهَا |
وَقَضَتْ فَجَاءَ اليَأْسُ حِينَ رَجَاءِ |
أَوْدَى بِهَا فَرْطُ السَّعَادَةِ عِنْدَمَا |
شَامَتْ لِطَلْعَتِهِ بَشِيرَ ضِيَاءِ |
لَكِنَّمَا عَوْدُ الْحَبِيبِ وَعِيدُهُ |
رَدَّا إِلَيهَا الْحسَّ مِنْ إِغْفَاءِ |
فَفُؤادُهُا يَقِظٌ لَهُ فَرَحٌ بِهِ |
وَبِفَرْقَدَيْهِ مِنْ أَبَرِّ سَمَاءِ |
يَرْعَى خُطَى حُفَدَائِهَا وَيُعِيذُهُمْ |
فِي كُلِّ نُقْلَةِ خُطْوَةٍ بِدُعَاءِ |
فِي رَحْمَةِ الرِّحْمَنِ قَرِّي وَاشْهَدِي |
تَمْجِيدَ أَحْمَدَ فَهْوَ خَيْرُ عَزَاءِ |
وَلأُمِّهِ الكُبْرَى وَأُمِّكَ قَبْلَهُ |
خَلِّي وَلِيدَكِ وَارْقدِي بِهَنَاءِ |
مصْرُ بشَوْقِي قَدْ أُقِرَّ مَكَانُهَا |
فِي الذُّرْوَةِ الأَدَبِيَّةِ الْعَصْمَاءِ |
هُوَ أَوْحَدُ الشَّرقَيْنِ مِنْ مُتَقَارِبٍ |
مُتَكَلِّمٍ بِالضَّادِ أَوْ مُتَنَائِي |
مَا زَالَ خَلاَّقاً لِكُلِّ خَرِيدَة |
تُصْبِي الْحَلِيمَ بِرَوْعَةٍ وَبَهَاءِ |
كَالبَحْرِ يُهْدِي كُلَّ يَوْمٍ دُرَّةَ |
أَزْهَى سَنىً مِنْ أُخْتِهَا الْحَسْنَاءِ |
قُلْ لِلْمُشَبِّهِ إِنْ يُشَبِّهْ أَحْمَداً |
يَوْماً بَمَعْدُودٍ مِنَ الأُدَبَاءِ |
مَنْ جَال مِن أَهلِ اليَرَاعِ مَجالَهُ |
فِي كُلِّ مِضْمارٍ مِنَ الإِنْشَاءِ |
مَنْ صَالَ فِي فَلَكِ الخَيَالِ مَصَالَهُ |
فَأَتَي بِكُلِّ سَبِيَّةٍ عَذْرَاءِ |
أَصَحِبْتَهُ وَالنجْمُ نُصْبَ عُيُونِهِ |
وَالشَّأْوُ أَوْجَ القُبَّةِ الزَّرْقَاءِ |
إِذا بَاتَ يَسْتَوحِي فَأَوْغَلَ صَاعِداً |
حَتَّى أَلمَّ بِمَصْدَرِ الإِيحَاءِ |
أَقَرَأْتَ فِي الطَّيَرَانِ آيَاتٍ لَهُ |
يَجْدُرْنَ بِالتَّرتِيلِ وَالإِقْرَاءِ |
فَرَأَيتَ أَبدَعَ مَا يُرَى مِنْ مَنْظَرٍ |
عَالٍ وَلَمْ تَرْكَبْ مَطِيَّ هَوَاءِ |
وَشَهِدتَ إِفشاءَ الطَّبيعَةِ سِرَّهَا |
لِلعَقلِ بَعدَ الضَّنِّ بِالإِفْشَاءِ |
أَشَفَيْتَ قَلْبَكَ مِن مَحَاسِنِ فَنِّهِ |
فِي شُكْرِ مَا لِلنِّيلِ مِنْ آلاَءِ |
يَا حُسْنَهُ شَكراً مِنِ ابنٍ مُخِلصٍ |
لأَبٍ هُوَ المَفْدِيُّ بِالآبَاءِ |
أَغْلَى عَلَى مَاءِ الَّلآلِيءِ صَافياً |
مَا فَاضَ ثَمَّةَ مِنْ مَشُوبِ المَاءِ |
أَتَهَادَتِ الأَهْرَامُ وَهْيَ طَرُوبَةٌ |
لِمَديحِهِ تَهْتَزُّ كَالأَفْيَاءِ |
فَعَذَرْتُ خَفَّتَهَا لِشِعْرٍ زَادَهَا |
بِجَمَالِهِ البَاقِي جَمالَ بَقَاءِ |
أَنَظَرْتَ كَيْفَ حَبَا الْهَيَاكِلَ وَالدُّمَى |
بِحُلىً تُقَلِّدُهَا لِغَيْرِ فَنَاءِ |
فكَأَنَّها بُعِثَتْ بِهِ أَرْوَاحُهَا |
وَنَجَتْ بِقُوَّتِه مِنَ الإِقْوَاءِ |
أَتَمَثَّلَتْ لَكَ مِصْرُ فِي تَصْوِيرهِ |
بِضَفَافِهَا وَجِنَانِهَا الْفيْحَاءِ |
وَبَدَا لِوَهْمِكَ مِنْ حُلِيِّ نَبَاتِهَا |
أَثَرٌ بِوَشْيِ بَيَانِهِ مُتَرَائِي |
أَسَمِعْتَ شَدْوَ الْبُلْبُلِ الصَّدَّاحِ فِي |
أَيْكَاتِهَا وَمَنَاحَةَ الَوَرْقَاءِ |
فَعَجِبْتَ أَنَّي صَاغَ مِنْ تِلْكَ اللُّغَى |
كَلِمَاتِ إِنْشَادٍ وَلَفْظَ غِنَاءِ |
للهِ يَا شَوْقِي بَدَائِعُكَ الَّتِي |
لَوْ عُدِّدَتْ أَرْبَتْ عَلَى الإِحْصَاءِ |
مَنْ قَالَ قَبْلَكَ فِي رِثَاءٍ نِقْسُهُ |
يَجْرِي دَماً مَا قُلْتَ فِي الْحَمْرَاءِ |
فِي أَرضِ أَنْدُلُسٍ وَفِي تَارِيخِهَا |
وَغَرِيبِ مَا تُوحِي إِلى الغُرَبَاءِ |
جَارَيْتَ نَفْسَكَ مُبْدِعاً فِيهَا وَفِي |
آثَارِ مِصْرَ فَظَلْتَ أَوْصَفَ رَائِي |
وَبَلَغْتَ شَأْوَ الْبُحْتُرِيِّ فَصَاحَةً |
وَشَأَوْتَهُ مَعْنىً وَجَزْلَ أَدَاءِ |
بَلْ كُنْتَ أَبْلَغَ إِذْ تَعَارِضُ وَصْفَهُ |
وَتَفُوقُ بِالتَّمْثِيلِ وَالإِحْيَاءِ |
يَا عِبْرَةَ الدُّنْيَا كَفَانا مَا مَضَى |
مِنْ شأْنِ أَنْدُلُسٍ مَدىً لِبُكَاءِ |
مَا كَان ذَنْبُ الْعُربِ مَا فَعَلُوا بِهَا |
حَتَّى جَلَوْا عَنْهَا أَمَرَّ جَلاَءِ |
خَرَجُوا وَهُمْ خُرْسُ الْخُطَى أَكْبَادُهُمْ |
حَرَّى عَلَى غَرْنَاطَةَ الْغَنَّاءِ |
أَلْفُلْكُ وَهْيَ الْعَرْشُ أَمْسِ لِمَجْدِهِمْ |
حَمَلَتْ جَنَازَتَهُ عَلَى الدَّأْمَاءِ |
أَوْجَزْتَ حِينَ بَلَغْتَ ذِكْرَى غِبِّهِمْ |
إِيجَازَ لاَ عِيٍّ وَلاَ إِعْيَاءِ |
بَعْضُ السُّكُوتِ يَفُوقُ كُلَّ بَلاَغةٍ |
فِي أَنْفُسِ الفَهِمِينَ وَالأُرَبَاءِ |
وَمِنَ التَّنَاهِي فِي الْفَصَاحَةِ تَرْكُهَا |
وَالْوَقْتُ وَقْتُ الخُطْبَةِ الْخَرْسَاءِ |
قَدْ سُقْتَهَا لِلشَّرْقِ دَرْساً حَافِلاً |
بِمَوَاعِظِ الأَمْوَاتِ لِلأحْيَاءِ |
هَلْ تُصْلِحُ الأَقْوَامَ إِلاَّ مُثْلَةٌ |
فَدَحَتْ كَتِلْكَ المُثْلَةِ الشَّنْعَاءِ |
يَا بُلْبُلَ الْبَلَدِ الأَمِينِ وَمُؤنِسَ الْ |
لَيْلِ الْحَزِينِ بِمُطْرِبِ الأَصْدَاءِ |
غَبرَتْ وَقَائِعُ لَمْ تَكُنْ مُسْتَنْشَداً |
فِيهَا وَلاَ اسْمُكَ مَالِيءَ الأَنْبَاءِ |
لَكِنْ بِوَحْيِكَ فَاهَ كُلُّ مُفَوَّهٍ |
وَبِرَأْيِكَ اسْتَهْدَى أُولُو الآرَاءِ |
هِيَ أُمَّةٌ أَلْقَيْتَ فِي تَوحِيدَهَا |
أُسًّا فَقَامَ عَلْيِه خَيْرُ بِنَاءِ |
وَبَذَرْتَ فِي أَخلاَقِهَا وَخِلاَلِهَا |
أَزْكَى البُذُورِ فَآذَنَتْ بِنَمَاءِ |
أَمَّا الرِّفَاقُ فَمَا عَهِدْتِ وَلاَؤُهُمْ |
بَلْ زَادَهُمْ مَا سَاءَ حُسنَ وَلاَءِ |
وشَبَابُ مِصْرَ يَروَنَ مِنْكَ لَهُمْ أَباً |
ويَرَوْنَ مِنْكَ بِمَنزِلِ الأَبنَاءِ |
مِنْ قَوْلِكَ الحُرِّ الجَرِيءِ تَعَلَّمُوا |
نَبَرَاتِ تِلْكَ العِزَّةِ القَعْسَاءِ |
لا فَضلَ إِلاَّ فَضلُهُم فِيمَا انْتَهَي |
أَمُر البِلاَدِ بَعْدَ عَنَاءِ |
كانوا هُمُو الأشْيَاخَ وَالفِتْيَانَ وَال |
قُوَّادَ وَالأَجْنَادَ فِي البَأْساءِ |
لَمْ يَثْنِهِم يَومَ الذِّيَادِ عَنِ الحِمَى |
ضَنٌّ بِأَموَالٍ وَلاَ بِدِمَاءِ |
أَبطَالُ تَفْدِيَةٍ لَقُوا جُهْدَ الأَذَى |
فِي الحَقِّ وَامْتَنَعُوا مِنَ الإِيذَاءِ |
سَلِمَتْ مَشيِئَتُهُم وَمَا فِيهمْ سِوَى |
مُتَقَطِّعِي الأَوصَالِ وَالأَعضَاءِ |
إِنَّ العَقِيدَةَ شِيمَةٌ عُلْوِيَّةٌ |
تَصفُو عَلَى الأَكْدَارِ وَالأَقْذَاءِ |
تَجْنِي مَفَاخِرَ مِن إِهَانَاتِ العِدَى |
وَتُصِيبُ إِعزازاً مِنَ الإِزرَاءِ |
بكْرٌ بِأَوجِ الحُسْنِ أَغَلى مَهْرَهَا |
شَرَفٌ فَلَيْس غَلاَؤُهُ بِغَلاَءِ |
أَيُضَنُّ عَنْهَا بِالنَّفِيسِ وَدُونَها |
يَهَبُ الحُمَاةُ نُفُوسَهُمْ بِسَخاءِ |
تِلْكَ القَوَافِي الشَّارِدَاتُ وَهذِهِ |
آثَارُهَا فِي أَنفُسِ القُرَّاءِ |
شَوْقِي إِخَالُكَ لَمْ تَقُلْهَا لاَهِياً |
بِالنَّظمِ أَوْ مُتَبَاهِياً بِذَكَاءِ |
حُبُّ الحِمَى أَمْلَى عَلَيْكَ ضُرُوبَهَا |
متَأَنِّقاً مَا شَاءَ فِي الإِملاَءِ |
أَعْظِمْ بِآياتِ الهَوَى إِذْ يَرْتَقِي |
مُتجَرِّداً كَالجَوهَرِ الوضَّاءِ |
فَيُطَهِّرُ الوِجْدَانَ مِنْ أَدْرَانِهِ |
وَيَزِينُهُ بِسَواطِعِ الأًضوَاءِ |
وَيُعِيدُ وَجْهَ الغَيْبِ غَيْرَ مُحَجَّبٍ |
وَيَرَدُّ خَافِيةً بِغَيرِ خَفَاءِ |
أَرْسَلْتَها كَلِماً بَعِيدَاتِ المَدَى |
تَرْمِي مَرَامِيَهَا بِلاَ إِخْطَاءِ |
بيْنَا بَدَتْ وَهْيَ الرُّجُومُ إِذ اغْتَدَتْ |
وَهْيَ النُّجُومُ خَوَالِدَ اللَّأْلاَءِ |
مَلأَتْ قُلُوبَ الْهائِبِينَ شَجَاعَةً |
وَهَدَتْ بَصائِرَ خَابِطِي العَشْوَاءِ |
مِنْ ذلِكَ الرُّوحِ الكَبِيرِ وَمَا بِهِ |
يَزدَانُ نَظْمُكَ مِن سَنىً وَسَنَاءِ |
أَعْدِدْ لِقَوْمِكَ وَالزَّمَانُ مُهَادِنٌ |
مَا يَرتَقُونَ بِهِ ذُرَى العَليَاءِ |
أَلْيَوْمَ يَوْمُكَ إِنَّ مِصرَ تَقَدَّمَتْ |
لِمَآلِهَا بِكَرَامَةٍ وَإبَاءِ |
فَصغِ الحُليَّ لَهَا وَتَوِّجْ رَأْسَهَا |
إِذْ تَسْتَقِلُّ بِأَنْجُمٍ زَهْرَاءِ |