هَانَتْ مَعَالِمُ مَاتَ سَيِّدُهَا |
وَوَهَتْ دَعَائِمُ مَادَ أَيِّدُهَا |
وَرَحَّبَتْ سَمَاءٌ كَانَ فَرْقَدُهَا |
مِلْءَ العُيُونِ فَبَانَ فَرْقَدُهَا |
وَيْحُ المَنِيَّةِ أَيُّ مُعْتَصِمٍ |
مَدَّت إِلَى عَلْيَائِهِ يَدُهَا |
فِي مِصْرَ أَنَّاتٌ مُصَعَّدَةٌ |
لُبْنَانُ مِنْ أَسَفٍ يُرَدِّدُهَا |
أَمُؤَلِّفِ الشَّرِكَاتِ مُقْتَحِماً |
غَمَرَاتِهَا إِذْ عَزَّ مُوجِدُهَا |
وَمُهَنْدِسُ الأَمْصَارِ تَحْكُمُهَا |
أُسُساً وَلا تُوَطِّدُهَا |
وَمَعَالِجُ الأَرْضَيْنِ تُصْلِحُهَا |
مِنْ حَيْثُ كَانَ الجَهْلُ يُفْسِدُهَا |
لِلْمَالِ فِيهَا كُلُّ عَائِدَةٍ |
تَزْكُو وَلِلأَوْطَانِ أَعْوَدُهَا |
تِلْكَ الحَدَائِقُ رَاعَ مَنْظَرُهَا |
لِلآهِلينَ وَرَاقَ مَوْرِدُهَا |
تِلْكَ المَرَافِقُ فِي تَعَدُّدِهَا |
يَخْتَالُ عُجْباً مَنْ يُعَدِّدُهَا |
يَا لِلأَسَى أَقْضَى مِصْرَ مِنْهَا |
بِذَكَائِهِ وَتَوَى مُشَيِّدُهَا |
ذَاكَ الَّذِي وَرَدَ الرَّدَى نَصِفاً |
وَلَهُ مِنَ الآثَارِ أَخْلَدُهَا |
كَانَتْ تُيَمِّمُ بَابَهُ زُمَرٌ |
مَا اسْطَاعَ يُسْعِفُهَا وَيُسْعِدُهَا |
يَهِبُ الهِبَاتِ لِغَيْرِ مَا عِلَلٍ |
فَيَزِيدُهَا بِرّاً تَجَرُّدُهَا |
وَيَكَادُ يُنْقَضُ فَضْلُ بَاذِلِهَا |
فِي غِبْنِ نَائِلهَا تَعَوَّدَهَا |
شَأْنُ النُّفُوسِ وَقَدْ تَنَزَّهَ عَنْ |
إِحْرَازِ شُكْرٍ النَّاسِ مَقْصَدُهَا |
خَلُصَتْ لِوَجْهِ الخَيْرِ نِيَّتُهَا |
فَزَكَا مِنَ الذِّكْرَى تَزَوُّدِهَا |
يَا رَاحِلاً رُزْءُ القُلوبِ بِهِ |
لَمْ يَنْتَقِصْ مِنْهُ تَعَدُّدُهَا |
مَا النَّارُ فِي حَطَبٍ تَضَرُّمِهَا |
كَالنَّارِ فِي كَبِدٍ تَوَقُّدِهَا |
هَلْ رُحْتَ تَسْتَبِقُ المَرَاحِلَ فِي |
دُنْيَاكَ حَتَّى حَانَ أَبْعَدُهَا |
لَكَأَنَّ مَشْهَدَكَ المَهِيبُ وَقَدْ |
مَشَتِ المَحَامِدُ فِيهِ مَشْهَدَهَا |
تَبْكِي الشَّمَائِلُ أُنْسَ مُوحِشِهَا |
وَمَكَارِمُ الأَخْلاقِ تُسْعِدُهَا |
كَانَ المِضَنَّةَ لِلنُّفُوسِ فَلَمْ |
يَشْفَعْ بِهِ أَنْ ضَنَّ أَجْوَدُهَا |
مَادَتْ بِهَا شُمُّ الصُّرُوحِ فَهَلْ |
شَعَرَتْ بِحَدْثَانٍ يُهَدِّدُهَا |
كَيْفَ الثَّبَاتُ وَكَانَ أَرْسَخَ مِنْ |
طَوْدٍ فَلَمْ يَثْبُتْ مُشَيِّدُهَا |
تَبْكِي المُرُوءةُ أَنَّ نَاصِرَهَا |
وَلَّى وَأَقْوَى مِنْهُ مَعْهَدُهَا |
تَوَتِ العَزَائِمُ غَيْرَ أَنَّ لَهَا |
بَيْنَ الوَرَى سِيَراً تُخَلِّدُهَا |
وَلَهَا ذَخائِرُ فِي الحَيَاةِ وَفِي |
مَا بَعْدُ يَبْلِي الدَّهْرَ سَرْمَدُهَا |
قَدْ كَانَ يُنْشِيءُ كُلَّ مَنْقَبَةٍ |
يُدْعَى إِلَيْهَا أَوْ يُجَدِّدُهَا |
صَرَّفْتَ عَقْلَكَ فِي الفُنُونِ فَلَمْ |
يَفْلُتْهُ أَجْدَاهَا وَأَجْوَدُهَا |
وَشَرَعْتَ فِي الأَعْمَالِ تُحْكِمُهَا |
أُسُساً وَلا تَأْلُو تُوَطِّدُهَا |
اللهُ فِي أُمٍّ تُقِيمُ عَلَى |
مَا نَابَهَا وَيَزُولُ أَوْحَدُهَا |
وَحَلِيلَةٌ فَقَدَتْ مُدَلَّهَةً |
مَنْ كَانَ بَعْدَ اللهِ يَعْبُدُهَا |
وَشَقِيقَةٌ شَقَّتْ مَرَارَتَهَا |
مِنْ حُزْنِهَا إِذْ بَانَ مُنْجِدُهَا |
وَعَشِيرَةٌ أَدْمَى مَآقِيَهَا |
بِنَوَاهُ أَسْرَاهَا وَأَمْجَدَهَا |
هِيَ أُسْرَةٌ كَشَفَتْ مَقَاتِلَهَا |
لِلدَّهْرِ لَمَّا صِيدَ أَصْيَدُهَا |
تَرْجُو ابْنَهُ لِمَفَاخِرَ وَعُلَى |
فِي إِثْرِ وَالدِهِ يُجَدِّدُهَا |