ذكْراكَ بِالإِكْبَارِ وَ الإِعْجَابِ |
تَبْقَى مُجَدّدَةً عَلَى الأَحْقَابِ |
عَامٌ تَقَضَّى مُذْ نَأَيْتَ وَلَمْ يَزَلْ |
بِعُيونِ مِصْرَ سَنَى الشِّهَابِ الكَابي |
عَامٌ بِهِ كَرُّ الزَّمَانِ وَفَرُّهُ |
جَازَ الحِسَابَ وَلَمْ يَكُنْ بِحِسَابِ |
فَإِذَا الَّذِي عَمَرَ اليَقِينُ فُؤَادَهُ |
فِي حَيْرَةِ المُتَرَدِّدِ المُرْتَابِ |
أَلْقَى حَوَاصِبَهُ عَلى الدُّنْيَا فَمَا |
بَلَدٌ نَجَا مِنْ حَاصِبٍ مُنْتَابِ |
طَيْرٌ أَبَابِيلٌ حِجَارَتُهَا اللَّظَى |
تَدَعُ القُرَى فِي وَحْشَةٍ وَتَبَابَ |
وَتُعَاقِبُ العُزْلَ الضِّعَافَ وَمَا جَنَوا |
بِصَوَاعِقٍ لَيْسَتْ بَنَاتِ سَحَابِ |
فَالأَرْضُ رَاوِيَةُ الثَّرَى بِدمٍ جَرَى |
والدَّمْعُ مَمْزُوجٌ بِكُلِّ شَرَابِ |
هَلْ هَذِهِ المَثُلاتُ وَهْيَ رَوَائِعٌ |
فِيْهَا لَنَا عِظَةٌ وَفَصْلُ خِطَابِ |
مَاذَا نُعِدُّ لِذَوْدِهَا عَنْ حَوْضِنَا |
يَكْفِي الدِّعَابُ لاتَ حينَ دِعَابِ |
فَلْيَسْأَلِ الأَحيَاءُ مَوْتَاهُمْ فَقَدْ |
تَهْدِي فَضَائِلُهُمْ أُوْلِي الأَلْبَابِ |
اليَوْمَ تَخْلُو مِصْرُ للذِّكْرى وَكَمْ |
ذِكْرَى تُنَفٍُِّ مِنْ كُرُوبِ مُصَابِ |
فَتُعِيدُ سِيرَةَ ذلِكَ القُطْبِ الَّذِي |
بِجَلالِهِ هُوَ قُدْوَةُ الأَقْطَابِ |
حَمَلَ الأَمَانَةَ وَهْيَ جِدُّ ثَقِيلَةٍ |
وََعِتَابُ مُودِعِهَا أَشَدُّ عِتَابِ |
وَمِنَ الأَمَانَةِ مَا يُنَاءُ بِعِبْئِهِ |
وَيَزِيدُ حَزْمَ الشَّيْخِ عَزْمَ شَبَابِ |
أَيُّ الرِّجَالِ سِوَى ابْنِ بَجْدَتِهَا لَهَا |
وَسبيلُهَا مَحْفُوفَةٌ بِعِقَابِ |
لَبَّى مُحَمَّدُ إذْ دَعَتْهُ بِلاَدُهُ |
طَوْعاً لِحُكْمِ وَفَائِهِ الغَلاَّبِ |
وَرِيَاسَةُ الوُزَرَاءِ هَلْ تَحْلُو وَمَا |
مَنْ سُؤْرِهَا فِي الكَأْسِ غَيْرُ الصَّابِ |
كَانَتْ وَكُلُّ الأَمْرِ مُسْتَعْصٍ بِهَا |
وَالسَّيْرُ بَيْنَ مَخَارِمٍ وَشِعَابِ |
فَنَضَا لَهَا الرأْيَ النَّزِيْهَ عَنْ الهَوَى |
وَمَضَى بَيْنَ يَدَيْهِ نُورُ صَوَابِ |
مُسْتَكْمِلُ الأَخْلاَقِ للعَلْيَاءِ فِي |
دَرَجَاتِهَا مُسْتَكْمِلُ الآدَابِ |
يَقِظٌ لِكُلِّ جَلِيلَةٍ وَدَقِيقَةٍ |
حَذِرٌ وَلَكِنْ لَيْسَ بِالهَيَّابِ |
ومُجَامِلٌ يَرْعَى بِمَا فِيهِ الرِّضَى |
كُلاً عَلى قَدَرٍ وَلَيسَ يُحَابِي |
فِي أَيِّ وَقْتٍ لَمْ يَطُلْ وَكَأَنَّهُ |
عُمْرٌ طَوِيلُ الهَمِّ وَالأَوْصَابِ |
وَهَبَ المُحِبُّ قُوَاهُ وَهْي مُضَنَّةٌ |
لِلّهِ دَرُّ الحُبِّ مِْ وَهَّابِ |
لِرِخَاءِ أُمَّتِهِ وَعِزَّةِ جَيْشِهَا |
لَمْ يَدَّخِرْ سَبَباً مِنَ الأَسْبَابِ |
فَإِذا المَعَاضِلُ وَاجِدَاتُ حُلولَهَا |
وَإِذَا المَضَايِقُ وَاسِعَاتُ رِحَابِ |
وَإِذَا الْحَيَاةُ تَعُودُ ذَاتَ بَشَاشَةٍ |
وَالبُؤْسُ يَنْظُرُ كَاشِرَ الأَنْيَابِ |
يَا مَنْ نَأَى عَنْ مِصْرَ فَاجْتَمَعَتْ عَلَى |
ثُكْلٍ وَمَا فِي الثُّكْلِ مِنْ أَحْزَابِ |
مِنْ بَدْءِ عَهْدِكَ مَا فَتِئْتَ مُكَافِحاً |
تَطَأُ الصِّعَابَ بِعزْمِكَ الوَثَّابِ |
وَعَلَى التَّنَوُّعِ فِي اتِّجَاهِكَ لَمْ تَرِمْ |
مَسْعَاكَ مُتَّصِلٌ وَشَأْنُكَ رَابِ |
تَبْكِي المَكَارِمُ أَرْيَحِيَّتَكَ الَّتِي |
كَانَتْ تُحَقِّقُ أَنْبَلَ الآرَابِ |
تَبْكِي مَبَاني البِرَّ أَسْمَحَ مَنْ بنَي |
لِلْبِرِّ وَالحَاجَاتُ جِدُّ رِغَابِ |
تَبْكِي صُرُوحُ العِلْمِ خَيْرَ مُوَطِّيءٍ |
أَكْنَافَهَا لِمَطَالِبِ الطُّلاّبِ |
يَأْسَى البَيَانُ وَأَيُّ خَطْبٍ خَطْبُهُ |
في أبْرَعِ الخُطَبَاءِ وَالكُتَّابِ |
تَأْسى النِّيَابَةُ أَنْ تَبِينَ وَكُنْتَ مِنْ |
حُصَفَائِهَا وَثِقَاتِهَا الصُّيَّابِ |
تأْسَى الرِّيَاسَةُ أَنْ تُزَايِلَهَا وَلَمْ |
تَتَقَضَّ حَاجَتُهَا لِغَيْرِ إِيَابِ |
أَنْجَزْتَ فِي الدُّنْيَا كِتَابَكَ مُعْجَلاً |
وَحَمَلْتَ لِلْعُلْيَا أَبَرَّ كِتَابِ |
فَأَصَبْتَ فِي الأُولى أَعزَّ كَرَامَةٍ |
وأَصَبْتَ في الأُخرى أَجَلَّ ثَوَابِ |