هَلْ كَانَ حِينَ قُتِلْتَ سَلْبُ السَّالِبِ |
أَقْسَى الرَّدَى أَمْ كَانَ ثَلْبُ الثَّالِبِ |
خُتِمَتْ بِمَوْتِكَ نَكْبَةٌ وَتَواَصَلَتْ |
أُخْرَى وَرَاءَ الْمَوْتِ ذَاتَ غَرَائِبِ |
الحَوْلُ بَعْدَ الْحَوْلِ مَرَّ وَلِلرَدَى |
حَوْلَيْكَ تَرْدِيدِ الصَّدَى المُتَجَاوِبِ |
لَوْلاَ تَنَزَّلَتِ البَرَاءَةُ مِنْ عَلٍ |
مَا رَدَّ عَنْكَ القَبْرُ غَيْبَةَ غَائِبِ |
هَبَطَتْ إِلَيْكَ فَطَهَّرَتْ ذِكْرَاكَ مَنْ |
رَمْيِ الوُشَاةِ نَقَاءَهَا بِشَوَائِبِ |
غَامَتْ عُيونُهُمُ بِفُلِّ قُلُوبِهِمْ |
فإذَا السَّماءُ الصَّحْوُ ذَاتَ سَحَائِبِ |
تِلْكَ البَرَاءَةُ فَلْتُمَثَّلْ فِي حُلَى |
عَذْرَاَ تَزْهُو بِالجَمَالِ الخَالِبِ |
وَعَلَى ضَرِيحِكَ فَلْتُشَيَّدْ صُورَةٌ |
مِنْ مَرْمَرٍ صَافٍ لِتِلْكَ الكَاعِبِ |
الصبْحُ طَلْعَتُهَا لا وَمَعْدَنُ حُسْنِهَا |
عَدْنٌ وَتَاجُ الرَّأْسِ عَقْدُ كَوَاكِبِ |
لِلْرُوحِ فِي قَسَمَاتِهَا لُطْفٌ يُرَى |
والجِسْمُ طُهْرٌ مُفْرَغٌ فِي قَالَبِ |
قَدْ شَارَفَتْكَ فَلَطَّفَتْ بِتَبَسُّمٍ |
عَذْبٍ مَرَارَةُ دَمْعِكَ المُتَسَاكِب |
وَبِأَنْمُلاَتٍ كَالأَشِعَّةِ أَوْمَأَتْ |
تَنْفِي ظُنُونَ السُّوءِ نَفْيَ غَيَاهِبِ |
وَبِأَخْمَصٍ مُتَثَاقِلٍ دَاسَتْ عَلَى |
أَشْبَاهِ حَيَّاتٍ سَعَتْ وَعَقَارِبِ |
رَمْزَاً إلى أَهْلِ السَّعَايَاتِ الأُلى |
فَشِلُوا وَبَاؤُا بالرَجَاءِ الخَائِبِ |
فَإِذَا اسْتَتَمَّتْ وَاسْتَوى تِمْثَالُهَا |
مِلْءَ العُيونِ بِحُسْنِهِ المُتَنَاسِبِ |
كُنْ مُلْتَقَى لأَشِعَّةٍ مِنْ لَحْظِهَا |
تُرْمَى بِهَا عَنْ قَوْسِ أَرْأَفِ حَاجِبِ |
وَلِيَنْقُشُوا لَكَ صُورَةً يَبْدُو بِهَا |
مَا كضانَ مِنْ عَجَبٍ بِشَأْنِكَ عَاجِبِ |
نَقْشَاً يُلاَنُ لَهُ الصَّفَاوِيةُ تُرَى |
فِي شَكْلِ مَظْلُومٍ أَسْيِفٍ شَاحِبِ |
تَحْتَ الجَرَاحَاتِ الَّتِي فِي جِسْمِهِ |
أدْمَى جِرَاحَاتِ الفُؤَادِ الذَّائِبِ |
جَاثٍ عَلَى أقْدَامِهَا بَلَغَ الأَسَى |
مِنْهُ مَبَالِغَهُ وَلَيسَ بِغَاضِبِ |
لاَ عُمْرُهُ المَفْقُودُ عِلَّةَ بَثِّهِ |
كَلاَّ وَلاَ نُعْمَى الثَّرَاءِ الذَّاهِبِ |
بَلْ جُوْرُ قَوْمٍ كَانَ فِيهِمْ عِزَّةً |
لِلْمُسْتَعِزِّ وَغِنْيَةٌ لِلطَّالِبِ |
أَدْرَوهُ مَا لَمْ يَدْرِ قَبْلَ مَمَاتِهِ |
مِنْ صَدِّ أَحْبَابٍ وَبُعْدِ أَقَارِبِ |
لَمْ يَكْفِهِمْ إِنْ مَاتَ حَتَّى يعَكَّروا |
بِغُبَارِهِمْ جَوَّ الشَّهَابِ الغَارِبِ |
وَأَشَدُّ فِي التَّنْكِيلِ مِنْ كَأْسِ الأَذَى |
وَضْعُ القِذَى فِي كَأْسِهِ لِلْشَّارِبِ |
مَا الوَحْشُ إِنْ غَالَ الرَّميمُ بِقُبْحِ مَنْ |
قَالَ النَّمِيمُ لِنَهْشِ عِرَضِ الغَائِبِ |
فَاظْنُنْ بِمَنْ يَغْتَابُ مَقْتُولاً وَقَدْ |
أَعْيَا فَمَا يَسْطِيعُ نُبْسَةَ عَاقِبِ |
وَاظْنُنْ بِمَا هُوَ فَوْقَ ذَاكَ نِكَايةٌ |
مِنْ جَفْوَةِ الأَدْنَى وَغَدْرِ الصَّاحِبِ |
جَأَروا وَمَا أَخْفُوهُ تَحْتَ نَحِيبِهِمْ |
جَعْلِ المَصِيبَةِ فَوْقَ نَدْبِ النَّادِبِ |
هَذَا هُوَ الرَّسْمُ الخَلِيقُ بِأَنْ يُرَى |
فِي ظَهْرِ قَبْرِكَ مَاثِلاً لِلَّرْاقِبِ |
فِي صَمْتِهِ الأَبَدِيِّ أَبْلَغِ وَاعِظٍ |
لأُلَى النَّهَى بِلِسَانِ أَفْصَحِ خَاطِبِ |
تَوْفِيقُ نَمْ وَزُرِ الحَسُودَ مُؤَرِّقاً |
مَا عَاشَ مَوْكُولاً لَهَمٍّ نَاحِبِ |
لِلْمَوْتِ رَوْحُ زِيدَ عَنْكَ هُنَيْهَةً |
فِي شَبْهِ حِلْمٍ مُثْقَلٍ بِمَتَاعِبِ |
ذَادُوه عَنْكَ فَبُتَّ أَقْلَقَ مَنْ ثَوَى |
حَيْثُ القَرَارُ يَكُونُ أَمْنَ الهَائِبِ |
لَكِنَّ عَدْلاً لاَ يَنِي مُتَعَقًِّباً |
لِلْظُلْمِ بَيْنَ مُصَابِرٍ وَمُعَاقَبِ |
كَشَفَ اللِّثَامَ عَنِ الحَقِيقَةِ فَانْجَلَتْ |
تَعْدِي الضَّيَاءَ عَلَى الظَّلاَمِ الهَارِبِ |
النَّاهِشُو الأَعْرَاضِ فِي خَسْرٍ وَإِنْ |
لَمْ تَتَّصِمْ أَعْرَاضُهُمْ بِمَثَالِبِ |
كَيْفَ الوُشَاةُ وَقَدْ رَمُوكَ بِمَا بِهِمْ |
مِنْ مَنْقَصَاتٍ جَمَّةٍ وَمَعَايِبِ |
حَسَدُوكَ لَمْ يَعْفُوا أَخَاكَ وَإِنَّمَا |
فَعَلُوا لِحِرْصٍ فِي الطَّبَِائِعِ غَالِبِ |
فَالمَحْمَدَاتُ وَأَنْتُمَا فِي جَانِبٍ |
وَالمَخْزَيَاتُ وَرَهْطُهُمْ فِي جَانِبِ |
مَاذَا تَرَكْتَ مِنَ المَقَامِ لِشَحِّهِمْ |
تِلْقَاءَ سَيْبٍ كَالغَمَامِ الصَّائِبِ |
وَلِسُوْءِ مَسْعَاهُمْ وَقِلَّةِ كَسْبِهِ |
فِي جَنْبِ مَسْعَاكَ الجَمِيلِ الكَاسِبِ |
قَدْ بَاعَدوا الخُطَوَاتِ في طَلَبِ العُلَى |
فَتقَاصَرُوا عَنْ خَطْوِكَ المُتَقَارِبِ |
وَهَدَاكَ دُونَهُمُ السَّبِيلُ إلى الَّذي |
لَمْ يَبْصُرُوهُ نُورَ فِكْرٍ ثَاقِبِ |
أَنْ يَقْتَضُوكَ شَمَائِلَ لَمْ تُؤْتَهَا |
فَمَطَالِبُ البَاغِينَ شَرًُّ مَطَالِبِ |
النَّاسُ إِمَّا حَاسِبٌ أَوْ مُحْرِزٌ |
جَاهاً يُصَرِّفُ فِيهِ ذِهْنَ الحَاسِبِ |
وأَخُوا المَآثِرِ هَلْ يُقَلَّلُ مَجْدُهُ |
أَنْ لاَ يَكُونَ بِعَالِمٍ أَوْ كَاتِبِ |
آلَيْتَ بِالحُسْنَى أَلِيَّةَ عَارِفٍ |
بعُلُوِّهَا عَنْ شُبْهَةٍ مِنْ كَاذِبِ |
مَا ضَارَ مَنْ ذَمَّ النُضَارَ وَرَبَّمَا |
كانَتْ نقِيصَتُهُ بِعَيْنِ العَائِبِ |
هَلْ مَعْدَنُ التِّيْجَانِ بَخْسٌ حَقُّهُ |
إِنْ يَأْبَ طَبْعَ أَسِنَّةٍ وَقَوَاضِبِ |
أَدْرَكْتَ مِنْ كَرَمٍ وَهُمْ لَمْ يُدْرِكُوا |
مَا لِلْحَوَادِثِ مِنْ بَعِيدِ عَوَاقِبِ |
الجَوْدُ لِلْمُبْقِي عَلَى أَمْوالِهِ |
هُوَ أَوَّلُ الرَّأْي السَّدِيدِ الصَّائِبِ |
وَبِهِ يُوقَى العَالِمُونَ تَحَوُّلاً |
رَاعَ النُّهَى بِنَذِيرُهِ المُتَعَاقِبِ |
هَلْ بَعْدَ مَعْرِفَة الجُمُوعِ بِحَقِّهَا |
يَرْتَاضُ سَاغِبُهَا لِغَيْرِ السَّاغِبِ |
إِنْ لَمْ تَصِبْ مِنْ كُلِّ نُعْمَى حَظَّهَا |
لَمْ تَأْمَنِ الدُّنْيَا كِبَارَ مَصَائِبِ |
ادْوَرَدُ يَا أَوْفَى الرِّجَالِ إِذَا دَعَا |
في حِينِهِ دَاعِي الْقِيَامِ بِوَاجِبِ |
يَا مُحْرِزاً بِدُؤُوبِهِ وَبِجَدِّهِ |
أَسْمَى مَكَانٍ لِلْمُجِدُّ الدََّائِبِ |
دُمْ سَالِماً يَفْدِيكَ مَصْرعُ فَرْقَدٍ |
عَنْ ذُرْوَةِ المَجْدِ المُؤَثَّلِ غَأرِبِ |
وَالْبَثْ وَحِيداً بَيْنَ قَوْمِكَ ظَاهِراً |
بِمَحَامِدَ مَشْهُورَةٍ وَمَنَاقِبِ |
لَوْ فُوضِلَتْ أَسْمَاءُ رَبِّكَ تُوَجِّتْ |
أَسْمَاءُهُ الحُسْنَى بِوَصْفِ الوَاهِبِ |