صَوْتُ الكِنَانَةِ فِي يُوبِيلِكَ الذَّهَبِي |
صَوْتٌ لَهُ رَجْعَةٌ فِي الْعَالَمِ الْعَرَبي |
فَصَارَ عِيدُكَ فِي الأَيَّامِ مَكْرُمَةً |
أَنْ يُطْلِعَ الشَّمْسَ فِي حَفْلٍ مِنَ الشُّهُبِ |
كَذَاكَ تَسْطَعُ أَنْوَارُ الْمَسِيحِ وَمَا |
مِنْ حَاجِبٍ فِي دَرَارِيهَا وَمُحْتَجَبِ |
للهِ أنْتَ وَهَذَا الْعِقْدُ مُنْتَظَماً |
حَوْلَ الأَرِيكَةِ مِنَ صَيَّابَةٍ نَخُبِ |
إِنَّا لَنَفْخَرَ وَالأَعْمَالُ شَاهِدَةٌ |
بِحِبْرِ أَحْبَارِنَا الْعَلاَّمَةِ الأَرِبِ |
الطَّاهِرِ الشَّيْمَةِ الصِّدِّيقِ في زَمَنٍ |
وُجُودُ أَمْثَالِهِ فِيهِ مِنَ الْعَجَبِ |
القَانِتِ الْعَائِفِ الدُّنْيَا لَطَالِبِهَا |
العِفِّ عَنْ غَيْرِ بَابِ اللهِ فِي الطَّلَبِ |
الصَّالِحِ الوَرِعِ المُوفِي أَمَانَتَهُ |
إِيفَاءَ مَنْ طَبْعُهُ يَنْبُو عَنِ الرِّيَبِ |
نِفْسٌ أَتَمُّ سَجَايَاهَا تَعَهُّدِهَا |
بِالْعِلْمِ وَالأَخْذِ لِلأَحْدَاثِ بِالأَهِبِ |
مِنَ النُّفُوسِ اللَّوَاتِي لاَ يَجُودُ بِهَا |
لِطْفُ الْعِنَايَةِ إِلاَّ فِي مَدَى حُقَبِ |
أَعَدَّهَا لِلْمُهِمَّاتِ الْجَلاَئِل مَا |
أَعَدَّهَا مِنْ يَقِينٍ غَيْرِ مُؤْتَشِبِ |
وَمِنْ فَضَائِلَ لاَ يُبْهَى مَحَاسِنُهَا |
في الأَمنْ إِلاَّ تَجْلِيهُنَّ في النُّوَبِ |
وَمَنْ مَنَاقِبَ أَزْكَاهَا وَأشْرَفَهَا |
تَكَرُّمُ الطَّبْعِ عَنْ حِقْدٍ وَعَنْ غَضَبِ |
وَمِنْ عَزَائِمَ لَمْ تَفْتَأْ مُصَرَّفَةً |
فِي النَّفْعِ لِلْنَّاسِ وَالتَّفْرِيجِ لِلْكَرَبِ |
شَمَائِلُ النُّبْلِ فِي كِيرلُّسَ اجْتَمَعَتْ |
أشْتَاتُهَا بَيْنَ مُوْهُوبٍ وَمُكْتَسَبِ |
وَهِيَ الَّتِي وَطَأَتْ أكْنَافَ مَنْصِبِهِ |
لَهُ وَأَذْنَتْ إِلَيْهِ أَرْفَعَ الرُّتَبِ |
فَجَشَّمَتْهُ أُمُوراً لاَ اضِّطِلاعَ بِهَا |
إِلاَّ لِنَدْبِ نَزِيهٍ غَيْرِ مُحْتَقَبِ |
فِي كُلِّ حالٍ عَلَى الْمَولَى تَوَكُّلُهُ |
كَمْ فِي التَّوَاكُّلِ مَنْجَاةٍ مِنَ الْعَطَبِ |
إِنْ يُرْجَ لاَ يُرْجَ إِلاَّ فَضْلُ بَارِئِهِ |
وَمَنْ رَجَا غَيْرَهُ يَوْماً وَلَمْ يَخِبِ |
يَعْنِي بِمَا يَتَوَخَّى غَيْرَ مُتَّئِدٍ |
فَمَا يَخَالُ لَهُ إِلاَّهُ مِنْ أَرَبِ |
هَلْ رَدَّدَتْ نَدْوَةٌ ذِكْرَى مَآثِرَهُ |
إِلاَّ وَقَدْ أَخَذَتْهَا هَزَّةُ الطَّرَبِ |
كَمْ بِيعَةٍ قَدِمَتْ عَهْداً فَجَدَّدَهَا |
وَبِيعَةٍ شَادَهَا مَرْفُوعَةَ القِبَبِ |
كَمْ دَارِ عِلْمٍ بَنَاهضا أَوْ مُرَدَّمَةٍ |
أَعَادَهَا فِي حِلَىً فَخْمَةٍ قَشِبِ |
كَمْ مَعْهَدٍ فِي سَبِيلِ اللهِ أَنْشَأَهُ |
لِمُسْتَضَامِ وَمُحْرُوبٍ وَمُغْتَرِبِ |
فِي كُلِّ ذَلِكَ لاَ يَأْلو مَبَانِيَهُ |
صَوْناً وَرَعْياً وَلاَ يَشْكُو مِنَ النَّصِبِ |
يَكَادُ يَسْأَلُ مَنْ يَدْرِي تَزَهُّدَهُ |
مِنْ أَيْنَ جَاءَ بِذَاكَ الْمَالِ وَالنَّشبِ |
فَضْلٌ مِنَ اللهِ لاَ يَحْصِيهُ حَاسِبُهُ |
يُؤْتَأهُ كُلُّ نَدَىِّ الْكَفِّ مُحْتَسَبِ |
دَعْ مِنْ عَوَارِفِهِ مَا لَيْسَ يَعْلَمُهُ |
إِلاَّ الَّذِي كَفْكَفْتَ مِنْ دَمْعِهِ السَّرِبِ |
أوِ الَّذِي كَشَفَتْ ضَيْماً أَلَمَّ بِهِ |
أَوِ الَّذِي مَسَحَتْ مَا فِيهِ مِنْ وَصِبِ |
نَطَّافُ سُحْبِ وَلَكِنْ لاَ يُخَالِطُهَا |
عَوَارِضُ الْبَرْقِ وَالأَرَعَادِ في السُّحُبِ |
فَلاَ الإِذَاعَةُ تُدْمِي قَلْبَ مَنْ جَبِرَتْ |
وَلاَ الإِشَادَةُ تَنْضَى سِتْرَ مَنْتَقَبِ |
الصَّمْتُ أَفْصَحُ وَالأَفْعَالُ نَاطِقَةٌ |
مِمَّا تُنَمِّقَهُ الأقْوَالُ في الْخُطُبِ |
وَالسَّعْيُ أَبْلَغُ في نُجْحٍ وَمسْعَدَةٍ |
لِلنَّاسِ مِنْ شَقْشَقَاتِ المدْرَةِ الذَّرِبِ |
إِدا النُّفُوسُ إلى غَايَاتِهَا اتَّجَهَتْ |
وَلَمْ تُعَوِّلُ عَلَى الأَوْصَافِ وَالنَّسَبِ |
فَالنَّقْصُ في المُتَجَنِّي أَنْ تُنَقِّصُهَا |
وَالْعَيْبُ في رَأْيهِ الْمَأْفُونَ أَنْ يَعِبِ |
وَكَيْفَ يُحْسِنُ في فَضْلٍ شَهَادَتُهُ |
مَنْ لاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْجَدِّ وَاللَّعِبِ |
إن الأُوْلَى بِالهُدَى وَالرِّفْقِ سِسْتَهُمُ |
دَهْراً سِيَاسَةَ رَاعِ صَالِحٍ وَأَبِ |
فَمَا ادْخَرْتَ نَفِيساً قَدْ تَضُنُّ بِهِ |
عَلَى الذَّرَاِري نَفْسُ الْوَالِدِ الحَدِبِ |
لَيَعْرِفُونَ لَكَ الْفَضْلَ الْعَظِيمَ بِمَا |
أَوْليتَ مِنْ مِنَنٍ مَوْصُولَةِ السَّبَبِ |
يَا سَادَةٌ يَزْدَهَى هَذَا الْمُقَامُ بِهِمْ |
مِنَ الأَسَاقِفَةِ الأَعْلاَمِ وَالنُّخَبِ |
مَا أَبْهَجَ الْعِيدَ وَالأَقْطَابُ تَجْمَعُهُمْ |
رَوَابِطُ الْوَدِّ حَوْلَ السَّيِّدِ الْقُطُبِ |
هَذِي الْمُشَارَكَةُ الْحُسْنَى تُسَجِّلُهَا |
لَكُمْ جَوَانِحُنَا فَضْلاً عَنِ الْكُتُبِ |
وَيَا مَلِيكاً ظَفِرْنَا مِنْ رِعَايَتِهِ |
بحُظْوَةٍ لَمْ تَدَعْ في النَّفْسِ مِنَ رَغِبِ |
قَلَّ الثَّنَاءُ عَلَيْهَا في الْوَفَاءِ بِهَا |
لَوْ قُرْبَهُ مِنَ أَنْفُسِ الْقُرَبِ |
حَمْدٌ أَجَابَ إِلَيْهِ الْقَلْبَ دَاعِيَهُ |
وَلَّى بِهِ فَخْرُ مَنْدُوبٍ وَمُنْتَدَبِ |
فَهَلْ لَدَى بَابِكَ الْعَالِيِّ يَشْفَعُهُ |
صُدُورُهُ عَنْ صُدُورٍ فِيهِ لَمْ تَرِبِ |
للهِ دَرَّكَ فِيمَنْ سَادَ مُحْتَكِماً |
مِنْ عَاهِلٍ عَادِلٍ للهِ مُرْتَقِبِ |
مُقَلَّدٌ مِنَ سَجَايَاهُ نِظَامُ حُلَىً |
يَبُزُّ كُلَّ نِظَامٍ مُوْنَقٍ عَجِبِ |
يَرْعَى الْطَّوَائِفَ شَتَّى فِي مَذَاهِبَهَا |
وفي هَوَى مِصْرَ شَعْباً غَيْرَ مَنْشَعِبِ |
تَحِيطُ حُبّاً وَإِجْلاَلاً بِسُدَّتِهِ |
كَمَا يُحَاطُ سَوَادُ الْعَيْنِ بِالْهُدُبِ |
بَنَى الْمَفَاخِرَ َأنْوَاعاً مُنَوَّعَةً |
لِلْدِّينِ وَالْعِلْمِ أوْ لِلْفَنِّ وَالأَدَبِ |
وَقَادَ في سُبُلِ الْعَلْيَاءِ أُمَّتَهُ |
وَرَاضَهَا في مَرَاسِ الْدَّهْرِ بِالْغَلَبِ |
يَبْغِي بِكُلِّ مَرَامِي عَبْقَرِيَتِهِ |
تَكَافُؤَ الْحَسَبِ المَصْرِيِّ وَالْنَّسَبِ |
فَدُمْ لِمِصْرِكَ يَا مَوْلاَيّ مَفْخَرَةً |
فَوْقَ الْمَفَاخِرِ بَلْ لِلْشَّرْقِ وَالْعَرَبِ |