أَمُشَيِّعٌ أَنَا كُلَّ يَوْمٍ ذَاهِباً |
وَمُشَيِّعٌ في الإِثْرِ قَلْباً ذَائِبا |
يَا صَاحِبِي أَخْلَفْتَ لِي أُمْنِيَّةً |
كَانَتْ دُعَائي لا عَدِمْتُكَ صَاحِبا |
أَقْوَتْ مَعَاهِدُنَا وَكَانَتْ بِالهَوَى |
مَعْمُورَةً فَإِخَالُهُنَّ خَرَائِبَا |
وَأَرَى وُجُوهَ الشَّاهِدِينَ كَأَنَّهَا |
تَتَفَقَّدُ الوَجْهَ المُنِيرَ الغَائِبَا |
كُنْتَ الأَخَ المَحْبُوبَ وَالإِلْفَ الَّذِي |
لَمْ يَنْسَ مُفْتَرِضاً وَيُهْمِلَ وَاجِبَا |
إنْ كَانَ فِي عَيْشِي وَقَدْ فَارَقْتَهُ |
طِيبٌ فَلَيْسَ العَيْشَ بَعْدَكَ طَائِبَا |
إِنَّ الَّذِي كَابَدْتَ فِيهِ مُحَاذِراً |
وَمُصَابِراً لَمْ يَبْقَ فيهِ رَاغِبَا |
تَوْفِيقُ أَخْطَأَكَ الَّذِي تُدْعَى بِهِ |
وَالمَوْتُ لاَ يَرْعَى لِحَيٍّ جَانِبَا |
أَيْنَ الكَلاَمُ الحُلوُ تُسْقَاهُ المُنَى |
كَالشُّهْدِ مَهْمَا يَخْتَلِفْنَ مَشَارِبَا |
أَيْنَ الأَحَادِيث اللِطَافُ وَكُلُّهَا |
سِيَرٌ مُلِئْنَ طَرَائِفاً وَغَرَائِبَا |
أَيْنَ المَلِيْحُ بِخُلْقِهِ وَبِخَلْقَهِ |
أَلطَّاهِرُ الشِّيَمِ النَّقِيُّ مَآرِبَا |
سَامِي الشَّمَائِلِ فِطْرَةً لَمْ يَتَّخِذْ |
مِنْ غَيْرِهِنَّ مَرَاتِباً وَمَنَاصِبَا |
يُجْنَى عَلَيْهِ فَمَا تَرَاهُ حَاقِداً |
أَوْ يُسْتَفَزُّ فَمَا تَرَاهُ غَاضِبَا |
وَيَظَلُّ بَسَّاماً مَا هُوَ وَجْهَهُ |
بَلْ قَلْبُهُ وَسِوَاهُ يَبْسِمُ كَاذِبَا |
أَخْلاَقُ إِنْسَانٍ بِمَعْنَاهُ الَّذِي |
صَقَلَتْهُ أَحْقَابٌ فَتَمَّ مَنَاقِبَا |
أَحَسِيبُ إِنْ تُسْلَبْ أَخَاكَ فَإِنَّنِي |
شَاكٍ كَمَا تَشْكُو الزَّمَانَ السَّالِبا |
قَدْ كُنْتَ أُسْتَاذِي فَهَلْ أَنَا وَاجِدٌ |
قَوْلاً يُثَبِّتُ مِنْكَ قَلْباً وَاجِبا |
يَكْفِي عَزَاءً تَرْكُهُ الدُّنْيَا وَقَدْ |
مُلِئَتْ أَسىً وَفَوَاجِعاً وَنَوَائِبا |
فَليَلْقَ عِنْدَ إِلهِهِ مَا لَمْ يَكُنْ |
لِيُنَالَ فِيهَا مِنْ مُنَىً وَرَغَائِبَا |