إبراهيم الموصلي

742-804 م
هو إبراهيم بن ماهان أو ميمون بن نسك، وأمه من بنات الدهاقين. فارسي الأصل من العصر العباسي. ولد بالكوفة سنة 125 هـ. توفي أبوه وعمره سنتان أو ثلاث سنين، ولقب الموصلي لأنه لما شب أخذ يتردد إلى المغنين فغضب عليه أخواله فهرب الى الموصل وأقام فيها سنة ثم رجع إلى الكوفة، ثم سافر إلى بلاد فارس وتعلم الغناء الفارسي وسافر بعدها إلى البصرة للغرض نفسه ثم إلى بغداد، فتتلمذ فيها على سياط حتى أصبح من أشهر وأمهر المغنين في زمانه ومن أحسن الملحنين أيضا. ويقال إنه لحن أكثر من تسعمائة لحن. وبالرغم من أنه مغني وموسيقي، كان كاتبا وشاعرا وعالما. وأول من سمع غناءه الخليفة المهدي.

كان الخليفة المهدي لا يشرب الخمرة مطلقا، وأما إبراهيم الموصلي فكان معاقراً لها، فأراد الخليفة ملازمته على شرط أن يترك الخمرة، فلم يتمكن الموصلي من تركها فضربه الخليفة وسجنه. ثم دعاه الخليفة مرة ثانية وعاتبه على معاقرته الخمرة في منازل الناس، فقال له الموصلي يا أمير المؤمنين إنما تعلمت هذه الصفة للذتي وعشرتي لإخواني ولو أمكنني تركها لتركتها. فغضب المهدي غضبا شديدا وقال له: لا تدخل على موسى وهارون فوالله لئن دخلت عليهما لأفعلن ولأصنعن. ثم بلغ المهدي أنه دخل عليهما وشرب معهما فضربه ثلثمائة سوط وقيده وسجنه. وحينما توفي المهدي دعاه الخليفة الجديد وكافأه بـ 150 ألف دينار. وبعد أن توفي الخليفة الهادي وخلفه أخوه هارون الرشيد اتصل به وصار من ندمائه، ولأجل ذلك لقب بالنديم.

كانت للموصلي مدرسته الخاصة لتعليم الغناء والموسيقى، ومدرسته بيته. وكانت هذه المدرسة تدر عليه ريعا سنويا كبيراً. ومن أشهر تلاميذه
زلزل وعلويه وأبو صدقة ومخارق وسليم بن سلام ومحمد بن الحارث.

توفي في
بغداد.

 

وجاء في "وفيات الأعيان" لابن خلكان: هو أبو إسحاق إبراهيم بن ماهان - ويقال له أيضا: ميمون - بن بهمن بن نسك، التميمي بالولاء، الأرجاني، المعروف بالنديم، الموصلي: ولم يكن من الموصل، وإنما سافر إليها وأقام بها مدة، فنسب إليها، هكذا ذكره أبو الفرج الأصبهاني في كتاب الأغاني.

 

وهو من بيت كبير في العجم. وانتقل والده ماهان إلى الكوفة وأقام بها.

 

وأول خليفة سمعه المهدي بن المنصور، ولم يكن في زمانه مثله في الغناء واختراع الألحان وكان إذا غنى إبراهيم، وضرب له منصور المعروف بزلزل، اهتزلهما المجلس، وكان إبراهيم زوج أخت زلزل المذكور، وأخباره ومجالسه مشهورة.

 

وحكي أن هارون الرشيد كان يهوى جاريته ماردة هوى شديداً، فتغاضبا مرة ودام بينهما الغضب، فأمر جعفر البرمكي العباس بن الأحنف أن يعمل في ذلك شيئا، فعمل:

راجع أحبتك الذين هجرتهم

 

إن المتيم قلما يتـجـنـب

إن التجنب إن تطاول منكما

 

دب السلو له فعز المطلب

 

وأمر إبراهيم الموصلي فغنى به الرشيد، فلما سمعه بادر إلى ماردة فترضاها، فسألت عن السبب في ذلك، فقيل لها، فأمرت لكل واحد من العباس وإبراهيم بعشرة آلاف درهم، وسألت الرشيد أن يكافئهما، فأمر لهما بأربعين ألف درهم.

 

وكان هارون قد حبس إبراهيم في المطبق، فأخبر سلم الخاسر أبا العتاهية بذلك، فأنشده:

سلم يا سـلـم لـيس دونـك سـر

 

حبس الموصلي فـالـعـيش مـر

ما استطاب اللذات مذ غاب في المط

 

بق رأس اللذات في النـاس حـر

ترك الموصلي من خـلـق الـلـه

 

جمعا وعـيشـهـم مـقـشـعـر

حبس اللهو والسرور فمـا فـي ال

 

أرض شيء يلـهـى بـه ويسـر

 

ولد إبراهيم المذكور بالكوفة سنة خمس وعشرين ومائة، وتوفي ببغداد سنة ثمان وثمانين ومائة بعلة القولنج، وقيل: سنة ثلاث عشرة ومائتين، والأول أصح، رحمة الله تعالى. وفي ترجمة العباس بن الأحنف خبر وفاته أيضاً فلينظر فيها، وقيل: مات إبراهيم الموصلي وأبو العتاهية الشاعر وأبو عمرو الشيباني النحوي في سنة ثلاث عشرة ومائتين في يوم واحد ببغداد، وإن أباه مات وهوصغير فكفله بنو تميم وربوه، ونشأ فيهم فنسب إليهم، والله أعلم.

 



بغداد