ريما ناصر ترزي

رحلة طويلة بالكلـمة والـموسيقى من أجل فلسطين

ولدت ريما ترزي في
يافا بفلسطين وترعرعت في بيرزيت، حيث أسست أسرتها مدرسة ثانوية تطورت فيما بعد لتصبح جامعة بيرزيت وبدأت دراستها الموسيقية على آلة البيانو وهي في السابعة من عمرها مع سلفادور عرنيطة، وكذا تابعت بعدها دراستها الجامعية في كلية بيروت للبنات وحصلت على الشهادة الجامعية المتوسطة ثم سافرت الى فرنسا لتتابع دراستها الموسيقية هناك، وبعدها التحقت عام 1952 بالجامعة الامريكية في بيروت، وحصلت على الشهادة الجامعية في علم النفس واللغة العربية لتعود بعدها الى كلية بير زيت للمشاركة في قيادة الجوقة وتلحين الاناشيد فيها.

وعلى صعيد آخر وبعد سفرها مع زوجها د. انطوان ترزي اخصائي جراحة المخ الى كندا، عادت عام 1960 واستقرت في رام الله مع زوجها وأبنائها الاربعة، وساهمت في عضوية الهيئات الإدارية لعدد من المؤسسات الثقافية والنسائية حيث كانت تعلم الموسيقى لأطفال روضة جمعية إنعاش الأسرة وتلحن لهم الأغاني الخاصة وتدرب جوقة جمعية الشابات المسيحية وتكتب لها الأناشيد وذلك ضمن نشاطاتها الأخرى في تلك المؤسستين.

وفي عام 1993 ساهمت بتأسيس معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى تحت مظلة جامعة بيرزيت مع أربعة موسيقيين فلسطينيين وهم: سلوى تابري، نادية ميخائيل عبوشي، أمين ناصر وسهيل خوري وهي حاليا رئيسة مجلس المشرفين عليه. وذلك بالإضافة إلى نشاطاتها ومساهمتها في المؤسسات الأخرى فهي رئيسة الهيئة الإدارية للإتحاد العام للمرأة الفلسطينية في
فلسطين وعضو مجلس أمناء جامعة بيرزيت وعضو هيئة إدارية في جمعية إنعاش الأسرة- البيرة.

أحبت ريما ترزي تلحين القصائد لشعراء عرب وفلسطينيين كما كتبت ولحنت عدداً من الاناشيد التي تعبر عن الواقع الفلسطيني، وعن تجاربها الخاصة، وشهاداتها الحية أثناء فترة الاحتلال، والتي أدتها مع تانيا تماري ناصر المغنية الوطنية الفلسطينية في مناسبات مختلفة في الوطن و
عمانوباريس ودبي.

تجسد الكاتبة والملحنة والعازفة الفلسطينية ريما ترزي هموم شعبها وأفراحه في انشودات جمعتها في ألبوم بعنوان (الى متى؟) وذلك منذ ما يقارب الـ 30 عاما على انشودتها الاولى (نيالك ياعصفور) التي كتبتها ولحنتها للطفل الفلسطيني بمناسبة يوم الطفل العالـمي.

وكانت تجربتها الاولى عندما كان عمرها 13 عاما واليوم ورغم ان عمرها تجاوز 75 عاما لـم تتوقف عن الكتابة والتلحين والعزف على البيانو.

وتصدر الكاتبة والـملحنة والعازفة الفلسطينية ريما ترزي اول قرص مدمج لها يتضمن 13 أنشودة من كلـماتها وألحانها وعزفها على البيانو بدعم من معهد ادوارد سعيد الوطني للـموسيقى الذي كانت واحدة من مؤسيسه في عام 1993.

وقالت ترزي في حديث لرويترز استعادت فيه مسيرة طويلة من الذكريات بينما كانت تجلس في بيتها في
رام الله، الذي لا يبعد سوى امتار عن معهد ادوارد سعيد: تعود بي الذكرى الى سن الثالثة عشرة عندما ألفت اول مقطوعة موسيقية للبيانو كنت ارافق البعض من مقاطعها منشدة (قوموا يا عرب ماتت فلسطين) والتي تطورت لتصبح انشودة (الزورق الحائر) التي وضع كلـماتها الشاعر كمال ناصر بعد عام 1948 وعبر فيها عن عذابات تلك الـمرحلة.

واضافت: لقد بقيت في كل ما كتبت ولحنت وعزفت اسيرة لواقع شعبي رغم محاولاتي ان اخرج من ذلك الا انني كنت دائما اعود اليه فقد لحنت لشعراء فلسطينيين وعرب منهم كمال ناصر و
عمر ابوريشة وابراهيم طوقان وفدوى طوقان وسميح القاسم ومحمود درويش وابو القاسم الشابي.

وبحيوية الشباب قالت ترزي "رغم انني لا اعرف ان كنت سأعيش حتى اصدر قرصا مدمجا آخر الا انني بدأت في كتابة وتلحين اناشيد جديدة".

وتتحدث ترزي بحسرة عن عدم تمكن عدد من الـموسيقيين الفلسطينيين الذين برزوا في الاربعينيات وتوفوا من ان يوثقوا أعمالهم الـموسيقية ومنهم استاذ الـموسيقى يوسف البتروني. وقالت: الى اليوم اواصل البحث مع افراد عائلة استاذ الـموسيقى الراحل البتروني الذي توفي بشكل مفاجئ ويتواجد جزء منهم حاليا في الاردن ولبنان لعلي اجد بعض ألحانه خلال فترة عمله في مدرسة بيرزيت (جامعة بيرزيت حاليا) والذي ادخل معظم طلبة الـمدرسة في الجوقة الـموسيقية وتميز باهتمامه بالكلـمات مع اللحن.

واضافت: ان هناك حاجة لعمل جاد لتوثيق هذه الـمرحلة الـمهمة من حياة الشعب الفلسطيني الثقافية.

وتوجز ترزي في القرص الـمدمج الجديد، الذي تغني اناشيده صديقتها الـمتخصصة في الغناء الكلاسيكي الشرقي تانيا ناصر، معاناة الشعب الفلسطيني وتعود به الى احداث لا تزال محفورة في تاريخ الفلسطيني.

وقالت: كانت الامور تتفاقم في الوطن والـمآسي في كل بقعة من بقاع الارض لتمس كل فرد من افراد هذا الشعب فكنت اعبر عما يجول في خاطري من خلال كتابة الكلـمات وتلحينها ولكني ابقى دائما متمسكة بالأمل والفرح.

ويتضمن القرص الـمدمج لانشودات ريما ترزي اول انشودة كتبت كلـماتها ولحنتها في عام 1979 (نيالك يا عصفور) وكانت في ذلك الوقت تهديها الى الطفل الفلسطيني بمناسبة يوم الطفل العالـمي. وتجسد الانشودة الواقع الفلسطيني بكل معانيه من الاعتقال وهدم الـمنازل الى مصادرة الارض والحرية. وما بين (نيالك يا عصفور) وانشودة (من انا) هناك (اسمعوا يا اخواني) و(احلام شعبي) و(هانية) و(لن يقتلوني) و(لبنان) و(صلاة) و(احلـم بالربيع) و(اغفري لنا يا اماه) و(انثروا الازهار) و(الى متى) و(القدس عربية).

وقالت: اعتمد في معظم اعمالي الـموسيقية على تداخل وتناغم الاصوات الـمختلفة بحورها مع الغناء الـمنفرد بمرافقة البيانو الآلة التي اجيد العزف عليها وربما اكون دمجت بين اللحنين الشرقي والغربي.

وتدعو ترزي الى ضرورة نشر تعليم الـموسيقى في الـمدارس حتى تكون متاحة للجميع. وقالت: انه بامكان الـمدارس التي لا تملك آلات موسيقية ان تعلـم طلابها على الغناء.. ان ذلك لا يحتاج إلى امكانيات مادية فقط علـموهم الغناء لا نريد ان نحلـم اكثر من اللازم.

وتستعد ترزي ورفيقة دربها التي تغني كلـماتها والحانها تانيا ناصر لعرض عدد من انشيدها على مسرح البلد في العاصمة الاردنية عمان في ايار القادم وكانت في سنوات سابقة احيت امسيات من اناشيدها في فرنسا و
الامارات العربية الـمتحدة.

 



يافا
فلسطين