كتاب الحج

*3* باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة، وما لا يباح، وبيان تحريم الطيب عليه

‏(‏1177‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما ؛ أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ما يلبس المحرم من الثياب ‏؟‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏لا تلبسوا القمص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف‏.‏ إلا أحد لا يجد النعلين، فليلبس الخفين‏.‏ وليقطعهما أسفل من الكعبين‏.‏ ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسه الزعفران ولا الورس‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏الحج‏)‏ بفتح الحاء هو المصدر‏.‏ وبالفتح والكسر جميعا، هو الاسم منه‏.‏ وأصله القصد‏.‏ ويطلق على العمل أيضا وعلى الإتيان مرة بعد أخرى‏.‏ ‏(‏لا تلبسوا القمص‏.‏‏.‏ الخ‏)‏ قال العلماء‏:‏ هذا من بديع الكلام وجزله‏.‏ فإنه صلى الله عليه وسلم سئل عما يلبسه المحرم فقال ‏"‏لا يلبس كذا وكذا‏"‏ فحصل بالجواب أنه لا يلبس المذكورات ويلبس ما سوى ذلك‏.‏ وكان التصريح بما لا يلبس أولى لأنه منحصر‏.‏ وأما الملبوس الجائز للمحرم فغير منحصر‏.‏ فضبط الجميع بقوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏لا يلبس كذا وكذا‏"‏ يعني ويلبس ما سواه‏.‏ ‏(‏القمص‏)‏ جمع قميص‏.‏ كسبيل وسبل‏.‏ ‏(‏السراويلات‏)‏ جمع سراويل وهو لباس يستر النصف الأسفل من الجسم‏.‏ ‏(‏البرانس‏)‏ جمع برنس‏.‏ وهو كل ثوب رأسه منه ملتزق به، من دراعة أو جبة أو ممطر أو غيره‏.‏ قال الجواهري‏:‏ هو قلنسوة طويلة كان النساء يلبسونها في صدر الإسلام‏.‏ وهو من البرس، وهو القطن‏.‏ ‏(‏الخفاف‏)‏ جمع الخف الملبوس‏.‏ أما خف البعير فجمعه أخفاف‏.‏ ‏(‏إلا أحد‏)‏ كذا بالرفع على البدلية من واو الضمير‏.‏ وفي نسخة‏:‏ إلا أحدا‏.‏ بالنصب‏.‏ ‏(‏الكعبين‏)‏ قال الأزهري‏:‏ هما العظمان الناتئان في منتهى الساق مع القدم‏.‏ وهما ناتئان عن يمنة القدم ويسرتها‏.‏ ‏(‏الورس‏)‏ هو نبت أصفر طيب الريح يصبغ به‏.‏ وفي معناه العصفر‏]‏‏.‏

2 - ‏(‏1177‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى وعمرو الناقد وزهير بن حرب‏.‏ كلهم عن ابن عيينة‏.‏ قال يحيى‏:‏ أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري، عن سالم، عن أبيه رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏ سئل النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ما يلبس المحرم ‏؟‏ قال‏:‏

‏"‏لا يلبس المحرم القميص، ولا العمامة، ولا البرنس، ولا السراويل، ولا ثوبا مسه ورس ولا زعفران ولا الخفين‏.‏ إلا أن يجد نعلين فليقطعهما، حتى يكونا أسفل من الكعبين‏"‏‏.‏

3 - ‏(‏1177‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك بن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما ؛ أنه قال‏:‏

نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلبس المحرم ثوبا مصبوغا بزعفران أو ورس‏.‏ وقال ‏"‏من لم يجد نعلين فليلبس الخفين‏.‏ وليقطعهما أسفل من الكعبين‏"‏‏.‏

4 - ‏(‏1178‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى وأبو الربيع الزهراني وقتيبة بن سعيد‏.‏ جميعا عن حماد‏.‏ قال يحيى‏:‏ أخبرنا حماد بن زيد عن عمرو، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب يقول‏:‏

‏"‏السراويل، لمن لم يجد الإزار‏.‏ والخفان، لمن لم يجد النعلين‏"‏ يعني المحرم‏.‏

‏(‏1178‏)‏ حدثنا محمد بن بشار‏.‏ حدثنا محمد ‏(‏يعني ابن جعفر‏)‏ ح وحدثني أبو غسان الرازي‏.‏ حدثنا بهز‏.‏ قالا جميعا‏:‏ حدثنا شعبة عن عمرو بن دينار، بهذا الإسناد ؛ أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب بعرفات‏.‏ فذكر هذا الحديث‏.‏

م ‏(‏1177‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا سفيان بن عيينة‏.‏ ح وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا هشيم‏.‏ ح وحدثنا أبو كريب‏.‏ حدثنا وكيع عن سفيان‏.‏ ح وحدثنا علي بن خشرم‏.‏ أخبرنا عيسى بن يونس عن ابن جريج‏.‏ ح وحدثني علي بن حجر‏.‏ حدثنا إسماعيل عن أيوب‏.‏ كل هؤلاء عن عمرو بن دينار، بهذا الإسناد‏.‏ ولم يذكر أحد منهم‏:‏ يخطب بعرفات، غير شعبة وحده‏.‏

5 - ‏(‏1179‏)‏ وحدثنا أحمد بن عبدالله بن يونس‏.‏ حدثنا زهير‏.‏ حدثنا أبو الزبير عن جابر رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏من لم يجد نعلين فليلبس خفين‏.‏ ومن لم يجد إزارا فليلبس سراويل‏"‏‏.‏

6 - ‏(‏1180‏)‏ حدثنا شيبان بن فروخ‏.‏ حدثنا همام‏.‏ حدثنا عطاء بن أبي رباح عن صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه رضي الله عنه قال‏:‏

جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة‏.‏ عليه جبة وعليها خلوق ‏(‏أو قال أثر صفرة‏)‏ فقال‏:‏ كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي ‏؟‏ قال‏:‏ وأنزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي‏.‏ فستر بثوب‏.‏ وكان يعلى يقول‏:‏ وددت أني أرى النبي صلى الله عليه وسلم وقد نزل عليه الوحي‏.‏ قال فقال‏:‏ أيسرك أن تنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد نزل عليه الوحي ‏؟‏ قال فرفع عمر طرف الثوب‏.‏ فنظرت إليه له غطيط‏.‏ ‏(‏قال وأحسبه قال‏)‏ كغطيط البكر‏.‏ قال‏:‏ فلما سري عنه قال ‏"‏ أين السائل عن العمرة ‏؟‏ اغسل عنك أثر الصفرة ‏(‏أو قال أثر الخلوق‏)‏ واخلع عنك جبتك‏.‏ واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك‏"‏‏.‏

‏(‏بالجعرانة‏)‏ فيها لغتان مشهورتان‏:‏ إحداهما إسكان العين وتخفيف الراء‏.‏ والثانية كسر العين وتشديد الراء‏.‏ والأولى أفصح‏.‏ وهي ما بين الطائف ومكة‏.‏ وهي إلى مكة أقرب‏.‏ ‏(‏خلوق‏)‏ نوع من الطيب مركب من الزعفران وغيره‏.‏ ‏(‏فقال‏)‏ القائل هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه‏.‏ ‏(‏غطيط‏)‏ هو كصوت النائم الذي يردده مع نفسه‏.‏ ‏(‏البكر‏)‏ هو الفتى من الإبل‏.‏ ‏(‏فلما سري عنه‏)‏ أي أزيل ما به وكشف عنه ‏(‏العمرة‏)‏ الزيادة‏.‏ يقال‏:‏ اعتمر فهو معتمر‏.‏ أي زار وقصد‏.‏ وهو في الشرع زيارة البيت الحرام بشروط مخصوصة‏.‏ مذكورة في الفقه‏]‏‏.‏

7 - ‏(‏1180‏)‏ وحدثنا ابن أبي عمر‏.‏ قال‏:‏ حدثنا سفيان عن عمرو، عن عطاء، عن صفوان بن يعلى، عن أبيه‏.‏ قال‏:‏

أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل وهو بالجعرانة‏.‏ وأنا عند النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ وعليه مقطعات ‏(‏يعني جبة‏)‏‏.‏ وهو متضمخ بالخلوق‏.‏ فقال‏:‏ إني أحرمت بالعمرة وعلي هذا‏.‏ وأنا متضمخ بالخلوق‏.‏ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏ما كنت صانعا في حجك ‏؟‏ ‏"‏ قال‏:‏ أنزع عني هذه الثياب‏.‏ وأغسل عني هذا الخلوق‏.‏ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ما كنت صانعا في حجك، فاصنعه في عمرتك‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏مقطعات‏)‏ هي الثياب المخيطة‏.‏ وفي التقطيع معنى التفصيل‏.‏ أي التي فصلت على البدن أولا، ثم خيطت‏.‏ ولا كذلك الإزار والرداء‏.‏ ‏(‏متضمخ بالخلوق‏)‏ أي متلوث به، مكثر منه‏]‏‏.‏

8 - ‏(‏1180‏)‏ حدثني زهير بن حرب‏.‏ حدثنا إسماعيل بن إبراهيم‏.‏ ح وحدثنا عبد بن حميد‏.‏ أخبرنا محمد بن بكر‏.‏ قالا‏:‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ ح وحدثنا علي بن خرشم ‏(‏واللفظ له‏)‏‏.‏ أخبرنا عيسى عن ابن جريج‏.‏ قال‏:‏ أخبرني عطاء ؛ أن صفوان بن يعلى بن أمية أخبره ؛ أن يعلى كان يقول لعمر بن الخطاب رضي الله عنه‏:‏ ليتني أرى نبي الله صلى الله عليه وسلم حين ينزل عليه‏.‏ فلما كان النبي صلى الله عليه وسلم بالجعرانة‏.‏ وعلى النبي صلى الله عليه وسلم ثوب قد أظل به عليه‏.‏ معه ناس من أصحابه‏.‏ فيهم عمر‏.‏ إذ جاءه رجل عليه جبة صوف‏.‏ متضمخ بطيب‏.‏ فقال‏:‏ يا رسول ‏!‏ كيف ترى في رجل أحرم بعمرة في جبة بعد ما تضمخ بطيب‏.‏ فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم ساعة‏.‏ ثم سكت‏.‏ فجاءه الوحي‏.‏ فأشار عمر بيده إلى يعلى بن أمية‏:‏ تعال‏.‏ فجاء يعلى‏.‏ فأدخل رأسه‏.‏ فإذا النبي صلى الله عليه وسلم محمر الوجه‏.‏ يغط ساعة‏.‏ ثم سري عنه‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏ أين الذي سألني عن العمرة آنفا ‏؟‏‏"‏ فالتمس الرجل، فجيء به‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ أما الطيب الذي بك، فاغسله ثلاث مرات‏.‏ وأما الجبة، فانزعها‏.‏ ثم اصنع في عمرتك، ما تصنع في حجك‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏يغط‏)‏ قال في المصباح‏:‏ غط النائم يغط غطيطا، من باب ضرب‏.‏ تردد نفسه صاعدا إلى حلقه حتى يسمعه من حوله‏.‏ وسبب ما طرأ عليه صلى الله عليه وسلم من احمرار الوجه والغطيط، حالة الوحي، ثقله وشدته‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا‏]‏‏.‏

9 - ‏(‏1180‏)‏ وحدثنا عقبة بن مكرم العمي ومحمد بن رافع ‏(‏واللفظ لابن رافع‏)‏ قالا‏:‏ حدثنا وهب بن جرير بن حازم‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ قال‏:‏ سمعت قيسا يحدث عن عطاء، عن صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه رضي الله عنه ؛ أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة‏.‏ قد أهل بالعمرة‏.‏ وهو مصفر لحيته ورأسه‏.‏ وعليه جبة‏.‏ فقال‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ إني أحرمت بعمرة‏.‏ وأنا كما ترى‏.‏ فقال ‏"‏انزع عنك الجبة‏.‏ واغسل عنك الصفرة‏.‏ وما كنت صانعا في حجك، فاصنعه في عمرتك‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏قد أهل بالعمرة‏)‏ أصل الإهلال رفع الصوت بالتلبية عند الإحرام‏.‏ ثم أطلق على نفس الإحرام اتساعا‏.‏ ‏(‏مصفر لحيته ورأسه‏)‏ أي مزعفرهما، أو صابغهما بصفرة، وهي نوع من الطيب فيه صفرة، ويسمى خلوقا‏]‏‏.‏

10 - ‏(‏1180‏)‏ وحدثني إسحاق بن منصور‏.‏ أخبرنا أبو علي عبيدالله بن عبدالمجيد‏.‏ حدثنا رباح بن أبي معروف‏.‏ قال‏:‏ سمعت عطاء قال‏:‏ أخبرني صفوان بن يعلى عن أبيه رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏

كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فأتاه رجل عليه جبة‏.‏ بها أثر من خلوق‏.‏ فقال‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ إني أحرمت بعمرة‏.‏ فكيف أفعل ‏؟‏ فسكت عنه‏.‏ فلم يرجع إليه‏.‏ وكان عمر يستره إذا أنزل عليه الوحي، يظله‏.‏ فقلت لعمر رضي الله عنه‏:‏ إني أحب، إذا أنزل عليه الوحي، أن أدخل رأسي معه في الثوب‏.‏ فلما نزل عليه، خمرة عمر رضي الله عنه بالثوب‏.‏ فجئته فأدخلت رأسي معه في الثوب‏.‏ فنظرت إليه‏.‏ فلما سري عنه قال‏:‏ ‏"‏أين السائل آنفا عن العمرة ‏؟‏‏"‏ فقام إليه الرجل‏.‏ فقال ‏"‏انزع عنك جبتك‏.‏ واغسل أثر الخلوق الذي بك‏.‏ وافعل في عمرتك، ما كنت فاعلا في حجك‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏فلم يرجع إليه‏)‏ أي لم يرد جوابه‏.‏ وهو تفسير للسكوت‏.‏ ‏(‏خمرة‏)‏ أي غطاه وستره‏]‏‏.‏

*3* ‏(‏2‏)‏ باب مواقيت الحجة والعمرة

11 - ‏(‏1181‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى وخلف بن هشام وأبو الربيع وقتيبة‏.‏ جميعا عن حماد‏.‏ قال يحيى‏:‏ أخبرنا حماد بن زيد عن عمرو ابن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏ وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة، ذا الحليفة‏.‏ ولأهل الشام، الجحفة‏.‏ ولأهل نجد، قرن المنازل‏.‏ ولأهل اليمن، يلملم‏.‏ قال‏:‏

‏"‏فهن لهن‏.‏ ولمن أتى عليهن من غير أهلهن‏.‏ ممن أراد الحج والعمرة‏.‏ فمن كان دونهن فمن أهله‏.‏ وكذا فكذلك‏.‏ حتى أهل مكة يهلون منها‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأهل المدينة، ذا الحليفة‏)‏ أي جعل لهم ذلك الموضع ميقات الإحرام‏.‏ وذو الحليفة أبعد المواقيت من مكة‏.‏ بينهما نحو عشر مراحل أو تسع‏.‏ وهي قريبة من المدينة على نحو ستة أميال منها‏.‏ ‏(‏ولأهل الشام والجحفة‏)‏ هي ميقات لهم ولأهل مصر‏.‏ قيل‏:‏ سميت بذلك لأن السيل أجحفها في وقت أي ذهب بأهلها‏.‏ ويقال لها‏:‏ مهيعة‏.‏ وهي على ثلاث مراحل من مكة على طريق المدينة‏.‏ ‏(‏ولأهل نجد قرن المنازل‏)‏ وهو على نحو مرحلتين من مكة‏.‏ قالوا‏:‏ وهو أقرب المواقيت إلى مكة‏.‏ ‏(‏ولأهل اليمن يلملم‏)‏ هو جبل من جبال تهامة، على مرحلتين من مكة‏.‏ ‏(‏فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن‏)‏ أي فهذه المواقيت لهذه الأقطار‏.‏ والمراد لأهلها ولمن مر عليها من غير أهلها‏.‏ وهن ضمير جماعة المؤنث‏.‏ وأصله لمن يعقل‏.‏ وقد استعمل فيما لا يعقل، كما في قوله تعالى‏:‏ منها أربعة حرم فلا تظلموا فيهن أنفسكم‏.‏ أي في هذه الأربعة‏.‏ ‏(‏فمن كان دونهن فمن أهله‏)‏ هذا صريح في أن من كان مسكنه بين مكة والميقات فميقاته مسكنه‏.‏ ولا يلزمه الذهاب إلى الميقات، ولا يجوز له مجاوزة مسكنه بغير إحرام‏.‏ ‏(‏وكذا فكذلك‏.‏ حتى أهل مكة يهلون منها‏)‏ هكذا هو في جميع النسخ‏.‏ وهو صحيح‏.‏ ومعناه‏:‏ وهكذا فهكذا‏.‏ من جاوز مسكنه الميقات حتى أهل مكة يهلون منها‏.‏ وقوله‏:‏ حتى أهل مكة، برفع أهل على أن حتى ابتدائية‏.‏ فهو مبتدأ خبره يهلون‏.‏ ومعناه يحرمون‏]‏‏.‏

12 - ‏(‏1181‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا يحيى بن آدم‏.‏ حدثنا وهيب حدثنا عبدالله بن طاوس عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة‏.‏ ولأهل الشام، الجحفة‏.‏ ولأهل نجد، قرن المنازل‏.‏ ولأهل اليمن، يلملم‏.‏ وقال‏"‏ هن لهم‏.‏ ولكل آ ت أتى عليهن من غيرهن‏.‏ ممن أراد الحج والعمرة‏.‏ ومن كان دون ذلك، فمن حيث أنشأ‏.‏ حتى أهل مكة، من مكة‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏فمن حيث أنشأ‏)‏ أي فميقاته من حيث قصد الذهاب إلى مكة، وهو منشأة سفره إليها، فمنه ينشأ إحرامه، أي يحدثه‏]‏‏.‏

13 - ‏(‏1182‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏يهل أهل المدينة من ذى الحليفة‏.‏ وأهل الشام، من الجحفة‏.‏ وأهل نجد، من قرن‏"‏‏.‏ قال عبدالله‏:‏ وبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏:‏ ‏"‏ويهل أهل اليمن من يلملم‏"‏‏.‏

17 - ‏(‏1182‏)‏ وحدثني زهير بن حرب وابن أبي عمر‏.‏ قال ابن أبي عمر‏:‏ حدثنا سفيان عن الزهري، عن سالم، عن أبيه رضي الله عنه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏يهل أهل المدينة من ذي الحليفة‏.‏ ويهل أهل الشام من الجحفة‏.‏ ويهل أهل نجد من قرن‏"‏‏.‏ قال ابن عمر رضي الله عنهما‏:‏ وذكر لي ‏(‏ولم أسمع‏)‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ويهل أهل اليمن من يلملم‏"‏‏.‏

14 - ‏(‏1182‏)‏ وحدثني حرملة بن يحيى‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب، عن سالم بن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن أبيه‏.‏ قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏

‏"‏مهل أهل المدينة ذو الحليفة‏.‏ ومهل أهل الشام مهيعة، وهي الجحفة‏.‏ ومهل أهل نجد قرن‏"‏‏.‏ قال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما‏:‏ وزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏ولم أسمع ذلك منه‏)‏ قال ‏"‏ومهل أهل اليمن يلملم‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏مهل‏)‏ أي موضع إهلالهم ومكان إحرامهم‏.‏ ‏(‏مهيعة‏)‏ هو اسم الجحفة‏.‏ والمهيع هو الطريق الواسع المنبسط‏.‏ ‏(‏وزعموا‏)‏ أي قالوا‏.‏ فإن الزعم يستعمل بمعنى القول المحقق‏]‏‏.‏

15 - ‏(‏1182‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى ويحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وعلي بن حجر ‏(‏قال يحيى‏:‏ أخبرنا‏.‏ وقال الآخرون‏:‏ حدثنا إسماعيل بن جعفر‏)‏ عن عبدالله بن دينار ؛ أنه سمع ابن عمر رضي الله عنهما قال‏:‏ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل المدينة أن يهلوا من ذي الحليفة‏.‏ وأهل الشام، من الجحفة‏.‏ وأهل نجد، من قرن‏.‏

وقال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما‏:‏ وأخبرت أنه قال‏:‏

‏"‏ويهل أهل اليمن من يلملم‏"‏‏.‏

16 - ‏(‏1183‏)‏ حدثنا إسحاق بن إبراهيم‏.‏ أخبرنا روح بن عبادة‏.‏ حدثنا ابن جريج‏.‏ أخبرني أبو الزبير ؛ أنه سمع جابر بن عبدالله رضي الله عنهما يسأل عن المهل ‏؟‏ فقال‏:‏ سمعت ‏(‏ثم انتهى فقال‏:‏ أراه يعني‏)‏ النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

18 - ‏(‏1183‏)‏ وحدثني محمد بن حاتم وعبد بن حميد‏.‏ كلاهما عن محمد بن بكر‏.‏ قال عبد‏:‏ أخبرنا محمد‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ أخبرني أبو الزبير ؛ أنه سمع جابر بن عبدالله رضي الله عنهما يسأل عن المهل ‏؟‏ فقال‏:‏ سمعت ‏(‏أحسبه رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ فقال‏:‏

‏"‏مهل أهل المدينة من ذي الحليفة‏.‏ والطريق الآخر الجحفة‏.‏ ومهل أهل العراق من ذات عرق‏.‏ ومهل أهل نجد من قرن‏.‏ ومهل أهل اليمن من يلملم‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏ذات عرق‏)‏ سمي به لأن به عرقا‏.‏ والعرق هو الجبل الصغير‏]‏‏.‏

*3* ‏(‏3‏)‏ باب التلبية وصفتها ووقتها

19 - ‏(‏1184‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى التميمى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن نافع، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ؛ أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏لبيك اللهم ‏!‏ لبيك‏.‏ لبيك لا شريك لك لبيك‏.‏ إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك‏"‏‏.‏ قال‏:‏ وكان عبدالله بن عمر رضي الله عنهما يزيد فيها‏:‏ لبيك لبيك‏.‏ وسعديك‏.‏ والخير بيديك‏.‏ لبيك والرغباء إليك والعمل‏.‏

‏[‏ش ‏(‏تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم‏)‏ قال القاضي‏:‏ قال المازري‏:‏ التلبية، مثناة، للتكثير والمبالغة‏.‏ ومعناه إجابة بعد إجابة‏.‏ ولزوم لطاعتك‏.‏ فتثنى للتوكيد، لا تثنية حقيقية‏.‏ وقال يونس بن حبيب البصري‏:‏ لبيك اسم مفرد، لا مثنى‏.‏ وألفه إنما انقلبت ياء لاتصالها بالضمير كلدي وعلي‏.‏ ومذهب سيبويه أنه مثنى، بدليل قلبها ياء مع المظهر‏.‏ وأكثر الناس على ما قال سيبويه‏.‏ قال ابن الأنباري‏:‏ ثنوا لبيك كما ثنوا حنانيك‏.‏ أي تحننا بعد تحنن‏.‏ وأصل لبيك لببتك‏.‏ فاستثقلوا الجمع بين ثلاث باءات‏.‏ فأبدلوا من الثالثة ياء‏.‏ كما قالوا، من الظن، تظنيت‏.‏ واختلفوا في معنى لبيك واشتقاقها‏.‏ فقيل معناها‏:‏ اتجاهي وقصدي إليك‏.‏ مأخوذ من قولهم‏:‏ داري تلب دارك، أي تواجهها‏.‏ وقيل‏:‏ معناها محبتي لك‏.‏ مأخوذ من قولهم‏:‏ امرأة لبة إذا كانت محبة لولدها عاطفة عليه‏.‏ وقيل‏:‏ معناها إخلاص لك‏.‏ مأخوذ من قولهم‏:‏ حب لباب‏.‏ إذا كان خالصا محضا‏.‏ ومن ذلك لب الطعام ولبابه‏.‏ وقيل‏:‏ معناها أنا مقيم على طاعتك وإجابتك‏.‏ مأخوذ من قولهم‏:‏ لب الرجل بالمكان وألب، إذا أقام فيه ولزمه‏.‏ ‏(‏لبيك إن الحمد والنعمة لك‏)‏ يروى بكسر الهمزة من إن وفتحها‏.‏ وجهان مشهوران لأهل الحديث وأهل اللغة‏.‏ قال الجمهور‏:‏ الكسر أجود‏.‏ قال الخطابي‏:‏ الفتح رواية العامة‏.‏ وقال ثعلب‏:‏ الاختيار الكسر‏.‏ وهو الأجود في المعنى من الفتح‏.‏ لأن من كسر جعل معناه أن الحمد والنعمة لك على كل حال‏.‏ ومن فتح قال‏:‏ معناه لبيك لهذا السبب‏.‏ ‏(‏وسعديك‏)‏ قال القاضي‏:‏ إعرابها وتثنيتها كما سبق في لبيك‏.‏ ومعناه مساعدة لطاعتك بعد مساعدة‏.‏ ‏(‏والخير بيديك‏)‏ أي الخير كله بيد الله تعالى ومن فضله‏.‏ ‏(‏والرغباء إليك والعمل‏)‏ قال القاضي‏:‏ قال المازري‏:‏ يروى بفتح الراء والمد، وبضم الراء مع القصر‏.‏ ونظيرة العليا والعلياء، والنعمى والنعماء‏.‏ ومعناه هنا الطلب والمسئلة إلى من بيده الخير، وهو المقصود بالعمل المستحق للعبادة‏]‏‏.‏

20 - ‏(‏1184‏)‏ حدثنا محمد بن عباد‏.‏ حدثنا حاتم ‏(‏يعني ابن إسماعيل‏)‏ عن موسى بن عقبة، عن سالم بن عبدالله بن عمر، ونافع مولى عبدالله، وحمزة بن عبدالله، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان، إذا استوت به راحلته قائمة عند مسجد ذي الحليفة، أهل فقال‏:‏

‏"‏لبيك اللهم ‏!‏ لبيك‏.‏ لبيك لا شريك لك لبيك‏.‏ إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏ وكان عبدالله بن عمر رضي الله عنهما يقول‏:‏ هذه تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ قال نافع‏:‏ كان عبدالله رضي الله عنهما يزيد مع هذا‏:‏ لبيك لبيك‏.‏ وسعديك‏.‏ والخير بيديك لبيك‏.‏ والرغباء إليك والعمل‏.‏

‏(‏إذا استوت به راحلته قائمة‏)‏ أي رفعته مستويا على ظهرها، حال قيامها‏]‏‏.‏

‏(‏1184‏)‏ وحدثني محمد بن المثنى‏:‏ حدثنا يحيى ‏(‏يعني ابن سعيد‏)‏ عن عبيدالله‏.‏ أخبرني نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏ تلقفت التلبية من في رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فذكر بمثل حديثهم‏.‏

‏[‏ش ‏(‏تلفقت التلبية‏)‏ أي أخذتها بسرعة‏.‏ قال القاضي‏:‏ وروى تلقنت‏.‏ قال‏:‏ والأول رواية الجمهور‏.‏ قال‏:‏ وروى تلقيت‏.‏ ومعانيها متقاربة‏]‏‏.‏

21 - ‏(‏1184‏)‏ وحدثني حرملة بن يحيى‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب‏.‏ قال‏:‏ فإن سالم بن عبدالله بن عمر‏.‏ أخبرني عن أبيه رضي الله عنه، قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل ملبدا يقول‏:‏

‏"‏لبيك اللهم ‏!‏ لبيك‏.‏ لبيك لا شريك لك لبيك‏.‏ إن الحمد والنعمة لك‏.‏ والملك لا شريك لك‏"‏‏.‏ لا يزيد على هؤلاء الكلمات‏.‏ وإن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما كان يقول‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركع بذي الحليفة ركعتين‏.‏ ثم إذا استوت به الناقة قائمة عند مسجد الحليفة، أهل بهؤلاء الكلمات‏.‏ وكان عبدالله بن عمر رضي الله عنهما يقول‏:‏ كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يهل بإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الكلمات‏.‏ ويقول‏:‏ لبيك اللهم ‏!‏ لبيك‏.‏ لبيك وسعديك‏.‏ والخير في يديك لبيك والرغباء إليك والعمل‏.‏

‏[‏ش ‏(‏يهل ملبدا‏)‏ قال العلماء‏:‏ الإهلال رفع الصوت بالتلبية عند الدخول في الإحرام‏.‏ وأصل الإهلال في اللغة، رفع الصوت‏.‏ ومنه‏:‏ استهل المولود أي صاح‏.‏ ومنه قوله تعالى‏:‏ وما أهل به لغير الله، أي رفع الصوت عند ذبحه بغير ذكر الله تعالى‏.‏ وسمي الهلال هلالا لرفعهم الصوت عند رؤيته‏.‏ أما التلبيد، فقد قال العلماء‏:‏ هو ضفر الرأس بالصمغ أو الخطمى وشبههما‏.‏ مما يضم الشعر ويلزق بعضه ببعض، ويمنعه التمعط والقمل، فيستحب لكونه أرفق به‏]‏‏.‏

22 - ‏(‏1185‏)‏ وحدثني عباس بن عبدالعظيم العنبري‏.‏ حدثنا النضر بن محمد اليمامي‏.‏ حدثنا عكرمة ‏(‏يعني ابن عمار‏)‏ حدثنا أبو زميل عن ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏ كان المشركون يقولون‏:‏ لبيك لا شريك لك‏.‏ قال فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏ويلكم ‏!‏ قد‏.‏ قد‏"‏ فيقولون‏:‏ إلا شريكا هو لك‏.‏ تملكه وما ملك‏.‏ يقولون هذا وهم يطوفون بالبيت‏.‏

‏[‏ش ‏(‏قد قد‏)‏ قال القاضي‏:‏ روى بإسكان الدال وكسرها مع التنوين‏.‏ ومعناه‏:‏ كفاكم هذا الكلام فاقتصروا عليه ولا تزيدوا‏]‏‏.‏

*3* ‏(‏4‏)‏ باب أمر أهل المدينة بالإحرام من عند مسجد ذى الحليفة

23 - ‏(‏1186‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن موسى بن عقبة، عن سالم بن عبدالله ؛ أنه سمع أباه رضي الله عنه يقول‏:‏

بيداؤكم هذه التي تكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها‏.‏ ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند المسجد يعني ذا الحليفة‏.‏

‏[‏ش ‏(‏بيداؤكم‏)‏ قال العلماء‏:‏ هذه البيداء، هي الشرف الذي قدام ذى الحليفة إلى جهة مكة‏.‏ وهي بقرب ذى الحليفة‏.‏ وسميت بيداء لأنه ليس فيها بناء ولا أثر‏.‏ وكل مفازة تسمى بيداء‏.‏ وأما هنا، فالمراد بالبيداء ما ذكرناه‏.‏ ‏(‏التي تكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها‏)‏ أي تقولون‏:‏ إنه صلى الله عليه وسلم أحرم فيها، ولم يحرم فيها‏.‏ وإنما أحرم قبلها من عند مسجد ذى الحليفة ومن عند الشجرة التي كانت هناك عند المسجد‏]‏‏.‏

24 - ‏(‏1186‏)‏ وحدثناه قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا حاتم ‏(‏يعني ابن إسماعيل‏)‏ عن موسى بن عقبة، عن سالم‏.‏ قال‏:‏

كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا قيل له‏:‏ الإحرام من البيداء، قال‏:‏ البيداء التي تكذبون فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند الشجرة‏.‏ حين قام به بعيره‏.‏

*3* ‏(‏5‏)‏ باب الإهلال من حيث تنبعث الراحلة

25 - ‏(‏1187‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن عبيد بن جريج ؛ أنه قال لعبدالله ابن عمر رضي الله عنهما‏:‏

يا أبا عبدالرحمن ‏!‏ رأيتك تصنع أربعا لم أر أحدا من أصحابك يصنعها‏.‏ قال‏:‏ ما هن ‏؟‏ يا ابن جريج ‏!‏ قال‏:‏ رأيتك لا تمس من الأركان إلا اليمانيين‏.‏ ورأيتك تلبس النعال السبتية‏.‏ ورأيتك تصبغ بالصفرة‏.‏ ورأيتك، إذا كنت بمكة، أهل الناس إذا رأوا الهلال، ولم تهلل أنت حتى يكون يوم التروية‏.‏ فقال عبدالله بن عمر‏.‏ أما الأركان، فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يمس إلا اليمانيين‏.‏ وأما النعال السبتية، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال التي ليس فيها شعر‏.‏ ويتوضأ فيها‏.‏ فأنا أحب أن ألبسها‏.‏ وأما الصفرة، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بها‏.‏ فأنا أحب أن أصبغ بها‏.‏ وأما الإهلال فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل حتى تنبعث به راحلته‏.‏

‏[‏ش ‏(‏إلا اليمانيين‏)‏ بتخفيف الياء‏.‏ هذه اللغة الفصيحة المشهورة‏.‏ وحكى سيبويه وغيره من الأئمة تشديدها في لغة قليلة‏.‏ والصحيح التخفيف‏.‏ قالوا‏:‏ لأنه نسبة إلى اليمن‏.‏ فحقه أن يقال‏:‏ اليمنى‏.‏ وهو جائز‏.‏ فلما قالوا‏:‏ اليماني، أبدلوا من إحدى يائي النسب ألفا فلو قالوا‏:‏ اليماني، بالتشديد، لزم منه الجمع بين البدل والمبدل منه‏.‏ والذين شددوها قالوا‏:‏ هذه الألف زائدة، وقد تزاد في النسب كما قالوا في النسب إلى صنعاء‏:‏ صنعاني‏.‏ فزادوا النون الثانية‏.‏ وإلى الري، رازي، فزادوا الزاي‏.‏ وإلى الرقبة رقباني، فزادوا النون‏.‏ والمراد بالركنين اليمانيين الركن اليماني والركن الذي فيه الحجر الأسود‏.‏ ويقال له العراقي لكونه إلى جهة العراق‏.‏ وقيل للذي قبله اليماني لأنه إلى جهة اليمن‏.‏ ويقال لهما اليمانيان‏.‏ تغليبا لأحد الاسمين‏.‏ كما قال الأبوان للأب والأم‏.‏ والقمران للشمس والقمر، والعمران لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما‏.‏ ونظائره مشهورة‏.‏ قال العلماء‏:‏ ويقال للركنين الآخرين اللذين يليان الحجر‏.‏ الشاميان‏.‏ لكونهما بجهة الشام‏.‏ قالوا‏:‏ فاليمانيان باقيان على قواعد إبراهيم صلى الله عليه وسلم، بخلاف الشاميين‏.‏ فلهذا لم يستلما‏.‏ واستلم اليمانيان لبقائهما على قواعد إبراهيم صلى الله عليه وسلم‏.‏

قال القاضي‏:‏ وقد اتفق أئمة الأمصار والفقهاء اليوم على أن الركنين الشاميين لا يستلمان‏.‏ وإنما كان الخلاف في ذلك العصر الأول من بعض الصحابة وبعض التابعين‏.‏ ثم ذهب‏.‏ ‏(‏النعال السبتية‏)‏ وقد أشار ابن عمر إلى تفسيرها بقوله التي ليس فيها شعر‏.‏ وهكذا قال جماهير أهل اللغة وأهل الغريب وأهل الحديث‏:‏ إنها التي لا شعر فيها‏.‏ قال القاضي وكانت عادة العرب لباس النعال بشعرها غير مدبوغة وكانت المدبوغة تعمل بالطائف وغيره‏.‏ وإنما كان يلبسها أهل الرفاهية‏.‏ ‏(‏ويتوضأ فيها‏)‏ معناه يتوضأ ويلبسها، ولرجلاه رطبتان‏.‏ ‏(‏يصبغ‏)‏ الأظهر كون المراد في هذا الحديث صبغ الثياب‏.‏ ‏(‏حتى تنبعث به راحلته‏)‏ انبعاثها هو استوائها قائمة فهو بمعنى قوله في الحديث السابق إذا استوت به راحلته‏.‏ وفي حديث الذي بعده‏:‏ إذا استوت به الناقة قائمة‏]‏‏.‏

26 - ‏(‏1187‏)‏ حدثني هارون بن سعيد الأيلي‏.‏ حدثنا ابن وهب‏.‏ حدثني أبو صخر عن ابن قسيط، عن عبيد بن جريج‏.‏ قال‏:‏

حججت مع عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما‏.‏ بين حج وعمرة‏.‏ ثنتين عشرة مرة‏.‏ فقلت يا أبا عبدالرحمن ‏!‏ لقد رأيت منك أربعة خصال‏.‏ وساق الحديث، بهذا المعنى‏.‏ إلا في قصة الإهلال فإنه خالف رواية المقبري‏.‏ فذكره بمعنى سوى ذكره إياه‏.‏

27 - ‏(‏1187‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا علي بن مسهر عن عبيدالله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وضع رجله في الغرز، وانبعثت به راحلته قائمة، أهل من ذي الحليفة‏.‏

‏[‏ش ‏(‏في الغرز‏)‏ هو ركاب كور البعير، إذا كان من جلد أو خشب، وقيل‏:‏ هو الكور مطلفا، كالركاب للسرج‏]‏‏.‏

28 - ‏(‏1187‏)‏ وحدثني هارون بن عبدالله‏.‏ حدثنا حجاج بن محمد‏.‏ قال‏:‏ قال ابن جريج‏.‏ أخبرني صالح بن كيسان عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما ؛ إنه كان يخبر ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل حين استوت به ناقته قائمة‏.‏

29 - ‏(‏1187‏)‏ وحدثني حرملة بن يحيى‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب ؛ أن سالم بن عبدالله أخبره ؛ أن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال‏:‏

رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب راحلته بذي الحليفة‏.‏ ثم يهل حين تستوي به قائمة‏.‏
(‏6‏)‏ باب الصلاة في مسجد ذي الحليفة

30 - ‏(‏1188‏)‏ وحدثني حرملة بن يحيى وأحمد بن عيسى ‏(‏قال أحمد‏:‏ حدثنا‏.‏ وقال حرملة‏:‏ أخبرنا ابن وهب‏)‏ أخبري يونس عن ابن شهاب ؛ أن عبيدالله بن عبدالله بن عمر أخبره عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه ؛ أنه قال‏:‏

بات رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة مبدأه‏.‏ وصلى في مسجدها‏.‏

‏[‏ش ‏(‏مبدأه‏)‏ هو بفتح الميم وضمها أي ابتداء حجه‏.‏ ومبدأه منصوب على الظرف‏.‏ أي في ابتدائه‏]‏‏.‏

*3* ‏(‏7‏)‏ باب الطيب للمحرم عند الإحرام

31 - ‏(‏1189‏)‏ حدثنا محمد بن عباد‏.‏ أخبرنا سفيان عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏ طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه حين أحرم‏.‏ ولحله قبل أن يطوف بالبيت‏.‏

‏[‏ش ‏(‏لحرمه‏)‏ أي لإحرامه بالحج‏.‏ وهو بضم الحاء وكسرها‏.‏ ‏(‏ولحله‏)‏ أي عند تحلله من محظورات الإحرام بعد أن يرمي ويحلق‏.‏ فالمراد بالطواف طواف الإفاضة‏]‏‏.‏

32 - ‏(‏1189‏)‏ وحدثنا عبدالله بن مسلمة بن قعنب‏.‏ حدثنا أفلح بن حميد عن القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت‏:‏

طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي لحرمه حين أحرم‏.‏ ولحله حين أحل‏.‏ قبل أن يطوف بالبيت‏.‏

33 - ‏(‏1189‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها ؛ أنها قالت‏:‏

كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم‏.‏ ولحله قبل أن يطوف بالبيت‏.‏

34 - ‏(‏1189‏)‏ وحدثنا ابن نمير‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا عبيدالله بن عمر‏.‏ قال‏:‏ سمعت القاسم عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏ طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله ولحرمه‏.‏

35 - ‏(‏1189‏)‏ وحدثني محمد بن حاتم وعبد بن حميد ‏(‏قال عبد‏:‏ أخبرنا‏.‏ وقال ابن حاتم‏:‏ حدثنا محمد بن بكر‏)‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ أخبرني عمر بن عبدالله بن عروة ؛ أنه سمع عروة والقاسم يخبران عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏

طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي بذريرة‏.‏ في حجة الوداع‏.‏ للحل والإحرام‏.‏

‏[‏ش ‏(‏بذريرة‏)‏ قال النووي‏:‏ هي فتات قصب طيب يجاء به من الهند‏]‏‏.‏

36 - ‏(‏1189‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب‏.‏ جميعا عن ابن عيينة‏.‏ قال زهير‏:‏ حدثنا سفيان‏.‏ حدثنا عثمان بن عروة عن أبيه، قال‏:‏

سألت عائشة رضي الله عنها‏:‏ بأي شيء طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند حرمه ‏؟‏ قالت‏:‏ بأطيب الطيب‏.‏

37 - ‏(‏1189‏)‏ وحدثنا أبو كريب‏.‏ حدثنا أبو أسامة عن هشام، عن عثمان بن عروة‏.‏ قال‏:‏ سمعت عروة يحدث عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏

كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأطيب ما أقدر عليه‏.‏ قبل أن يحرم‏.‏ ثم يحرم‏.‏

38 - ‏(‏1189‏)‏ وحدثنا محمد بن رافع‏.‏ حدثنا ابن أبي فديك‏.‏ أخبرنا الضحاك عن ابن أبي الرجال، عن أمه، عن عائشة رضي الله عنها ؛ أنها قالت‏:‏

طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه حين أحرم، ولحله قبل أن يفيض، بأطيب ما وجدت‏.‏

39 - ‏(‏1190‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى وسعيد بن منصور وأبو الربيع وخلف بن هشام وقتيبة بن سعيد ‏(‏قال يحيى‏:‏ أخبرنا‏.‏ وقال الآخرون‏:‏ حدثنا حماد بن زيد‏)‏ عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ كأني أنظر إلي وبيص الطيب في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم‏.‏ ولم يقل خلف‏:‏ وهو محرم‏.‏ ولكنه قال‏:‏ وذاك طيب إحرامه‏.‏

‏[‏ش ‏(‏وبيص الطيب‏)‏ الوبيص البريق واللمعان‏.‏ ‏(‏مفرق‏)‏ المفرق، مثل مسجد، وسط الرأس حيث يفرق فيه الشعر‏]‏‏.‏

40 - ‏(‏1190‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب ‏(‏قال يحيى‏:‏ أخبرنا‏.‏ وقال الآخران‏:‏ حدثنا أبو معاوية‏)‏ عن الأعمش، عن إبراهيم عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏ لكأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يهل‏.‏

‏[‏ش ‏(‏مفارق‏)‏ جمع مفرق‏.‏ والجمع باعتبار الجوانب التي يفرق فيها الشعر‏.‏ وانفراق الشعر انقسامه من وسط الرأس‏]‏‏.‏

41 - ‏(‏1190‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وأبو سعيد الأشج‏.‏ قالوا‏:‏ حدثنا وكيع‏.‏ حدثنا الأعمش عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏

كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم،و وهو يلبي‏.‏

‏(‏1190‏)‏ حدثنا أحمد بن يونس‏.‏ حدثنا زهير‏.‏ حدثنا الأعمش عن إبراهيم، عن الأسود‏.‏ وعن مسلم عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ لكأني أنظر‏.‏ بمثل حديث وكيع‏.‏

42 - ‏(‏1190‏)‏ وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة عن الحكم‏.‏ قال‏:‏ سمعت إبراهيم يحدث عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها ؛ أنها قالت‏:‏

كانما أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو محرم‏.‏

43 - ‏(‏1190‏)‏ وحدثنا ابن نمير‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا مالك بن مغول عن عبدالرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏

إن كنت لأنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو محرم‏.‏

44 - ‏(‏1190‏)‏ وحدثني محمد بن حاتم‏.‏ حدثني إسحاق بن منصور ‏(‏وهو السلولي‏)‏ حدثنا إبراهيم بن يوسف ‏(‏وهو ابن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي‏)‏ عن أبيه، عن أبي إسحاق‏.‏ سمع ابن الأسود يذكر عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا أراد أن يحرم، يتطيب بأطيب ما يجد‏.‏ ثم أرى وبيص الدهن في رأسه ولحيته، بعد ذلك‏.‏

45 - ‏(‏1190‏)‏ حدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا عبدالواحد عن الحسن بن عبيدالله‏.‏ حدثنا إبراهيم عن الأسود‏.‏ قال‏:‏ قالت عائشة رضي الله عنها‏:‏

كأني أنظر إلى وبيص المسك في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو محرم‏.‏

‏(‏1190‏)‏ وحدثناه إسحاق بن إبراهيم‏.‏ أخبرنا الضحاك بن مخلد أبو عاصم‏.‏ حدثنا سفيان عن الحسن بن عبيدالله، بهذا الإسناد، مثله ‏.‏

46 - ‏(‏1191‏)‏ وحدثني أحمد بن منيع ويعقوب الدورقي‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا هشيم‏.‏ أخبرنا منصور عن عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏

كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يحرم، ويوم النحر، قبل أن يطوف بالبيت، بطيب فيه مسك‏.‏

47 - ‏(‏1192‏)‏ حدثنا سعيد بن منصور وأبو كامل‏.‏ جميعا عن أبي عوانة‏.‏ قال سعيد‏:‏ حدثنا أبو عوانة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، قال‏:‏

سألت عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن الرجل يتطيب ثم يصبح محرما ‏؟‏ فقال‏:‏ ما أحب أن أصبح محرما أنضح طيبا‏.‏ لأن أطلي بقطران أحب إلي من أن أفعل ذلك‏.‏ فدخلت على عائشة رضي الله عنها فأخبرتها ؛ أن ابن عمر قال‏:‏ ما أحب أن أصبح محرما أنضخ طيبا‏.‏ لأن أطلي بقطران أحب إلي من أن أفعل ذلك‏.‏ فقالت عائشة‏:‏ أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إحرامه‏.‏ ثم طاف في نسائه‏.‏ ثم أصبح محرما‏.‏

‏[‏ش ‏(‏أنضخ‏)‏ أي يفور منه الطيب‏.‏ ومنه قوله تعالى‏:‏ عينان نضاختان‏.‏ هذا هو المشهور أنه بالخاء المعجمة‏.‏ ولم يذكر القاضي غيره‏.‏ وضبطه بعضهم بالحاء المهملة‏.‏ وهما متقاربان في المعنى‏.‏ قال القاضي‏:‏ قيل‏:‏ النضخ، بالمعجمة، أقل من النضخ، بالمهملة‏.‏ وقيل عكسه‏.‏ وهو أشهر وأكثر‏.‏ ‏(‏لأن أطلي‏)‏ أي أتلطخ به‏.‏ وهو افتعال من الطلي المتعدي‏.‏ يقال طليته بالطين وغيره، من باب رمي‏.‏ واطليت علي افتعلت‏:‏ إذا فعلت ذلك لنفسك‏.‏ ولا يذكر معه المفعول‏.‏ وهو مبتدأ مبدوء بلام الإبتداء‏.‏ خبره قوله‏:‏ أحب‏]‏‏.‏

48 - ‏(‏1191‏)‏ حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي‏.‏ حدثنا خالد ‏(‏يعني ابن الحارث‏)‏ حدثنا شعبة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر‏.‏ قال‏:‏ سمعت أبي يحدث عن عائشة رضي الله عنها ؛ أنها قالت‏:‏

كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ ثم يطوف على نسائه‏.‏ ثم يصبح محرما ينضخ طيبا‏.‏

49 - ‏(‏1191‏)‏ وحدثنا أبو كريب‏.‏ حدثنا وكيع عن مسعر وسفيان، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه‏.‏ قال‏:‏ سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول‏:‏

لأن أصبح مطليا بقطران، أحب إلي من أن أصبح محرما أنضخ طيبا‏.‏ قال فدخلت على عائشة رضي الله عنها‏.‏ فأخبرتها بقوله‏.‏ فقالت‏:‏ طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف في نسائه‏.‏ ثم أصبح محرما‏.‏

*3* ‏(‏8‏)‏ باب تحريم الصيد للمحرم

50 - ‏(‏1193‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن ابن شهاب، عن عبيدالله بن عبدالله، عن ابن عباس، عن الصعب بن جثامة الليثي ؛ أنه أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا‏.‏ وهو بالأبواء ‏(‏أو بودان‏)‏ فرده عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ قال‏:‏ فلما أن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في وجهي، قال ‏"‏ إنا لم نرده عليك، إلا أنا حرم‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏بالأبواء أو بودان‏)‏ هما مكانان بين مكة والمدينة‏.‏ ‏(‏إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم‏)‏ حرم أي محرمون‏.‏ قال القاضي عياض رحمه الله تعالى‏:‏ رواية المحدثين في هذا الحديث‏:‏ لم نرده، بفتح الدال‏.‏ قال‏:‏ وأنكره محققوا شيوخنا من أهل العربية‏.‏ وقالوا‏:‏ هذا غلط من الرواة وصوابه ضم الدال‏.‏ قال‏:‏ ووجدته بخط بعض الأشياخ بضم الدال، وهو الصواب عندهم على مذهب سيبويه في مثل هذا من المضاعف إذا دخلت عليه الهاء، أن يضم ما قبلها في الأمر ونحوه من المجزوم مراعاة للواو التي توجبها ضمة الهاء بعدها لخفاء الهاء‏.‏ فكأن ما قبلها ولي الواو، ولا يكون ما قبل الواو إلا مضموما‏.‏ هذا في المذكر‏.‏ وأما المؤنث مثل ردها وجبها فمفتوح الدال، ونظائرها‏.‏ مراعاة للألف‏]‏‏.‏

51 - ‏(‏1193‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى ومحمد بن رمح وقتيبة‏.‏ جميعا عن الليث بن سعد‏.‏ ح وحدثنا عبد بن حميد‏.‏ أخبرنا عبدالرزاق أخبرنا معمر‏.‏ ح وحدثنا حسن الحلواني‏.‏ حدثنا يعقوب‏.‏ حدثنا أبي عن صالح‏.‏ كلهم عن الزهري، بهذا الإسناد‏.‏ أهديت له حمار وحش كما قال مالك‏.‏ وفي حديث الليث وصالح ؛ أن الصعب بن جثامة أخبره‏.‏

52 - ‏(‏1193‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد‏.‏ قالوا‏:‏ حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري، بهذا الإسناد وقال‏:‏ أهديت له من لحم حمار وحش‏.‏

53 - ‏(‏1194‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏

أهدي الصعب بن جثامة إلى النبي صلى الله عليه وسلم حمار وحش، وهو محرم‏.‏ فرده عليه‏.‏ وقال ‏"‏لولا أنا محرمون، لقبلناه منك‏"‏‏.‏

54 - ‏(‏1194‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا المعتمر بن سليمان‏.‏ قال‏:‏ سمعت منصورا يحدث عن الحكم‏.‏ ح وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة عن الحكم‏.‏ ح وحدثنا عبيدالله بن معاذ‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا شعبة‏.‏ جميعا عن حبيب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏ في رواية منصور عن الحكم‏:‏ أهدي الصعب بن جثامة إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجل حمار وحش‏.‏ وفي رواية شعبة عن الحكم‏:‏ عجز حمار وحش يقطر دما‏.‏

وفي رواية شعبة عن حبيب‏:‏ أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم شق حمار وحش فرده‏.‏

‏[‏ش ‏(‏عجز حمار وحش‏)‏ عجز كل شيء مؤخره‏.‏ ‏(‏شق حمار وحش‏)‏ أي نصفه‏]‏‏.‏

55 - ‏(‏1195‏)‏ وحدثني زهير بن حرب‏.‏ حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج‏.‏ قال‏:‏ أخبرني الحسن بن مسلم عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏

قدم زيد بن أرقم‏.‏ فقال له عبدالله بن عباس يستذكره‏:‏ كيف أخبرتني عن لحم صيد أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حرام ‏؟‏ قال قال‏:‏ أهدي له عضو من لحم صيد فرده‏.‏ فقال ‏"‏إنا لا نأكله‏.‏ إنا حرم‏"‏‏.‏

56 - ‏(‏1196‏)‏ وحدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا سفيان عن صالح بن كيسان‏.‏ ح وحدثنا ابن أبي عمر ‏(‏واللفظ له‏)‏‏.‏ حدثنا سفيان‏.‏ حدثنا صالح بن كيسان‏.‏ قال‏:‏

سمعت أبا محمد مولى أبي قتادة يقول‏:‏ سمعت أبا قتادة يقول‏:‏ خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ حتى إذا كنا بالقاحة‏.‏ فمنا المحرم ومنا غير المحرم‏.‏ إذ بصرت بأصحابي يتراءون شيئا‏.‏ فنظرت فإذا حمار وحش‏.‏ فأسرجت فرسي وأخذت رمحي‏.‏ ثم ركبت فسقط مني سوطي‏.‏ فقلت لأصحابي، وكانوا محرمين‏:‏ ناولوني السوط‏.‏ فقالوا‏:‏ والله ‏!‏ لا نعينك عليه بشيء‏.‏ فنزلت فتناولته‏.‏ ثم ركبت‏.‏ فأدركت الحمار من خلفه وهو وراء أكمة‏.‏ فطعنته برمحي فعقرته‏.‏ فأتيت به أصحابي‏.‏ فقال بعضهم‏:‏ كلوه‏.‏ وقال بعضهم لا تاكلوه‏.‏ وكان النبي صلى الله عليه وسلم أمامنا‏.‏ فحركت فرسي فأدركته‏.‏ فقال ‏"‏ هو حلال‏.‏ فكلوه ‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏بالقاحة‏)‏ هو واد على نحو ميل من السقيا‏.‏ وعلى ثلاث مراحل من المدينة‏.‏ والسقيا قرية جامعة بين مكة والمدينة من أعمال الفرع‏.‏ ‏(‏يتراؤن شيئا‏)‏ أي يتكلفون النظر إللى جهة شيء‏.‏ ويريه بعضهم بعضا‏.‏ والترائي تفاعل، من الرؤية‏.‏ ‏(‏فأسرجت فرسي‏)‏ أي شددت عليه سرجه‏.‏ ‏(‏أكمة‏)‏ أي تل، وهو ما ارتفع من الأرض‏.‏ ‏(‏فعقرته‏)‏ أي فقتلته‏.‏ كما جاء في الرواية التالية‏:‏ فقتله‏.‏ وأما العقر بمعنى الجرح فلا يطلق في غير القوائم‏.‏ يقال‏:‏ عقر البعير بالسيف عقرا، إذا ضرب قوائمه به‏.‏ وربما قيل عقره إذا نحره‏]‏‏.‏

57 - ‏(‏1196‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك‏.‏ ح وحدثنا قتيبة عن مالك فيما قرئ عليه، عن أبي النضر، عن نافع مولى أبي قتادة، عن أبي قتادة رضي الله عنه ؛ أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان ببعض طريق مكة تخلف مع أصحاب له محرمين‏.‏ وهو غير محرم‏.‏ فرأى حمارا وحشيا‏.‏ فاستوى على فرسه‏.‏ فسأل أصحابه أن يناولوه سوطه‏.‏ فأبوا عليه‏.‏ فسألهم رمحه‏.‏ فأبوا عليه‏.‏ فأخذه‏.‏ ثم شد على الحمار فقتله‏.‏ فأكل منه بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ وأبى بعضهم‏.‏ فأدركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فسألوه عن ذلك ‏؟‏ فقال ‏"‏إنما هي طعمة أطعمكموها الله‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏ثم شد على الحمار‏)‏ أي حمل عليه ‏.‏ ‏(‏طعمة‏)‏ قال النووي أي طعام‏.‏ وفي المصباح‏:‏ الطعمة الرزق‏]‏‏.‏

58 - ‏(‏1196‏)‏ وحدثنا قتيبة عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي قتادة رضي الله عنه‏.‏ في حمار الوحش مثل حديث أبي النضر‏.‏ غير أن في حديث زيد بن أسلم‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏هل معكم من لحمه شيء ‏؟‏‏"‏‏.‏

59 - ‏(‏1196‏)‏ وحدثنا صالح بن مسمار السلمي‏.‏ حدثنا معاذ بن هشام‏.‏ حدثني أبي عن يحيى بن أبي كثير‏.‏ حدثني عبدالله بن أبي قتادة‏.‏ قال‏:‏

إنطلق أبي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية‏.‏ فأحرم أصحابه ولم يحرم‏.‏ وحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ أن عدوا بغيقة‏.‏ فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ فبينما أنا مع أصحابه‏.‏ يضحك بعضهم إلى بعض‏.‏ إذا نظرت فإذا أنا بحمار وحش‏.‏ فحملت عليه‏.‏ فطعنته فأثبته‏.‏ فاستعنتهم فأبوا أن يعينوني‏.‏ فأكلنا من لحمه‏.‏ وخشينا أن نقتطع‏.‏ فانطلقت أطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم أرفع فرسي ‏(‏أرفع فرسي‏)‏ شأوا وأسير شأوا‏.‏ فلقيت رجلا من بني غفار في جوف الليل‏.‏ فقلت‏:‏ أين لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏؟‏ قال‏:‏ تركته بتعهن‏.‏ وهو قائل السقيا‏.‏ فلحقته‏.‏ فقلت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ إن أصحابك يقرؤون عليك السلام ورحمة الله‏.‏ وإنهم قد خشوا أن يقتطعوا دونك‏.‏ انتظرهم‏.‏ فانتظرهم‏.‏ فقلت‏:‏ يا رسول الله إني أصدت ومعي منه فاضلة فقال النبي صلى الله عليه وسلم للقوم ‏"‏كلوا‏"‏ وهم محرمون‏.‏

‏[‏ش ‏(‏بغيقة‏)‏ موضع من بلاد بني غفار، بين مكة والمدينة قال القاضي‏:‏ وقيل هي بئر ماء لبني ثعلبة‏.‏ ‏(‏فأثبته‏)‏ أي ثبطته وأثخنته بالضرب والجرح من قولهم‏:‏ ضربه حتى أثبته لا حراك به ولا براح‏.‏ ‏(‏أن نقتطع‏)‏ أي يقطعنا العدو عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ ‏(‏أرفع فرسي شأوا‏)‏ أي أكلفه السير السريع‏.‏ والشأو الغاية والأمد‏.‏ والمعنى‏:‏ أركضه وقتا، وأسوقه بسهولة وقتا‏.‏ ‏(‏بتعهن‏)‏ هي عين ماء هناك على ثلاثة أميال من السقيا‏.‏ ‏(‏وهو قائل السقيا‏)‏ أي وفي عزمه أن يقيل بالسقيا‏.‏ والسقيا قرية جامعة بين مكة والمدينة‏.‏ ‏(‏إني أصدت‏)‏ هكذا هو في بعض النسخ، وهو صحيح‏.‏ وهو بفتح الصاد المخففة‏.‏ والضمير في منه يعود على الصيد المحذوف الذي دل عليه أصدت‏.‏ ويقال بتشديد الصاد‏.‏ وفي بعض النسخ صدت، وفي بعضها اصطدت‏.‏ وكله صحيح‏]‏‏.‏

60 - ‏(‏1196‏)‏ حدثني أبو كامل الجحدري‏.‏ حدثنا أبو عوانة عن عثمان بن عبدالله بن موهب، عن عبدالله بن أبي قتادة، عن أبيه رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجا‏.‏ وخرجنا معه‏.‏ قال‏:‏ فصرف من أصحابه فيهم أبو قتادة‏.‏ فقال ‏"‏خذوا ساحل البحر حتى تلقوني‏"‏ قال‏:‏ فأخذوا ساحل البحر‏.‏ فلما انصرفوا قبل رسول الله صلى الله عله وسلم، أحرموا كلهم‏.‏ إلا أبا قتادة‏.‏ فإنه لم يحرم‏.‏ فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمر وحش‏.‏ فحمل عليها أبو قتادة‏.‏ فعقر منها أتانا‏.‏ فنزلوا فأكلوا من لحمها‏.‏ قال فقالوا‏:‏ أكلنا لحما ونحن محرمون‏.‏ قال‏:‏ فحملوا ما بقي من لحم الأتان‏.‏ فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ إنا كنا أحرمنا‏.‏ وكان أبو قتادة لم يحرم فرأينا حمر وحش‏.‏ فحمل عليها أبو قتادة‏.‏ فعقر منها أتانا‏.‏ فنزلنا فأكلنا من لحمها‏.‏ فقلنا‏:‏ نأكل لحم صيد ونحن محرمون ‏!‏ فحملنا ما بقي من لحمها‏.‏ فقال ‏"‏ هل منكم أحد أمره أو أشار إليه بشيء ‏؟‏‏"‏ قال قالوا‏:‏ لا‏.‏ قال‏"‏ فكلوا ما بقي من لحمها‏.‏

‏[‏ش ‏(‏فصرف من أصحابه فيهم أبو قتادة‏)‏ أي ميز منهم أحادا وجههم إلى جهة الساحل، وكان فيهم أبو قتادة‏]‏‏.‏

61 - ‏(‏1196‏)‏ وحدثناه محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة‏.‏ ح وحدثني القاسم بن زكرياء‏.‏ حدثنا عبيدالله عن شيبان‏.‏ جميعا عن عثمان بن عبدالله بن موهب، بهذا الإسناد‏.‏ في رواية شيبان‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏أمنكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها ‏؟‏‏"‏‏.‏ وفي رواية شعبة قال ‏"‏ أشرتم أو أعنتم أو أصدتم ‏؟‏‏"‏‏.‏ قال شعبة‏:‏ لا أدري قال

‏"‏ أعنتم‏"‏ أو ‏"‏ أصدتم‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏أو أصدتم‏)‏ روى بتشديد الصاد وتخفيفها‏.‏ وروى صدتم‏.‏ قال القاضي‏:‏ رويناه بالتخفيف في أصدتم‏.‏ ومعناه أمرتم بالصيد، أو جعلتم من يصيد‏.‏ وقيل معناه أثرتم الصيد من موضعه‏.‏ قال‏:‏ وهو أولى من رواية صدتم أو اصدتم بالتشديد‏.‏ لأنه صلى الله عليه وسلم قد علم أنهم لم يصيدوا وإنما سألوه عما صاده غيرهم‏]‏‏.‏

62 - ‏(‏1196‏)‏ حدثنا عبدالله بن عبدالرحمن الدارمي‏.‏ أخبرنا يحيى بن حسان‏.‏ حدثنا معاوية ‏(‏وهو ابن سلام‏)‏ أخبرني يحيى‏.‏ أخبرني عبدالله بن أبي قتادة ؛ أن أباه رضي الله عنه أخبره ؛ أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة الحديبية‏.‏ قال‏:‏

فأهلوا بعمرة، غيري‏.‏ قال‏:‏ فاصطدت حمار وحش‏.‏ فأطعمت أصحابي وهم محرمون‏.‏ ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنبأته أن عندنا من لحمه فاضلة‏.‏ فقال ‏"‏كلوه‏"‏ وهو محرمون‏.‏

‏[‏ش ‏(‏غيري‏)‏ أي إلا أنا‏.‏ فإني ما أهللت‏]‏‏.‏

63 - ‏(‏1196‏)‏ حدثنا أحمد بن عبدة الضبي‏.‏ حدثنا فضيل بن سليمان النميري‏.‏ حدثنا أبو حازم عن عبدالله بن أبي قتادة، عن أبيه رضي الله عنه ؛ أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم محرمون‏.‏ وأبو قتادة محل‏.‏ وساق الحديث‏.‏ وفيه‏:‏ فقال ‏"‏هل معكم منه شيء ‏؟‏‏"‏ قالوا‏:‏ معنا رجله‏.‏ قال‏:‏ فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكلها‏.‏

‏[‏ش ‏(‏محل‏)‏ أي غير محرم‏.‏ ويقال له‏:‏ حلال‏.‏ كما يقال للمحرم‏:‏ حرام‏]‏‏.‏

64 - ‏(‏1196‏)‏ وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا أبو الأحوص‏.‏ ح وحدثنا قتيبة وإسحاق عن جرير‏.‏ كلاهما عن عبدالعزيز بن رفيع، عن عبدالله بن أبي قتادة‏.‏ قال‏:‏ كان أبو قتادة في نفر محرمين‏.‏ وأبو قتادة محل‏.‏ واقتص الحديث‏.‏ وفيه‏:‏

قال‏"‏هل أشار إليه إنسان منكم أو أمره بشيء ‏؟‏‏"‏ قالوا‏:‏ لا‏.‏ يا رسول الله ‏!‏ قال ‏"‏فكلوا‏"‏‏.‏

65 - ‏(‏1197‏)‏ حدثني زهير بن حرب‏.‏ حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج‏.‏ أخبرني محمد بن المنكدر عن معاذ بن عبدالرحمن بن عثمان التيمي، عن أبيه‏.‏ قال‏:‏

كنا مع طلحة بن عبيدالله ونحن حرم‏.‏ فأهدي له طير‏.‏ وطلحة راقد‏.‏ فمنا من أكل‏.‏ ومنا من تورع‏.‏ فلما استيقظ طلحة وفق من أكله‏.‏ وقال‏:‏ أكلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

‏[‏ش ‏(‏ونحن حرم‏)‏ أي محرمون‏.‏ فهو جمع حرام بمعنى محرم‏.‏ ‏(‏وفق من أكله‏)‏ أي صوبه‏]‏‏.‏

*3* ‏(‏9‏)‏ باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم

66 - ‏(‏1198‏)‏ حدثنا هارون بن سعيد الأيلي وأحمد بن عيسى‏.‏ قالا‏:‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه‏.‏ قال‏:‏ سمعت عبيدالله بن مقسم يقول‏:‏ سمعت القاسم بن محمد يقول‏:‏ سمعت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏

‏"‏ أربع كلهن فاسق‏.‏ يقتلن في الحل والحرم‏:‏ الحدأة، والغراب، والفارة، والكلب العقور‏"‏‏.‏ قال فقلت للقاسم‏:‏ أفرأيت الحية ‏؟‏ قال‏:‏ تقتل بصغر لها‏.‏

‏[‏ش ‏(‏كلهن فاسق‏)‏ أي كل منهن فاسق‏.‏ أصل الفسق في كلام العرب الخروج‏.‏ وسمى الرجل الفاسق لخروجه عن أمر الله تعالى وطاعته‏.‏ فسميت هذه فواسق لخروجها بالإيذاء والإفساد عن طريق معظم الدواب‏.‏ وقيل‏:‏ لخروجها عن حكم الحيوان في تحريم قتله في الحل والإحرام‏.‏ ‏(‏الحدأة‏)‏ وجمعها حدأ كعنبة وعنب طائر خبيث، هو أخس الطير‏.‏ يخطف الأفراخ وصغار أولاد الكلاب‏.‏ وربما يخطف مالا يصلح له إن كان أحمر، يظنه لحما‏.‏ ‏(‏الكلب العقور‏)‏ قال جمهور العلماء‏:‏ ليس المراد بالكلب العقور تخصيص هذا الكلب المعروف، بل المراد كل عاد مفترس غالبا، كالسبع والنمر والذئب والفهد ونحوها‏.‏ ومعنى العقور، العاقر الجارح‏.‏ ‏(‏بصغر لها‏)‏ أي بمذلة وإهانة‏.‏

67 - ‏(‏1198‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا غندر عن شعبة‏.‏ ح وحدثنا ابن المثنى وابن بشار‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة‏.‏ قال‏:‏ سمعت قتادة يحدث عن سعيد بن المسيب، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنه قال‏:‏

‏"‏خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم‏:‏ الحية، والغراب الأبقع، والفارة، والكلب العقور، والحديا‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏خمس فواسق‏)‏ هو بتنوين خمس‏:‏ مبتدأ نكرة متخصصة بصفة، وهو فواسق‏.‏ وفواسق معناه مؤذيات‏.‏ وخبر المبتدأ يقتلن‏.‏ ‏(‏الغراب الأبقع‏)‏ هو الذي في ظهره وبطنه بياض‏.‏ ‏(‏الفارة‏)‏ أصله الهمز، ويبدل‏.‏ ‏(‏الحديا‏)‏ تصغير حدأة‏.‏ قلبت الهمزة، بعد ياء التصغير، ياء‏.‏ وأدغم ياء التصغير فيها فصارت حدية‏.‏ ثم حذفت التاء وعوض عنها الألف، لدلالتها على التأنيث أيضا‏.‏ ويقال‏:‏ إنه تصغير حدأ ؛ جمع حدأة‏.‏ وتصغيرها حدياة‏]‏‏.‏

68 - ‏(‏1198‏)‏ وحدثنا أبو الربيع الزهراني‏.‏ حدثنا حماد ‏(‏وهو ابن زيد‏)‏ حدثنا هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏خمس فواسق يقتلن في الحرم‏:‏ العقرب، والفارة، والحديا، والغراب، والكلب العقور‏"‏‏.‏

‏(‏1198‏)‏ وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا ابن نمير‏.‏ حدثنا هشام، بهذا الإسناد‏.‏

69 - ‏(‏1198‏)‏ وحدثنا عبيدالله بن عمر القواريري‏.‏ حدثنا يزيد بن زريع‏.‏ حدثنا معمر عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏خمس فواسق يقتلن في الحرم‏:‏ الفارة، والعقرب، والغراب، والحديا، والكلب العقور‏"‏‏.‏

70 - ‏(‏1198‏)‏ وحدثناه عبد بن حميد‏.‏ أخبرنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا معمر عن الزهري، بهذا الإسناد‏.‏ قالت‏:‏

أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل خمس من فواسق في الحل والحرم‏.‏ ثم ذكر بمثل حديث يزيد بن زريع‏.‏

71 - ‏(‏1198‏)‏ وحدثني أبو الطاهر وحرملة‏.‏ قالا‏:‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

‏"‏خمس من الدواب كلها فواسق‏.‏ تقتل في الحرم‏:‏ الغراب، والحدأة، والكلب العقور، والعقرب، والفارة‏"‏‏.‏

72 - ‏(‏1199‏)‏ وحدثني زهير بن حرب وابن أبي عمر‏.‏ جميعا عن ابن عيينة‏.‏ قال زهير‏:‏ حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري، عن سالم، عن أبيه رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏خمس لا جناح على من قتلهن في الحرم والإحرام‏:‏ الفارة، والعقرب، والغراب، والحدأة، والكلب العقور‏"‏‏.‏ وقال ابن أبي عمر في روايته ‏"‏في الحرم والإحرام‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏في الحرم والإحرام‏)‏ اختلفوا في ضبط الحرم هنا‏.‏ فضبطه جماعة من المحققين بفتح الحاء والراء‏.‏ أي الحرم المشهور وهو حرم مكة‏.‏ والثاني بضم الحاء والراء‏.‏ ولم يذكر القاضي عياض في المشارق غيره‏.‏ قال‏:‏ وهو جمع حرام‏.‏ كما قال تعالى‏:‏ وأنتم حرم‏.‏ قال‏:‏ والمراد به المواضع المحرمة‏.‏ والفتح أظهر‏]‏‏.‏

73 - ‏(‏1200‏)‏ حدثني حرملة بن يحيى‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب‏.‏ أخبرني سالم بن عبدالله ؛ أن عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما قال‏:‏ قالت حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

‏"‏خمس من الدواب كلها فاسق لاحرج على من قتلهن‏:‏ العقرب، والغراب، والحدأة، والفارة، والكلب العقور‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏من الدواب‏)‏ جمع دابة‏.‏ وهو ما دب من الحيوان‏.‏ ‏(‏لا حرج‏)‏ أي لا بأس ولا إثم‏.‏ قال ابن الأثير‏:‏ أصل الحرج الضيق، ويطلق على الإثم والحرام‏]‏‏.‏

74 - ‏(‏1200‏)‏ حدثنا أحمد بن يونس‏.‏ حدثنا زهير‏.‏ حدثنا زيد بن جبير ؛ أن رجلا سأل ابن عمر‏:‏ ما يقتل المحرم من الدواب ‏؟‏ فقال‏:‏

أخبرتني إحدى نسوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ أنه أمر أو أمر أن تقتل الفارة، والعقرب، والحدأة، والكلب العقور، والغراب‏.‏

75 - ‏(‏1200‏)‏ حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا أبو عوانة عن زيد بن جبير‏.‏ قال‏:‏

سأل رجل ابن عمر‏:‏ ما يقتل الرجل من الدواب وهو محرم ‏؟‏ قال‏:‏ حدثتني إحدى نسوة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنه كان يأمر بقتل الكلب العقور، والفارة، والحديا، والغراب، والحية‏.‏ قال‏:‏ وفي الصلاة أيضا‏.‏

76 - ‏(‏1199‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏خمس من الدواب، ليس على المحرم في قتلهن جناح‏:‏ الغراب، والحدأة، والعقرب، والفارة، والكلب العقور‏"‏‏.‏

77 - ‏(‏1199‏)‏ وحدثنا هارون بن عبدالله‏.‏ حدثنا محمد بن بكر‏.‏ حدثنا ابن جريج‏.‏ قال‏:‏ قلت لنافع‏:‏ ماذا سمعت ابن عمر يحل للحرام قتله من الدواب ‏؟‏ فقال لي نافع‏:‏ قال عبدالله‏:‏

سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ‏"‏ خمس من الدواب لا جناح، على من قتلهن، في قتلهن‏:‏ الغراب، والحدأة، والعقرب، والفارة، والكلب العقور‏"‏‏.‏

‏(‏1199‏)‏ وحدثناه قتيبة وابن رمح عن الليث بن سعد‏.‏ ح وحدثنا شيبان بن فروخ‏.‏ حدثنا جريج ‏(‏يعني ابن حازم‏)‏ جميعا عن نافع‏.‏ ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا علي بن مسهر‏.‏ ح وحدثنا ابن نمير‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ جميعا عن عبيدالله‏.‏ ح وحدثني أبو كامل‏.‏ حدثنا حماد‏.‏ حدثنا أيوب‏.‏ ح وحدثنا ابن المثنى‏.‏ حدثنا يزيد بن هارون‏.‏ أخبرنا يحيى بن سعيد‏.‏ كل هؤلاء عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ بمثل حديث مالك وابن جريج‏.‏ ولم يقل أحد منهم‏:‏ عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ إلا ابن جريج وحده‏.‏ وقد تابع ابن جريج، على ذلك، ابن إسحاق‏.‏

78 - ‏(‏1199‏)‏ وحدثنيه فضل بن سهل‏.‏ حدثنا يزيد بن هارون‏.‏ أخبرنا محمد بن إسحاق عن نافع وعبيدالله بن عبدالله، عن ابن عمر رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏

سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ‏"‏ خمس لا جناح في قتل ما قتل منهن في الحرم ‏"‏ فذكر بمثله‏.‏

79 - ‏(‏1199‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى ويحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر ‏(‏قال يحيى بن يحيى‏:‏ أخبرنا‏.‏ وقال الآخرون‏:‏ حدثنا إسماعيل ابن جعفر‏)‏ عن عبدالله بن دينار ؛ أنه سمع عبدالله بن عمر رضي الله عنهما يقول‏:‏

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ خمس‏.‏ من قتلهن وهو حرام فلا جناح عليه فيهن‏:‏ العقرب، والفارة، والكلب العقور، والغراب، والحديا ‏"‏ ‏(‏واللفظ ليحيى بن يحيى‏)‏‏.‏

*3* ‏(‏10‏)‏ باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى، ووجوب الفدية لحلقه، وبيان قدرها

80 - ‏(‏1201‏)‏ وحدثني عبيدالله بن عمر القواريري‏.‏ حدثنا حماد ‏(‏يعني ابن زيد‏)‏ عن أيوب‏.‏ ح وحدثني أبو الربيع‏.‏ حدثنا حماد‏.‏ حدثنا أيوب‏.‏ قال‏:‏ سمعت مجاهدا يحدث عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏

أتى على رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية وأنا أوقد تحت ‏(‏قال القواريري‏:‏ قدر لي‏.‏ وقال أبو الربيع‏:‏ برمة لي‏)‏ والقمل يتناثر على وجهي‏.‏ فقال ‏"‏ أيؤذيك هوام رأسك ‏؟‏‏"‏ قال قلت‏:‏ نعم‏.‏ قال ‏"‏ فاحلق‏.‏ وصم ثلاثة أيام‏.‏ أو أطعم ستة مساكين‏.‏ أو أنسك نسيكة ‏"‏‏.‏ قال أيوب‏:‏ فلا أدري بأي ذلك بدأ‏.‏

‏[‏ش ‏(‏وأنا أوقد‏)‏ أي أشعل النار‏.‏ ‏(‏قدر لي‏.‏ برمة لي‏)‏ القدر أنية يطبخ فيها‏.‏ والبرمة مثلها‏.‏ قال ابن الأثير‏:‏ البرمة القدر مطلقا‏.‏ وهي في الأصل المتخذة من الحجر المعروف بالحجاز واليمن‏.‏ ‏(‏والقمل يتناثر على وجهي‏)‏ أي يتفرق من رأسي متساقطا على وجهي‏.‏ ‏(‏أيؤذيك هوام رأسك‏)‏ الهوام جمع هامة‏.‏ كدواب في جمع دابة‏.‏ قال‏:‏ ابن الأثير‏:‏ الهامة كل ذات سم يقتل‏.‏ وأما ما يسم ولا يقتل فهو السامة كالعقرب والزنبور‏.‏ وقد يقع الهوام على ما يدب من الحيوان وإن لم يقتل، كالحشرات‏.‏ ‏(‏أو انسك نسيكة‏)‏ أي اذبح ذبيحة‏.‏ والنسك شاة‏.‏ وهي شاة تجزيء في الأضحية‏]‏‏.‏

‏(‏1201‏)‏ حدثني علي بن حجر السعدي وزهير بن حرب ويعقوب بن إبراهيم‏.‏ جميعا عن ابن علية، عن أيوب، في هذا الإسناد‏.‏ بمثله‏.‏

81 - ‏(‏1201‏)‏ وحدثنا محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا ابن أبي عدي عن ابن عون، عن مجاهد، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏ فيّ أنزلت هذه الآية‏:‏ ‏{‏ فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك‏}‏ ‏[‏2 / البقرة / الآية 196‏]‏ قال‏:‏ فأتيته‏.‏ فقال ‏"‏ ادنه ‏"‏ فدنوت‏.‏ فقال ‏"‏ ادنه ‏"‏ فدنوت‏.‏ فقال صلى الله عليه وسلم

‏"‏أيؤذيك هوامك ‏؟‏‏"‏‏.‏ قال ابن عون‏:‏ وأظنه قال‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ فأمرني بفدية من صيام أو صدقة أو نسك، ما تيسر ‏.‏

82 - ‏(‏1201‏)‏ وحدثنا ابن نمير‏.‏ حدثنا أبي،‏.‏ حدثنا سيف‏.‏ قال‏:‏ سمعت مجاهدا يقول‏:‏ حدثني عبدالرحمن بن أبي ليلى‏.‏ حدثني كعب بن عجرة رضي الله عنه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف عليه ورأسه يتهافت قملا‏.‏ فقال

‏"‏أيؤذيك هوامك ‏؟‏‏"‏ قلت‏:‏ نعم‏.‏ قال ‏"‏ فاحلق رأسك ‏"‏ قال‏:‏ ففي نزلت هذه الآية‏:‏ ‏{‏فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك‏}‏ ‏[‏2 / البقرة / الآية 196‏]‏ فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم صم ثلاثة أيام‏.‏ أو تصدق بفرق بين ستة مساكين‏.‏ أو انسك ما تيسر‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏ورأسه ييتهافت قملا‏)‏ أي يتساقط شيئا فشيئا‏.‏ قال الفيومي‏:‏ وتهافت الفراش في النار من ذلك، إذا تطاير إليها‏.‏ وتهافت الناس على الماء ازدحموا‏.‏ ‏(‏تصدق بفرق‏)‏ هو بفتح الراء وإسكانها، لغتان‏.‏ وفسره في الرواية الثانية بثلاثة آصع، وهكذا هو‏.‏ وقال الأزهري‏:‏ كلام العرب بالفتح، والمحدثون قد يسكنوه‏.‏ هو مكيال معروف بالمدينة‏.‏ ‏(‏بين ستة مساكين‏)‏ معناه مقسومة على ستة مساكين‏.‏ لكل مسكين نصف صاع‏]‏‏.‏

83 - ‏(‏1201‏)‏ وحدثنا محمد بن أبي عمر‏.‏ حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح وأيوب وحميد وعبدالكريم، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة رضي الله عنه ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به وهو بالحديبية، قبل أن يدخل مكة، وهو محرم، وهو يوقد تحت قدر، والقمل يتهافت على وجهه‏.‏ فقال‏:‏

‏"‏أيؤذيك هوامك هذه ‏؟‏‏"‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قال ‏"‏فاحلق رأسك‏.‏ وأطعم فرقا بين ستة مساكين‏.‏ ‏(‏والفرقة ثلاثة آصع‏)‏‏"‏ أو صم ثلاثة أيام‏.‏ أو انسك نسيكة ‏"‏ قال ابن أبي نجيح ‏"‏ أو أذبح شاة ‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏آصع‏)‏ جمع صاع‏.‏ وفي الصاع لغتان‏:‏ التذكير والتأنيث‏:‏ وهو مكيال يسع خمسة أرطال وثلثا بالبغدادي‏.‏ وهو من باب المقلوب لأن فاء الكلمة في آصع صاد‏.‏ وعينها واو‏.‏ فقلبت الواو همزة ونقلت إلى موضع الفاء‏.‏ ثم قلبت الهمزة ألفا حين اجتمعت هي وهمزة الجمع فصار آصعا‏.‏ ووزنه أعفل‏.‏ وكذلك القول في آدر جمع دار‏]‏‏.‏

84 - ‏(‏1201‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا خالد بن عبدالله عن خالد، عن أبي قلابة، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة رضي الله عنه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر زمن الحديبية‏.‏ فقال له‏:‏

‏"‏ آذاك هوام رأسك ‏؟‏‏"‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏احلق رأسك‏.‏ ثم اذبح شاة نسكا‏.‏ أو صم ثلاثة أيام‏.‏ أو أطعم ثلاثة آصع من تمر، على ستة مساكين‏"‏‏.‏

85 - ‏(‏1201‏)‏ وحدثنا منحمد بن المثنى وابن بشار‏.‏ قال ابن المثنى‏:‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة عن عبدالرحمن بن الأصبهاني، عن عبدالله بن معقل‏.‏ قال‏:‏

قعدت إلى كعب رضي الله عنه، وهو في المسجد‏.‏ فسألته عن هذه الآية‏:‏ ‏{‏ ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ‏؟‏‏}‏ فقال كعب رضي الله عنه‏:‏ نزلت في‏.‏ كان بي أذى من رأسي‏.‏ فحملت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي‏.‏ فقال ‏"‏ ما كنت أرى أن الجهد بلغ منك ما أرى أتجد شاة ‏؟‏ ‏"‏ فقلت‏:‏ لا‏.‏ فنزلت هذه الآية‏:‏ ‏{‏ ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ‏}‏‏.‏ قال‏:‏ صوم ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين نصف صاع، طعاما لكل مسكين‏.‏ قال‏:‏ فنزلت في خاصة، وهي لكم عامة‏.‏

‏(‏ش ‏(‏ما كنت أرى أن الجهد‏)‏ أي ما كنت أظن‏.‏ والجهد المشقة‏]‏‏.‏

86 - ‏(‏1201‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا عبدالله بن نمير عن زكرياء بن أبي زائدة‏.‏ حدثنا عبدالرحمن بن الأصبهاني‏.‏ حدثني عبدالله بن معقل‏.‏ حدثني كعب بن عجرة رضي الله عنه ؛ أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم محرما فقمل رأسه ولحيته‏.‏ فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ فأرسل إليه‏.‏ فدعا الحلاق فحلق رأسه‏.‏ ثم قال له ‏"‏هل عندك نسك ‏؟‏‏"‏ قال‏:‏ ما أقدر عليه‏.‏ فأمره أن يصوم ثلاثة أيام، أو يطعم ستة مساكين، لكل مسكينين صاع‏.‏ فأنزل الله عز وجل فيه خاصة‏:‏ ‏{‏ فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه‏}‏ ‏[‏2 / البقرة / الآية 196‏]‏‏.‏ ثم كانت للمسلمين عامة‏.‏

*3* ‏(‏11‏)‏ باب جواز الحجامة للمحرم

87 - ‏(‏1202‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم ‏(‏قال إسحاق‏:‏ أخبرنا‏.‏ وقال الآخران‏:‏ حدثنا سفيان بن عيينة‏)‏ عن عمرو، عن طاوس وعطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم‏.‏

88 - ‏(‏1203‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا المعلى بن منصور‏.‏ حدثنا سليمان بن بلال عن علقمة بن أبي علقمة، عن عبدالرحمن الأعرج، عن ابن بحينة ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم بطريق مكة، وهو محرم، وسط رأسه‏.‏

‏[‏ش ‏(‏ابن بحينة‏)‏ هو عبدالله بن مالك الصحابي‏.‏ وبحينة أمه‏.‏ ويذكر بأبويه‏.‏ ‏(‏وسط رأسه‏)‏ قال أهل اللغة‏:‏ كل ما كان يبين بعضه من بعض، كوسط الصف والقلادة وحلقة الناس ونحو ذلك فهو وسط بالإسكان‏.‏ وما كان مصمتا لا يبين بعضه من بعض كالدار والساحة والرأس والراحة، فهو وسط بفتح السين‏.‏ قال الأزهري والجوهري وغيرهما‏:‏ وقد أجازوا في المفتوح الإسكان، ولم يجيزوا في الساكن الفتح‏]‏‏.‏

*3* ‏(‏12‏)‏ باب جواز مداواة المحرم عينيه

89 - ‏(‏1204‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وزهير بن حرب‏.‏ جميعا عن ابن عيينة‏.‏ قال أبو بكر‏:‏ حدثنا سفيان بن عيينة‏.‏ حدثنا أيوب بن موسى عن نبيه بن وهب‏.‏ قال‏:‏

خرجنا مع أبان بن عثمان‏.‏ حتى إذا كنا بملل، اشتكى عمر بن عبيدالله عينيه‏.‏ فلما كنا بالروحاء اشتد وجعه‏.‏ فأرسل إلى أبان بن عثمان يسأله‏.‏ فأرسل إليه أن أضمدهما بالصبر‏.‏ فإن عثمان رضي الله عنه حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الرجل إذا اشتكى عينيه، وهو محرم، ضمدهما بالصبر‏.‏

‏[‏ش ‏(‏حتى إذا كنا بملل‏)‏ على ثمانية وعشرين ميلا من المدينة‏.‏ وقيل‏:‏ اثنان وعشرون‏.‏ حكاهما القاضي عياض في الشارق ‏.‏ ‏(‏اضمدهما بالصبر‏)‏ يقال‏:‏ ضمد وضمد‏.‏ ومعناه اللطخ‏.‏ وأصل الضمد الشد‏.‏ ويقال للخرقة التي يشد بها العضو المأوف، أي المصاب بآفة، ضماد والصبر بكسر الباء، ويجوز إسكانها، دواء مر‏]‏‏.‏

90 - ‏(‏1204‏)‏ وحدثناه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي‏.‏ حدثنا عبدالصمد بن عبدالوارث‏.‏ حدثني أبي‏.‏ حدثنا أيوب بن موسى‏.‏ حدثني نبيه بن وهب ؛ أن عمر بن عبيدالله بن معمر رمدت عينه‏.‏ فأراد أن يكحلها فنهاه أبان بن عثمان‏.‏ وأمره أن يضمدها بالصبر وحدث عن عثمان بن عفان، عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنه فعل ذلك‏.‏
‏(‏13‏)‏ باب جواز غسل المحرم بدنه ورأسه

91 - ‏(‏1205‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وزهير بن حرب وقتيبة بن سعيد‏.‏ قالوا‏:‏ حدثنا سفيان بن عيينة عن زيد ابن أسلم‏.‏ ح وحدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ وهذا حديثة عن مالك بن أنس‏.‏ فيما قرئ عليه، عن زيد بن أسلم، عن إبراهيم بن عبدالله ابن حنين، عن أبيه، عن عبدالله بن عباس والمسور بن مخرمة ،أنهما اختلفا بالأبواء فقال عبدالله بن عباس‏:‏ يغسل المحرم رأسه‏.‏ وقال المسور‏:‏

لا يغسل المحرم رأسه‏.‏ فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري أسأله عن ذلك‏.‏ فوجدته يغتسل بين القرنين‏.‏ وهو يستتر بثوب‏.‏ قال‏:‏ فسلمت عليه‏.‏ فقال‏:‏ من هذا ‏؟‏ فقلت‏:‏ أنا عبدالله بن حنين‏.‏ أرسلني إليك عبدالله بن عباس‏.‏ أسألك كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه وهو محرم ‏؟‏ فوضع أبو أيوب رضي الله عنه يده على الثوب‏.‏ فطأطأه حتى بدا لي رأسه‏.‏ ثم قال لإنسان يصب‏:‏ اصبب‏.‏ فصب على رأسه‏.‏ ثم حرك رأسه بيديه‏.‏ فأقبل بهما وأدبر‏.‏ ثم قال‏:‏ هكذا رأيته صلى الله عليه وسلم يفعل‏.‏

‏[‏ش ‏(‏بالأبواء‏)‏ موضع بين الحرمين‏.‏ ‏(‏بين القرنين‏)‏ تثنية قرن‏.‏ وهما الخشبتان القائمتان على رأس البئر، وشبههما من البناء‏.‏ وتمد بينهما خشبة يجر عليها الحبل المستقى به، وتعلق عليها البكرة‏.‏ ‏(‏فطأطأه‏)‏ أي خفضه حتى ظهر لي رأسه‏]‏ ‏.‏

92 - ‏(‏1205‏)‏ وحدثناه إسحاق بن إبراهيم وعلي بن خشرم‏.‏ قالا‏:‏ أخبرنا عيسى بن يونس‏.‏ حدثنا ابن جريج‏.‏ أخبرني زيد بن أسلم، بهذا الإسناد‏.‏ وقال‏:‏

فأمر أبو أيوب بيديه على رأسه جميعا‏.‏ على جميع رأسه‏.‏ فأقبل بهما وأدبر‏.‏ فقال المسور لابن عباس‏:‏ لا أماريك أبدا‏.‏

‏[‏ش ‏(‏لا أماريك‏)‏ أي لا أجادلك‏.‏ وفي المصباح‏:‏ ولا يكون المراء إلا اعتراضا‏.‏ بخلاف الجدال فإنه يكون ابتداء واعتراضا‏]‏‏.‏

*3* ‏(‏14‏)‏ باب ما يفعل بالمحرم إذا مات

93 - ‏(‏1206‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ خر رجل من بعيره، فوقص، فمات‏.‏ فقال‏:‏

اغسلوه بماء وسدر‏.‏ وكفنوه في ثوبه ولا تخمروا رأسه‏.‏ فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيا‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏خر رجل‏)‏ أي سقط‏.‏ ‏(‏فوقص‏)‏ أي دقت عنقه‏.‏ يقال‏:‏ وقصت الناقة براكبها وقصا، من باب وعد، إذا رمت به فدقت عنقه‏.‏ ‏(‏ولا تخمروا‏)‏ التخمير‏:‏ التغطية‏.‏ ‏(‏ملبيا‏)‏ في المصباح‏:‏ لبى الرجل تلبية إذا قال‏:‏ لبيك‏.‏ ولبى بالحج كذلك‏.‏ ومعنى يبعثه يوم القيامة ملبيا، أي حال كونه قائلا لبيك‏.‏ أي يحشر يوم القيامة على الهيئة التي مات عليها ليكون ذلك علامة لحجه، كما يجيء الشهيد يوم القيامة ودمه يسيل‏]‏‏.‏

94 - ‏(‏1206‏)‏ وحدثنا أبو الربيع الزهراني‏.‏ حدثنا حماد عن عمرو بن دينار وأيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏

بينما رجل واقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة‏.‏ إذ وقع من راحلته‏.‏ قال أيوب‏:‏ فأوقصته ‏(‏أو قال فأقعصته‏)‏ وقال عمرو‏:‏ فوقصته‏.‏ فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏"‏اغسلوه بماء وسدر‏.‏ وكفنوه في ثوبين‏.‏ ولا تحنطوه‏.‏ ولا تخمروا رأسه‏.‏ ‏(‏قال أيوب‏)‏ فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيا‏.‏ ‏(‏وقال عمرو‏)‏ فإن الله يبعثه يوم القيامة يلبى‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏فأوقصته‏)‏ وقصته وأوقصته بمعنى‏.‏ ‏(‏فأقعصته‏)‏ أي قتلته في الحال‏.‏ ومنه قعاص الغنم، وهو موتها بداء يأخذها تموت فجأة‏.‏ ‏(‏ولا تحنطوه‏)‏ أي لا تمسوه حنوطا‏.‏ والحنوط ويقال له الحناط، أخلاط من طيب يجمع للميت خاصة، ولا تستعمل في غيره‏.‏ ‏(‏ملبيا‏)‏ وملبدا ويلبي‏.‏ معناه على هيئته التي مات عليها‏]‏‏.‏

95 - ‏(‏1206‏)‏ وحدثنيه عمرو الناقد‏.‏ حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب‏.‏ قال‏:‏ نبئت عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما ؛ أن رجلا كان واقفا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم‏.‏ فذكر نحو ما ذكر حماد عن أيوب‏.‏

96 - ‏(‏1206‏)‏ وحدثنا علي بن خشرم‏.‏ أخبرنا عيسى ‏(‏يعني ابن يونس‏)‏ عن ابن جريج‏.‏ أخبرني عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏

أقبل رجل حراما مع النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ فخر من بعيره، فوقص وقصا، فمات‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏اغسلوه بماء وسدر وألبسوه ثوبيه‏.‏ ولا تخمروا رأسه‏.‏ فإنه يأتي يوم القيامة يلبى‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏حراما‏)‏أي محرما‏]‏‏.‏

97 - ‏(‏1206‏)‏ وحدثناه عبد بن حميد‏.‏ أخبرنا محمد بن بكر البرساني‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ أخبرني عمرو بن دينار ؛ أن سعيد بن جبير أخبره أخبره عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال‏:‏

أقبل رجل حرام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ بمثله‏.‏ غير أنه قال ‏"‏فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا‏"‏‏.‏ وزاد‏:‏ لم يسم سعيد بن جبير حيث خر‏.‏

‏[‏ش ‏(‏لم يسم سعيد بن جبير حيث خر‏)‏ أي لم يذكر مكان خروره‏]‏‏.‏

98 - ‏(‏1206‏)‏ وحدثنا أبو كريب‏.‏ حدثنا وكيع عن سفيان، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا أو قصته راحلته، وهو محرم، فمات‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

‏"‏اغسلوه بماء وسدر‏.‏ وكفنوه في ثوبيه‏.‏ ولا تخمروا رأسه ولا وجهه‏.‏ فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا‏"‏‏.‏

99 - ‏(‏1206‏)‏ وحدثنا محمد بن الصباح‏.‏ حدثنا هشيم‏.‏ أخبرنا أبو بشر‏.‏ حدثنا سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏ ح وحدثنا يحيى بن يحيى ‏(‏واللفظ له‏)‏‏.‏ أخبرنا هشيم عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما ؛ أن رجلا كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرما‏.‏ فوقصته ناقته، فمات‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏اغسلوه بماء وسدر‏.‏ وكفنوه في ثوبيه‏.‏ ولا تمسوه بطيب‏.‏ ولا تخمروا رأسه‏.‏ فإنه يبعث يوم القيامة ملبدا‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏ولا تسموه‏)‏ من المس‏.‏ ومن إمساس‏]‏‏.‏

100 - ‏(‏1206‏)‏ وحدثني أبو كامل فضيل بن حسين الحجدري‏.‏ حدثني أبو عوانة عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما ؛ أن رجلا وقصه بعيره وهو محرم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغسل بماء وسدر‏.‏ ولا يمس طيبا‏.‏ ولا يخمر رأسه‏.‏ فإنه يبعث يوم القيامة ملبدا‏.‏

101 - ‏(‏1206‏)‏ وحدثنا محمد بن بشار وأبو بكر بن نافع‏.‏ قال ابن نافع‏:‏ أخبرنا غندر‏.‏ حدثنا شعبة‏.‏ قال‏:‏

سمعت أبا بشر يحدث عن سعيد بن جبير ؛ أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يحدث ؛ أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم‏.‏ فوقع من ناقته فأقعصته‏.‏ فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يغسل بماء وسدر‏.‏ وأن يكفن في ثوبين‏.‏ ولا يمس طيبا‏.‏ خارج رأسه‏.‏

قال شعبة‏:‏ ثم حدثني به بعد ذلك‏:‏ خارج رأسه ووجهه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبدا‏.‏

102 - ‏(‏1206‏)‏ حدثنا هارون بن عبدالله‏.‏ حدثنا الأسود بن عامر عن زهير، عن أبي الزبير‏.‏ قال‏:‏ سمعت سعيد بن جبير يقول‏:‏ قال ابن عباس رضي الله عنهما‏:‏

وقصت رجلا راحلته، وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغسلوه بماء و سدر وأن يكشفوا وجهه‏.‏ ‏(‏حسبته قال‏)‏ ورأسه‏.‏ فإنه يبعث يوم القيامة وهو يهل ‏.‏

103 - ‏(‏1206‏)‏ وحدثنا عبد بن حميد‏.‏ أخبرنا عبيدالله بن موسى‏.‏ حدثنا إسرائيل عن منصور، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏

كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل‏.‏ فوقصته ناقته، فمات‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ اغسلوه‏.‏ ولا تقربوه طيبا‏.‏ ولا تغطوا وجهه‏.‏ فإنه يبعث يلبي‏"‏‏.‏

*3* ‏(‏15‏)‏ باب جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ونحوه

154 - ‏(‏1207‏)‏ حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء الهمداني‏.‏ حدثنا أبو أسامة عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏

دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير‏.‏ فقال لها ‏"‏ أردت الحج ‏؟‏ ‏"‏ قالت‏:‏ والله ‏!‏ ما أجدني إلا وجعة‏.‏ فقال لها ‏"‏ حجي واشترطي‏.‏ وقولي‏:‏ اللهم ‏!‏ محلي حيث حبستني ‏"‏ وكانت تحت المقداد‏.‏

‏[‏ش ‏(‏ضباعة بنت الزبير‏)‏ هي بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ صحابية هاشمية‏.‏ ‏(‏والله ‏!‏ ما أجدني إلا وجعة‏)‏ أي ما أجد نفسي إلا ذات وجع‏.‏ تعني‏:‏ أجد في نفسي ضعفا من المرض لا أدري أقدر على إتمام الحج أم لا‏.‏ ‏(‏حجي واشترطي - الخ‏)‏ أي أحرمي بالحج واجعلي شرطا في حجك عند الإحرام‏.‏ وهو اشتراط التحلل متى احتجت إليه‏.‏ ‏(‏محلي حيث حبستني‏)‏ أي موضع إحلالي من الأرض حيث حبستني‏.‏ أي هو المكان الذي عجزت عن الإتيان بالمناسك وانحبست عنها بسبب قوة المرض‏.‏ ومحلي، بكسر الحاء، اسم مكان بمعنى موضع التحلل من الإحرام‏]‏‏.‏

105 - ‏(‏1207‏)‏ وحدثنا عبد بن حميد‏.‏ أخبرنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا معمر عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏

دخل النبي صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير بن عبدالمطلب‏.‏ فقالت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ إني أريد الحج‏.‏ وأنا شاكية‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ حجي، واشترطي أن محلي حيث حبستني ‏"‏

‏(‏1207‏)‏ وحدثنا عبد بن حميد‏.‏ أخبرنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا معمر عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، مثله‏.‏

106 - ‏(‏1208‏)‏ وحدثنا محمد بن بشار‏.‏ حدثنا عبدالوهاب بن عبدالمجيد وأبو عاصم ومحمد بن بكر عن ابن جريج‏.‏ ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم ‏(‏واللفظ له‏)‏ أخبرنا محمد بن بكر‏.‏ أخبرنا اين جريج‏.‏ أخبرني أبو الزبير ؛ أنه سمع طاوسا وعكرمة مولى ابن عباس عن ابن عباس ؛ أن ضباعة بنت الزبير بن عبدالمطلب رضي الله عنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقالت‏:‏ إنى إمرأة ثقيلة‏.‏ وإني أريد الحج‏.‏ فما تأمرني ‏؟‏ قال‏:‏

‏"‏أهلى بالحج ، واشترطى أن محلى حيث تحبسنى‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فأدركت‏.‏

‏[‏ش ‏(‏فأدركت‏)‏ معناه‏:‏ أدركت الحج ولم تتحلل حتى فرغت منه‏]‏‏.‏

107 - ‏(‏1208‏)‏ حدثنا هارون بن عبدالله‏.‏ حدثنا أبو داود الطيالسي‏.‏ حدثنا حبيب بن يزيد عن عمرو بن هرم، عن سعيد بن جبير وعكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما ؛ أن ضباعة أرادت الحج‏.‏ فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تشترط‏.‏ ففعلت ذلك عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

108 - ‏(‏1208‏)‏ وحدثنا إسحاق بن إبراهيم وأيوب الغيلاني وأحمد بن خراش ‏(‏قال إسحاق‏:‏ أخبرنا‏.‏ وقال الآخران ‏:‏ حدثنا أبو عامر، وهو عبدالملك بن عمرو‏)‏‏.‏ حدثنا رباح ‏(‏وهو ابن أبي معروف‏)‏ عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنه ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لضباعة رضي الله عنها‏:‏

‏"‏حجي، واشترطي أن محلي حيث تحبسني‏"‏‏.‏ وفي رواية إسحاق‏:‏ أمر ضباعة‏.‏

*3* ‏(‏16‏)‏ باب إحرام النفساء، واستجاب اغتسالها للإحرام، وكذا الحائض

109 - ‏(‏1209‏)‏ حدثنا هناد بن السري وزهير بن حرب وعثمان بن أبي شيبة‏.‏ كلهم عن عبدة‏.‏ قال زهير‏:‏ حدثنا عبدة بن سليمان عن عبيدالله بن عمر، عن عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏

نفست أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر، بالشجرة‏.‏ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر، يأمرها أن تغتسل وتهل‏.‏

‏[‏ش ‏(‏نفست‏)‏ أي ولدت‏.‏ وهو بكسر الفاء لا غير‏.‏ وفي النون لغتان المشهورة ضمها، والثانية فتحها ‏.‏سمى نفاسا لخروج النفس، وهو المولود، والدم أيضا‏.‏ ‏(‏بالشجرة‏)‏ وفي رواية‏:‏ بذى الحليفة‏.‏ وفي رواية‏:‏ بالبيداء‏.‏ هذه المواضع الثلاثة متقاربة‏.‏ فالشجرة بذى الحليفة وأما البيداء فهي بطرف ذي الحليفة‏.‏ قال القاضي‏:‏ يحتمل أنها نزلت بطرف البيداء لتبعد عن الناس‏.‏ وكان منزل النبي صلى الله عليه وسلم بذى الحليفة حقيقة وهناك بات وأحرم‏.‏ فسمي منزل الناس كلهم باسم منزل إمامهم‏]‏‏.‏

110 - ‏(‏1210‏)‏ حدثنا أبو غسان محمد بن عمرو‏.‏ حدثنا جرير بن عبدالحميد عن يحيى بن سعيد، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما‏.‏ في حديث أسماء بنت عميس، حين نفست بذى الحليفة ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر رضي الله عنه، فأمرها أن تغتسل وتهل‏.‏

*3* ‏(‏17‏)‏ باب بيان وجوه الإحرام، وأنه يجوز إفراد الحج والتمتع والقران، وجواز إدخال الحج على العمرة، ومتى يحل القارن من نسكه

111 - ‏(‏1211‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى التميمى‏.‏ قال‏:‏

قرأت على مالك عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها ؛ أنها قالت‏:‏ خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع‏.‏ فأهللنا بعمرة‏.‏ ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة‏.‏ ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا‏"‏‏.‏ قالت‏:‏ فقدمت مكة وأنا حائض‏.‏ لم أطف بالبيت، ولا بين الصفا والمروة‏.‏ فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال‏:‏

‏"‏انقضي رأسك وامتشطي‏.‏ وأهلي بالحج ودعي العمرة‏"‏ قالت ففعلت‏.‏ فلما قضينا الحج أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبدالرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم‏.‏ فاعتمرت‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏هذه مكان عمرتك‏"‏ فطاف، الذين أهلوا بالعمرة، بالبيت وبالصفا والمروة‏.‏ ثم حلوا‏.‏ ثم طافوا طوافا آخر، بعد أن رجعوا من منى لحجهم‏.‏ وأما الذين كانوا جمعوا الحج والعمرة، فإنما طافوا طوافا واحدا‏.‏

‏[‏ش ‏(‏عام حجة الوداع‏)‏ هي السنة العاشرة للهجرة المقدسة‏.‏ والحجة، بفتح الحاء، المرة الواحدة من الحج‏.‏ وسميت، حجته عليه السلام هذه، حجة الوداع لوداعه الناس فيها، ولم يحج بعد الهجرة غيرها‏.‏ ‏(‏من كان معه هدي‏)‏ يقال‏:‏ هدي وهدي‏.‏ لغتان مشهورتان‏.‏ الأولى أفصح وأشهر‏.‏ وهو اسم لما يهدي إلى الحرم من الأنعام‏.‏ وسوق الهدي سنة لمن أراد أن يحرم بحج أو عمرة‏.‏ ‏(‏ولابين الصفا والمروة‏)‏ أي ولم أسع بينهما‏.‏ إذ لا يصح السعي إلا بعد الطواف‏.‏ ‏(‏انقضي رأسك‏)‏ أي حلي ضفر شعره بأصابعك أولا ‏(‏وامتشطي‏)‏ أي سرحية بالمشط‏.‏ ‏(‏إلى التنعيم‏)‏ هو موضع قريب من مكة بينه وبينها فرسخ‏.‏ ‏(‏هذه مكان عمرتك‏)‏ نصب مكان على الظرف‏.‏ أي بدل عمرتك‏.‏ وقيل معناه مكان عمرتك التي تركتها لأجل‏.‏ حيضتك‏.‏ ويجوز الرفع، خبرا لقوله هذه‏]‏‏.‏

112 - ‏(‏1211‏)‏ وحدثنا عبدالملك بن شعيب بن الليث حدثني أبي عن جدي‏.‏ حدثني عقيل بن خالد عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنها قالت‏:‏

خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع‏.‏ فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج‏.‏ حتى قدمنا مكة‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏من أحرم بعمرة، ولم يهد، فليحلل‏.‏ ومن أحرم بعمرة، وأهدي، فلا يحل حتى ينحر هديه‏.‏ ومن أهل بحج، فليتم حجة‏"‏ قالت عائشة رضي الله عنها‏:‏ فحضت‏.‏ فلم أزل حائضا حتى كان يوم عرفة‏.‏ ولم أهلل إلا بعمرة‏.‏ فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنقض رأسي، وأمتشط، وأهل بحج، وأترك العمرة‏.‏ ققالت‏:‏ ففعلت ذلك‏.‏ حتى إذا قضيت حجتي، بعث معي رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدالرحمن بن أبي بكر‏.‏ وأمرني أن أعتمر من التنعيم‏.‏ مكان عمرتي، التي أدركني الحج ولم أحلل منها‏.‏

‏[‏ش ‏(‏ولم يهد‏)‏ من الإهداء‏.‏ أي لم يكن معه هدي‏.‏ ‏(‏فليحلل‏)‏ أي فليخرج من الإحرام بحلق أو تقصير‏.‏ ‏(‏وأهدي‏)‏ أي كان معه هدي‏]‏‏.‏

113 - ‏(‏1211‏)‏ وحدثنا عبد بن حميد‏.‏ أخبرنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا معمر عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها ؛ قالت‏:‏

خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع‏.‏ فأهللت بعمرة‏.‏ ولم أكن سقت الهدي‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏من كان معه هدي، فليهلل بالحج مع عمرته، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا‏"‏‏.‏ قالت فحضت‏.‏ فلما دخلت ليلة عرفة، قلت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ إني كنت أهللت بعمرة‏.‏ فكيف أصنع بحجتي ‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏انقضي رأسك‏.‏ وامتشطي‏.‏ وأمسكي عن العمرة‏.‏ وأهلي بالحج ‏"‏ قالت‏:‏ فلما قضيت حجتي أمر عبدالرحمن بن أبي بكر، فأردفني، فأعمرني من التنعيم‏.‏ مكان عمرتي التي أمسكت عنها‏.‏

114 - ‏(‏1211‏)‏ حدثنا ابن أبي عمر‏.‏ حدثنا سفيان عن الزهري‏.‏ عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏

خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة، فليفعل‏.‏ ومن أراد أن يهل بحج، فليهل ومن أراد أن يهل بعمرة، فليهل‏"‏ قالت عائشة رضي الله عنها‏:‏ فأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بحج‏.‏ وأهل به ناس معه‏.‏ وأهل ناس بالعمرة والحج وأهل ناس بعمرة‏.‏ وكنت فيمن أهل بالعمرة ‏.‏

115- ‏(‏1211‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع‏.‏ موافين لهلال ذي الحجة‏.‏ قالت ‏:‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من أراد منكم أن يهل بعمرة فليهل‏.‏ فلولا أني أهديت لأهللت بعمرة ‏"‏ قالت‏:‏ فكان من القوم من أهل بعمرة‏.‏ ومنهم من أهل بالحج‏.‏ قالت‏:‏ فكنت أنا ممن أهل بعمرة‏.‏ فخرجنا حتى قدمنا مكة‏.‏ فأدركني يوم عرفة وأنا حائض، لم أحل من عمرتي‏.‏ فشكوت ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏دعي عمرتك‏.‏ وانقضي رأسك‏.‏ وامتشطي‏.‏ وأهلي بالحج‏"‏ قالت‏:‏ ففعلت‏.‏ فلما كانت ليلة الحصبة، وقد قضى الله حجنا، أرسل معي عبدالرحمن بن أبي بكر، فأردفني وخرج بي إلى التنعيم‏.‏ فأهللت بعمرة‏.‏ فقضى الله حجنا وعمرتنا‏.‏ ولم يكن في ذلك هدي ولا صدقة ولا صوم‏.‏

‏[‏ش ‏(‏موافين لهلال ذى الحجة‏)‏ أي قرب طلوعه‏.‏ من أوفى عليه إذا أشرف‏.‏ ‏(‏ليلة الحصبة‏)‏ هي ليلة نزول الحجاج بالمحصب حين نفروا من منى بعد أيام التشريق‏.‏ ويسمى ذلك النزول تحصيبا‏.‏ والمحصب موضع بمكة على طريق منى‏.‏ ‏(‏ولم يكن في ذلك إلخ‏)‏ هذا من كلام هشام بن عروة، لامن كلام الصديقة‏]‏‏.‏

116 - ‏(‏1211‏)‏ وحدثنا أبو كريب‏.‏ حدثنا ابن نمير‏.‏ حدثنا هشام عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏

خرجنا موافين مع رسول الله عليه وسلم لهلال ذى الحجة‏.‏ لانرى إلا الحج‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من أحب منكم أن يهل بعمرة، فليهل بعمرة‏"‏ وساق الحديث بمثل حديث عبدة‏.‏

‏[‏ش ‏(‏لانرى إلا الحج‏)‏ معناه لانعتقد أنا نحرم إلا بالحج، لأناكنا نظن امتناع العمرة في أشهر الحج‏]‏‏.‏

117 - ‏(‏1211‏)‏ وحدثنا أبو كريب‏.‏ حدثنا وكيع‏.‏ حدثنا هشام عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏

خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم موافين لهلال ذي الحجة‏.‏ منا من أهل بعمرة‏.‏ ومنا من أهل بحجة وعمرة‏.‏ ومنا من أهل بحجة‏.‏ فكنت فيمن أهل بعمرة‏.‏ وساق الحديث بنحو حديثهما‏.‏ وقال فيه‏:‏ قال عروة في ذلك ‏:‏ إنه قضى الله حجها وعمرتها قال هشام‏:‏ ولم يكن في ذلك هدي ولا صيام ولا صدقة ‏.‏

118 - ‏(‏1211‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن أبي الأسود محمد بن عبدالرحمن بن نوفل، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ أنها قالت‏:‏

خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع‏.‏ فمنا من أهل بعمرة‏.‏ ومنا من أهل بحج وعمرة‏.‏ ومنا من أهل بالحج‏.‏ وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج‏.‏ فأما من أهل بعمرة فحل‏.‏ وأما من أهل بحج أوجمع الحج والعمرة، فلم يحلوا، حتى كان يوم النحر‏.‏

‏[‏ش ‏(‏فحل‏)‏ أي خرج من إحرامه بالحلق أوالتقصير، بعد إتمام عمرته بالطواف والسعى‏]‏‏.‏

119 - ‏(‏1211‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وزهير بن حرب‏.‏ جميعا عن ابن عيينة‏.‏ قال عمرو‏:‏ حدثنا سفيان بن عيينة عن عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏ خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولا نرى إلا الحج‏.‏ حتى إذا كنا بسرف، أو قريبا منها، حضت‏.‏ فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي‏.‏ فقال ‏"‏أنفست‏"‏ ‏(‏يعني الحيضة قالت‏)‏ قلت‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏

‏"‏إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم‏.‏ فافضي ما يقضي الحاج‏.‏ غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي‏"‏‏.‏

قالت‏:‏ وضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر‏.‏

‏[‏ش ‏(‏بسرف‏)‏ هو ما بين مكة والمدينة‏.‏ بقرب مكة على أميال منها‏.‏ قيل‏:‏ ستة‏.‏ وقيل‏:‏ سبعة‏.‏ وقيل‏:‏ تسعة‏.‏ وقيل‏:‏ عشرة‏.‏ وقيل‏:‏ اثنا عشر ميلا‏.‏ ‏(‏أنفست‏)‏ معناه‏:‏ أحضت‏.‏ وهو بفتح النون وضمها‏.‏ لغتان مشهورتان‏.‏ الفتح أفصح‏.‏ والفاء مكسورة فيهما‏.‏ وأما النفاس، الذي هو الولادة، فقال فيه نفست، بالضم لا غير‏.‏ ‏(‏فاقضي ما يقضي الحاج‏)‏ أي افعلي ما يفعله‏.‏ ‏(‏وضحى‏)‏ أي أهدي‏.‏ إذ لا أضحية على الحاج، لعدو الإقامة‏]‏‏.‏

120 - ‏(‏1211‏)‏ حدثني سليمان بن عبدالله أبو أيوب الغيلاني‏.‏ حدثنا أبو عامر عبدالملك بن عمرو‏.‏ حدثنا عبدالعزيز بن أبي سلمة الماجشون عن عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏

خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذكر إلا الحج‏.‏ حتى جئنا سرف فطمثت‏.‏ فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي‏.‏ فقال ‏"‏ما يبكيك ‏؟‏‏"‏ فقلت‏:‏ والله ‏!‏ لوددت أني لم أكن خرجت العام‏.‏ قال ‏"‏مالك ‏؟‏ لعلك نفست ‏؟‏‏"‏ قلت‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏هذا شيء كتبه على بنات آدم‏.‏ افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري‏"‏ قالت‏:‏ فلما قدمت مكة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه ‏"‏اجعلوها عمرة‏"‏ فأحل الناس إلا من كان معه الهدي‏.‏ قالت‏:‏ فكان الهدي مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وذوي اليسارة‏.‏ ثم أهلوا حين راحوا‏.‏ قالت‏:‏ فلما كان يوم النحر طهرت‏.‏ فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفضت‏.‏ قالت‏:‏ فأتينا بلحم بقر‏.‏ فقلت‏:‏ ما هذا ‏؟‏ فقالوا‏:‏ أهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه البقر فلما كانت ليلة الحصبة قلت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ يرجع الناس بحجة وعمرة وأرجع بحجة ‏؟‏ قالت‏:‏ فأمر عبدالرحمن بن أبي بكر، فأردفني على جمله‏.‏ قالت‏:‏ فإني لأذكر، وأنا جارية حديثة السن، أنعس فتيصيب وجهي مؤخرة الرحل‏.‏ حتى جئنا إلى التنعيم‏.‏ فأهللت منها بعمرة‏.‏ جزاء بعمرة الناس التي اعتمروا‏.‏

‏[‏ش ‏(‏فطمثت‏)‏ أي حضت‏.‏ يقال‏:‏ حاضت المرأة وتحيضت وطمثت وعركت، كله بمعنى واحد‏.‏ وهي حائض‏.‏ وحائضة في لغة غريبة حكاها الفراء‏.‏ وطامث وعارك‏.‏ ‏(‏اجعلوها عمرة‏)‏ أي اجعلوا حجتكم، المعهودة عندكم، المنوية لديكم، عمرة‏.‏ ‏(‏وذوى اليسارة‏)‏ أي أصحاب السهولة والغنى‏.‏ ‏(‏ثم أهلوا حين راحوا‏)‏ يعني الذين تحللوا بعمرة وأهلوا بالحج حين راحوا إلى منى‏.‏ وذلك يوم التروية، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة‏.‏ ‏(‏أنعس‏)‏ من النعاس وهو أن يحتاج الإنسان إلى نوم‏.‏ ‏(‏مؤخرة الرحل‏)‏ المراد هنا مقدمة الرحل‏.‏ ‏(‏جزاء بعمرة الناس‏)‏ أي تقوم مقام عمرة الناس، وتكفيني عنها‏]‏‏.‏

121 - ‏(‏1211‏)‏ وحدثني أبو أيوب الغيلاني‏.‏ حدثنا بهز‏.‏ حدثنا حماد عن عبدالرحمن عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏

لبينا بالحج‏.‏ حتى إذا كنا بسرف حضت‏.‏ فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي‏.‏ وساق الحديث بنحو حديث الماجشون‏.‏ غير أن حمادا ليس في حديثه‏:‏ فكان الهدي مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وذوي اليسارة ثم أهلوا حين راحوا‏.‏ ولا قولها‏:‏ وأنا جارية حديثة السن أنعس فتصيب وجهي مؤخرة الرحل‏.‏

122 - ‏(‏1211‏)‏ حدثنا إسماعيل بن أبي أويس‏.‏ حدثني خالي مالك بن أنس‏.‏ ح وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد الحج‏.‏

123 - ‏(‏1211‏)‏ وحدثنا محمد بن عبدالله بن نمير‏.‏ حدثنا إسحاق بن سليمان عن أفلح بن حميد، عن القاسم، عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏

خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج‏.‏ في أشهر الحج‏.‏ وفي حرم الحج‏.‏ وليالي الحج‏.‏ حتى نزلنا بسرف‏.‏ فخرج إلى أصحابه فقال‏:‏ ‏"‏من لم يكن معه منكم هدي فأحب أن يجعلها عمرة، فليفعل‏.‏ ومن كان معه هدي، فلا‏"‏ فمنهم الآخذ بها والتارك لها‏.‏ ممن لم يكن معه هدي‏.‏ فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان معه الهدي‏.‏ ومع رجال من أصحابه لهم قوة‏.‏ فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكى‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏ما يبكيك ‏؟‏‏"‏ قلت‏:‏ سمعت كلامك مع أصحابك فسمعت بالعمرة ‏(‏فمنعت العمرة‏)‏ قال ‏"‏ومالك ‏؟‏‏"‏ قلت‏:‏ لا أصلي‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏فلا يضرك فكوني في حجك‏.‏ فعسى الله أن يرزقكيها‏.‏ وإنما أنت من بنات آدم‏.‏ كتب الله عليك ما كتب عليهن‏"‏ قالت‏:‏ فخرجت في حجتي حتى نزلنا منى فتطهرت‏.‏ ثم طفنا بالبيت‏.‏ ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم المحصب‏.‏ فدعا عبدالرحمن بن أبي بكر فقال‏:‏ ‏"‏اخرج بأختك من الحرم فلتهل بعمرة‏.‏ ثم لتطف بالبيت‏.‏ فإني أنتظركما ههنا‏"‏ قالت‏:‏ فخرجنا فأهللت‏.‏ ثم طفت بالبيت وبالصفا والمروة‏.‏ فجئنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في منزله من جوف الليل‏.‏ فقال ‏"‏هل فرغت ‏؟‏‏"‏ قلت‏:‏ نعم‏.‏ فآذن في أصحابه بالرحيل‏.‏ فخرج فمر بالبيت فطاف به قبل صلاة الصبح‏.‏ ثم خرج إلى المدينة‏.‏

‏[‏ش ‏(‏وفي حرم الحج‏)‏ كذا ضبطناه وكذا نقله القاضي عياض في المشارق عن جمهور الرواة كأنها تريد الأوقات والمواضع والأشياء والحالات‏.‏ قال‏:‏ وضبطها الأصلي بفتح الراء‏.‏ جمع حرمة‏.‏ أي ممنوعات الشرع ومحرماته‏.‏ وكذلك قيل للمرأة المحرمة بنسب‏:‏ حرمة وجمعها حرم‏.‏ ‏(‏فمنهم الآخذ بها والتارك لها‏)‏ الضميران للعمرة‏.‏ ‏(‏فسمعت بالعمرة‏)‏ كذا هو في النسخ‏:‏ فسمعت بالعمرة‏.‏ قال القاضي كذا رواه جمهور رواة مسلم‏.‏ ورواه بعضهم‏:‏ فمنعت العمرة‏.‏ وهو الصواب‏.‏ ‏(‏قلت لا أصلي‏)‏ فيه استحباب الكناية عن الحيض ونحوه، مما يستحيى منه ويستشنع لفظه‏.‏ ‏(‏يرزقكيها‏)‏ كذا بياء متولدة من إشباع كسرة الكاف‏.‏ ‏(‏من الحرم‏)‏ أي إلى التنعيم‏.‏ ‏(‏فآذن‏)‏ أي أعلم بالرحيل‏.‏ وفي بعض النسخ‏:‏ فأذن، وهو بمعناه‏]‏‏.‏

124 - ‏(‏1211‏)‏ حدثني يحيى بن أيوب‏.‏ حدثنا عباد بن عباد المهلبي‏.‏ حدثنا عبيدالله بن عمر عن القاسم بن محمد، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ منا من أهل بالحج مفردا‏.‏ ومنا من قرن‏.‏ ومنا من تمتع‏.‏

‏(‏1211‏)‏ حدثنا عبد بن حميد‏.‏ أخبرنا محمد بن بكر‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ أخبرني عبيدالله بن عمر عن القاسم بن محمد‏.‏ قال‏:‏ جاءت عائشة حاجة‏.‏

125 - ‏(‏1211‏)‏ وحدثنا عبدالله بن مسلمة بن قعنب‏.‏ حدثنا سليمان ‏(‏يعني ابن بلال‏)‏ عن يحيى ‏(‏وهو ابن سعيد‏)‏ عن عمرة‏.‏ قالت سمعت عائشة رضي الله عنها تقول‏:‏

خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لخمس بقين من ذي القعدة‏.‏ ولا نرى إلا أنه الحج حتى إذا دنونا من مكة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكن معه هدي، إذا طاف بالبيت وبين الصفا والمروة، أن يحل‏.‏ قالت عائشة رضي الله عنها‏:‏ فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر‏.‏ فقلت‏:‏ ما هذا ‏؟‏ فقيل‏:‏ ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أزواجه‏.‏ قال يحيى‏:‏ فذكرت هذا الحديث للقاسم بن محمد‏.‏ فقال‏:‏ أتتك، والله ‏!‏ بالحديث على وجهه‏.‏

‏(‏1211‏)‏ وحدثنا محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا عبدالوهاب‏.‏ قال‏:‏ سمعت يحيى بن سعيد يقول‏:‏ أخبرتني عمرة أنها سمعت عائشة رضي الله عنها‏.‏ ح وحدثناه ابن أبي عمر‏.‏ حدثنا سفيان عن يحيى، بهذا الإسناد، مثله‏.‏

126 - ‏(‏1211‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا ابن علية عن ابن عون، عن إبراهيم، عن الأسود، عن أم المؤمنين‏.‏ ح وعن القاسم، عن أم المؤمنين‏.‏ قالت‏:‏ قلت‏:‏

يا رسول الله ‏!‏ يصدر الناس بنسكين وأصدر بنسك واحد‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏انتظرى‏.‏ فإذا طهرت فاخرجي إلى التنعيم‏.‏ فأهلي منه‏.‏ ثم القينا عند كذا وكذا ‏(‏قال أظنه قال غدا‏)‏ ولكنها على قدر نصبك أو ‏(‏قال‏)‏ نفقتك‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏يصدر الناس بنسكين‏)‏ أي يرجعون إلى بلادهم بنسكين، وهما عمرة وحجة‏.‏ وأرجع بنسك واحد وهو الحج‏.‏ ‏(‏القينا‏)‏ أمر من اللقاء، للمؤنث‏.‏ ونا مفعول‏.‏ ‏(‏قدر نصبك أو ‏(‏قال‏)‏ نفقتك‏)‏ النصب هو التعب‏.‏ وأو إما للتنويع في كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإما شك من الراوي‏]‏‏.‏

127 - ‏(‏1211‏)‏ وحدثنا ابن المثنى‏.‏ حدثنا ابن أبي عدي عن ابن عون، عن القاسم وإبراهيم‏.‏ قال‏:‏ لا أعرف حديث أحدهما من الآخر ؛ أن أم المؤمنين رضي الله عنها قالت‏:‏

يا رسول الله ‏!‏ يصدر الناس بنسكين‏.‏ فذكر الحديث‏.‏

128 - ‏(‏1211‏)‏ حدثنا زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم ‏(‏قال زهير‏:‏ حدثنا‏.‏ وقال إسحاق‏:‏ أخبرنا جرير‏)‏ عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏

خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نرى إلا أنه الحج‏.‏ فلما قدمنا مكة تطوفنا بالبيت‏.‏ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكن ساق الهدي أن يحل‏.‏ قالت‏:‏ فحل من لم يكن ساق الهدي‏.‏ ونساؤه لم يسقن الهدي‏.‏ فأحللن‏.‏ قالت عائشة‏:‏ فحضت‏.‏ فلم أطف بالبيت‏.‏ فلما كانت ليلة الحصبة قالت‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ يرجع الناس بعمرة وحجة، وأرجع أنا بحجة ‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏أو ما كنت طفت ليالي قدمنا مكة ‏؟‏‏"‏ قالت‏:‏ قلت‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏فاذهبي مع أخيك إلى التنعيم‏.‏ فأهلي بعمرة‏.‏ ثم موعدك مكان كذا وكذا‏"‏‏.‏ قالت صفية‏:‏ ما أراني إلا حابستكم‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏عقرى حلقى‏.‏ أو ماكنت طفت يوم النحر ‏؟‏‏"‏ قالت‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏لا بأس‏.‏ انفري‏"‏‏.‏

قالت عائشة‏:‏ فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مصعد من مكة وأنا منهبطة عليها‏.‏ أو أنا مصعدة وهو منهبط منها‏.‏ وقال إسحاق‏:‏ متهبطة ومتهبط‏.‏

‏[‏ش ‏(‏تطوفنا‏)‏ يقال‏:‏ طاف به وأطاف به واستطاف به وتطوف وأطوف، على البدل والإدغام‏.‏ طاف بالشيء‏:‏ استدار به‏.‏ ‏(‏مكان‏)‏ منصوب على الظرفية‏.‏ ‏(‏قالت صفية‏:‏ ما أراني إلا حابستكم‏)‏ معناه أن صفية أم المؤمنين رضي الله عنها حاضت قبل طواف الوداع‏.‏ فلما أراد النبي صلى الله عليه وسلم الرجوع إلى المدينة قالت‏:‏ ما أظنني إلا حابستكم لانتظار طهرى وطوافي للوداع فإني لم أطف للوداع وقد حضت‏.‏ ‏(‏عقرى حلقى‏)‏ هكذا يرويه المحدثون بالألف التي هي ألف التأنيث، ويكتبونه بالياء ولا ينونونه‏.‏ وهكذا نقله جماعات لا يحصون من أئمة اللغة وغيرهم من رواية المحدثين‏.‏ وهو صحيح وفصيح‏.‏ قال الأزهري في تهذيب اللغة‏:‏ قال أبو عبيد‏:‏ معنى عقرى، عقرها الله تعالى‏.‏ وحلقى، حلقها الله‏.‏ قال‏:‏ يعني عقر الله جسدها وأصابها بوجع في حلقها‏.‏ قال أبو عبيد‏:‏ أصحاب الحديث يروونه‏.‏ عقرى حلقى، وإنما هو عقرا حلقا‏.‏ قال‏:‏ وهذا على مذهب العرب في الدعاء على شيء من غير إرادة وقوعه‏.‏ قال شمر قلت لأبي عبيد‏:‏ لم لا تجيز عقري ‏؟‏ فقال‏:‏ لأن فعل تجيء نعتا، ولم تجيء في الدعاء‏.‏ فقلت روى ابن شميل عن العرب مطيري‏.‏ وعقرى أخف منها‏.‏ فلم ينكره‏.‏ هذا آخر ما ذكره الأزهري‏.‏ وقال صاحب المحكم‏:‏ يقال للمرأة عقرى حلقى، معناه عقرها الله وحلقها، أي حلق شعرها وأصابها بوجع في حلقها قال‏:‏ فعقرى ههنا مصدر كدعوى‏.‏ وقيل‏:‏ معناه تعقر قومها وتحلقهم لشؤمها‏.‏ وقيل‏:‏ العقرى الحائض‏.‏ وقيل‏:‏ عقرى حلقى أي عقرها الله وحلقها‏.‏ هذا آخر كلام صاحب المحكم‏.‏

وقال الإمام النووي‏:‏ وقيل‏:‏ معناها جعلها الله عاقرا لا تلد، وحلقى مشئومة على أهلها وعلى كل قول فهي كلمة كان أصلها ما ذكرناه‏.‏ ثم اتسعت العرب فيها فصارت تطلقها ولا تريد حقيقة ما وضعت له أولا‏.‏ ونظيره‏:‏ تربت يداه، وقاتله الله ما أشجعه وما أشعره‏.‏ والله أعلم‏.‏ ‏(‏أو ما كنت طفت يوم النحر‏)‏ يعني طواف الإفاضة الذي هو أحد ركني الحج‏.‏ ‏(‏انفري‏)‏ أي اخرجي من منى راجعة إلى المدينة من غير طواف الوداع‏.‏ ‏(‏وهو مصعد‏)‏ قال في مقدمة الفتح‏:‏ أصعد في الأرض أي ذهب مبتدئا، لا راجعا‏]‏‏.‏

129 - ‏(‏1211‏)‏ وحدثناه سويد بن سعيد عن علي بن مسهر، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏

خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نلبي‏.‏ لا نذكر حجا ولا عمرة‏.‏ وساق الحديث بمعنى حديث منصور‏.‏

130 - ‏(‏1211‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى وابن بشار‏.‏ جميعا عن غندر‏.‏ قال ابن المثنى‏:‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة عن الحكم، عن علي بن الحسين، عن ذكوان مولى عائشة، عن عائشة رضي الله عنها ؛ انها قالت‏:‏

قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربع مضين من ذي الحجة، أو خمس‏.‏ فدخل علي وهو غضبان‏.‏ فقلت‏:‏ من أغضبك، يا رسول الله ‏!‏ أدخله الله النار‏.‏ قال ‏"‏أو ماشعرت أني أمرت الناس بأمر فإذا هم يترددون ‏؟‏‏"‏ ‏(‏قال الحكم‏:‏ كأنهم يترددون أحسب‏)‏ ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت، ما سقت الهدي معى حتى اشتريه، ثم أحل كما حلوا‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏من أغضبك يا رسول الله أدخله الله النار‏)‏ أما غضبه عليه السلام فلا نتهاك حرمة الشرع، وترددهم في قبول حكمه‏.‏ وقد قال الله تعالى‏:‏ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما‏.‏ ‏(‏أمرت الناس بأمر‏)‏ هو أمره عليه السلام بأن يحلقوا رؤسهم ويحلوا من إحرامهم‏.‏ ‏(‏قال الحكم كأنهم يترددون‏)‏ معناه أن الحكم شك في لفظ النبي صلى الله عليه وسلم هذا مع ضبطه لمعناه‏.‏ هل قال‏:‏ يترددون، أو نحوه من الكلام‏.‏ ‏(‏ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت‏)‏ يعني لو كنت علمت قبل إحرامي ما علمته بعده من تردد الناس في تحللهم وانتظارهم تحللي لأحرمت بعمرة، ولما سقت الهدي معي حتى أشتريه بمكة أو ببعض جهاتها، ثم أحل كما حلوا‏]‏‏.‏

131 - ‏(‏1211‏)‏ وحدثناه عبيدالله بن معاذ‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا شعبة عن الحكم‏.‏ سمع علي بن الحسين عن ذكوان، عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏

قدم النبي صلى الله عليه وسلم لأربع أو خمس مضين من ذي الحجة‏.‏ بمثل حديث غندر‏.‏ ولم يذكر الشك من الحكم في قوله‏:‏ يترددون‏.‏

132 - ‏(‏1211‏)‏ حدثنا محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا بهز‏.‏ حدثنا وهيب‏.‏ حدثنا عبدالله بن طاوس عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها ؛ أنها أهلت بعمرة‏.‏ فقدمت ولم تطف بالبيت حتى حاضت‏.‏ فنسكت المناسك كلها‏.‏ وقد أهلت بالحج‏.‏ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم، يوم النفر‏:‏

‏"‏يسعك طوافك لحجك وعمرتك‏"‏ فأبت‏.‏ فبعث بها مع عبدالرحمن إلى التنعيم‏.‏ فاعتمرت بعد الحج‏.‏

‏[‏ش ‏(‏يوم النفر‏)‏ هو يوم النزول من منى‏.‏ ‏(‏يسعك طوافك‏)‏ أي يكفيك‏.‏ ‏(‏فأبت‏)‏ أي امتنعت عن الاكتفاء به‏]‏‏.‏

133 - ‏(‏1211‏)‏ وحدثني حسن بن علي الحلواني‏.‏ حدثنا زيد بن الحباب‏.‏ حدثني إبراهيم بن نافع‏.‏ حدثني عبدالله بن أبي نجيح عن مجاهد، عن عائشة رضي الله عنها ؛ أنها حاضت بسرف‏.‏ فتطهرت بعرفة‏.‏ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏يجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة، عن حجك وعمرتك‏"‏‏.‏

134- ‏(‏1211‏)‏ وحدثنا يحيى بن حبيب الحارثي‏.‏ حدثنا خالد بن الحارث‏.‏ حدثنا قرة‏.‏ حدثنا عبدالحميد بن جبير بن شيبة‏.‏ حدثتنا صفية بنت شيبة‏.‏ قالت‏:‏

قالت عائشة رضي الله عنها‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ أيرجع الناس بأجرين وأرجع بأجر ‏؟‏ فأمر عبدالرحمن بن أبي بكر أن ينطلق بها إلى التنعيم‏.‏ قالت‏:‏ فأردفني خلفه على جمل له‏.‏ قالت‏:‏ فجعلت أرفع خماري أحسره عن عنقي‏.‏ فيضرب رجلي بعلة الراحلة‏.‏ قلت له‏:‏ وهل ترى من أحد ‏؟‏ قالت‏:‏ فأهللت بعمرة‏.‏ ثم أقبلنا حتى انتهينا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالحصبة‏.‏

‏[‏ش ‏(‏التنعيم‏)‏ موضع على ثلاثة أميال أو أربعة من مكة‏.‏ أقرب أطراف الحل إلى البيت‏.‏ سمي بالتنعيم لأن على يمينه جبل نعيم وعلى يساره جبل ناعم‏.‏ ‏(‏خماري‏)‏ الخمار ثوب تغطي به المرأة رأسها‏.‏ ‏(‏أحسره‏)‏ بكسر السين وضمها‏.‏ لغتان‏.‏ أي أكشفه وأزيله‏.‏ ‏(‏فيضرب رجلي بعلة الراحلة‏)‏ المعنى أنه يضرب رجل أخته بعود بيده، عامدا لها، في صورة من يضرب الراحلة حين تكشف خمارها، غيرة عليها‏.‏ ‏(‏وهل ترى من أحد‏)‏ أي نحن في خلاء، ليس هنا أجنبي أستتر منه‏.‏ ‏(‏بالحصبة‏)‏ أي بالمحصب‏.‏ وهو موضع رمي الجمار بمنى‏]‏‏.‏

135 - ‏(‏1212‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا سفيان عن عمرو‏.‏ أخبره عمرو بن أوس‏.‏ أخبرني عبدالرحمن ابن أبي بكر ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يردف عائشة، فيعمرها من التنعيم‏.‏

‏[‏ش ‏(‏أن يردف عائشة فيعمرها من التنعيم‏)‏ أي يركبها خلفه على ظهر البعير، فيجعلها تعتمر من التنعيم‏]‏

136 - ‏(‏1213‏)‏ حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن رمح‏.‏ جميعا عن الليث بن سعد‏.‏ قال قتيبة‏:‏ حدثنا ليث عن أبي الزبير‏:‏ عن جابر رضي الله عنه ؛ أنه قال‏:‏

أقبلنا مهلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بحج مفرد‏.‏ وأقبلت عائشة رضي الله عنها بعمرة‏.‏ حتى إذا كنا بسرف عركت‏.‏ حتى إذا قدمنا طفنا بالكعبة والصفا والمروة‏.‏ فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحل منا من لم يكن معه هدي‏.‏ قال فقلنا‏:‏ حل ماذا ‏؟‏ قال ‏"‏الحل كله‏"‏ فواقعنا النساء‏.‏ وتطيبنا بالطيب‏.‏ ولبسنا ثيابنا‏.‏ وليس بيننا وبين عرفة إلا أربع ليال‏.‏ ثم أهللنا يوم التروية ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة رضي الله عنها‏.‏ فوجدها تبكي‏.‏ فقال ‏"‏ما شأنك ‏؟‏‏"‏ قالت‏:‏ شاني قد حضت‏.‏ وقد حل الناس‏.‏ ولم أحلل‏.‏ ولم أطف بالبيت‏.‏ والناس يذهبون إلى الحج الآن‏.‏ فقال ‏"‏إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم‏.‏ فاغتسلي ثم أهلي بالحج‏"‏ ففعلت ووقفت المواقف‏.‏ حتى إذا طهرت طافت بالكعبة والصفا والمروة‏.‏ ثم قال‏:‏ ‏"‏قد حللت من حجك وعمرتك جميعا‏"‏ فقالت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حتى حججت‏.‏ قال‏:‏

‏"‏فاذهب بها يا عبدالرحمن ‏!‏ فأعمرها من التنعيم‏"‏ وذلك ليلة الحصبة‏.‏

‏[‏ش ‏(‏بسرف‏)‏ موضع قرب التنعيم‏.‏ ‏(‏عركت‏)‏ معناها حاضت‏.‏ يقال‏:‏ عركت تعرك عروكا، كقعدت تقعد قعودا‏.‏ ‏(‏حل ماذا‏)‏ أي ماذا يحل لنا‏.‏ قال الحل كله، أي جميع ما يحرم على المحرم يحل لكم‏.‏ ‏(‏يوم التروية‏)‏ هو اليوم الثامن من ذي الحجة‏.‏ ‏(‏وذلك ليلة الحصبة‏)‏ أي في ليلة نزولهم المحصب‏]‏‏.‏

‏(‏1213‏)‏ وحدثني محمد بن حاتم وعبد بن حميد ‏(‏قال ابن حاتم‏:‏ حدثنا‏.‏ وقال عبد‏:‏ أخبرنا محمد بن بكر‏)‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ أخبرني أبو الزبير ؛ أنه سمع جابر بن عبدالله رضي الله عنهما يقول‏:‏

دخل النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة رضي الله عنها‏.‏ وهي تبكي‏.‏ فذكر بمثل حديث الليث إلى آخره‏.‏ ولم يذكر ما قبل هذا من حديث الليث‏.‏

137 - ‏(‏1213‏)‏ وحدثني أبو غسان المسمعي‏.‏ حدثنا معاذ ‏(‏يعني ابن هشام‏)‏ حدثني أبي عن مطر، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبدالله أن عائشة رضي الله عنها، في حجة النبي صلى الله عليه وسلم، أهلت بعمرة‏.‏ وساق الحديث بمعنى حديث الليث‏.‏ وزاد في الحديث‏:‏ قال‏:‏

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا سهلا‏.‏ إذا هويت الشيء تابعها عليه‏.‏ فأرسلها مع عبدالرحمن بن أبي بكر فأهلت بعمرة، من التنعيم‏.‏ قال مطر‏:‏ قال أبو الزبير‏:‏ فكانت عائشة إذا حجت صنعت كما صنعت مع نبي الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

‏[‏ش ‏(‏وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا سهلا‏)‏ أي سهل الخلق كريم الشمائل، لطيفا ميسرا في الخلق‏.‏ كما قال الله تعالى وإنك لعل خلق عظيم‏.‏ ‏(‏إذا هويت شيئا تابعها عليه‏)‏ معناه إذا هويت شيئا لا نقص فيه في الدين، مثل طلبها، الاعتمار وغيره، أجابها إليه‏]‏‏.‏

138 - ‏(‏1213‏)‏ حدثنا أحمد بن يونس‏.‏ حدثنا زهير‏.‏ حدثنا أبو الزبير عن جابر رضي الله عنه‏.‏ ح وحدثنا يحيى بن يحيى ‏(‏واللفظ له‏)‏‏.‏ أخبرنا أبو خيثمة عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏ خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج‏.‏ معنا النساء والولدان‏.‏ فلما قدمنا مكة طفنا بالبيت وبالصفا والمروة‏.‏ فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏من لم يكن معه هدي فليحلل‏"‏ قال قلنا‏:‏ أي الحل ‏؟‏ قال ‏"‏الحل كله‏"‏ قال‏:‏ فأتينا النساء، ولبسنا الثياب، ومسسنا الطيب‏.‏ فلما كان يوم التروية أهللنا بالحج‏.‏ وكفانا الطواف الأول بين الصفا والمروة‏.‏ فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر‏.‏ كل سبعة منا في بدنة‏.‏

‏[‏ش ‏(‏ومسسنا‏)‏ هو بكسر السين الأولى‏.‏ هذه اللغة المشهورة‏.‏ قال الجوهري‏:‏ ومسست الشيء بكسر السين، أمسه، بفتح الميم، مسا، فهذه اللغة الفصيحة‏.‏ ‏(‏بدنة‏)‏ البدنة تطلق على البعير والبقرة‏.‏ لكن غالب استعمالها في البعير‏]‏‏.‏

139 - ‏(‏1214‏)‏ وحدثني محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج‏.‏ أخبرني أبو الزبير، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏

أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم، لما أحللنا، أن نحرم إذا توجهنا إلى منى‏.‏ قال‏:‏ فأهللنا من الأبطح‏.‏

‏[‏ش ‏(‏توجهنا إلى منى‏)‏ يعني يوم التروية ‏.‏ ‏(‏الأبطح‏)‏ هو بطحاء مكة، وهو متصل بالمحصب‏]‏‏.‏

140 - ‏(‏1215‏)‏ وحدثني محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج‏.‏ ح وحدثنا عبد بن حميد‏.‏ أخبرنا محمد بن بكر‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ قال‏:‏

أخبرني أبو الزبير ؛ أنه سمع جابر بن عبدالله رضي الله عنه يقول‏:‏ لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه بين الصفا والمروة، إلا طوافا واحدا‏.‏ زاد في حديث محمد بن بكر‏:‏ طوافه الأول‏.‏

141 - ‏(‏1216‏)‏ وحدثني محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج‏.‏ أخبرني عطاء‏.‏ قال‏:‏ سمعت جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، في ناس معي‏.‏ قال‏:‏

أهللنا، أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، بالحج خالصا وحده‏.‏ قال عطاء‏:‏ قال جابر‏:‏ فقدم النبي صلى الله عليه وسلم صبح رابعة مضت من ذي الحجة‏.‏ فأمرنا أن نحل‏.‏ قال عطاء‏:‏ قال ‏"‏حلوا وأصيبوا النساء‏"‏‏.‏ قال عطاء‏:‏ ولم يعزم عليهم‏.‏ ولكن أحلهن لهم فقلنا‏:‏ لما لم يكن بيننا وبين عرفة إلا خمس، أمرنا أن نفضي إلى نسائنا‏.‏ فنأتي عرفة تقطر مذاكيرنا المني ‏!‏ قال يقول جابر بيده ‏(‏كأني أنظر إلى قوله بيده يحركها‏)‏ قال فقام النبي صلى الله عليه وسلم فينا‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏قد علمتم أني أتقاكم لله وأصدقكم وأبركم‏.‏ ولولا هديي لحللت كما تحلون‏.‏ ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي‏.‏ فحلوا‏"‏ فحللنا وسمعنا وأطعنا‏.‏ قال عطاء‏:‏ قال جابر فقدم علي من سعايته‏.‏ فقال ‏"‏بم أهللت ‏؟‏‏"‏ قال‏:‏ بما أهل به النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏فأهد وامكث حراما‏"‏ قال‏:‏ وأهدى له علي هديا‏.‏ فقال سراقة بن مالك بن جعشم‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ ألعامنا هذا أم لأبد ‏؟‏ فقال ‏"‏لأبد‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم‏)‏ منصوب على الاختصاص‏.‏ ‏(‏صبح رابعة‏)‏ هو بضم الصاد وكسرها‏.‏ ‏(‏حلوا وأصيبوا النساء‏)‏ أي اخرجوا من إحرامكم، وباشروا حلائلكم‏.‏ ‏(‏ولم يعزم عليهم‏)‏ أي لم يأمرهم أمرا جازما في وطء النساء، بل أباحه لهم‏.‏ وأما الإحلال فعزم فيه على من لم يكن معه هدي‏.‏ ‏(‏نفضى إلى نسائنا‏)‏ أي نصل إليهن بالجماع‏.‏ ‏(‏فنأتي عرفة‏)‏ أراد بها عرفات‏.‏ قال في المصباح‏:‏ يقال وقفت بعرفة كما يقال بعرفات‏.‏ ‏(‏تقطر مذاكيرنا المني‏)‏ الجملة حالية، وهي كناية عن قرب الجماع‏.‏ وقطر يتعدى ولا يتعدى‏.‏ والمذاكير جمع الذكر بمعنى آلة الذكورة على غير قياس‏.‏ وأما الذكر، خلاف الأنثى، فيجمع على ذكور وذكران‏.‏ ‏(‏يقول جابر بيده‏)‏ أي يشير بيده يحركها‏.‏ ففيه إطلاق القول على الفعل‏.‏ ومثل قوله‏.‏ كأني أنظر إلى قوله بيده‏.‏ أي إلى إشارته بها‏.‏ ‏(‏ما استدبرت‏)‏ ما موصولة‏.‏ محلها النصب على المفعولية لاستقبلت‏.‏ والاستقبال خلاف الاستدبار‏.‏ والمعنى‏:‏ لو ظهر لي أولا ما ظهر لي آخرا من إحرام بعمرة، لما سقت الهدي‏.‏ وفعلت معكم ما أمرتكم بفعله من فسخ الحج بعمرة‏.‏ وسائق الهدي لا يصح له ذلك‏.‏ فإنه لا يحل حتى ينحره‏.‏ ولا ينحر إلا يوم النحر، بخلاف من لم يسقه‏.‏ قال ابن الأثير‏:‏ وإنما أراد بهذا القول تطيب قلوب أصحابه لأنه كان يشق عليهم أن يحلوا وهو محرم‏.‏ فقال لهم ذلك لئلا يجدوا في أنفسهم، وليعلموا أن الأفضل لهم قبول ما دعاهم إليه‏.‏ وأنه لولا الهدي لفعله‏.‏ ‏(‏من سعايته‏)‏ أي من عمله باليمن، من الجباية وغيرها‏.‏ وقال القاضي عياض‏:‏ أي من عمله في السعي في الصدقات‏.‏ ‏(‏ألعامنا هذا أم لأبد ‏؟‏ فقال ‏"‏لأبد‏"‏‏)‏ اختلف العلماء في معناه على الأقوال‏.‏ أصحها، وبه قال جمهورهم، معناه أن العمرة يجوز فعلها في أشهر الحج إلى يوم القيامة‏.‏ والمقصود به بيان إبطال ما كانت الجاهلية تزعمه من امتناع العمرة في أشهر الحج‏.‏ والثاني معاه جواز القرآن وتقدير الكلام‏:‏ دخلت أفعال العمرة في أفعال الحج إلى يوم القيامة‏]‏‏.‏

142 - ‏(‏1216‏)‏ حدثا ابن نمير‏.‏ حدثي أبي‏.‏ حدثنا عبدالملك بن أبي سليمان عن عطاء، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏

أهللنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج‏.‏ فلما قدمنا مكة أمرنا أن نحل ونجعلها عمرة‏.‏ فكبر ذلك علينا‏.‏ وضاقت به صدورنا‏.‏ فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ فما ندري أشيء بلغه من السماء، أم شيء من قبل الناس ‏!‏ فقال‏:‏ ‏"‏أيها الناس ‏!‏ أحلوا‏.‏ فلولا الهدي الذي معي، فعلت كما فعلتم‏"‏ قال‏:‏ فأحللنا حتى وطئنا النساء‏.‏ وفعلنا ما يفعل الحلال‏.‏ حتى إذا كان يوم التروية،، وجعلنا مكة بظهر أهللنا بالحج‏.‏

‏[‏ش ‏(‏وجعلنا مكة بظهر‏)‏ معناه أهللنا عند إرادتنا الذهاب إلى منى‏]‏‏.‏

143 - ‏(‏1216‏)‏ وحدثنا ابن نمير‏.‏ حدثنا أبو نعيم‏.‏ حدثنا موسى بن نافع‏.‏ قال‏:‏

قدمت مكة متمتعا بعمرة‏.‏ قبل التروية بأربعة أيام‏.‏ فقال الناس‏:‏ تصير حجتك الآن مكية‏.‏ فدخلت على عطاء بن أبي رباح فاستفتيته‏.‏ فقال عطاء‏:‏ حدثني جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهم ؛ أنه حج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام ساق الهدي معه‏.‏ وقد أهلوا بالحج مفردا‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أحلوا من إحرامكم‏.‏ فطوفوا بالبيت وبين الصفا والمروة‏.‏ وقصروا‏.‏ وأقيموا حلالا حتى إذا كان يوم التروية فأهلوا بالحج‏.‏ واجعلوا التي قدمتم بها متعة‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏ كيف جعلها متعة وقد سمينا الحج ‏؟‏ قال‏:‏

‏"‏افعلوا ما آمركم به‏.‏ فإني لولا أني سقت الهدي، لفعلت مثل الذي أمرتكم به‏.‏ ولكن لا يحل مني حرام‏.‏ حتى يبلغ الهدي محله‏"‏ ففعلوا‏.‏

‏[‏ش ‏(‏تصير حجتك الآن مكية‏)‏ لإنشائك إحرامها من مكة‏.‏ فتفوتك فضيلة الإحرام من الميقات‏.‏ فيقل ثوابك بقلة مشقتك‏.‏ ‏(‏أحلوا من إحرامكم‏)‏ أي اجعلوا إحرامكم عمرة وتحللوا بعملها،، وهو الطواف والسعي ثم التقصير‏.‏ ‏(‏ولكن لا يحل مني حرام‏)‏ أي لا يحل مني شيء حرم علي حتى يبلغ الهدي محله‏]‏‏.‏

144 - ‏(‏1216‏)‏ وحدثنا محمد بن معمر بن ربعي القيسي‏.‏ حدثنا أبو هشام المغيرة بن سلمة المخزومي عن أبي عوانة، عن أبي بشر، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏

قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج‏.‏ فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجعلها عمرة‏.‏ ونحل‏.‏ قال‏:‏ وكان معه الهدي‏.‏ فلم يستطع أن يجعلها عمرة‏.‏
‏(‏18‏)‏ باب في المتعة بالحج والعمرة

145 - ‏(‏1217‏)‏ حدثنا محمد بن المثننى وابن بشار‏.‏ قال ابن المثنى‏:‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة‏.‏ قال‏:‏ سمعت قتادة يحدث عن أبي نضرة قال‏:‏

كان ابن عباس يأمر بالمتعة‏.‏ وكان ابن الزبير ينهى عنها‏.‏ قال‏:‏ فذكرت ذلك لجابر بن عبدالله‏.‏ فقال‏:‏ على يدَيَّ دارَ الحديثُ‏.‏ تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فلما قام عمر قال‏:‏ إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء‏.‏ وإن القرآن قد نزل منازله‏.‏ فأتموا الحج والعمرة لله‏.‏ كما أمركم الله‏.‏ وأبتوا نكاح هذه النساء‏.‏ فلن أوتى برجل نكح امرأة إلى أجل، إلا رجمته بالحجارة‏.‏

‏[‏ش ‏(‏وأبتوا نكاح هذه النساء‏)‏ أي أقطعوا الأمر فيه ولا تجعلوه غير مبتوت بجعله متعا مقدرة بمدة‏.‏ وقال الإمام النووي‏:‏ وأما قوله في متعة النكاح، وهي نكاح المرأة إلى أجل، ، فكان مباحا‏.‏ ثم نسخ يوم خيبر‏.‏ ثم أبيح يوم الفتح‏.‏ ثم نسخ في أيام الفتح‏.‏ واستمر تحريمه إلى الآن وإلى يوم القيامة‏.‏ وقد كان فيه خلاف في العصر الأول ثم ارتفع‏.‏ وأجمعوا على تحريمه‏]‏‏.‏

‏(‏1217‏)‏ وحدثنيه زهير بن حرب‏.‏ حدثنا عفان‏.‏ حدثنا همام‏.‏ حدثنا قتادة، بهذا الإسناد‏.‏ وقال في الحديث‏:‏ فافصلوا حجكم من عمرتكم‏.‏ فإنه أتم لحجكم‏.‏ وأتم لعمرتكم‏.‏

146 - ‏(‏1216‏)‏ وحدثننا خلف بن هشام وأبو الربيع وقتيبة‏.‏ جميعا عن حماد‏.‏ قال خلف‏:‏ حدثنا حماد بن زيد عن أيوب‏.‏ قال‏:‏ سمعت مجاهدا يحدث عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏

قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقول‏:‏ لبيك ‏!‏ بالحج‏.‏ فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجعلها عمرة‏.‏

*3* ‏(‏19‏)‏ باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم

147 - ‏(‏1218‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم‏.‏ جميعا عن حاتم‏.‏ قال أبو بكر‏:‏ حدثنا حاتم بن إسماعيل المدني عن جعفر بن محمد، عن أبيه‏.‏ قال‏:‏

دخلنا على جابر بن عبدالله‏.‏ فسأل عن القوم حتى انتهى إلي‏.‏ فقلت‏:‏ أنا محمد بن علي بن حسين‏.‏ فأهوى بيده إلى رأسي فنزع زري الأعلى‏.‏ ثم نزع زري الأسفل‏.‏ ثم وضع كفه بين ثديي وأنا يومئذ غلام شاب‏.‏ فقال‏:‏ مرحبا بك‏.‏ يا ابن أخي ‏!‏ سل عما شئت‏.‏ فسألته‏.‏ وهو أعمى‏.‏ وحضر وقت الصلاة‏.‏ فقام في نساجة ملتحفا بها‏.‏ كلما وضعها على منكبه رجع طرفاها إليه من صغرها‏.‏ ورداؤه إلى جنبه، على المشجب‏.‏ فصلى بنا‏.‏ فقلت‏:‏ أخبرني عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال بيده‏.‏ فعقد تسعا‏.‏

فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم يحج‏.‏ ثم أذن في الناس في العاشرة ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج‏.‏ فقدم المدينة بشر كثير‏.‏ كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ ويعمل مثل عمله‏.‏ فخرجنا معه‏.‏ حتى أتينا ذا الحليفة‏.‏ فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر‏.‏ فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ كيف أصنع ‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏اغتسلي‏.‏ واستثفري بثوب وأحرمي‏"‏ فصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد‏.‏ ثم ركب القصواء‏.‏ حتى إذا استوت به ناقته على البيداء‏.‏ نظرت إلى مد بصري بين يديه‏.‏ من راكب وماش‏.‏ وعن يمينه مثل ذلك‏.‏ وعن يساره مثل ذلك‏.‏ ومن خلفه مثل ذلك‏.‏ ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا‏.‏ وعليه ينزل القرآن‏.‏ وهو يعرف تأويله‏.‏ وما عمل به من شيء عملنا به‏.‏ فأهل بالتوحيد ‏"‏لبيك اللهم ‏!‏ لبيك‏.‏ لبيك لا شريك لك لبيك‏.‏ إن الحمد والنعمة لك‏.‏ والملك لا شريك لك‏"‏‏.‏ وأهل الناس بهذا الذي يهلون به‏.‏ فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم شيئا منه‏.‏ ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته‏.‏ قال جابر رضي الله عنه‏:‏ لسنا ننوى إلا الحج‏.‏ لسنا نعرف العمرة‏.‏ حتى إذا أتينا البيت معه، استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا‏.‏ ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام‏.‏ فقرأ‏:‏ ‏{‏واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى‏}‏ ‏[‏2 / البقرة / الآية 125‏]‏ فجعل المقام بينه وبين البيت‏.‏ فكان أبي يقول ‏(‏ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏‏:‏ كان يقرأ في الركعتين قل هو الله أحد، وقل يا أيها الكافرون‏.‏ ثم رجع إلى الركن فاستلمه‏.‏ ثم خرج من الباب إلى الصفا‏.‏ فلما دنا من الصفا قرأ‏:‏ ‏{‏إن الصفا والمروة من شعائر الله‏}‏ ‏[‏2 / البقرة / الآية 158‏]‏ ‏"‏أبدأ بما بدأ الله به‏"‏ فبدأ بالصفا‏.‏ فرقي عليه‏.‏ حتى رأى البيت فاستقبل القبلة‏.‏ فوحد الله، وكبره‏.‏ وقال‏:‏ ‏"‏لا إله إلا الله وحده لا شريك له‏.‏ له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير‏.‏ لا إله إلا الله وحده‏.‏ أنجز وعده‏.‏ ونصر عبده‏.‏ وهزم الأحزاب وحده‏"‏ ثم دعا بين ذلك‏.‏ قال مثل هذا ثلاث مرات‏.‏ ثم نزل إلى المروة‏.‏ حتى إذا أنصبت قدماه في بطن الوادي سعى‏.‏ حتى إذا صعدتا مشى‏.‏ حتى إذا أتى المروة‏.‏ ففعل على المروة كما فعل على الصفا‏.‏ حتى إذا كان آخر طوافه على المروة فقال‏:‏

‏"‏لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي‏.‏ وجعلتها عمرة‏.‏ فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل‏.‏ وليجعلها عمرة‏"‏‏.‏ فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ ألعامنا هذا أم لأبد ‏؟‏ فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في الأخرى‏.‏ وقال ‏"‏دخلت العمرة في الحج‏"‏ مرتين‏"‏ لا بل لأبد أبد‏"‏ وقدم علي من اليمن ببدن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حل‏.‏ ولبست ثيابا صبيغا‏.‏ واكتحلت‏.‏ فأنكر ذلك عليها‏.‏ فقالت‏:‏ إن أبي أمرني بهذا‏.‏ قال‏:‏ فكان علي يقول بالعراق‏:‏ فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشا على فاطمة‏.‏ للذي صنعت‏.‏ مستفتيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرت عنه‏.‏ فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏صدقت صدقت‏.‏ ماذا قلت حين فرضت الحج ‏؟‏‏"‏ قال قلت‏:‏ اللهم ‏!‏ إني أهل بما أهل به رسولك‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏فإن معي الهدي فلا تحل‏"‏ قال‏:‏ فكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن والذي أتي به النبي صلى الله عليه وسلم مائة‏.‏ قال‏:‏ فحل الناس كلهم وقصروا‏.‏ إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي‏.‏ فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى‏.‏ فأهلوا بالحج‏.‏ وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى به الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر‏.‏ ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس‏.‏ وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة‏.‏ فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام‏.‏ كما كانت قريش تصنع في الجاهلية‏.‏ فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة‏.‏ فوجد القبة قد ضربت له بنمرة‏.‏ فنزل بها‏.‏ حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء‏.‏ فرحلت له‏.‏ فأتي بطن الوادي‏.‏ فخطب الناس وقال‏:‏ ‏"‏إن دماؤكم وأموالم حرام عليكم‏.‏ كحرمة يومكم هذا‏.‏ في شهركم هذا‏.‏ في بلدكم هذا ‏.‏ ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع‏.‏ ودماء الجاهلية موضوعة‏.‏ وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث‏.‏ كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل‏.‏ وربا الجاهلية موضوع‏.‏ وأول ربا أضع ربانا‏.‏ ربا عباس بن عبدالمطلب‏.‏ فإنه موضوع كله‏.‏ فاتقوا الله في النساء‏.‏ فإنكم أخذتموهن بأمان الله‏.‏ واستحللتم فروجهن بكلمة الله‏.‏ ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه‏.‏ فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح‏.‏ ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالممعروف‏.‏ وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به‏.‏ كتاب الله‏.‏ وأنتم تسألون عني‏.‏ فما أنتم قائلون ‏؟‏‏"‏ قالوا‏:‏ نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت‏.‏ فقال بإصبعه السبابة، يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس ‏"‏اللهم ‏!‏ اشهد اللهم ‏!‏ اشهد‏"‏ ثلاث مرات‏.‏ ثم أذن ‏.‏ثم أقام فصلى الظهر‏.‏ ثم أقام فصلى العصر‏.‏ ولم يصل بينهما شيئا‏.‏ ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ حتى أتى الموقف‏.‏ فجعل

‏[‏ش ‏(‏فسأل عن القوم‏)‏ أي عن جماعة الرجال الداخلين عليه، فإنه إذا ذاك كان أعمى‏.‏ عمي في آخر عمره‏.‏ ‏(‏فنزع زري الأعلى‏)‏ أي أخرجه من عروته ليكشف صدري عن القميص‏.‏ ‏(‏نساجة‏)‏ هذا هو المشهور في نسخ بلادننا وروايتنا لصحيح مسلم وسنن أبي داود‏.‏ ووقع في بعض النسخ‏:‏ في ساجة‏.‏ بحذف النون‏.‏ ونقله القاضي عياض عن رواية الجمهور‏.‏ قال‏:‏ وهو الصواب‏.‏ قال‏:‏ والساجة والساج، جميعا، ثوب كالطيلسان وشبهه‏.‏ قال‏:‏ ورواية النون وقعت في رواية الفارسي ومعناه ثوب ملفق‏.‏ قال‏:‏ قال بعضهم‏:‏ النون خطأ وتصحيف‏.‏ قلت‏:‏ ليس كذلك، بل كلاهما صحيح،، ويكون ثوبا ملفقا على هيئة الطيلسان‏.‏ وقال في النهاية‏:‏ هي ضرب من الملاحف منسوجة، كأنها سميت بالمصدر‏.‏ يقال‏:‏ نسجت أنسج نسجا ونساجة‏.‏ ‏(‏المشجب‏)‏ هو عيدان تضم رؤسها، ويفرج بين قوائمها، توضع علها الثياب‏.‏ ‏(‏فقال بيده‏)‏ أي أشار بها‏.‏ ‏(‏ثم أذن في الناس‏)‏ معناه أعلمهم بذلك وأشاعه بينهم ليتأهبوا للحج معه، ويتعلموا المناسك والأحكام ويشهدوا أقواله وأفعاله ويوصيهم ليبلغ الشاهد الغائب وتشيع دعوة الإسلام‏.‏ ‏(‏واستثفري‏)‏ الاستثفار هوأن تشد في وسطها شيئا، وتأخذ خرقة عريضة تجعلها على محل الدم وتشد طرفيها، من قدامها ومن ورائها، في ذلك المشدود في وسطها‏.‏ وهو شبيه بثفر الدابة الذي يجعل تحت ذنبها‏.‏ ‏(‏ثم ركب القصواء‏)‏ هي ناقته صلى الله عليه وسلم‏.‏ قال أبو عبيدة القصواء المقطوعة الأذن عرضا‏.‏ ‏(‏ثم نظرت إلى مد بصري‏)‏ هكذا هو في جميع النسخ‏:‏ مد بصري‏.‏ وهو صحيح‏.‏ ومعناه منتهى بصري‏.‏ وأنكر بعض أهل اللغة‏:‏ مد بصري‏.‏ وقال الصواب‏:‏ مدى بصري‏.‏ وليس هو بمنكر، بل هما لغتان، المد أشهر‏.‏ ‏(‏فأهل بالتوحيد‏)‏ يعني قوله‏:‏ لبيك لا شريك لك‏.‏ ‏(‏استلم الركن‏)‏ يعني الحجر الأسود‏.‏ فإليه ينصرف الركن عند الإطلاق واستلامه مسحه وتقبيله بالتكبير والتهليل، إن أمكنه ذلك من غير إيذاء أحد‏.‏ وإلا يستلم بالإشارة من بعيد‏.‏ والاستلام افتعال، من السلام، بمعنى التحية‏.‏ ‏(‏فرمل ثلاثا‏)‏ قال العلماء‏:‏ الرمل هو إسراع المشي مع تقارب الخطا، وهو الخبب‏.‏ ‏(‏ثم نفذ إلى مقام إبراهيم‏)‏ أي بلغه ماضيا في زحام‏.‏ ‏(‏ثم خرج من الباب‏)‏ أي من باب بني مخزوم، وهو الذي يسمى باب الصفا‏.‏ وخروجه عليه السلام منه، لأنه أقرب الأبواب إلى الصفا‏.‏ ‏[‏شتى إذا انصبت قدماه‏)‏ أي انحدرت‏.‏ فهو مجاز من انصباب الماء‏.‏ ‏(‏حتى إذا صعدتا‏)‏ أي ارتفعت قدماه عن بطن الوادي‏.‏ ‏(‏ببدن‏)‏ هو جمع بدنة‏.‏ وأصله الضم‏.‏ كخشب في جع خشبة‏.‏ ‏(‏محرشا‏)‏ التحريش الإغراء، والمراد هنا أن يذكر له ما يقتضي عتابها‏.‏ ‏(‏بنمرة‏)‏ بفتح النون وكسر الميم‏.‏ هذا أصلها‏.‏ ويجوز فيها ما يجوز في نظيرها‏.‏ وهو إسكان الميم مع فتح النون وكسرها‏.‏ وهو موضع بجنب عرفات‏.‏ وليست من عرفات‏.‏

‏(‏ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام‏)‏ معنى هذا أن قريشا كانت في الجاهلية‏.‏ تقف بالمشعر الحرام‏.‏ وهو جبل في المزدلفة يقال له قزح‏.‏ وقيل إن المشعر الحرام كل المزدلفة‏.‏ وكان سائر العرب يتجاوزون المزدلفة ويقفون بعرفات، فظنت قريش أن النبي صلى الله عليه وسلم يقف في المشعر الحرام على عادتهم ولا يتجاوزه‏.‏ فتجاوزه النبي صلى الله عليه وسلم إلى عرفات‏.‏ لأن الله تعالى أمره بذلك في قوله تعالى‏:‏ ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس، أي سائر العرب غير قريش‏.‏ وإنما كانت قريش تقف بالمزدلفة لأنها من الحرم‏.‏ وكانوا يقولون‏:‏ نحن أهل حرم الله فلا نخرج منه‏.‏ ‏(‏فأجاز‏)‏ أي جاوز المزدلفة ولم يقف بها، بل توجه إلى عرفات‏.‏ ‏(‏فرحلت‏)‏ أي وضع عليها الرحل‏.‏ ‏(‏بطن الوادي‏)‏ هو وادي عرنة‏.‏ وليست عرنة من أرض عرفات عند الشافعي والعلماء كافة، إلا مالكا فقال‏:‏ هي من عرفات‏.‏ ‏(‏كحرمة يومكم هذا‏)‏ معناه متأكدة التحريم، شديدته‏.‏ ‏(‏بكلمة الله‏)‏ قيل‏:‏ معناه قوله تعالى‏:‏ فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان‏.‏ وقيل‏:‏ المراد كلمة التوحيد وهي لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ لا تحل مسلمة لغير مسلم‏.‏ وقيل‏:‏ قوله تعالى‏:‏ فانكحوا ما طاب لكم من النساء‏.‏ وهذا الثالث هو الصحيح‏.‏ ‏(‏ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه‏)‏ قال الإمام النوو‏:‏ المختار أن معناه أن لا يأذن لأحد تكرهونه في دخول بيوتكم والجلوس في منازلكم‏.‏ سواء كان المأذون له رجلا أجنبيا أو امرأة أو أحد من محارم الزوجة‏.‏ فالنهي يتناول جميع ذلك‏.‏ وهذا حكم المسألة عند الفقهاء أنها لا يحل لها أن تأذن لرجل ولا امرأة، لا محرم ولا غيره، في دخول منزل الزوج إلا من علمت أو ظنت أن الزوج لا يكرهه‏.‏ ‏(‏فاضربوهن ضربا غير مبرح‏)‏ الضرب المبرح هو الضرب الشدد الشاق‏.‏ ومعناه اضربوهن ضربا ليس بشديد ولا شاق‏.‏ والبرح المشقة‏.‏ ‏(‏كتاب الله‏)‏ بالنصب، بدل عما قبله‏.‏ وبالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف‏.‏ ‏(‏وينكتها إلى الناس‏)‏ هكذا ضبطناه‏:‏ ينكتها‏.‏ قال القاضي‏:‏ كذا الرواية فيه، بالتاء المثناة فوق‏.‏ قال‏.‏ وهو بعيد المعنى‏.‏ قال‏:‏ قيل صوابه ينكبها‏.‏ قال‏:‏ ورويناه في سنن أبي داود بالتاء المثناة من طريق ابن العربي‏.‏ وبالموحدة من طريق أبي بكر التمار‏.‏ ومعناه يقلبها ويرددها إلى الناس مشيرا إليهم‏.‏ ومنه‏:‏ نكب كنانته إذا قلبها‏.‏ هذا كلام

148 - ‏(‏1218‏)‏ وحدثنا عمر بن حفص بن غياث‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا جعفر بن محمد‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ قال‏:‏

أتيت جابر بن عبدالله فسألته عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وساق الحديث بنحو حديث حاتم بن ا سماعيل‏.‏ وزاد في الحديث‏:‏ وكانت العرب يدفع بهم أبو سيارة على حمار عري‏.‏ فلما أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم من المزدلفة بالمشعر الحرام لم تشك قريش أنه سيقتصر عليه‏.‏ ويكون منزله ثم‏.‏ فأجاز ولم يعرض له حتى أتى عرفات فنزل‏.‏

‏[‏ش ‏(‏يدفع بهم أبو سيارة‏)‏ أي في الجاهلية‏.‏ ‏(‏لم تشك قريش‏)‏ معنى الحديث أن قريشا كانت قبل الإسلام تقف بالمزدلفة، وهي من الحرم‏.‏ ولا يقفون بعرفات‏.‏ وكان سائر العرب يقفون بعرفات‏.‏ وكانت قريش تقول‏:‏ نحن أهل الحرم، فلا نخرج منه‏.‏ فلما حج النبي صلى الله عليه وسلم ووصل المزدلفة اعتقدوا أنه يقف بالزدلفة على عادة قريش‏.‏ فجاوز إلى عرفات‏.‏ لقول الله عز وجل‏:‏ ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس، أي جمهور الناس‏.‏ فإن من سوى قريش كانوا يقفون بعرفات ويفيضون منها‏]‏‏.‏

*3* ‏(‏20‏)‏ باب ما جاء أن عرفة كلها موقف

149 - ‏(‏1218‏)‏ حدثنا عمر بن حفص بن غياث‏.‏ حدثنا أبي عن جعفر‏.‏ حدثني أبي عن جابر في حديثه ذلك‏:‏

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏نحرت ههنا‏.‏ ومنى كلها منحر‏.‏ فانحروا في رحالكم‏.‏ ووقفت ههنا‏.‏ وعرفة كلها موقف ووقفت ههنا‏.‏ وجمع كلها موقف ‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏وجمع كلها موقف‏)‏ أنث الضمير لأن جمعا علم لمزدلفة‏]‏‏.‏

150 - ‏(‏1218‏)‏ وحدثنا إسحاق بن إبراهيم‏.‏ أخبرنا يحيى بن آدم‏.‏ حدثنا سفيان عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر ين عبدالله رضي الله عنهما ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة أتى الحجر فاستلمه‏.‏ ثم مشى على يمينه‏.‏ فرمل ثلاثا ومشى أربعا‏.‏

*3* ‏(‏21‏)‏ باب في الوقوف وقوله تعالى‏:‏ ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس

151 - ‏(‏1219‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا أبو معاوية عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏

كان قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة‏.‏ وكانوا يسمون الحمس‏.‏ وكان سائر العرب يقفون بعرفة‏.‏ فلما جاء الإسلام أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأتي عرفات فيقف بها‏.‏ ثم يفيض منها‏.‏ فذلك قوله عز وجل‏:‏ ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ‏[‏2 /البقرة/ الآية 199‏]‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏ومن دان دينها‏)‏ أي تبعهم واتخذ دينهم دينا‏.‏ ‏(‏وكانوا يسمون الحمس‏)‏ قال أبو الهيثم‏:‏ الحمس هم قريش ومن ولدته قريش وكنانة وجديلة قيس‏.‏ سموا حمسا لأنهم تحمسوا في دينهم، أي تشددوا‏.‏ ‏(‏ثم يفيض منها‏)‏ الإفاضة، هنا الدفع بكثرة تشبيها بفيض الماء‏.‏ قال ابن الأثير‏:‏ وأصل الإفاضة الصب، فاستعيرت للدفع في السير‏.‏ وأصله أفاض نفسه أو راحلته‏.‏ فرفضوا ذكر المفعول حتى أشبه غير المتعدي‏]‏‏.‏

152 - ‏(‏1219‏)‏ وحدثنا أبو كريب‏.‏ حدثنا أبو أسامة‏.‏ حدثنا هشام عن أبيه‏.‏ قال‏:‏

كانت العرب تطوف بالبيت عراة‏.‏ إلا الحمس‏.‏ والحمس قريش وما ولدت‏.‏ كانوا يطوفون عراة‏.‏ إلا أن تعطيهم الحمس ثيابا‏.‏ فيعطي الرجال الرجال والنساء النساء‏.‏ وكانت الحمس لا يخرجون من المزدلفة‏.‏ وكان الناس كلهم يبلغون عرفات‏.‏ قال هشام‏:‏ فحدثني أبي عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ الحمس هم الذين أنزل الله عز وجل فيهم‏:‏ ‏{‏ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس‏}‏ ‏[‏2 /البقرة/ الآية 199‏]‏ ‏.‏ قالت‏:‏ كان الناس يفيضون من عرفات‏.‏ وكان الحمس يفيضون من المزدلفة‏.‏ يقولون‏:‏ لا نفيض إلا من الحرم فلما نزلت‏:‏ ‏{‏أفيضوا من حيث أفاض الناس‏}‏، رجعوا إلى عرفات‏.‏

153 - ‏(‏1220‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد‏.‏ جميعا عن ابن عيينة‏.‏ قال عمرو‏:‏ حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو‏.‏ سمع محمد بن جبير بن مطعم يحدث عن أبيه، جبير بن مطعم، قال‏:‏

أضللت بعيرا لي‏.‏ فذهبت أطلبه يوم عرفة‏.‏ فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفا مع الناس بعرفة‏.‏ فقلت‏:‏ والله إن هذا لمن الحمس‏.‏ فما شأنه ههنا ‏؟‏ وكانت قريش تعد من الحمس‏.‏

*3* ‏(‏23‏)‏ باب في نسخ التحلل من الإحرام والأمر بالتمام

154 - ‏(‏1221‏)‏ حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار‏.‏ قال ابن المثنى‏:‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ أخبرنا شعبة عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن أبي موس قال‏:‏

قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منيخ بالبطحاء‏.‏ فقال لي‏:‏ ‏"‏أحججت ‏؟‏‏"‏ فقلت‏:‏ نعم ‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏بم أهللت ‏؟‏‏"‏ قال قلت‏:‏ لبيك بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏فقد أحسنت‏.‏ طف بالبيت وبالصفا والمروة‏.‏ وأحل‏"‏ قال‏:‏ فطفت بالبيت وبالصفا والمروة‏.‏ ثم أتيت امرأة من بني قيس‏.‏ ففلت رأسي‏.‏ ثم أهللت بالحج‏.‏ قال‏:‏ فكنت أفتي به الناس‏.‏ حتى كان في خلافة عمر رضي الله عنه‏.‏ فقال له رجل‏:‏ يا أبا موسى‏!‏ أو‏:‏ ياعبدالله بن قيس ‏!‏ رويدك بعض فتياك‏.‏ فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعدك‏.‏ فقال‏:‏ يا أيها الناس ‏!‏ من كنا أفتيناه فتيا فليتئد‏.‏ فإن أمير المؤمنين قادم عليكم‏.‏ فبه فائتموا‏.‏ قال‏:‏ فقدم عمر رضي الله عليه وسلم‏.‏ فذكرت ذلك له‏.‏ فقال‏:‏ إن نأخذ بكتاب الله فإن كتاب الله يأمر بالتمام‏.‏ وإن نأخذ بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل حتى بلغ الهدي محله‏.‏

‏[‏ش ‏(‏رويدك بعض فتياك‏)‏ أي ارفق قليلا وأمسك عن الفتيا‏.‏ ‏(‏فليتئد‏)‏ أي فليتأن ولا يعجل‏.‏ وهو افتعال من التؤدة، وزان رطبة‏]‏‏.‏

‏(‏1221‏)‏ وحدثناه عبيدالله بن معاذ‏.‏ حدثنا شعبة، في هذا الإسناد، نحوه‏.‏

155 - ‏(‏1221‏)‏ وحدثنا محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا عبدالرحمن ‏(‏يعني ابن مهدى‏)‏ حدثنا سفيان عن قيس، عن طارق بن شهاب، عن أبي موس رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏

قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منيخ بالبطحاء‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏بم أهللت ‏؟‏‏"‏ قال قلت‏:‏ أهللت بإهلال النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏هل سقت من هدي ‏؟‏‏"‏ قلت‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏فطف بالبيت وبالصفا والمروة‏.‏ ثم حل‏"‏ فطفت بالبيت وبالصفا والمروة‏.‏ ثم أتيت امرأة من قومي فمشطتني وغسلت رأسي‏.‏ فكنت أفتي الناس بذلك في إمارة أبي بكر وإمارة عمر‏.‏ فإني لقائم بالموسم إذ جاءني رجل فقال‏:‏ إنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في شأن النسك‏.‏ فقلت‏:‏ أيها الناس ‏!‏ من كنا أفتيناه بشيء فليتئد فهذا أمير المؤمنين قادم عليكم‏.‏ فبه فائتموا‏.‏ فلما قدم قلت‏:‏ يا أمير المؤمنين ‏!‏ ماهذا الذي أحدثت في شأن النسك ‏؟‏ قال‏:‏ إن نأخذ بكتاب الله فإن الله عزوجل قال‏:‏ ‏{‏وأتموا الحج والعممرة لله‏}‏ ‏[‏ /البقرة/ الآية 196‏]‏ وإن نأخذ بسنة نبينا عليه الصلاة والسلام، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحل حتى نحر الهدي‏.‏

156 - ‏(‏1221‏)‏ وحدثني إسحاق بن منصور وعبد بن حميد‏.‏ قالا‏:‏ أخبرنا جعفر بن عون‏.‏ أخبرنا أبو عميس عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن أبي موس رضي الله عنه قال‏:‏

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني إلى اليمن‏.‏ قال‏:‏ فوافقته في العام الذي حج فيه‏.‏ فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ يا أبا موسى ‏!‏ كيف قلت حين أحرمت ‏؟‏ ‏"‏ قال قلت‏:‏ لبيك إهلالا كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏ هل سقت هديا ‏؟‏ ‏"‏ فقلت‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏ فانطلق فطف بالبيت وبين الصفا والمروة‏.‏ ثم أحل ‏"‏ ثم ساق الحديث بمثل حديث شعبة وسفيان

157 - ‏(‏1222‏)‏ وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار‏.‏ قال ابن المثنى‏:‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة عن الحكم، عن عمارة بن عمير، عن إبراهيم بن أبي موسى عن أبي موسى ؛ أنه كان يفتي بالمتعة‏.‏ فقال له رجل‏:‏ رويدك ببعض فتياك‏.‏ فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمين في النسك بعد‏.‏ حتى لقيه بعد‏.‏ فسأله‏.‏ فقال عمر‏:‏

قد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد فعله، وأصحابه‏.‏ ولكن كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك‏.‏ ثم يروحون في الحج تقطر رؤسهم‏.‏

‏[‏ش ‏(‏معرسين بهن في الأراك‏)‏ الضمير في بهن يعود إلى النساء للعلم بهن وإن يذكرن‏.‏ ومعناه كرهت التمتع لأنه يقتضي التحلل ووطء النساء إلى حين الخروج إلى عرفات‏.‏ وأعرس،، إذا صار ذا عروس ودخل بإمرأته عند بنائها‏.‏ والمراد هنا الوطء‏.‏ أي مقاربين نساءهم وقوله في الأراك، هو موضع بعرفة قرب نمرة‏.‏ ‏(‏تقطر رؤسهم‏)‏ أي من مياه الإغتسال المسببة عن الوقاع بعهد قريب،، والجملة حال‏]‏‏.‏

*3* ‏(‏23‏)‏ باب جواز التمتع

158 - ‏(‏1223‏)‏ حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار‏.‏ قال ابن المثنى‏:‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة عن قتادة‏.‏ قال‏:‏ قال عبدالله ابن شقيق‏:‏

كان عثمان ينهى عن المتعة‏.‏ وكان علي يأمر بها‏.‏ فقال عثمان لعلي كلمة‏.‏ ثم قال علي‏:‏ لقد علمت أنا قد تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال ‏:‏ أجل‏.‏ ولكنا كنا خائفين‏.‏

‏(‏1223‏)‏ وحدثنيه بن حبيب الحارثي‏.‏ حدثنا خالد ‏(‏يعني ابن الحارث‏)‏‏.‏ أخبرنا شعبة، بهذا الإسناد، مثله‏.‏

159 - ‏(‏1223‏)‏ وحدثنا محمد بن المثننى ومحمد بن بشار‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن المسيب‏.‏ قال‏:‏

اجتمع علي وعثمان رضي الله عنهما بعسفان‏.‏ فكان عثمان ينهى عن المتعة أو العمرة‏.‏ فقال علي‏:‏ ماتريد إلى أمر فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، تنهى عنه ‏؟‏ فقال عثمان‏:‏ دعنا منك‏.‏ فقال‏:‏ إني لا أستطيع أن أدعك‏.‏ فلما أن رأى علي ذلك، أهل بهما جميعا‏.‏

160 - ‏(‏1224‏)‏ وحدثنا سعيد بن منصور وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب‏.‏ قالوا‏:‏ حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر رضي الله عنه قال‏:‏

كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة‏.‏

161 - ‏(‏1224‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا عبدالرحمن بن مهدي عن سفيان، عن عياش العامري، عن إبراهيم التيمي‏.‏ عن أبيه، عن أبي ذر رضي الله عنه قال‏:‏

كانت لنا رخصة‏.‏ يعني المتعة في الحج‏.‏

162 - ‏(‏1224‏)‏ وحدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا جرير عن فضيل، عن زبيد، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه‏.‏ قال‏:‏ قال أبو ذر رضي الله عنه‏:‏

لا تصلح المتعتان إلا لنا خاصة‏.‏ يعني متعة النساء ومتعة الحج‏.‏

163 - ‏(‏1224‏)‏ حدثنا قتيبة‏.‏ حدثنا جرير عن بيان، عن عبدالرحمن بن أبي الشعثاء‏.‏ قال‏:‏ أتيت إبراهيم النخعي وإبراهيم التيمي‏.‏ فقلت‏:‏

إني أهم أن أجمع العمرة والحج، العام‏.‏ فقال إبراهيم النخعي‏:‏ لكن أبوك لم يكن ليهم بذلك‏.‏ قال قتيبة‏:‏ حدثنا جريرعن بيان، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه ؛ أنه مر بأبي ذر رضي الله عنه بالربذة‏.‏ فذكر له ذلك‏.‏ فقال‏:‏ إنما كانت لنا خاصة دونكم‏.‏

164 - ‏(‏1225‏)‏ وحدثنا سعيد بن منصور وابن أبي عمر‏.‏ جميعا عن الفزاري‏.‏ قال سعيد‏:‏ حدثنا مروان بن معاوية‏.‏ أخبرنا سليمان التيمي عن غنيم بن قيس قال‏:‏

سألت سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن المتعة ‏؟‏ فقال‏:‏ فعلناه‏.‏ وهذا يومئذ كافر بالعرش‏.‏ يعني بيوت مكة‏.‏

‏[‏ش ‏(‏وهذا يومئذ كافر بالعرش‏)‏ أما العرش فبضم العين والراء، وهي بيوت مكة‏.‏ قال أبو عبيدة‏:‏ سميت بيوت مكة عرشا لأنها عيدان تنصب ويظلل بها‏.‏ قال‏:‏ ويقال لها أيضا‏:‏ عروش، واحدها عرش‏.‏ كفلس وفلوس‏.‏ ومن قال عرش فواحدها عريش كقليب وقلب وأما قوله‏:‏ وهذا، فالإشارة بهذا إلى معاوية بن أبي سفيان‏.‏ وفي المراد بالكفر هنا وجهان‏:‏ أحدهما ما قاله المازري وغيره‏:‏ المراد وهو مقيم في بيوت مكة‏.‏ قال ثعلب‏:‏ يقال اكتفر الرجل إذا لزم الكفور، وهي القرى‏.‏ والوجه الثاني المراد الكفر بالله تعالى‏.‏ والمراد أنا تمتعنا ومعاوية يومئذ كافر، على دين الجاهلية، مقيم بمكة‏.‏ وهذا اختيار القاضي عياض وغيره، وهو الصحيح المختار‏]‏‏.‏

‏(‏1225‏)‏ وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا يحيى بن سعيد عن سليمان التيمي، بهذا الإسناد،‏.‏ وقال في روايته‏:‏ يعني معاوية‏.‏

‏(‏1225‏)‏ وحدثني عمرو الناقد‏.‏ حدثنا أبو أحمد الزبيري‏.‏ حدثنا سفيان‏.‏ ح وحدثني محمد بن أبي خلف‏.‏ حدثنا روح بن عبادة‏.‏ حدثنا شعبة‏.‏ جميعا عن سليمان التيمي، بهذا الإسناد، مثل حديثهما‏.‏ وفي حديث سفيان‏:‏

المتعة في الحج‏.‏

165 - ‏(‏1226‏)‏ وحدثنا زهير بن حرب‏.‏ حدثنا إسماعيل بن إبراهيم‏.‏ حدثنا الجريري عن أبي العلاء، عن مطرف، قال‏:‏ قال لي عمران ابن حصين‏:‏

إني لأحدثك بالحديث، اليوم، ينفعك الله به بعد اليوم‏.‏ واعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعمر طائفة من أهله في العشر‏.‏ فلم تنزل آية تنسخ ذلك‏.‏ ولم ينه عنه حتى مضى لوجهه‏.‏ ارتأى كل امرئ، بعد، ما شاء أن يرتئي‏.‏

‏[‏ش ‏(‏قد أعمر طائفة من أهله‏)‏ أي أباح لهم أن يحرموا بالعمرة حين أتوا ميقاتهم ذا الحليفة‏]‏‏.‏

166 - ‏(‏1226‏)‏ وحدثناه إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن حاتم‏.‏ كلاهما عن وكيع‏.‏ حدثنا سفيان عن الجريري، في هذا الإسناد‏.‏ وقال ابن حاتم في روايته‏:‏ ارتأى رجل برأيه ما شاء‏.‏ يعني عمر‏.‏

167 - ‏(‏1226‏)‏ وحدثني عبيدالله بن معاذ‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا شعبة عن حميد بن هلال، عن مطرف‏.‏ قال‏:‏ قال لي عمران بن حصين‏:‏

أحدثك حديثا عسى الله أن ينفعك به‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين حجة وعمرة‏.‏ ثم لم ينه عنه حتى مات‏.‏ ولم ينزل فيه قرآن يحرمه‏.‏ وقد كان يسلم علي حتى اكتويت‏.‏ فتركت‏.‏ ثم تركت الكي فعاد‏.‏

‏[‏ش ‏(‏جمع بين حجة وعمرة‏)‏ أي أمر بالجمع بينهما‏.‏ ‏(‏وقد كان يسلم علي حتى اكتويت فتركت‏.‏ ثم تركت الكي فعاد‏)‏ معنى الحديث أن عمران بن الحصين رضي الله عنه كانت به بواسير‏.‏ فكان يصبر على ألمها‏.‏ وكانت الملائكة تسلم عليه‏.‏ فاكتوى فانقطع سلامهم عليه‏.‏ ثم ترك الكي فعاد سلامهم عليه‏]‏‏.‏

‏(‏1226‏)‏ حدثناه محمد بن المثنى وابن بشار‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة عن حميد بن هلال‏.‏ قال‏:‏ سمعت مطرفا قال‏:‏ قال لي عمران بن حصيين‏.‏ بمثل حديث معاذ‏.‏

168 - ‏(‏1226‏)‏ وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار‏.‏ قال ابن المثنى‏:‏ حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة، عن قتادة، عن مطرف، قال‏:‏

بعث إلي عمران بن حصين في مرضه الذي توفي فيه‏.‏ فقال‏:‏ إني كنت محدثك بأحاديث‏.‏ لعل الله أن ينفعك بها بعدي‏.‏ فإن عشت فاكتم عني‏.‏ وإن مت فحدث بها إن شئت‏:‏ لإنه قد سلم علي‏.‏ واعلم أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قد جمع بين حج وعمرة‏.‏ ثم لم ينزل فيها كتاب الله، ولم ينه عنها نبي الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ قال رجل فيها برأيه ما شاء‏.‏

‏[‏ش ‏(‏فإن عشت فاكتم عني‏)‏ أراد به الإخبار بالسلام عليه‏.‏ لأنه كره أن يشاع عنه ذلك في حياته لما فيه من التعرض للفتنة‏]‏‏.‏

169 - ‏(‏1226‏)‏ وحدثنا إسحاق بن إبراهيم‏.‏ حدثنا عيسى بن يونس‏.‏ حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، عن مطرف بن عبدالله ابن الشخير، عن عمران بن الحصين رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏

أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين حج وعمرة‏.‏ ثم لم ينزل فيها كتاب‏.‏ ولم ينهنا عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ قال فيها رجل برأيه ما شاء‏.‏

170 - ‏(‏1226‏)‏ وحدثنا محمد بن المثنى‏.‏ حدثني عبدالصمد‏.‏ حدثنا همام‏.‏ حدثنا قتادة عن مطرف، عن عمران بن حصين رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏

تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ ولم ينزل فيه القرآن‏.‏ قال رجل برأيه ما شاء‏.‏

171 - ‏(‏1226‏)‏ وحدثنيه حجاج بن الشاعر‏.‏ حدثنا عبيدالله بن عبدالمجيد‏.‏ حدثنا إسماعيل بن مسلم‏.‏ حدثني محمد بن واسع عن مطرف بن عبدالله بن الشخير، عن عمران بن حصين رضي الله عنه، بهذا الحديث‏.‏ قال‏:‏ تمتع نبي الله صلى الله عليه وسلم وتمتعنا معه‏.‏

172 - ‏(‏1226‏)‏ حدثنا حامد بن عمر البكراوي ومحمد بن أبي بكر المقدمي‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا بشر بن المفضل‏.‏ حدثنا عمران بن مسلم عن أبي رجاء‏.‏ قال‏:‏ قال عمران بن حصين‏:‏ نزلت آية المتعة في كتاب الله ‏(‏يعني متعة الحج‏)‏‏.‏ وأمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ ثم لم تنزل آية تنسخ آية متعة الحج‏.‏ ولم ينه عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات‏.‏ قال رجل برأيه، بعد، ما شاء

‏[‏ش ‏(‏نزلت آية المتعة‏)‏ هي قوله تعالى في سورة البقرة‏:‏ ‏{‏ فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي ‏}‏‏.‏ الآية‏.‏ والفاء في فمن تمتع واقعة في جواب إذا‏.‏ والفاء في فما استيسر واقعة في جواب من‏.‏ أي فإذا أمنتم الإحصار من عدو أو مرض، بأن زال أو لم يكن، فتمتعتم بالعمرة إلى وقت الحج، فعليه ما تيسر من الهدي‏.‏ ومعنى التمتع بالعمرة الاستمتاع والانتفاع بالتقرب إلى الله تعالى بالعمرة إلى وقت الحج‏.‏ ثم الانتفاع به في وقته إن كان قارنا‏.‏ ويسمى القرآن أيضا التمتع، بهذا المعنى‏.‏ أو عناه الاستمتاع بسبب العمرة بالتحلل منها إلى أن يحرم بالحج إن كان متمتعا‏.‏‏,‏ وعلى كلا التقديرين يلزمه هدي شكرا لنعمة الجمع بين النسكين، يذبح يوم النحر‏.‏ وهو معنى قوله‏:‏ فما استيسر من الهدي‏]‏‏.‏

173 - ‏(‏1226‏)‏ وحدثنيه محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا يحيى بن سعيد عن عمران القصير‏.‏ حدثنا أبو رجاء عن عمران بن حصين، بمثله‏.‏ غير أنه قال‏:‏ وفعلناها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ ولم يقل‏:‏ وأمرنا بها‏.‏

*3* ‏(‏24‏)‏ باب وجوب الدم على المتمتع، وأنه إذا عدمه لزمه صوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله

174 - ‏(‏1227‏)‏ حدثنا عبدالملك بن شعيب بن الليث‏.‏ حدثني أبي عن جدي‏.‏ حدثني عقيل بن خالد عن ابن شهاب، عن سالم بن عبدالله ؛ أن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال‏:‏

تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج‏.‏ وأهدى‏.‏ فساق معه الهدي من ذي الحليفة‏.‏ وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل بالعمرة‏.‏ ثم أهل بالحج‏.‏ وتمتع الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج‏.‏ فكان من اللناس من أهدى فساق الهدي‏.‏ ومنهم من لم يهد‏.‏ فلما قدم رسول الله عليه وسلم مكة قال للناس‏:‏ ‏"‏من كان منكم أهدى، فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه‏.‏ ومن لم يكن منكم أهدى، فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل‏.‏ ثم ليهل بالحج وليهد‏.‏ فمن لم يجد هديا، فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله‏"‏ وطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة‏.‏ فاستلم الركن أول شيء‏.‏ ثم خبّ ثلاثة أطواف من السبع‏.‏ ومشى أربعة أطواف‏.‏ ثم ركع، حين قضى طوافه بالبيت عند المقام، ركعتين‏.‏ ثم سلم فانصرف‏.‏ فأتى الصفا فطاف بالصفا والمروة سبعة أطواف‏.‏ ثم لم يحلل من شيء حرم منه حتى قضى حجه، ونحر هديه يوم النحر، وأفاض‏.‏ فطاف بالبيت ثم حل من كل شيء حرم منه‏.‏ وفعل، مثل مافعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أهدى وساق الهدي من الناس‏.‏

‏[‏ش ‏(‏تمتع رسول الله عليه وسلم‏)‏ قال القاضي‏:‏ قوله تمتع هو محمول على التمتع اللغوى وهو القرآن آخرا‏.‏ ومعناه أنه صلى الله عليه وسلم أحرم أولا بالحج مفردا‏.‏ ثم أحرم بالعمرة‏.‏ فصار قارنا في آخر أمره والقارن هو متمتع من حيث اللغة ومن حيث المعنى‏.‏ لأنه ترفة باتحاد الميقات والإحرام والفعل‏.‏ ‏(‏وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج‏)‏ هو محمول على التلبية في أثناء الإحرام‏.‏ وليس المراد أنه أحرم في أول أمره بعمرة ثم أحرم بحج‏.‏ ‏(‏ثم خب‏)‏ الخبب ضرب من العدو‏.‏ والمراد هنا الرمل‏.‏

175 - ‏(‏1228‏)‏ وحدثنيه عبدالملك بن شعيب‏.‏ حدثني أبي عن جدي‏.‏ حدثني عقيل عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير ؛ أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تمتعه بالحج إلى العمرة‏.‏ وتمتع الناس معه‏.‏ بمثل الذي أخبرني سالم بن عبدالله عن عبدالله رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

*3* ‏(‏25‏)‏ باب بيان أن القارن لا يتحلل إلا في وقت تحلل الحج المفرد

176 - ‏(‏1229‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن نافع، عن عبدالله بن عمر ؛ أن حفصة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت ‏:‏

يا رسول الله ‏!‏ ما شأن الناس حلوا ولم تحلل أنت من عمرتك ‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏إنى لبدت رأس‏.‏ وقلدت هديي‏.‏ فلا أحل حتى أنحر‏"‏‏.‏

‏(‏1229‏)‏ وحدثناه ابن نمير‏.‏ حدثنا خالد بن مخلد عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن حفصة رضي الله عنهم قالت‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ مالك لم تحل ‏؟‏ بنحوه ‏.‏

‏[‏ش ‏(‏وقلدت هديي‏)‏ التقليد هو تعليق شيء في عنق الهدي ليعلم أنه هدي‏]‏‏.‏

177 - ‏(‏1229‏)‏ حدثنا محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيدالله‏.‏ قال‏:‏ أخبرني نافع عن ابن عمر، عن حفصة رضي الله عنهم قالت‏:‏ قلت للنبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ما شأن الناس حلوا ولم تحل من عمرتك ‏؟‏ قال‏:‏

‏"‏إنى قلدت هديي، ولبدت رأسي، فلا أحل حتى أحل من الحج ‏"‏‏.‏

178- ‏(‏1229‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا أبو أسامة‏.‏ حدثنا عبيدالله عن نافع، عن ابن عمر ؛ أن حفصة رضي الله عنها قالت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ بمثل حديث مالك ‏"‏فلا أحل حتى أنحر‏"‏‏.‏

179 - ‏(‏1229‏)‏ وحدثنا ابن أبي عمر‏.‏ حدثنا هشام بن سليمان المخزومي وعبدالمجيد عن ابن جريج، عن نافع، عن ابن عمر‏.‏ قال حدثتني حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أزواجه أن يحللن عام حجة الوداع‏.‏ قالت حفصة‏:‏ فقلت‏:‏ ما يمنعك أن تحل ‏؟‏ قال‏:‏

‏"‏إني لبدت رأسي، وقلدت هديي، فلا أحل حتى أنحر هديي‏"‏‏.‏

*3* ‏(‏26‏)‏ باب بيان جواز التحلل بالإحصار وجواز القران

180 - ‏(‏1230‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن نافع رضي الله عنهما خرج في الفتنة معتمرا‏.‏ وقال‏:‏

إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فخرج فأهل بعمرة‏.‏ وسار حتى إذا ظهر على البيداء التفت إلى أصحابه فقال‏:‏ ما أمرهما إلا واحد‏.‏ أشهدكم أني قد أوجبت الحج مع العمرة‏.‏ فخرج حتى إذا جاء البيت طاف به سبعا‏.‏ وبين الصفا والمروة، سبعا ‏.‏لم يزد عليه‏.‏ ورأى أنه مجزئ عنه‏.‏ وأهدى‏.‏

181 - ‏(‏1230‏)‏ وحدثنا محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا يحيى ‏(‏وهو القطان‏)‏ عن عبيدالله‏.‏ حدثني نافع ؛ أن عبدالله بن عبدالله، وسالم ابن عبدالله كلَّما عبدَالله حين نزل الحجاج لقتال ابن الزبير‏.‏ قالا‏:‏

لا يضرك أن لا تحج العام‏.‏ فإنا نخشى أن يكون بين الناس قتال يحال بينك وبين البيت‏.‏ قال‏:‏ فإن حيل بيني وبينه فعلت كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه‏.‏ حين حالت كفار قريش بينه وبين البيت‏.‏ أشهدكم أني قد أوجبت عمرة‏.‏ فانطلق حتى أتى ذا الحليفة فلبى بالعمرة‏.‏ ثم قال‏:‏ إن خلّي سبيلي قضيت عمرتي‏.‏ وإن حيل بيني وبينه فعلت كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه‏.‏ ثم تلا‏:‏ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ‏[‏33 / الأحزاب / الآية 21‏]‏ ثم سار حتى إذا كان بظهر البيداء قال‏:‏ ما أمرهما إلا واحد‏.‏ إن حيل بيني وبين العمرة حيل بيني وبين الحج‏.‏ أشهدكم أني قد أوجبت حجة مع عمرة‏.‏ فانطلق حتى ابتاع بقديد هديا‏.‏ ثم طاف لهما طوافا واحدا بالبيت وبين الصفا والمروة‏.‏ ثم لم يحل منهما حتى حل منهما حتى حل منهما بحجة، يوم النحر‏.‏

‏(‏1230‏)‏ وحدثناه ابن نمير‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا عيد الله عن نافع‏.‏ قال‏:‏ أراد ابن عمر الحج حين نزل الحجاج بابن الزبير‏.‏ واقتص الحديث مثل هذه القصة‏.‏ وقال في آخر الحديث‏:‏ وكان يقول‏:‏ من جمع ين الحج والعمرة كفاه طواف واحد‏.‏ ولم يحل حتى يحل منهما جميعا‏.‏

182 - ‏(‏1230‏)‏ وحدثنا محمد بن رمح‏.‏ أخبرنا الليث‏.‏ ح وحدثنا قتية ‏(‏واللفظ له‏)‏ حدثنا ليث عن نافع ؛ أن ابن عمر أراد الحج عام نزل الحجاج بابن الزيير‏.‏ فقيل له‏:‏

إن الناس كائن بينهم قتال‏.‏ وإنا نخاف أن يصدوك‏.‏ فقال‏:‏ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة‏.‏ أصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ إني أشهدكم أني قد أوجبت عمرة‏.‏ ثم خرج حتى إذا كان بظاهر البيداء قال‏:‏ ما شأن الحج والعمرة إلا واحد‏.‏ اشهدوا ‏(‏قال ابن رمح‏:‏ أشهدكم‏)‏ أني قد أوجبت حجا مع عمرتي‏.‏ وأهدي هديا اشتراه بقديد‏.‏ ثم انطلق يهل بهما جميعا‏.‏ حتى قدم مكة‏.‏ فطاف اليت وبالصفا والمروة‏.‏ ولم يزد على ذلك‏.‏ ولم ينحر‏.‏ ولم يحلق‏.‏ ولم يقصر‏.‏ ولم يحلل من شيء حرم منه‏.‏ حتى كان يوم النحر فنحر وحلق‏.‏ ورأى أن، قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول‏.‏

وقال ابن عمر‏:‏ كذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

183 - ‏(‏1230‏)‏ حدثنا أبو الربيع الزهراني وأبو كامل‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا حماد‏.‏ ح وحدثني زهير بن حرب‏.‏ حدثني إسماعيل‏.‏ كلاهما عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، بهذه القصة‏.‏ ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم إلا في أول الحديث‏.‏ حين قيل له‏:‏ يصدوك عن البيت‏.‏ قال‏:‏ إذن أفعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ ولم يذكر في آخر الحديث‏:‏ هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ كما ذكره الليث‏.‏

*3* ‏(‏27‏)‏ باب في الإفراد والقران بالحج والعمرة

184 - ‏(‏1231‏)‏ حدثنا يحيى بن أيوب وعبدالله بن عون الهلالي‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا عباد بن عباد المهلبي‏.‏ حدثنا عبيدالله بن عمر عن نافع، عن ابن عمر ‏(‏في رواية يحيى‏)‏ قال‏:‏

أهللنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج مفردا‏.‏ ‏(‏وفي رواية ابن عون‏)‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بالحج مفردا‏.‏

185 - ‏(‏1232‏)‏ وحدثنا سريج بن يونس‏.‏ حدثنا هشيم‏.‏ حدثنا حميد عن بكر، عن أنس رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏

سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يلبي بالحج والعمرة جميعا‏.‏

قال بكر‏:‏ فحدثت بذلك ابن عمر‏.‏ فقال‏:‏ لبى بالحج وحده‏.‏ فلقيت أنسا فحدثته بقول ابن عمر فقال أنس‏:‏ ما تعدّوننا إلا صبيانا ‏!‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ‏"‏لبيك عمرة وحجا‏"‏‏.‏

186 - ‏(‏1232‏)‏ وحدثني أمية بن بسطام العيشي‏.‏ حدثنا يزيد ‏(‏يعني ابن زريع‏)‏ حدثنا حبيب بن الشهيد عن بكر بن عبدالله‏.‏ حدثنا أنس رضي الله عنه ؛ أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم جمع بينهما‏.‏ بين الحج والعمرة‏.‏ قال‏:‏

فسألت ابن عمر‏.‏ فقال‏:‏ أهللنا بالحج‏.‏ فرجعت إلى أنس فأخبرته ما قال ابن عمر‏.‏ فقال‏:‏ كأنما كنا صبيانا‏!‏

*3* ‏(‏28‏)‏ باب ما يلزم من أحرم بالحج، ثم قدم مكة، من الطواف والسعي

187 - ‏(‏1233‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا عبثر عن إسماعيل بن أبي خالد، عن وبرة‏.‏ قال‏:‏

كنت جالسا عند ابن عمر‏.‏ فجاءه رجل فقال‏:‏ أيصلح لي أن أطوف بالبيت قبل أن آتي الموقف‏.‏ فقال‏:‏ نعم‏.‏ فقال‏:‏ فإن ابن عباس يقول‏:‏ لا تطف بالبيت حتى تأتي الموقف‏.‏ فقال ابن عمر‏:‏ فقد حج رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت قبل أن يأتي الموقف‏.‏ فبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تأخذ، أو بقول ابن عباس، إن كنت صادقا ‏؟‏

188 - ‏(‏1233‏)‏ وحدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا جرير عن بيان، عن وبرة‏.‏ قال‏:‏

سأل رجل ابن عمر رضي الله عنهما‏:‏ أطوف بالبيت وقد أحرمت بالحج ‏؟‏ فقال‏:‏ وما يمنعك ‏؟‏ قال‏:‏ إني رأيت ابن فلان يكرهه وأنت أحب إلينا منه‏.‏ رأيناه قد فتنته الدنيا‏.‏ فقال‏:‏ وأينا ‏(‏أو أيكم‏)‏ لم تفتنه الدنيا ‏؟‏ ثم قال‏:‏ رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرم بالحج‏.‏ وطاف بالبيت‏.‏ وسعى بين الصفا والمروة‏.‏ فسنة الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع، من سنة فلان، إن كنت صادقا‏.‏

‏[‏ش ‏(‏فتنته الدنيا‏)‏ لأنه تولى البصرة‏.‏ والولايات محل الخطر والفتنة‏]‏‏.‏

189 - ‏(‏1234‏)‏ حدثني زهير بن حرب‏.‏ حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار‏.‏ قال‏:‏

سألنا ابن عمر عن رجل قدم بعمرة‏.‏ فطاف بالبيت ولم يطف بين الصفا والمروة‏.‏ أيأتي امرأته ‏؟‏ فقال‏:‏ قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت سبعا‏.‏ وصلى خلف المقام ركعتين‏.‏ وبين الصفا والمروة، سبعا‏.‏ وقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة‏.‏

‏(‏1234‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى وأبو الربيع الزهراني عن حماد بن زيد‏.‏ ح وحدثنا عبد بن حميد‏.‏ أخبرنا محمد بن بكر‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ جميعا عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث ابن عيينة‏.‏
(‏29‏)‏ باب ما يلزم، من طاف بالبيت وسعى، من البقاء على الإحرام وترك التحلل

190 - ‏(‏1235‏)‏ حدثني هارون بن سعيد الأيلي‏.‏ حدثنا ابن وهب‏.‏ أخبرني عمرو ‏(‏وهو ابن الحارث‏)‏ عن محمد بن عبدالرحمن ؛ أن رجلا من أهل العراق قال له‏:‏

سل لي عروة بن الزبير عن رجل يهل بالحج‏.‏ فإذا طاف بالبيت أيحل أم لا ‏؟‏ فإن قال لك‏:‏ لا يحل‏.‏ فقل له‏:‏ إن رجلا يقول ذلك‏.‏ قال فسألته فقال‏:‏ لا يحل من أهل بالحج إلا بالحج‏.‏ قلت‏:‏ فإن رجلا كان يقول ذلك‏.‏ قال‏:‏ بئس ما قال‏.‏ فتصداني الرجل فسألني فحدثته‏.‏ فقال‏:‏ فقل له‏:‏ فإن رجلا كان يخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فعل ذلك‏.‏ وما شأن أسماء والزبير قد فعلا ذلك‏.‏ قال‏:‏ فجئته فذكرت له ذلك‏.‏ فقال‏:‏ من هذا ‏؟‏ فقلت‏:‏ لا أدري‏.‏ قال‏:‏ فما باله لا يأتيني بنفسه يسألني ‏؟‏ أظنه عراقيا‏.‏ قلت‏:‏ لا أدري‏.‏ قال‏:‏ فإنه قد كذب‏.‏ قد حج رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم فأخبرتني عائشة رضي الله عنها ؛ أن أول شيء بدأ به حين قدم مكة أنه توضأ‏.‏ ثم طاف بالبيت‏.‏ ثم حج أبو بكر فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت‏.‏ ثم لم يكن غيره‏.‏ ثم عمر، مثل ذلك‏.‏ ثم حج عثمان فرأيته أول شيء بدأ به الطواف بالبيت‏.‏ ثم لم يكن غيره‏.‏ ثم معاوية وعبدالله بن عمر‏.‏ ثم حججت مع أبي، الزبير بن العوام‏.‏ فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت‏.‏ ثم لم يكن غيره‏.‏ ثم رأيت المهاجرين والأنصار يفعلون ذلك‏.‏ ثم لم يكن غيره‏.‏ ثم آخر من رأيت فعل ذلك ابن عمر‏.‏ ثم لم ينقضها بعمرة‏.‏ وهذا ابن عمر عندهم أفلا يسألونه ‏؟‏ ولا أحد ممن مضى ما كانوا يبدأون بشيء حين يضعون أقدامهم أول من الطواف بالبيت‏.‏ ثم لا يحلون‏.‏ وقد رأيت أمي وخالتي حين تقدمان لا تبدآن بشيء أول من البيت تطوفان به‏.‏ ثم لا تحلان‏.‏ وقد أخبرتني أمي أنها أقبلت هي وأختها والزبير وفلان وفلان بعمرة قط‏.‏ فلما مسحوا الركن حلوا‏.‏ وقد كذب فيما ذكر من ذلك‏.‏

‏[‏ش ‏(‏فتصداني الرجل‏)‏ أي تعرض لي‏.‏ هكذا هو في جميع النسخ‏:‏ تصدّاني، بالنون‏.‏ والأشهر في اللغة تصدّى لي‏.‏ وهو من الصدد بمعنى القرب‏.‏ والأصل تصدد، فأبدل للتخفيف‏.‏ ‏(‏ثم لم يكن غيره‏)‏ وكذا قال فيما بعده‏:‏ ولم يكن غيره‏.‏ هكذا هو في جميع النسخ‏:‏ غيره، بالغين المعجمة والياء‏.‏ قال القاضي عياض‏:‏ كذا هو في جميع النسخ‏.‏ قال‏:‏ وهو تصحيف‏.‏ وصوابه‏:‏ ثم لم تكن عمرة‏.‏ هذا كلام القاضي‏.‏ ثم قال الإمام النووي‏:‏ قلت‏:‏ هذا الذي قاله من أن قول غيره تصحيف، ليس كما قال‏.‏ بل هو صحيح في الرواية وصحيح في المعنى‏.‏ لأن قوله غيره يتناول العمرة وغيرها‏.‏ ويكون تقدير الكلام‏:‏ ثم حج أبو بكر رضي الله عنه فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ثم لم يكن غيره‏.‏ أي لم يغير الحج ولم ينقله ويفسخه إلى غيره، لا عمرة ولا قران‏.‏ ‏(‏مسحوا الركن‏)‏ المراد بالماسحين من سوى عائشة‏.‏ وإلا فعائشة رضي الله عنها لم تمسح الركن قبل الوقوف بعرفات في حجة الوداع‏.‏ بل كانت قارنة ومنعها الحيض من الطواف قبل يوم النحر‏.‏ والمراد بالركن هو الحجر الأسود‏.‏ والمراد بمسحه الطواف لأن من تمام الطواف استلامه‏]‏‏.‏

191 - ‏(‏1236‏)‏ حدثنا إسحاق بن إبراهيم‏.‏ أخبرنا محمد بن بكر‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ ح وحدثني زهير بن حرب ‏(‏واللفظ له‏)‏ حدثنا روح بن عبادة‏.‏ حدثنا ابن جريج‏.‏ حدثني منصور بن عبدالرحمن عن أمه صفية بنت شيبة، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما‏.‏ قالت‏:‏ خرجنا محرمين‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏من كان معه هدي، فليقم على إحرامه‏.‏ ومن لم يكن معه هدي، فليحلل‏"‏ فلم يكن معي هدي فحللت‏:‏ وكان مع الزبير هدي فلم يحلل‏.‏

قالت‏:‏ فلبست ثيابي ثم خرجت فجلست إلى الزبير‏.‏ فقال‏:‏ قومي عني‏.‏ فقلت‏:‏ أتخشى أن أثب عليك ‏؟‏

‏[‏ش ‏(‏فلبست ثيابي‏)‏ لعلها أرادت بها ثياب زينتها‏.‏ وإلا فالنساء ليس لهن المنع من المخيط في إحرامهن، حتى يحتجن عند الإحلال إلى لبس الثياب المعتادة‏.‏ ‏(‏قومي عني‏.‏ فقلت أتخشي أن أثب عليك‏)‏ إنما أمرها بالقيام مخافة من عارض قد يبدر منه، كلمس بشهوة أو نحوه‏.‏ فإن اللمس بشهوة حرام في الإحرام‏.‏ فاحتاط لنفسه بمباعدتها، من حيث إنها زوجته متحللة تطمع بها النفس‏]‏‏.‏

192 - ‏(‏1236‏)‏ وحدثني عباس بن عبدالعظيم العنبري‏.‏ حدثنا أبو هشام المغيرة بن سلمة المخزومي‏.‏ حدثنا وهيب‏.‏ حدثنا منصور ابن عبدالرحمن عن أمه، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما‏.‏ قالت‏:‏

قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج‏.‏ ثم ذكر بمثل حديث ابن جريج‏.‏ غير أنه قال‏:‏ فقال‏:‏ استرخي عني‏.‏ استرخي عني‏.‏ فقلت‏:‏ أتخشى أن أثب عليك ‏؟‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏استرخي عني استرخي عني‏)‏ هكذا هو في النسخ مرتين، أي تباعدي‏]‏‏.‏

193- ‏(‏1237‏)‏ وحدثني هارون بن سعيد الأيلي وأحمد بن عيسى‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا ابن وهب‏.‏ أخبرني عمروعن أبي الأسود ؛ أن عبدالله مولى أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما حدثه ؛

أنه كان يسمع أسماء ،كلما مرت بالحجون تقول‏:‏ صلى الله على رسوله وسلم‏.‏ لقد نزلنا معه ههنا‏.‏ ونحن، يومئذ، خفاف الحقائب‏.‏ قليل ظهرنا‏.‏ قليل أزوادنا‏.‏ فاعتمرت أنا وأختي عائشة والزبير وفلان وفلان‏.‏ فلما مسحنا البيت أحللنا‏.‏ ثم أهللنا من العشي بالحج‏.‏ قال هارون في روايته‏:‏ أن مولى أسماء‏.‏ ولم يسم‏:‏ عبدالله‏.‏

‏[‏ش ‏(‏بالحجون‏)‏ هو من حرم مكة، وهو الجبل المشرف على مسجد الحرس بأعلى مكة، على يمينك وأنت مصعد عند المحصب‏.‏ ‏(‏خفاف الحقائب‏)‏ جمع حقيبة‏.‏ وهو كل ما حمل في مؤخر الرحل والقتب‏.‏ ومنه‏:‏ احتقب فلان كذا‏.‏ ‏(‏قليل ظهرنا‏)‏ قلة الظهر كناية عن قلة المركب‏]‏‏.‏

*3* ‏(‏30‏)‏ باب في متعة الحج

194 - ‏(‏1238‏)‏ حدثنا محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا روح بن عبادة‏.‏ حدثنا شعبة عن مسلم القرّي‏.‏ قال‏:‏

سألت ابن عباس رضي الله عنهما عن متعة الحج ‏؟‏ فرخص فيها‏.‏ وكان ابن الزبير ينهى عنها‏.‏ فقال‏:‏ هذه أم الزبير تحدث ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخض فيها‏.‏ فادخلوا عليها فاسألوها‏.‏ قال‏:‏ فدخلنا عليها‏.‏ فإذا امرأة ضخمة عمياء‏.‏ فقالت‏:‏ قد رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها‏.‏

195 - ‏(‏1238‏)‏ وحدثناه ابن المثنى‏.‏ حدثنا عبدالرحمن‏.‏ ح وحدثناه ابن بشار‏.‏ حدثنا محمد ‏(‏يعني ابن جعفر‏)‏ جميعا عن شعبة، بهذا الإسناد‏.‏ فأما عبدالرحمن ففي حديثه المتعة‏.‏ ولم يقل‏:‏ متعة الحج‏.‏ وأما ابن جعفر فقال‏:‏

قال شعبة‏:‏ قال مسلم‏:‏ لا أدري متعة الحج أو متعة النساء‏.‏

196 - ‏(‏1239‏)‏ وحدثنا عبيدالله بن معاذ‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا شعبة‏.‏ حدثنا مسلم القرّي‏.‏ سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول‏:‏

أهل النبي صلى الله عليه وسلم بعمرة‏.‏ وأهل أصحابه بحج‏.‏ فلم يحل النبي صلى الله عليه وسلم ولا من ساق الهدي من أصحابه‏.‏ وحل بقيتهم‏.‏ فكان طلحة بن عبيدالله فيمن ساق الهدي فلم يحل‏.‏

197 - ‏(‏1239‏)‏ وحدثناه محمد بن بشار‏.‏ حدثنا محمد ‏(‏يعني ابن جعفر‏)‏ حدثنا شعبة، بهذا الإسناد‏.‏ غير أنه قال‏:‏

وكان ممن لم يكن معه الهدي طلحة بن عبيدالله‏.‏ ورجل آخر‏.‏ فأحلا‏.‏

*3* ‏(‏31‏)‏ باب جواز العمرة في أشهر الحج

198 - ‏(‏1240‏)‏ وحدثني محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا بهز‏.‏ حدثنا وهيب‏.‏ حدثنا عبدالله بن طاوس عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏

كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض‏.‏ ويجعلون المحرم صفر‏.‏ ويقولون‏:‏ إذا برأ الدبر‏.‏ وعفا الأثر‏.‏ وانسلخ صفر‏.‏ حلت العمرة لمن اعتمر‏.‏ فقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة رابعة‏.‏ مهلين بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة‏.‏ فتعاظم ذلك عندهم‏.‏ فقالوا‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ أي الحل ‏؟‏ قال ‏"‏ الحل كله‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏ويجعلون المحرم صفر‏)‏ هكذا هو في النسخ‏:‏ صفر، من غير ألف بعد الراء‏.‏ وهو منصوب مصروف بلا خلاف‏.‏ وكان ينبغي أن يكتب بالألف‏.‏ وسواء كتب بالألف أم بحذفها، لا بد من قراءته هنا منصوبا، لأنه مصروف‏.‏ قال العلماء‏:‏ المراد الإخبار عن النسيء الذي كانوا يفعلونه‏.‏ وكانوا يسمون المحرم صفرا ويحلونه‏.‏ وينشؤن المحرم أي يؤخرون تحريمه إلى ما بعد صفر، لئلا يتوالى عليهم ثلاثة أشهر محرمة تضيق عليهم أمورهم من الغارة وغيرها‏.‏ فضللهم الله تعالى في ذلك‏.‏ فقال تعالى‏:‏ إنما النسيء زيادة في الكفر‏.‏ ‏(‏إذا برأ الدبر‏)‏ الدبر ما كان يحصل بظهور الإبل من الحمل عليها ومشقة السفر‏.‏ فإنه كان يبرأ بعد انصرافهم من الحج‏.‏ ‏(‏وعفا الأثر‏)‏ أي درس وامحى‏.‏ والمراد أثر الإبل وغيرها في سيرها‏.‏ عفا أثرها لطول مرور الأيام‏.‏ هذا هو المشهور‏.‏ وقال الخطابي‏:‏ المراد أثر الدبر‏.‏ وهذه الألفاظ تقرأ كلها ساكنة الآخر، ويوقف عليها‏.‏ لأن مرادهم السجع‏]‏‏.‏

199 - ‏(‏1240‏)‏ حدثنا نصر بن علي الجهضمي‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا شعبة عن أيوب، عن أبي العالية البراء ؛ أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول‏:‏

أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج‏.‏ فقدم لأربع مضين من ذي الحجة‏.‏ فصلى الصبح‏.‏ وقال، لما صلى الصبح ‏"‏من شاء أن يجعلها عمرة، فليجعلها عمرة‏"‏‏.‏

200 - ‏(‏1240‏)‏ وحدثناه إبراهيم بن دينار‏.‏ حدثنا روح‏.‏ ح وحدثنا أبو داود المباركي‏.‏ حدثنا أبو شهاب‏.‏ ح وحدثنا محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا يحيى بن كثير‏.‏ كلهم عن شعبة، في هذا الإسناد‏.‏ أما روح ويحيى بن كثير فقالا كما قال نصر‏:‏

أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج‏.‏ وأما أبو شهاب ففي روايته‏:‏ خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نهل بالحج‏.‏ وفي حديثهم جميعا‏:‏ فصلى الصبح بالبطحاء‏.‏ خلا الجهضمي فإنه لم يقله‏.‏

‏[‏ش ‏(‏خلا الجهضمي‏)‏ منصوب على الاستثناء بخلا‏.‏ فإنها كلمة يستثنى بها وتنصب ما بعدها وتجر‏.‏ أما ماخلا فلا يكون فيما بعدها إلا النصب‏.‏ ومثلها عدا‏]‏‏.‏

201 - ‏(‏1240‏)‏ وحدثنا هارون بن عبدالله‏.‏ حدثنا محمد بن الفضل السدوسي‏.‏ حدثنا وهيب‏.‏ أخبرنا أيوب عن أبي العالية البراء عن ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏

قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لأربع خلون من العشر‏.‏ وهم يلبون بالحج‏.‏ فأمرهم أن يجعلوها عمرة‏.‏

‏[‏ش ‏(‏لأربع خلون من العشر‏)‏ أي عند أربع ليال مضين من عشر ذي الحجة، فبقيت من العشر ست‏]‏‏.‏

202 - ‏(‏1240‏)‏ وحدثنا عبد بن حميد‏.‏ أخبرنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا معمر عن أيوب، عن أبي العالية، عن ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏

صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح بذي طوى‏.‏ وقدم لأربع مضين من ذي الحجة‏.‏ وأمر أصحابه أن يحولوا إحرامهم بعمرة‏.‏ إلا من كان معه الهدي‏.‏

‏[‏ش ‏(‏بذى طوى‏)‏ هو بفتح الطاء وضمها وكسرها‏.‏ ثلاث لغات حكاهن القاضي وغيره الأصح الأشهر الفتح وهو مقصور منون‏.‏ وهو واد معروف بقرب مكة‏.‏ فهو غير الوادى المقدس المذكور في القرآن الكريم، فإنه طوى بالضم، ولا إضافة فيه وهو موضع بالشام عند الطور‏]‏‏.‏

203 - ‏(‏1241‏)‏ وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة‏.‏ ح وحدثنا عبيدالله بن معاذ ‏(‏واللفظ له‏)‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا شعبة عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏هذه عمرة استمتعنا بها‏.‏ فمن لم يكن عنده الهدي فليحل الحل كله‏.‏ فإن العمرة قد دخلت في الحج إلى يوم القيامة‏"‏‏.‏

204 - ‏(‏1242‏)‏ حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا‏:‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة‏.‏ قال‏:‏

سمعت أبا جمرة الضبعي قال‏:‏ تمتعت فنهاني ناس عن ذلك‏.‏ فأتيت ابن عباس فسألته عن ذلك ‏؟‏ فأمرني بها‏.‏

قال‏:‏ ثم انطلقت إلى البيت فنمت‏.‏ فأتاني آت في منامي فقال‏:‏ عمرة متقبلة وحج مبرور‏.‏ قال‏:‏ فأتيت ابن عباس فأخبرته بالذي رأيت‏.‏ فقال‏:‏ الله أكبر ‏!‏ الله أكبر ‏!‏ سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم‏.‏

*3* ‏(‏32‏)‏ باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام

205 - ‏(‏1243‏)‏ حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار‏.‏ جميعا عن ابن أبي عدي‏.‏ قال ابن المثنى‏:‏ حدثنا ابن أبي عدي عن شعبة، عن قتادة، عن أبي حسان عن ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏

صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر بذي الحليفة‏.‏ ثم دعا بناقته فأشعرها في صفحة سنامها الأيمن‏.‏ وسلت الدم‏.‏ وقلدها نعلين‏.‏ ثم ركب راحلته‏.‏ فلما استوت به على البيداء، أهل بالحج‏.‏

‏[‏ش ‏(‏فأشعرها‏)‏ الإشعار هو أن يجرحها في صفحة سنامها اليمنى بحربة أو سكين أو حديدة أو نحوها ثم يسلت الدم عنها‏.‏ وأصل الإشعار والشعور الإعلام والعلامة‏.‏ وإشعار الهدي لكونه علامة له، ليعلم أنه هدي‏.‏ فإن ضل رده واحده‏.‏ وإن اختلط بغيره تميز‏.‏ ‏(‏في صفحة سنامها الأيمن‏)‏ صفحة السنام هي جانبها‏.‏ والصفحة مؤنثة، فقوله‏:‏ الأيمن، بلفظ المذكر، يتأول على أنه وصف لمعنى الصفحة، لا للفظها‏.‏ ويكون المراد بالصفحة الجانب‏.‏ فكأنه قال‏:‏ جانب سنامها الأيمن‏.‏ ‏(‏وسلت الدم‏)‏ أي أماطه‏.‏ ‏(‏وقلدها بنعلين‏)‏ أي علقهما بعنقها‏.‏ ‏(‏فلما استوت به على البيداء‏)‏ أي لما رفعته راحلته مستويا على ظهرها، مستعليا على موضع مسمى بالبيداء، لبى‏]‏‏.‏

‏(‏1243‏)‏ حدثنا محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا معاذ بن هشام‏.‏ حدثني أبي عن قتادة، في هذا الإسناد، بمعنى حديث شعبة‏.‏ غير أنه قال‏:‏

إن نبي الله صلى الله عليه وسلم لما أتى ذا الحليفة‏.‏ ولم يقل‏:‏ صلى بها الظهر‏.‏

206 - ‏(‏1244‏)‏ حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار‏.‏ قال ابن المثنى‏:‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ قال‏:‏ حدثنا شعبة عن قتادة‏.‏ قال‏:‏

سمعت أبا حسان الأعرج قال‏:‏ قال رجل من بني الهجيم لابن عباس‏:‏ ما هذا الفتيا التي قد تشغفت أو تشغبت بالناس، أن من طاف بالبيت فقد حل ‏؟‏ فقال‏:‏ سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم‏.‏ وإن رغمتم‏.‏

‏[‏ش ‏(‏ما هذا الفتيا‏)‏ هكذا هو في معظم النسخ‏:‏ هذا الفتيا‏.‏ وفي بعضها‏:‏ هذه، وهو الأجود‏.‏ ووجه الأول أنه أراد بالفتيا إفتاء، فوصفه مذكرا‏.‏ ويقال‏:‏ فتيا وفتوى‏.‏ ‏(‏تشغفت أو تشغبت‏.‏ قد تفشغ‏)‏ أما اللفظة الأولى فمعناها علقت بالقلوب وشغفوا بها‏.‏ وأما الثانية فرويت أيضا بالعين المهملة ومعناها أنها فرقت مذاهب الناس وأوقعت الخلاف بينهم‏.‏ ومعنى المعجمة، أي تشغبت، خلطت عليهم أمرهم‏.‏ ومعنى الثالثة انتشرت وفشت بين الناس‏.‏ ‏(‏وإن رغمتم‏)‏ أي ذللتم وانقدتم على كره‏]‏‏.‏

207 - ‏(‏1244‏)‏ وحدثني أحمد بن سعيد الدارمي‏.‏ حدثنا أحمد بن إسحاق‏.‏ حدثنا همام بن يحيى عن قتادة، عن أبي حسان‏.‏ قال‏:‏ قيل لابن عباس‏:‏ إن هذا الأمر قد تفشغ بالناس، من طاف بالبيت فقد حل‏.‏ الطواف عمرة‏.‏ فقال‏:‏ سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم‏.‏ وإن رغمتم‏.‏

208 - ‏(‏1245‏)‏ وحدثنا إسحاق بن إبراهيم‏.‏ أخبرنا محمد بن بكر‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ أخبرني عطاء‏.‏ قال‏:‏ كان ابن عباس يقول‏:‏

لا يطوف بالبيت حاج ولا غير حاج إلا حل‏.‏ قلت لعطاء‏:‏ من أين يقول ذلك قال‏:‏ من قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏ثم محلها إلى البيت العتيق‏}‏ ‏[‏22 / الحج / 33‏]‏ قال‏:‏ قلت‏:‏ فإن ذلك بعد المعرّف‏.‏ فقال‏:‏ كان ابن عباس يقول‏:‏ هو بعد المعرّف وقبله‏.‏ وكان يأخذ ذلك من أمر النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ حين أمرهم أن يحلوا في حجة الوداع‏.‏

‏[‏ش ‏(‏بعد المعرّف‏)‏ أي بعد الوقوف بعرفة‏.‏ وأصل المعرف موضع التعريف‏.‏ والتعريف يطلق على نفس الوقوف، وعلى التشبه بالواقفين بعرفات‏]‏‏.‏

*3* ‏(‏33‏)‏ باب التقصير في العمرة

209 - ‏(‏1246‏)‏ حدثنا عمرو الناقد‏.‏ حدثنا سفيان بن عيينة عن هشام بن حجير، عن طاوس‏.‏ قال‏:‏ قال ابن عباس‏:‏ قال لي معاوية

أعلمت أني قصرت من رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المروة بمشقص فقلت له‏:‏ لا أعلم هذا إلاحجة عليك‏.‏

‏[‏ش ‏(‏بمشقص‏)‏ قال أبو عبيد وغيره‏:‏ هو نصل السهم إذا كان طويلا ليس بعريض‏.‏ وقال الخليل‏:‏ هو سهم فيه نصل عريض يرمى به الوحش‏.‏ وقيل‏:‏ المراد به المقص، وهو الأشبه في هذا المحل‏]‏‏.‏

210 - ‏(‏1246‏)‏ وحدثني محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج‏.‏ حدثني الحسن بن مسلم عن طاوس، عن ابن عباس ؛ أن معاوية بن أبي سفيان أخبره قال‏:‏

قصرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشقص‏.‏ وهو على المروة‏.‏ أو رأيته يقصر عنه بمشقص‏.‏ وهو على المروة‏]‏‏.‏

211 - ‏(‏1247‏)‏ حدثني عبيدالله بن عمر القواريري‏.‏ حدثنا عبدالأعلى بن عبدالأعلى‏.‏ حدثنا داود عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال‏:‏

خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرخ بالحج صراخا‏.‏ فلما قدمنا مكة أمرنا أن نجعلها عمرة‏.‏ إلا من ساق الهدي‏.‏ فلما كان يوم التروية، ورحنا إلى منى، أهللنا بالحج‏.‏

‏[‏ش ‏(‏نصرخ بالحج صراخا‏)‏ أي نرفع أصواتنا بالتلبية للحج‏.‏ ‏(‏ورحنا إلى منى‏)‏ معناه أردنا الرواح، فإن الإهلال قبل الرواح‏]‏‏.‏

212 - ‏(‏1248‏)‏ وحدثنا حجاج بن الشاعر‏.‏ حدثنا معلى بن أسد‏.‏ حدثنا وهيب بن خالد عن داود، عن أبي نضرة، عن جابر‏.‏ وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما‏.‏ قالا‏:‏

قدمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نصرخ بالحج صراخا‏.‏

‏(‏1249‏)‏ حدثني حامد بن عمر البكراوي‏.‏ حدثنا عبدالواحد عن عاصم، عن أبي نضرة‏.‏ قال‏:‏

كنت عند جابر بن عبدالله‏.‏ فأتاه آت فقال‏:‏ إن ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين‏.‏ فقال جابر‏:‏ فعلمناهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ ثم نهانا عنهما عمر‏.‏ فلم نعد لهما‏.‏

‏[‏ش ‏(‏المتعتين‏)‏ أي متعة الحج ومتعة النساء‏.‏ وأراد بمتعة الحج فسخ الحج إلى العمرة‏)‏‏,‏‏.‏

*3* ‏(‏34‏)‏ باب إهلال النبي صلى الله عليه وسلم وهديه

213 - ‏(‏1250‏)‏ حدثني محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا ابن مهدي‏.‏ حدثنا سليم بن حيان عن مروان الأصفر ‏(‏الأصغر‏)‏ ، عن أنس رضي الله عنه ؛ أن عليا قدم من اليمن‏.‏ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم

‏"‏ بم أهللت ‏"‏ فقال‏:‏ أهللت بإهلال النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ قال ‏"‏ لولا أن معي الهدي، لأحللت ‏"‏‏.‏

‏(‏1250‏)‏ وحدثنيه حجاج بن الشاعر‏.‏ حدثنا عبدالصمد‏.‏ ح وحدثني عبدالله بن هاشم‏.‏ حدثنا بهز‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا سليم بن حيان، بهذا الإسناد، مثله‏.‏ غير أن في رواية بهز ‏"‏ لحللت ‏"‏‏.‏

214 - ‏(‏1251‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا هشيم عن يحيى بن أبي إسحاق وعبدالعزيز بن صهيب وحميد ؛ أنهم سمعوا أنسا رضي الله عنه قال‏:‏

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بهما جميعا ‏"‏ لبيك عمرة وحجا‏.‏ لبيك عمرة وحجا ‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏عمرة وحجا‏)‏ النصب بفعل محذوف، تقديره‏:‏ أريد أو نويت‏]‏‏.‏

215 - ‏(‏1251‏)‏ وحدثنيه علي بن حجر‏.‏ أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن يحيى بن أبي إسحاق وحميد الطويل‏.‏ قال يحيى‏:‏

سمعت أنسا يقول‏:‏ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ‏"‏لبيك عمرة وحجا ‏"‏ وقال‏.‏ حميد ‏.‏قال أنس‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ‏"‏ لبيك عمرة وحج ‏"‏‏.‏

216 - ‏(‏1252‏)‏ وحدثنا سعيد بن منصور وعمرو الناقد وزهير بن حرب‏.‏ جميعا عن ابن عيينة‏.‏ قال سعيد‏:‏ حدثنا سفيان بن عيينة‏.‏ حدثني الزهري عن حنظلة الأسلمي‏.‏ قال‏:‏ سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال

‏"‏ والذي نفسي بيده ‏!‏ ليهلن ابن مريم بفج الروحاء، حاجا أو معتمرا، أو ليثنينهما ‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏بفج الروحاء‏)‏ قال الحاف أبو بكر الحارثي‏:‏ هو بين مكة والمدينة‏.‏ قال‏:‏ وكان طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر وإلى مكة عام الفتح وعام حجة الوداع‏.‏ ‏(‏أو ليثنيهما‏)‏ معناه قرن بينهما‏.‏ وهذا يكون بعد نزول عيسى عليه السلام من السماء، في آخر الزمان‏]‏‏.‏

‏(‏1252‏)‏ وحدثناه قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا ليث عن ابن شهاب، بهذا الإسناد، مثله‏.‏ قال

‏"‏ والذي نفسى محمد بيده‏!‏‏"‏‏.‏

‏(‏1252‏)‏ وحدثنيه حرملة بن يحيى‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب، عن حنظلة بن علي الأسلمي ؛ أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول‏:‏

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏والذي نفسي بيده‏!‏‏"‏ بمثل حديثهما‏.‏

*3* ‏(‏35‏)‏ باب بيان عدد عمر النبي صلى الله عليه وسلم وزمانهن

217 - ‏(‏1253‏)‏ حدثنا هداب بن خالد‏.‏ حدثنا همام‏.‏ حدثنا قتادة ؛ أن أنسا رضي الله عنه أخبره؛

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر‏.‏ كلهن في ذي القعدة إلا التي مع حجته‏:‏ عمرة من الحديبية، أو من زمن الحديبية، في ذي القعدة‏.‏ وعمرة من العام المقبل، في ذي القعدة‏.‏ وعمرة من جعرانة حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة‏.‏ وعمرة مع حجته‏.‏

‏[‏ش ‏(‏من العام المقبل‏)‏ أي من السنة التي تليها‏.‏ يعني في ذي القعدة سنة سبع‏.‏ وهي العمرة المعروفة بعمرة القضية‏]‏‏.‏

‏(‏1253‏)‏ حدثنا محمد بن المثنى‏.‏ حدثني عبدالصمد‏.‏ حدثنا همام‏.‏ حدثنا قتادة‏.‏ قال‏:‏ سألت أنسا‏:‏ كم حج رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏؟‏ قال‏:‏

حجة واحدة‏.‏ واعتمر أربع عمر‏.‏ ثم ذكر بمثل حديث هدّاب‏.‏

218 - ‏(‏1254‏)‏ وحدثني زهير بن حرب‏.‏ حدثنا الحسن بن موسى‏.‏ أخبرنا زهير عن أبي إسحاق‏.‏ قال‏:‏ سألت زيد بن أرقم‏:‏ كم غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏؟‏ قال‏:‏ سبع عشرة‏.‏ قال‏:‏ وحدثني زيد بن أرقم ؛

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا تسع عشرة‏.‏ وأنه حج بعد ما هاجر حجة واحدة‏.‏ حجة الوداع‏.‏ قال أبو إسحاق‏:‏ وبمكة أخرى ‏.‏

219 - ‏(‏1255‏)‏ وحدثنا هارون بن عبدالله‏.‏ أخبرنا محمد بن بكر البرساني‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ قال‏:‏ سمعت عطاء يخبر قال‏:‏ أخبرني عروة بن الزبير قال‏:‏

كنت أنا وابن عمر مستندين إلى حجرة عائشة‏.‏ وإنا لنسمع ضربها بالسواك تستن‏.‏ قال فقلت‏:‏ يا أبا عبدالرحمن ‏!‏ أعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في رجب ‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ فقلت لعائشة‏:‏ أي أمتاه ‏!‏ ألا تسمعين ما يقول أبو عبدالرحمن ‏؟‏ قالت وما يقول ‏؟‏ قلت يقول اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في رجب‏.‏ فقالت‏:‏ يغفر الله لأبي عبدالرحمن‏.‏ لعمري ‏!‏ ما اعتمر في رجب‏.‏ وما اعتمر من عمرة إلا وإنه لمعه‏.‏

قال‏:‏ وابن عمر يسمع‏.‏ فما قال‏:‏ لا، ولا نعم‏.‏ سكت‏.‏

‏[‏ش ‏(‏ضربها بالسواك‏)‏ أي حسن إمرارها السواك على أسنانها‏.‏ ‏(‏تستن‏)‏ أي تستاك‏]‏‏.‏

220 - ‏(‏1255‏)‏ وحدثنا إسحاق بن إبراهيم‏.‏ أخبرنا جرير عن منصور، عن مجاهد‏.‏ قال‏:‏ دخلت، أنا وعروة بن الزبير، المسجد‏.‏ فإذا عبدالله بن عمر جالس إلى حجرة عائشة‏.‏ والناس يصلون الضحى في المسجد‏.‏ فسألناه عن صلاتهم ‏؟‏ فقال‏:‏ بدعة‏.‏ فقال له عروة‏:‏ يا أبا عبدالرحمن ‏!‏ كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏؟‏ فقال‏:‏

أربع عمر‏.‏ إحداهن في رجب‏.‏ فكرهنا أن نكذبه ونرد عليه‏.‏ وسمعنا استنان عائشة في الحجرة‏.‏ فقال عروة‏:‏ ألا تسمعين، يا أم المؤمنين إلى ما يقول أبو عبدالرحمن ‏؟‏ فقالت‏:‏ وما يقول ‏؟‏ قال يقول‏:‏ اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم أربع عمر إحداهن في رجب‏.‏ فقالت يرحم الله أبا عبدالرحمن‏.‏ ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو معه‏.‏ وما اعتمر في رجب قط‏.‏

‏[‏ش ‏(‏بدعة‏)‏ هذا قد حمله القاضي وغيره على أن مراده أن إظهارها في المسجد، والاجتماع لها، هو البدعة‏.‏ لا أن أصل صلاة الضحى بدعة‏]‏‏.‏

*3* ‏(‏36‏)‏ باب فضل العمرة في رمضان

221 - 01256‏)‏ وحدثني محمد بن حاتم بن ميمون‏.‏ حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج‏.‏ قال‏:‏ أخبرني عطاء‏.‏ قال‏:‏

سمعت ابن عباس يحدثنا‏.‏ قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة من الأنصار ‏(‏سماها ابن عباس فنسيت اسمها‏)‏ ‏"‏ما منعك أن تحجي معنا ‏؟‏‏"‏ قالت‏:‏ لم يكن لنا إلا ناضحان‏.‏ فحج أبو ولدها وابنها على ناضح‏.‏ وترك لنا ناضحا ننضح عليه‏.‏ قال‏:‏

‏"‏فإذا جاء رمضان فاعتمر‏.‏ فإن عمرة فيه تعدل حجة‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏ناضحان‏)‏أي بعيران نستقى بهما‏]‏‏.‏

222 - ‏(‏1256‏)‏ وحدثنا أحمد بن عبدة الضَّـبِّـيُّ‏.‏ حدثنا يزيد ‏(‏يعني ابن زريع‏)‏ حدثنا حبيب المعلم عن عطاء، عن ابن عباس ؛

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لامرأة من الأنصار، يقال لها أم سنان ‏"‏ما منعك أن تكوني حججت معنا ‏؟‏‏"‏ قالت‏:‏ ناضحان كانا لأبي فلان ‏(‏زوجها‏)‏ حج هو وابنه على أحدهما‏.‏ وكان الآخر يسقي غلامنا‏.‏ قال ‏"‏فعمرة في رمضان تقضي حجة‏.‏ أو حجة معي‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏يسقي غلامنا‏)‏ هكذا هو في نسخ بلادنا‏.‏ وكذا نقله القاضي عياض عن رواية عبدالغافر الفارسي وغيره‏.‏ قال‏:‏ وفي رواية ابن هامام‏.‏ يسقي عليه غلامنا‏.‏ قال القاضي عياض‏:‏ وأرى هذا كله تغييرا‏.‏ وصوابه‏:‏ نسقي عليه نخلالنا‏.‏ فتصحف منه‏:‏ غلامنا‏.‏ وكذا جاء في البخاري على الصواب‏.‏ ويدل على صحة قوله في الرواية الأولى‏:‏ ننضح عليه‏.‏ وهو بمعنى نسقي عليه‏.‏ هذا كلام القاضي‏.‏ والمختار أن الرواية صحيحة، وتكون الزيادة التي ذكرها القاضي محذوفة مقدرة‏.‏ وهذا كثير في الكلام‏]‏‏.‏

*3* ‏(‏37‏)‏ باب استحباب دخول مكة من الثنية العليا والخروج منها من الثنية السفلى، ودخول بلدة من طريق غير التي خرج منها

223 - ‏(‏1257‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا عبدالله بن نمير‏.‏ ح وحدثنا ابن نمير‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا عبيدالله عن نافع، عن ابن عمر ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج من طريق الشجرة، ويدخل من طريق المعرّس‏.‏ وإذا دخل مكة، دخل من الثنية العليا، ويخرج من الثنية السفلى‏.‏

‏[‏ش ‏(‏من طريق الشجرة‏)‏ التي عند مسجد ذي الحليفة‏.‏ ‏(‏المعرّس‏)‏ هو موضع معروف بقرب المدينة على ستة أميال منها‏.‏ ‏(‏الثنية العليا‏)‏ الثنية طريق العقبة، وهو الطريق العالي‏.‏ والثنية العليا هنا هي التي ينزل منها إلى المعلاة وهي مقبرة مكة المكرمة‏.‏ ‏(‏من الثنية السفلى‏)‏ هي التي بأسفل مكة عند باب الشبيكة‏]‏‏.‏

‏(‏1257‏)‏ وحدثنيه زهير بن حرب ومحمد بن المثنى‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا يحيى ‏(‏وهو القطان‏)‏ عن عبيدالله، بهذا الإسناد‏.‏ وقال في رواية زهير‏:‏ العليا التي بالبطحاء‏.‏

‏[‏ش ‏(‏بالبطحاء‏)‏ ويقال لها‏:‏ البطحاء والأبطح‏.‏ وهي بجنب المحصب‏.‏ وهذه الثنية ينحدر منها إلى مقابر مكة‏]‏‏.‏

224 - ‏(‏1258‏)‏ حدثنا محمد بن المثنى وابن أبي عمر‏.‏ جميعا عن ابن عيينة‏.‏ قال ابن المثنى‏:‏ حدثنا سفيان عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة؛

أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء إلى مكة، دخلها من أعلاها، وخرج من أسفلها‏.‏

225 - ‏(‏1258‏)‏ وحدثنا أبو كريب‏.‏ حدثنا أبو أسامة عن هشام، عن أبيه، عن عائشة ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح من كداء من أعلى مكة‏.‏

قال هشام‏:‏ فكان أبي يدخل منهما كليهما‏.‏ وكان أبي أكثر ما يدخل من كداء‏.‏

‏[‏ش ‏(‏من كداء‏)‏ كذا ضبطناه بفتح الكاف والمد‏.‏ هكذا هو نسخ بلادنا‏.‏ وكذا نقله القاضي عياض عن رواية الجمهور‏.‏ ‏(‏يدخل منهما كليهما‏)‏ يعني من كداء، وهي الثنية التي بأعلى مكة‏.‏ ومن كدى وهي التي بأسفل مكة‏]‏‏.‏

*3* ‏(‏38‏)‏ باب استحباب المبيت بذي طوى عند إرادة دخول مكة، والاغتسال لدخولها، ودخولها نهارا

226 - ‏(‏1259‏)‏ حدثني زهير بن حرب وعبيدالله بن سعيد‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا يحيى ‏(‏وهو القطان‏)‏ عن عبيدالله‏.‏ أخبرني نافع عن ابن عمر ؛

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بات بذي طوى حتى أصبح‏.‏ ثم دخل مكة‏.‏ قال‏:‏ وكان عبدالله يفعل ذلك‏.‏ وفي رواية ابن سعيد‏:‏ حتى صلى الصبح‏.‏ قال يحيى‏:‏ أو قال‏:‏ حتى أصبح‏.‏

227 - ‏(‏1259‏)‏ وحدثنا أبو ربيع الزهراني‏.‏ حدثنا حماد‏.‏ حدثنا أيوب عن نافع ؛ أن ابن عمر كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طوى‏.‏ حتى يصبح ويغتسل‏.‏ ثم يدخل مكة نهارا‏.‏ ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله‏.‏

228 - ‏(‏1259‏)‏ وحدثنا محمد بن إسحاق المسيّبي‏.‏ حدثني أنس ‏(‏يعني ابن عياض‏)‏ عن موسى بن عقبة، عن نافع ؛ أن عبدالله حدثه؛

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينزل بذي طوى‏.‏ ويبيت به حتى يصلي الصبح‏.‏ حين يقدم مكة‏.‏ ومصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك على أكمة غليظة‏.‏ ليس في المسجد الذي بني ثم‏.‏ ولكن أسفل من ذلك على أكمة غليظة‏.‏

‏[‏ش ‏(‏أكمة غليظة‏)‏ الأكمة ما ارتفع من الأرض دون الجبل‏.‏ ويوصف بالغلظة بمعنى أنه لا يبلغ أن يكون حجرا‏]‏‏.‏

229 - ‏(‏1260‏)‏ حدثنا محمد بن إسحاق المسّيبي‏.‏ حدثني أنس ‏(‏يعني ابن عياض‏)‏ عن موسى بن عقبة، عن نافع ؛ أن عبدالله أخبره

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استقبل فرضتي الجبل الذي بينه وبين الجبل الطويل، نحو الكعبة‏.‏ يجعل المسجد، الذي بني ثم، يسار المسجد الذي بطرف الأكمة‏.‏ ومصلى رسول الله صلى الله عليه سلم أسفل منه على الأكمة السوداء‏.‏ يدع من الأكمة عشرة أذرع أو نحوها‏.‏ ثم يصلي مستقبل الفرضتين من الجبل الطويل‏.‏ الذي بينك وبين الكعبة صلى الله عليه سلم‏.‏

‏[‏ش ‏(‏فرضتي الجبل‏)‏ هما تثنية فرضة‏.‏ وهي الثنية المرتفعة من الجبل‏.‏ ‏(‏عشرة أذرع‏)‏ كذا هو في جميع النسخ‏.‏ وفي بعضها عشر، بحذف الهاء وهما لغتان في الذراع التذكير والتأنيث، وهو الأفصح الأشهر‏]‏‏.‏

*3* ‏(‏39‏)‏ باب استحباب الرمل في الطواف العمرة، وفي الطواف الأول من الحج

230 - ‏(‏1261‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا عبدالله بن نمير‏.‏ ح وحدثنا ابن نمير‏.‏ حدثني أبي‏.‏ حدثنا عبيدالله عن نافع، عن ابن عمر؛

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول، خب ثلاثا ومشى أربعا‏.‏ وكان يسعى ببطن المسيل إذا طاف بين الصفا والمروة‏.‏ وكان ابن عمر يفعل ذلك‏.‏

‏[‏ش ‏(‏خب ثلاثا‏)‏ الخب هو الرمل‏.‏ وهما بمعنى واحد‏.‏ وهو إسراع المشي مع تقارب الخطا‏.‏ ولا يثب وثوبا‏.‏ ‏(‏يسعي ببطن المسيل‏)‏ أي يسرع شديدا ببطن الوادي الذي بين الصفا والمروة‏]‏‏.‏

231 - ‏(‏1261‏)‏ حدثنا محمد بن عباد‏.‏ حدثنا حاتم ‏(‏يعني ابن إسماعيل‏)‏ عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر؛

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف بالحج والعمرة، أول ما يقدم، فإنه يسعى ثلاثة أطواف بالبيت‏.‏ ثم يمشي أربعة ثم يصلي سجدتين‏.‏ ثم يطوف بين الصفا والمروة‏.‏

232 - ‏(‏1261‏)‏ وحدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى‏.‏ قال حرملة‏:‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب ؛ أن سالم بن عبدالله أخبره ؛ أن عبدالله بن عمر قال‏:‏

رأيت رسول الله صلى الله عليه سلم حين يقدم مكة، إذا استلم الركن الأسود، أول ما يطوف حين يقدم، يخب ثلاثة أطاف من السبع‏.‏

‏[‏ش ‏(‏استلم الركن‏)‏ الاستلام وهو المسح باليد عليه‏.‏ وهو مأخوذ من السلام، بكسر السين، هي الحجارة قيل‏:‏ من السلام، بفتح السين، الذي هو التحية‏]‏‏.‏

233 - ‏(‏1262‏)‏ وحدثنا عبدالله بن عمر بن أبان الجعفي‏.‏ حدثنا ابن المبارك‏.‏ أخبرنا عبيدالله عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏

رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحجر إلى الحجر ثلاثا‏.‏ ومشى أربعا‏.‏

234 - ‏(‏1262‏)‏ وحدثنا أبو كامل الجحدري‏.‏ حدثنا سليم بن أخضر‏.‏ حدثنا عبيدالله بن عمر عن نافع ؛ أن ابن عمر رمل من الحجر إلى الحجر‏.‏ وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله‏.‏

235 - ‏(‏1263‏)‏ وحدثنا عبدالله بن مسلمة بن قعنب‏.‏ حدثنا مالك‏.‏ ح وحدثنا يحيى بن يحيى ‏(‏واللفظ له‏)‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما ؛ أنه قال‏:‏

رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل من الحجر الأسود حتى انتهى إليه‏.‏ ثلاثة أطواف‏.‏

236 - ‏(‏1263‏)‏ وحدثني أبو الطار‏.‏ أخبرنا عبدالله بن وهب‏.‏ أخبرني مالك وابن جريج عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبدالله ؛

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل الثلاثة أطواف، من الحجر إلى الحجر‏.‏

‏[‏ش ‏(‏رمل الثلاثة أطواف‏)‏ هكذا هو في معظم النسخ المعتمدة‏.‏ وفي نادر منها‏:‏ الثلاثة أطواف‏.‏ وفي أندر منها‏:‏ ثلاثة أطواف‏.‏ فأما ثلاثة أطواف، فلا شك في جوازه وفصاحته،، وأما الثلاثة الأطواف ففيه خلاف مشهور بين النحويين‏.‏ منعه البصريون، وجوزه الكوفيون‏.‏ وأما الثلاثة أطواف، كما وقع في معظم النسخ، فمنعه جمهور النحويين‏.‏ وهذا الحديث يدل لمن جوزه‏]‏‏.‏

237 - ‏(‏1264‏)‏ حدثنا أبو كامل فضيل بن حسين الجحدري‏.‏ حدثنا عبدالواحد بن زياد‏.‏ حدثنا الجريري عن أبي الطفبل‏.‏ قال‏:‏ قلت لابن عباس‏:‏ أرأيت هذا الرمل بالبيت ثلاثة أطواف، ومشى أربعة أطواف‏.‏ أسنة هو ‏؟‏ فإن قومك يزعمون أنه سنة‏.‏ قال فقال‏:‏ صدقوا‏.‏ وكذبوا‏.‏ قال قلت‏:‏ ما قولك‏:‏ صدقوا وكذبوا ‏؟‏ قال‏:‏

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم مكة‏.‏ فقال المشركون‏:‏ إن محمدا وأصحابه لا يستطعون أن يطوفوا بالبيت من الهزل‏.‏ وكانوا يحسدونه‏.‏ قال‏:‏ فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرملوا ثلاثا‏.‏ ويمشوا أربعا‏.‏ قال‏:‏ قلت له‏:‏ أخبرني عن الطواف بين الصفا والمرة راكبا‏.‏ أسنة هو ‏؟‏ فإن قومك يزعمون أنه سنة‏.‏ قال‏:‏ صدقوا وكذبوا‏.‏ قال قلت‏:‏ وما قولك‏:‏ صدقوا وكذبوا ‏؟‏ قال‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثر عليه الناس‏.‏ يقولون‏:‏ هذا محمد‏.‏ هذا محمد‏.‏ حتى خرج العواتق من البيوت‏.‏ قال‏:‏ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يضرب الناس بين يديه‏.‏ فلما كثر عليه ركب‏.‏ والمشي والسعي أفضل‏.‏

‏[‏ش ‏(‏صدقوا وكذبوا‏)‏ يعني صدقوا في أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل‏.‏ وكذبوا في قولم‏:‏ إن سنة مقصودة متأكدة‏.‏ ‏(‏الهزل‏)‏ هكذا هو في معظم النسخ‏:‏ الهزل‏.‏ وهكذا حكاه القاضي في المشارق، وصاحب المطالع عن رواية بعضهم‏.‏ قالا‏:‏ وهو وهم‏.‏ والصواب والهزال‏.‏ قلت‏:‏ وللأول وجه وهوأن يكون بفتح الهاء، لأن الهزل، بالفتح، مصدر هزلته هزلا، كضربت ضربا‏.‏ وتقديره‏:‏ لا يستطيعون يطوفون لأن الله تعالى هزلهم‏.‏ ‏(‏صدقوا وكذبوا‏)‏ يعني صدقوا في أنه طاف راكبا‏.‏ وكذبوا في أن الركوب أفضل، بل المشي أفضل‏.‏ ‏(‏العواتق‏)‏ هم جمع عاتق‏.‏ وهي البكر البالغة، أو المقاربة للبلوغ‏.‏ وقيل‏:‏ التي لم تتزوج‏.‏ سميت بذلك لأنها عتقت من استخدام أبويها وابتذالها في الخروج والتصرف، الذي تفعله الطفلة الصغيرة‏]‏‏.‏

‏(‏1264‏)‏ وحدثنا محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا يزيد‏.‏ أخبرنا الجريري، بهذا الإسناد، نحوه‏.‏ غير أن قال‏:‏ وكان أهل مكة قوم حسد‏.‏ ولم يقل‏:‏ يحسدونه‏.‏

238 - ‏(‏1264‏)‏ وحدثنا ابن أبي عمر‏.‏ حدثنا سفيان عن ابن أبي حسين، عن أبي الطفيل‏.‏ قال‏:‏ قلت لابن عباس‏:‏

إن قومك يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل بالبيت‏.‏ وبين الصفا والمروة‏.‏ وهي سنة‏.‏ قال‏:‏ صدقوا وكذبوا‏.‏

239 - ‏(‏1265‏)‏ وحدثني محمد بن رافع‏.‏ حدثنا يحيى بن آدم‏.‏ حدثنا زهير عن عبدالملك بن سعيد بن الأبجر، عن أبي الطفيل‏.‏ قال قلت لابن عباس‏:‏

أراني قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ قال‏:‏ فصفه لي‏.‏ قال قلت‏:‏ رأيته عند المروة على ناقة‏.‏ وقد كثر الناس عليه‏.‏ قال‏:‏ فقال ابن عباس‏:‏ ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ إنهم كانوا لا يدعون عنه ولا يكرهون‏.‏

‏[‏ش ‏(‏لا يدعون ولا يكرهون‏)‏ يدعون أي يدفعون‏.‏ ومنه قوله تعالى‏:‏ يوم يدعون إلى نار جهنم دعا‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ فذاك الذي يدع اليتيم‏.‏ وأما قوله‏:‏ يكرهون، ففي بعض الأصول من صحيح مسلم يكرهون، كما ذكرناه، من الإكراه‏.‏ وفي بعضها يكهرون، وهو الانتهار‏.‏ قال القاضي‏:‏ هذا أصوب‏.‏ وقال‏:‏ وهو رواية الفارسي‏.‏ والأول رواية ابن هامان والعذري‏]‏‏.‏

240 - ‏(‏1266‏)‏ وحدثني أبو الربيع الزهراني‏.‏ حدثنا حماد ‏(‏يعني ابن زيد‏)‏ عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس‏.‏ قال‏:‏

قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة‏.‏ وقد وهنتهم حمى يثرب‏.‏ قال المشركون‏:‏ إنه يقدم عليكم غدا قوم قد وهنتهم الحمى‏.‏ ولقوا منها شدة‏.‏ فجلسوا مما يلي الحجر‏.‏ وأمرهم النبي صلى الله علي وسلم أن يرملوا ثلاثة أشواط‏.‏ ويمشوا ما بين الركنين‏.‏ ليرى المشركون جلدهم‏.‏ فقال المشركون‏:‏ هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتم‏.‏ هؤلاء أجلد من كذا وكذا‏.‏ قال ابن عباس‏:‏ ولم يمنع أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها، إلا الإبقاء عليهم‏.‏

‏[‏ش ‏(‏وهنتم حمى يثرب‏)‏ أي أضعفتهم‏.‏ قال الفراء وغيره‏:‏ يقال وهنته الحمى وغيرها وأوهنته، لغتان‏.‏ وأما يثرب، فهو الاسم الذي كان للمدينة في الجاهلية، وسميت في الإسلام‏:‏ المدينة، فطيبة، فطابة‏.‏ ‏(‏الحجر‏)‏ هو داخل الحطيم‏.‏ وهو الحائط المستدير إلى جانب الكعبة من جهة الميزاب‏.‏ ‏(‏ويمشوا ما بين الركنين‏)‏ أي حيث لا تقع عليهم أعين المشركين‏.‏ فإنهم ما كانوا في تلك الجهة‏.‏ ‏(‏جلدهم‏)‏ الجلد‏:‏ القوة والصبر‏.‏ ‏(‏إلا الإبقاء عليم‏)‏ أي الرفق بهم‏]‏‏.‏

241 - ‏(‏1266‏)‏ وحدثني عمرو والناقد وابن أبي عمر وأحمد بن عبدة‏.‏ جميعا عن ابن عيينة‏.‏ قال ابن عبدة‏:‏ حدثنا سفيان عن عمرو عن عطاء، عن ابن عباس‏.‏ قال‏:‏

إنما سعى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورمل بالبيت، ليري المشركين قوته‏.‏
(‏40‏)‏ باب استحباب استلام الركنين اليمانيين في الطواف، دون الركنين الآخرين

242 - ‏(‏1267‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا الليث‏.‏ ح وحدثنا قتيبة‏.‏ حدثنا ليث عن ابن شهاب، عن سالم بن عبدالله، عن عبدالله ابن عمر ؛ أن قال‏:‏ لم أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح من البيت، إلا الركنين اليمانيين‏.‏

‏[‏ش ‏(‏الركنين اليمانيين‏)‏ هما الركن الأسود والركن اليماني‏.‏ وإنما قيل لهما اليمانيان للتغليب‏.‏ كما قيل، في الأب والأم، الأبوان‏.‏ وفي الشمس والقمر، القمران‏.‏ واليمانيين، بتخفيف الياء، هذه هي اللغة الفصيحة المشهورة‏]‏‏.‏

243 - ‏(‏1267‏)‏ وحدثني أبو الطاهر وحرملة‏.‏ قال أبو الطاهر‏:‏ أخبرنا عبدالله بن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب، عن سالم عن أبيه‏.‏ قال‏:‏

لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم من أركان البيت إلا الركن الأسود والذي يليه، من نحو دور الجمحيين‏.‏

‏[‏ش ‏(‏الركن الأسود‏)‏ هو المسمى بالحجر الأسود‏.‏ وهو في ركن الكعبة الذي يلي الباب من جهة المشرق‏.‏ ‏(‏والذي يليه‏)‏ وهو الركن اليماني‏]‏‏.‏

244 - ‏(‏1267‏)‏ وحدثنا محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا خالد بن الحارث عن عبيدالله، عن نافع، عن عبدالله‏.‏ ذكر ؛

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يستلم إلا الحجر والركن اليماني‏.‏

245 - ‏(‏1268‏)‏ وحدثنا محمد بن المثنى وزهير بن حرب وعبيدالله بن سعيد‏.‏ جميعا عن يحيى القطان‏.‏ قال ابن المثنى‏:‏ حدثنا يحيى عن عبيدالله‏.‏ حدثني نافع عن ابن عمر‏.‏ قال‏:‏ ما تركت استلام هذين الركنين، اليماني والحجر، مذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما، في شدة ولا رخاء‏.‏

‏[‏ش ‏(‏في شدة ولا رخاء‏)‏ ظرف لقوله‏:‏ ما تركت‏.‏ وأراد بالشدة الزحام‏.‏ وبالرخاء عدمه‏]‏‏.‏

246 - ‏(‏1268‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير‏.‏ جميعا عن أبي خالد‏.‏ قال أبو بكر‏:‏ حدثنا أبو خالد الأحمر عن عبيدالله، عن نافع‏.‏ قال‏:‏ رأيت ابن عمر يستلم الحجر بيده‏.‏ ثم قبل يده‏.‏ وقال‏:‏ ما تركته منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله‏.‏

247 - ‏(‏1269‏)‏ وحدثني أبو الطاهر‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرنا عمرو بن الحارث ؛ أن قتادة ابن دعامة حدثه ؛ أن أبا الطفيل البكري حدثه ؛

أنه سمع ابن عباس يقول‏:‏ لم أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم غير الركنين اليمانيين‏.‏

*3* ‏(‏41‏)‏ باب استحباب تقبيل الحجر الأسود في الطواف

248 - ‏(‏1270‏)‏ وحدثني حرملة بن يحيى‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس وعمرو‏.‏ ح وحدثني هارون بن سعيد الأيلي‏.‏ حدثني ابن وهب‏.‏ أخبرني عمرو عن ابن شاب، عن سالم ؛ أن أباه حدثه‏.‏ قال‏:‏ قبّل عمر بن الخطاب الحجر‏.‏ ثم قال‏:‏ أم والله لقد علمت أنك حجر‏.‏ ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبّلك ما قبّلتك‏.‏

زاد هارون في روايته‏:‏ قال عمرو‏:‏ وحدثني بمثلها زيد بن أسلم عن أبيه أسلم‏.‏

249 - ‏(‏1270‏)‏ وحدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي‏.‏ حدثنا حماد بن زيد عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر ؛ أن عمر قبّل الحجر‏.‏ وقال‏:‏ إني لأقبّلك وإني لأعلم أنك حجر‏.‏

ولكني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبّلك‏.‏

250 - ‏(‏1270‏)‏ حدثنا خلف بن هشام والمقدمي وأبو كامل وقتيبة بن سعيد‏.‏ كلهم عن حماد‏.‏ قال خلف‏:‏ حدثنا حماد بن زيد عن عاصم الأحول، عن عبدالله بن سرجس قال‏:‏

رأيت الأصلع ‏(‏يعني عمر بن الخطاب‏)‏ يقبّل الحجر ويقول‏:‏ والله ‏!‏ إني لأقبّلك، وإني أعلم أنك حجر، وأنك لا تضر ولا تنفع‏.‏ ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبّلك ما قبّلتك‏.‏

وفي رواية المقدمي وأبي كامل‏:‏ رأيت الأصيلع‏.‏

251 - ‏(‏1270‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن نمير‏.‏ جميعا عن أبي معاوية‏.‏ قال يحيى‏:‏ أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عابس بن ربيعة‏.‏ قال‏:‏ رأيت عمر يقبّل الحجر ويقول‏:‏ إني لأقبّلك‏.‏ وأعلم أنك حجر‏.‏ ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبّلك لم أقبّلك‏.‏

252 - ‏(‏1271‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب‏.‏ جميعا عن وكيع‏.‏ قال أبو بكر‏:‏ حدثنا وكيع عن سفيان، عن إبراهيم ابن عبدالأعلى، عن سويد بن غفلة‏.‏ قال‏:‏ رأيت عمر قبّل الحجر والتزمه‏.‏ وقال‏:‏ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بك حفيا‏.‏

‏[‏ش ‏[‏حفيا‏)‏ أي معتنيا‏.‏ وجمعه أحفياء‏]‏‏.‏

‏(‏1271‏)‏ وحدثنيه محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا عبدالرحمن عن سفيان، بهذا الإسناد‏.‏ قال‏:‏ ولكني رأيت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم بك حفيا‏.‏ ولم يقل‏:‏ والتزمه‏.‏

*3* ‏(‏42‏)‏ باب جواز الطواف على بعير وغيره، واستلام الحجر بمحجن ونحوه للراكب

253 - ‏(‏1272‏)‏ حدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى‏.‏ قالا‏:‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، عن ابن عباس ؛

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف في حجة الوداع على بعير‏.‏ يستلم الركن بمحجن‏.‏

‏[‏ش ‏(‏بمحجن‏)‏ المحجن عصا معوجة الرأس، يتناول بها الراكب ما سقط له، ويحول بطرفها بعيره ويحركه للمشي‏]‏‏.‏

254 - ‏(‏1273‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ قال‏:‏ حدثنا علي بن مسهر عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر‏.‏ قال‏:‏

طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت، في حجة الوداع، على راحلته‏.‏ يستلم الحجر بمحجنه‏.‏ لأن يراه الناس، وليشرف، وليسألوه‏.‏ فإن الناس غشوة‏.‏

‏[‏ش ‏(‏غشوة‏)‏ أي ازدحموا عليه وكثروا‏]‏‏.‏

255 - ‏(‏1273‏)‏ وحدثنا علي بن خشرم‏.‏ أخبرنا عيسى بن يونس عن ابن جريج‏.‏ ح وحدثنا عبد بن حميد‏.‏ أخبرنا محمد ‏(‏يعني ابن بكر‏)‏ قال‏:‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ أخبرني أبو الزبير ؛ أنه سمع جابر بن عبدالله يقول‏:‏

طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته، بالبيت، وبالصفا والمروة‏.‏ ليراه الناس، وليشرف وليسألوه‏.‏ فإن الناس غشوه‏.‏

ولم يذكر ابن خشرم‏:‏ وليسألوه‏.‏ فقط‏.‏

256 - ‏(‏1274‏)‏ حدثني الحكم بن موسى القنطري‏.‏ حدثنا شعيب بن إسحاق عن هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة قالت‏:‏ طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، حول الكعبة، على بعيره‏.‏ يستلم الركن‏.‏ كراهية أن يضرب عنه الناس‏.‏

‏[‏ش ‏(‏كراهية أن يضرب عنه الناس‏)‏ هكذا هو في معظم النسخ‏:‏ يضرب، بالباء‏.‏ وفي بعضها‏:‏ يصرف، بالصاد المهملة والفاء، وكلاهما صحيح‏]‏‏.‏

257 - ‏(‏1275‏)‏ وحدثنا محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا سليمان بن داود‏.‏ حدثنا معروف بن خربوذ‏.‏ قال‏:‏ سمعت أبا الطفيل يقول‏:‏

رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت، ويستلم الركن بمحجن معه، ويقبّل المحجن‏.‏

258 - ‏(‏1276‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن محمد بن عبدالرحمن بن نوفل، عن عروة، عن زينيب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة ؛ أنها قالت‏:‏ شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي‏.‏ فقال‏:‏

‏"‏طوفي من وراء الناس وأنت راكبة‏"‏ قالت‏:‏ فطفت‏.‏ ورسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ يصلي إلى جنب البيت‏.‏ وهو يقرأ بالطور وكتاب مسطور‏.‏

*3* ‏(‏43‏)‏ باب بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج إلا به

259 - ‏(‏1277‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة‏.‏ قال قلت لها‏:‏ إني لأظن رجلا لولم يطف بين الصفا والمروة، ما ضره‏.‏ قالت‏:‏ لم ‏؟‏ قلت‏:‏ لأن الله تعالى يقول‏:‏ إن الصفا والمروة من شعائر الله ‏[‏2 /البقرة/ الآية 178‏]‏‏.‏ إلى آخر الآية‏.‏ فقالت‏:‏ ما أتم الله حج امرئ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة‏.‏ ولو كان كما تقول لكان‏:‏ فلا جناح عليه أن لا يطوّف بهما‏.‏ وهل تدري فيما كان ذاك ‏؟‏ إنما كان ذاك أن الأنصار كانوا يهلون في الجاهلية لصنمين على شط البحر‏.‏ يقال لهما إساف ونائلة‏.‏ ثم يجيئون فيطوفون بين الصفا والروة‏.‏ ثم يحلقون‏.‏ فلما جاء الإسلام كرهوا أن يطوفوا بينهما‏.‏ للذي كانوا يصنعون في الجاهلية‏.‏ قالت‏:‏ فأنزل الله عز وجل‏:‏ إن الصفا والمروة من شعائر الله‏.‏ إلى آخرها‏.‏ قالت‏:‏ فطافوا‏.‏

‏[‏ش ‏(‏إساف ونائلة‏)‏ قال القاضي عياض‏:‏ هكذاو قع في هذه الراية‏.‏ قال‏:‏ وهو غلط‏.‏ والصواب ما جاء في الروايات الأخر في الباب يهلون لمناة‏.‏ في الرواية الأخرى‏:‏ لمناة الطاغية التي بالمشلل‏.‏ قال‏:‏ و هذا هو المعروف‏.‏ مناة صنم كان نصبه عمرو بن لحي في جهة البحر بالمشلل مما يلي قديدا‏.‏ وكذا جاء مفسرا في الحديث في الموطأ‏.‏ وكانت الأزد وغسان تهل له بالحج‏.‏ وقال ابن الكلبي‏:‏ مناة صخرة لهذيل بقديد‏.‏ نائلة فلم يكونا قط في ناحية البحر‏]‏‏.‏

360 - ‏(‏1277‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا أبو أسامة‏.‏ حدثنا هشام بن عروة‏.‏ أخبرني أبي‏.‏ قال‏:‏ قلت لعائشة‏:‏

ما أرى علي جناحا أن لا أتطوّف بين الصفا والمروة‏.‏ قالت‏:‏ لم ‏؟‏ قلت‏:‏ لأن الله عز وجل يقول‏:‏ إن الصفا والمروة من شعائر الله الآية‏.‏ فقالت‏:‏ لو كان كما تقول، لكان‏:‏ فلا جناح عليه أن لا يطوّف بهما‏.‏ إنما أنزل هذا في أناس من الأنصار‏.‏ كانوا إذا أهلوا، أهلوا لمناة في الجاهلية‏.‏ فلا يحل لهم أن يطوّفوا بين الصفا والمروة‏.‏ فلما قدموا مع النبي صلى الله عليه وسلم للحج، ذكروا ذلك له‏.‏ فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏ فلعمري ‏!‏ ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة‏.‏

‏[‏ش ‏(‏إن الصفا والمروة من شعائر الله‏)‏ هما علمان للجبلين بمكة‏.‏ والصفا، كالصفوان، الحجارة الصافية من التراب، وهو مقصور، الواحدة صفاة، مثل حصى وحصاة‏.‏ والمرو الحجارة البيض، الواحدة مروة‏.‏ وسمي، بالواحد، الجبل المعروف بمكة‏.‏ والشعائر جمع شعيرة، وهي العلامة‏.‏ أي من أعلام مناسكه ومتعبداته‏]‏‏.‏

261 - ‏(‏1277‏)‏ حدثنا عمرو الناقد وابن أبي عمر‏.‏ جميعا عن ابن عيينة‏.‏ قال ابن أبي عمر‏:‏ حدثنا سفيان‏.‏ قال‏:‏ سمعت الزهري يحدث عن عروة بن الزبير‏.‏ قال‏:‏

قلت لعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ما أرى على أحد، لم يطف بين الصفا والمروة، شيئا‏.‏ وما أبالي أن لا أطوف بينهما‏.‏ قالت‏:‏ بئس ما قلت، يا ابن أختي ‏!‏ طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وطاف المسلمون‏.‏ فكانت سنة‏.‏ وإنما كان من أهلّ لمناة الطاغية، التي بالمشلل، لا يطوفون بين الصفا والمروة‏.‏ فلما كان الإسلام سألنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ‏؟‏ فأنزل الله عز وجل ‏{‏ إن الصفا والمروة من شعائر الله‏.‏ فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوّف بهما ‏}‏‏.‏ ولو كانت كما تقول لكانت‏:‏ فلا جناح عليه أن لا يطوّف بهما‏.‏

قال الزهري‏:‏ فذكرت ذلك لأبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام‏.‏ فأعجبه ذلك‏.‏ وقال‏:‏ إن هذا العلم‏.‏ ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يقولون‏:‏ إنما كان من لا يطوف بين الصفا والمروة من العرب، يقولون‏:‏ إن طوافنا بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية‏.‏ وقال آخرون من الأنصار‏:‏ إنما أمرنا بالطوّاف بالبيت ولم نؤمر به بين الصفا والمروة‏.‏ فأنزل الله عز وجل‏:‏ ‏{‏ إن الصفا والمروة من شعائر الله ‏}‏‏.‏

قال أبو بكر بن عبدالرحمن‏:‏ فأراها قد نزلت في هؤلاء وهؤلاء‏.‏

‏[‏ش ‏(‏لمناة الطاغية‏)‏ هي صفة لمناة‏.‏ وصفت بها باعتبار طغيان عبدتها‏.‏ والطغيان مجاوزة الحد في العصيان‏.‏ فهي صفة إسلامية لها‏.‏ ‏(‏بالمشلل‏)‏ جبل يهبط منه إلى قديد‏.‏ وقديد واد وموضع‏.‏ ‏(‏إن هذا العلم‏)‏ هكذا هو في جميع نسخ بلادنا‏.‏ قال القاضي‏:‏ وروى‏:‏ إن هذا لعلم بالتنوين‏.‏ وكلاهما صحيح‏.‏ ومعنى الأول أن هذا هو العلم المتقن‏.‏ معناه استحسان قول عائشة رضي الله عنها بلاغتها في تفسير الآية الكريمة‏.‏ ‏(‏فأراها‏)‏ ضبطوه بضم الهمزة من أراها ،و فتحها‏.‏ الضم أحسن وأشهر‏]‏‏.‏

262 - ‏(‏1277‏)‏ حدثني محمد بن رافع‏.‏ حدثنا حجين بن المثنى‏.‏ حدثنا ليث عن عقيل، عن ابن شهاب ؛ أنه قال‏:‏ أخبرني عروة بن الزبير‏.‏ قال‏:‏

سالت عائشة‏.‏ ساق الحديث بنحوه‏.‏ وقال في الحديث‏:‏ فلما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقالوا‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة‏.‏ فأنزل الله عز وجل‏:‏ ‏{‏ إن الصفا والمروة من شعائر الله‏.‏ فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوّف بهما ‏}‏‏.‏ قالت عائشة‏:‏ قد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما‏.‏ فليس لأحد أن يترك الطواف بهما‏.‏

‏[‏ش ‏(‏نتحرج‏)‏ قال في المصباح‏:‏ حرج الرجل أثم‏.‏ ورجل حرج آثم‏.‏ وتحرج الإنسان تحرجا، هذا مما ورد لفظه مخالفا لمعناه‏.‏ والمراد فعل فعلا جانب به الحرج‏.‏ كما يقال‏:‏ تحنث، إذا فعل ما يخرج به عن الحنث‏.‏ قال ابن الأعرابي‏:‏ للعرب أفعال تخالف معانيها ألفاظها‏.‏ قالوا تحرج وتحنث وتأثم، وتهجد إذا ترك الهجود‏]‏‏.‏

263 - ‏(‏1277‏)‏ وحدثنا حرملة بن يحيى‏.‏ أخبرنا ابن وهب ‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير ؛ أن عائشة أخبرته أن الأنصار كانوا قبل أن يسلموا، هم وغسان، يهلون لمناة‏.‏ فتحرجوا أن يطوفوا بين الصفا والمروة‏.‏ وكان ذلك سنة في آبائهم‏.‏ من أحرم لمناة لم يطف بين الصفا والمروة‏.‏ وإنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك حين أسلموا‏.‏ فأنزل الله عز وجل في ذلك‏:‏ ‏{‏ إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أواعتمر فلا جناح عليه أن يطوّف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم‏}‏‏.‏

264 - ‏(‏1278‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا أبو معاوية عن عاصم، عن أنس‏.‏ قال‏:‏ كانت الأنصار يكرهون أن يطوفوا بين الصفا والمروة‏.‏ حتى نزلت‏:‏ ‏{‏إن الصفا والمروة‏.‏ من شعائر الله فمن حج البيت أواعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ‏}‏‏.‏

*3* ‏(‏44‏)‏ باب بيان أن السعي لا يكرر

265 - ‏(‏1279‏)‏ حدثني محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج‏.‏ أخبرني أبو الزبير ؛ أنه سمع جابر بن عبدالله يقول‏:‏ لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، بين الصفا والمروة، إلا طوافا واحدا‏.‏

‏(‏1279‏)‏ وحدثنا عبد بن حميد‏.‏ أخبرنا محمد بن بكر‏.‏ أخبرنا ابن جريج، بهذا الإسناد، مثله‏.‏ وقال‏:‏ إلا طوافا واحدا‏.‏ طوافة الأول‏.‏

*3* ‏(‏45‏)‏ باب استحباب إدامة الحاج التلبية حتى يشرع في رمي جمرة العقبة يوم النحر

266 - ‏(‏1280‏)‏ حدثنا يحيى بن أيوب قتيبة بن سعيد بن حجر‏.‏ قالوا‏:‏ حدثنا إسماعيل‏.‏ ح وحدثنا يحيى بن يحيى ‏(‏واللفظ له‏)‏ قال‏:‏ أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن محمد بن أبي حرملة، عن كريب، مولى ابن عباس، عن أسامة بن زيد‏.‏ قال‏:‏

ردفت رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفات‏.‏ فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الشعب الأيسر، الذي دون المزدلفة، أناخ فبال‏.‏ ثم جاء فصببت عليه الوضوء‏.‏ فتوضأ وضوءا خفيفا‏.‏ ثم قلت‏:‏ الصلاة‏.‏ يا رسول الله ‏!‏ فقال ‏:‏ ‏"‏الصلاة أمامك‏"‏ فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى المزدلفة‏.‏ فصلى‏.‏ ثم ردف الفضل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة جمع‏.‏

‏[‏ش ‏(‏الوضوء‏)‏ هوالماء الذي يتوضأ به‏.‏ ‏(‏الصلاة‏)‏ بالنصب، على الإغراء‏]‏‏.‏

‏(‏1281‏)‏ قال كريب‏:‏ فأخبرني عبدالله بن عباس عن الفضل ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى بلغ الجمرة‏.‏

‏[‏ش ‏(‏الجمرة‏)‏ المراد جمرة العقبة، وهي الجمرة الكبرى، فعندها يفطع التلبية بأول حصاة ترمى‏]‏‏.‏

267 - ‏(‏1281‏)‏ وحدثنا إسحاق بن إبراهيم وعلى بن خشرم‏.‏ كلاهما عن عيس بن يونس‏.‏ قال ابن خشرم‏:‏ أخبرنا عيس عن ابن جريج‏.‏ أخبرني عطاء‏.‏ أخبرني ابن عباس ؛

أن النبي صلى الله عليه وسلم أردف الفضل من جمع‏.‏ قال‏:‏ فأخبرني ابن عباس ؛ أن الفضل أخبره ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة

268 - ‏(‏1282‏)‏ وحدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا ليث‏.‏ ح وحدثنا ابن رمح‏.‏ أخبرني الليث عن الزبير، عن أبي معبد، مولى ابن عباس، عن ابن عباس، عن الفضل بن عباس‏.‏ وكان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ أنه قال، في عشية عرفة وغداة جمع، للناس حين دفعوا‏:‏

‏"‏عليكم بالسكينة‏"‏ وهو كافّ ناقته‏.‏ حتى دخل محسّرا ‏(‏وهو من منى‏)‏ قال‏:‏ ‏"‏عليكم بحصى الخذف الذي يرمى به الجمرة ‏"‏‏.‏ وقال‏:‏ لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي حتى رمى الجمرة‏.‏

‏[‏ش ‏(‏وهو كافّ ناقتة‏)‏ من الكف، بمعنى المنع أي يمنعها الإسراع‏.‏ ‏(‏بحصى الخذف‏)‏ هو نحو حب الباقلاء‏.‏ وهذا أمر بالتقاط الحصيات للرمى‏]‏ ‏.‏

‏(‏1282‏)‏ وحدثنيه زهير بن حرب‏.‏ حدثني يحيى بن سعيد عن ابن جريج‏.‏ أخبرني أبو الزبير، بهذا الإسناد‏.‏ غير أنه لم يذكر في الحديث‏:‏ ولم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي حتى رمى بالجمرة‏.‏ وزاد في حديثه‏:‏ والنبي صلى الله عليه وسلم يشير بيده كما يخذف الإنسان‏.‏

269 - ‏(‏1283‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا أبو الأحوص عن حصين، عن كثير بن مدرك، عن عبدالرحمن بن يزيد‏.‏ قال قال عبدالله، ونحن بجمع‏:‏ سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة،، يقول في هذا المقام ‏"‏ لبيك‏.‏ اللهم ‏!‏ لبيك‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏سورة البقرة‏)‏ وإنما خص البقرة من معظم المناسك فيها‏]‏‏.‏

270 - ‏(‏1283‏)‏ وحدثنا سريج بن يونس‏.‏ حدثنا هشيم‏.‏ أخبرنا حصين عن كثير بن مدرك الأشجعي، عن عبدالرحمن بن يزيد ؛ أن عبدالله لبي حين أفاض من جمع‏.‏ فقيل‏:‏ أعرابي هذا ‏؟‏ فقال عبدالله‏:‏ أنسي الناس أم ضلوا ‏؟‏ سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة يقول، في هذا المكان ‏"‏ لبيك‏.‏ اللهم ‏!‏ لبيك‏"‏‏.‏

‏(‏1283‏)‏ وحدثناه حسن الحلواني‏.‏ حدثنا يحيى بن آدم‏.‏ حدثنا سفيان عن حصين، بهذا الإسناد‏.‏

271 - ‏(‏1283‏)‏ وحدثنيه يوسف بن حماد المعني‏.‏ حدثنا زياد ‏(‏يعني البكائي‏)‏ عن حصين، عن كثير بن مدرك الأشجعي، عن عبدالرحمن بن يزيد ‏.‏والأسود بن يزيد‏.‏ قالا‏:‏ سمعنا عبدالله بن مسعود يقول، بجمع‏:‏

سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة، ههنا يقول ‏"‏لبيك‏.‏ اللهم ‏!‏ لبيك‏"‏ ثم لبى ولبينا معه‏.‏

*3* ‏(‏46‏)‏ باب التلبية والتكبير في الذهاب من منى إلى عرفات في يوم عرفة

272 - ‏(‏1284‏)‏ حدثنا أحمد بن حنبل ومحمد بن المثنى‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا عبدالله بن نمير‏.‏ ح وحدثنا سعيد بن يحيى الأموي‏.‏ حدثني أبي‏.‏ قالا جميعا‏:‏ حدثنا يحيى بن سعيد عن عبدالله بن أبي سلمة، عن عبدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه‏.‏ قال‏:‏

غدونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من منى إلى عرفات‏.‏ منا الملبي، ومنا المكبر‏.‏

273 - ‏(‏1284‏)‏ وحدثني محمد بن حاتم وهارون بن عبدالله ويعقوب الدورقي‏.‏ قالوا‏:‏ أخبرنا يزيد بن هارون‏.‏ أخبرنا عبدالعزيز ابن أبي سلمة عن عمرو بن حسين، عن عبدالله بن أبي سلمة، عن عبدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه‏.‏ قال‏:‏

كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غداة عرفة‏.‏ فمنا المكبر ومنا المهلل‏.‏ فأما نحن فنكبر‏.‏ قال قلت‏:‏ الله ‏!‏ لعجبا منكم‏.‏ كيف لم تقولوا له‏:‏ ماذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ‏؟‏‏.‏

274 - ‏(‏1285‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن محمد بن أبي بكر الثقفي ؛ أنه سأل أنس بن مالك، وهما غاديان من منى إلى عرفة‏.‏ كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه سلم ‏؟‏ فقال‏:‏

كان يهل المهل منا، فلا ينكر عليه‏.‏ ويكبر المكبر منا، فلا ينكر عليه ‏.‏

275 - ‏(‏1285‏)‏ وحدثني سريج بن يونس‏.‏ حدثنا عبدالله بن رجاء عن موسى بن عقبة‏.‏ حدثني محمد بن أبي بكر‏.‏ قال‏:‏

قلت لأنس بن مالك، غداة عرفة‏:‏ ما تقول في التلبية هذا اليوم ‏؟‏ قال‏:‏ سرت هذا المسير مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه‏.‏ فمنا المكبر ومنا المهلل‏.‏ ولا يعيب أحدنا على صاحبه‏.‏

‏[‏ش ‏(‏ومنا المهلل‏)‏ كذا في النسخ‏.‏ والأنسب للمقام، كما دل عليه ما سبق في الطريق الذي قبله، كون العبارة‏:‏ فمنا المكبر ومنا المهل فإن التهليل قول لا إله إلا الله‏.‏ والمراد هنا‏:‏ الإهلال‏]‏‏.‏

*3* ‏(‏47‏)‏ باب الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة، واستحباب صلاتي المغرب والعشاء جميعا بالمزدلفة في هذه الليلة

276 - ‏(‏1280‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن موسى بن عقبة، عن كريب مولى ابن عباس، عن أسامة بن زيد أنه سمعه يقول‏:‏

دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة‏.‏ حتى إذا كان بالشعب نزل فبال‏.‏ ثم توضأ ولم يسبغ الوضوء‏.‏ فقلت له‏:‏ الصلاة قال ‏"‏الصلاة أمامك‏"‏‏.‏ فركب‏.‏ فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ‏.‏ فأسبغ الوضوء‏.‏ ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب‏.‏ ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله‏.‏ ثم أقيمت العشاء فصلاها‏.‏ ولم يصل بينهما شيئا‏.‏

‏[‏ش ‏(‏دفع من عرفة‏)‏ أي ابتدأ السير ودفع نفسه منها ونحاها‏.‏ أو دفع ناقته وحملها على السير‏.‏ والدفع متعد‏.‏ لكن شاع استعماله بلا ذكر المفعول، فأشبه لازما‏.‏ وسمي الرجوع من عرفات ومزدلفة دفعا لأن الناس في مسيرهم ذاك كأنهم مدفوعون‏.‏ ‏(‏الشعب‏)‏ هو الشعب الأيسر دون المزدلفة، وهو الطريق المعهود للحاج‏.‏ ومعناه الأصلي ما انفرج بين جبلين، أو الطريق في الجبل‏]‏‏.‏

277 - ‏(‏1280‏)‏ وحدثنا محمد بن رمح‏.‏ أخبرنا الليث عن يحيى بن سعيد، عن موسى بن عقبة مولى الزبير، عن كريب مولى ابن عباس، عن أسامة بن زيد‏.‏ قال‏:‏

انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الدفعة من عرفات إلى بعض تلك الشعاب، لحاجته‏.‏ فصببت عليه من الماء‏.‏ فقلت‏:‏ أتصلي ‏؟‏ فقال ‏"‏المصلى أمامك‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏بعض تلك الشعاب‏)‏ أي الطريق الجبلية‏]‏‏.‏

278 - ‏(‏1280‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ قال‏:‏ حدثنا عبدالله بن المبارك‏.‏ ح وحدثنا أبو كريب ‏(‏واللفظ له‏)‏ حدثنا ابن المبارك عن إبراهيم بن عقبة، عن كريب مولى ابن عباس‏.‏ قال‏:‏

سمعت أسامة بن زيد يقول‏:‏ أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفات‏.‏ فلما انتهى إلى الشعب نزل فبال‏.‏ ‏(‏ولم يقل أسامة‏:‏ أراق الماء‏)‏ قال‏:‏ فدعا بماء فتوضأ وضوءا ليس بالبالغ‏.‏ قال فقلت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ الصلاة‏.‏ قال ‏"‏الصلاة أمامك‏"‏ قال‏:‏ ثم سار حتى بلغ جمعا‏.‏ فصلى المغرب والعشاء‏.‏

‏[‏ش ‏(‏ولم يقل أسامة أراق الماء‏)‏ يعني لم يكن عن البول بإراقة الماء، بل صرح باسم البول إشعارا بإراده إياه كما سمعه من لفظ محدثه، وأنه لم ينقله بالمعنى‏.‏ قال الإمام النووي‏:‏ فيه أداء الرواية بحروفها‏.‏ وفيه استعمال صرائح الألفاظ التي قد تستبشع ولا يكنى عنها إذا دعت الحاجة إلى التصريح بأن خيف لبس المعنى، أو اشتباه الألفاظ، أو غير ذلك‏]‏‏.‏

279 - ‏(‏1280‏)‏ وحدثنا إسحاق بن إبراهيم‏.‏ أخبرنا يحيى بن آدم‏.‏ حدثنا زهير أبو خيثمة‏.‏ حدثنا إبراهيم بن عقبة‏.‏ أخبرني كريب أنه سأل أسامة بن زيد‏:‏

كيف صنعتم حين ردفت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة ‏؟‏ فقال‏:‏ جئنا الشعب الذي ينيخ الناس فيه للمغرب‏.‏ فأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته وبال ‏(‏وما قال‏:‏ أهراق الماء‏)‏ ثم دعا بالوضوء فتوضأ وضوءا ليس بالبالغ‏.‏ فقلت‏:‏ يا رسول الله الصلاة‏.‏ فقال ‏"‏الصلاة أمامك‏"‏ فركب حتى جئنا المزدلفة‏.‏ فأقام المغرب‏.‏ ثم أناخ الناس في منازلهم‏.‏ ولم يحلوا حتى أقام العشاء الآخرة‏.‏ فصلى‏.‏ ثم حلوا‏.‏ قلت‏:‏ فكيف فعلتم حين أصبحتم ‏؟‏ قال‏:‏ ردفه الفضل بن عباس‏.‏ وانطلقت أنا في سباق قريش على رجلي‏.‏

‏[‏ش ‏(‏ولم يحلوا‏)‏ هو من الحل بمعنى الفك‏.‏ أو من الحلول بمعنى النزول‏.‏ أي لم يفكوا ما على الجمال، أو ما نزلوا تمام النزول الذي يريده المسافر البالغ منزله، ومثله قوله‏:‏ ثم حلوا‏.‏ ‏(‏سباق قريش‏)‏ أي فيمن سبق منهم إلى منى‏]‏‏.‏

280 - ‏(‏1280‏)‏ حدثنا إسحاق بن إبراهيم‏.‏ أخبرنا وكيع‏.‏ حدثنا سفيان عن محمد بن عقبة، عن كريب، عن أسامة بن زيد ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أتى النقب الذي ينزله الأمراء نزل فبال‏.‏ ‏(‏ولم يقل‏:‏ أهراق‏)‏ ثم دعا بوضوء فتوضأ وضوءا خفيفا‏.‏ فقلت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ الصلاة‏.‏ فقال ‏"‏الصلاة أمامك‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏النقب‏)‏ هو الطريق في الجبل‏.‏ وقيل‏:‏ الفرجة بين جبلين‏.‏ ‏(‏الأمراء‏)‏ المراد بنو أمية‏.‏ كانوا يصلون فيه المغرب قبل دخول وقت العشاء‏.‏ وقد أنكره عكرمة‏.‏ فقال‏:‏ اتخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم مبالا واتخذتموه مصلى‏.‏‏!‏‏!‏‏!‏‏]‏‏.‏

281 - ‏(‏1280‏)‏ حدثنا عبد بن حميد‏.‏ أخبرنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا معمر عن الزهري، عن عطاء مولى سباع، عن أسامة بن زيد ؛ أنه كان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أفاض من عرفة‏.‏ فلما جاء الشعب أناخ راحلته‏.‏ ثم ذهب إلى الغائط‏.‏ فلما رجع صببت عليه من الإداوة فتوضأ‏.‏ ثم ركب‏.‏ ثم أتى المزدلفة‏.‏ فجمع بها بين المغرب والعشاء ‏.‏

‏[‏ش ‏(‏عن عطاء مولى سباع‏)‏ وفي بعض النسخ مولى أم سباع‏.‏ وكلاهما خلاف المعروف فيه‏.‏ وإنما المشهور‏:‏ عطاء مولى بني سباع‏.‏ هكذا ذكره البخاري في تاريخه وابن أبي حاتم في كتابه الجرح والتعديل‏.‏‏.‏‏.‏الخ‏]‏‏.‏

282 - ‏(‏1286‏)‏ حدثني زهير بن حرب‏.‏ حدثنا يزيد بن هارون‏.‏ أخبرنا عبدالملك بن أبي سليمان عن عطاء، عن ابن عباس ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاض من عرفة‏.‏ وأسامة ردفه‏.‏ قال أسامة‏:‏ فما زال يسير على هيئته حتى أتى جمعا‏.‏

‏[‏ش ‏(‏على هيئته‏)‏ هكذا هو في معظم النسخ‏.‏ وفي بعضها هينته‏.‏ وكلاهما صحيح المعنى‏.‏ والهيئة صورة الشيء وشكله وحالته‏.‏ ومعنى على هينته على عادته في السكون والرفق‏.‏ يقال‏.‏ امش على هينتك أي على رسلك‏]‏‏.‏

283- ‏(‏1286‏)‏ حدثنا أبو الربيع الزهراني، وقتيبة بن سعيد‏.‏ جميعا عن حماد بن زيد‏.‏ قال أبو الربيع‏:‏ حدثنا حماد‏.‏ حدثنا هشام عن أبيه‏.‏ قال‏:‏ سئل أسامة، وأنا شاهد، أو قال‏:‏

سألت أسامة بن زيد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أردفه من عرفات‏.‏ قلت‏:‏ كيف كان يسير رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أفاض من عرفة ‏؟‏ قال‏:‏ كان يسير العنق‏.‏ فإذا وجد فجوة نص‏.‏

‏[‏ش ‏(‏كان يسير العنق، فإذا وجد فجوة نص‏)‏ هما نوعان من إسراع السير‏.‏ وفي العنق نوع من الرفق والفجوة المكان المتسع‏.‏ والنص التحريك حتى يستخرج أقصى سير الناقة‏]‏‏.‏

284 - ‏(‏1286‏)‏ وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا عبدة بن سليمان، وعبدالله بن نمير، وحميد بن عبدالرحمن عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد‏.‏ وزاد في حديث حميد‏:‏ قال هشام‏:‏ والنص فوق العنق‏.‏

285 - ‏(‏1287‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد‏.‏ أخبرني عدي بن ثابت ؛ أن عبدالله بن يزيد الخطمي حدثه ؛ أن أبا أيوب أخبره ؛ أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، المغرب والعشاء بالمزدلفة ‏.‏

‏(‏1287‏)‏ وحدثناه قتيبة وابن رمح عن الليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد‏.‏ قال ابن رمح في روايته‏:‏ عن عبدالله بن يزيد الخطمي‏.‏ وكان أميرا على الكوفة على عهد ابن الزبير‏.‏

286 - ‏(‏703‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى قال‏:‏ قرأت على مالك عن ابن شهاب، عن سالم بن عبدالله، عن ابن عمر ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة، جميعا‏.‏

287 - ‏(‏1288‏)‏ وحدثني حرملة بن يحيى‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب ؛ أن عبيدالله بن عبدالله بن عمر أخبره أن أباه قال‏:‏

جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء ؛ ليس بينهما سجدة‏.‏ وصلى المغرب ثلاث ركعات‏.‏ وصلى العشاء ركعتين‏.‏

فكان عبدالله يصلي بجمع كذلك‏.‏ حتى لحق بالله تعالى‏.‏

‏[‏ش ‏(‏ليس بينهما سجدة‏)‏ أي لم يصل بينهما نافلة‏]‏‏.‏

288 - ‏(‏1288‏)‏ حدثنا محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا عبدالرحمن بن مهدي‏.‏ حدثنا شعبة عن الحكم وسلمة بن كهيل، عن سعيد بن جبير أنه صلى المغرب بجمع، والعشاء بإقامة‏.‏ ثم حدث عن ابن عمر ؛ أنه صلى مثل ذلك‏.‏ وحدث ابن عمر ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم صنع مثل ذلك‏.‏

289 - ‏(‏1288‏)‏ وحدثنيه زهير بن حرب‏.‏ حدثنا وكيع‏.‏ حدثنا شعبة، بهذا الإسناد‏.‏ وقال‏:‏ صلاهما بإقامة واحدة‏.‏

290 - ‏(‏1288‏)‏ وحدثنا عبد بن حميد‏.‏ أخبرنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا الثوري عن سلمة بن كهيل، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر‏.‏ قال‏:‏

جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء بجمع‏.‏ صلى المغرب ثلاثا‏.‏ والعشاء ركعتين‏.‏ بإقامة واحدة‏.‏

291 - ‏(‏1288‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا عبدالله بن نمير‏.‏ حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق‏.‏ قال‏:‏ قال سعيد ابن جبير‏:‏

أفضنا مع ابن عمر حتى أتينا جمعا‏.‏ فصلى بنا المغرب والعشاء بإقامة واحدة‏.‏ ثم انصرف‏.‏ فقال‏:‏ هكذا صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المكان‏.‏

‏[‏ش ‏(‏وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏‏.‏ الخ‏)‏ هذا من الأحاديث التي استدركها الدارقطني فقال‏:‏ هذا عندي وهم من إسماعيل‏.‏ وقد خالفه جماعة منهم شعبة الثوري وإسرائيل وغيرهم‏.‏ فرووه عن أبي إسحاق عند عبدالله بن مالك عن ابن عمر‏.‏ قال‏:‏ وإسماعيل وإن كان ثقة، فهؤلاء أقوم بحديث أبي إسحاق منه‏.‏ هذا كلامه‏.‏ وجوابه أنه يجوز أن أبا إسحاق سمعه بالطريقتين، فرواه بالوجهين‏.‏ وكيف كان فالمتن صحيح لا مقدح فيه‏]‏‏.‏

*3* ‏(‏48‏)‏ باب استحباب زيادة التغليس بصلاة الصبح يوم النحر بالمزدلفة، والمبالغة فيه بعد تحقق طلوع الفجر

292 - ‏(‏1289‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأبو كريب‏.‏ جميعا عن أبي معاوية‏.‏ قال يحيى‏:‏ أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش، عن عمارة، عن عبدالرحمن بن يزيد، عن عبدالله قال‏:‏

ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة إلا لميقاتها‏.‏ إلا صلاتين‏:‏ صلاة المغرب والعشاء بجمع‏.‏ وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها‏.‏

‏(‏1289‏)‏ وحدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم‏.‏ جميعا عن جرير، عن الأعمش، بهذا الإسناد‏.‏ وقال‏:‏ قبل وقتها بغلس‏.‏

*3* ‏(‏49‏)‏ باب استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء وغيرهن من مزدلفة إلى منى في أواخر الليالي قبل زحمة الناس، واستحباب المكث لغيرهم حتى يصلوا الصبح بمزدلفة

293 - ‏(‏1290‏)‏ وحدثنا عبدالله بن مسلمة بن قعنب‏.‏ حدثنا أفلح ‏(‏يعني ابن حميد‏)‏ عن القاسم، عن عائشة ؛ أنها قالت‏:‏

استأذنت سودة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة‏.‏ تدفع قبله‏.‏ وقبل حطمة الناس‏.‏ وكانت امرأة ثبطة‏.‏ ‏(‏يقول القاسم‏:‏ والثبطة الثقيلة‏)‏ قال‏:‏ فأذن لها‏.‏ فخرجت قبل دفعه وحبسنا حتى أصبحنا فدفعنا بدفعه‏.‏ ولأن أكون استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما استأذنته سودة، فأكون أدفع بإذنه، أحب إلي من مفروح به‏.‏

‏[‏ش ‏(‏حطمة الناس‏)‏ أي قبل أن يزدحموا ويحطم بعضهم بعضا‏]‏‏.‏

294 - ‏(‏1290‏)‏ وحدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن المثنى‏.‏ جميعا عن الثقفي‏.‏ قال ابن المثنى‏:‏ حدثنا عبدالوهاب‏.‏ حدثنا أيوب عن عبدالرحمن بن القاسم، عن القاسم، عن عائشة قالت‏:‏ كانت سودة امرأة ضخمة ثبطة‏.‏ فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تفيض من جمع بليل‏.‏ فأذن لها‏.‏ فقالت عائشة‏:‏

فليتني كنت استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما استأذنته سودة‏.‏ وكانت عائشة لا تفيض إلا مع الإمام‏.‏

295 - ‏(‏1290‏)‏ وحدثنا ابن نمير‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا عبيدالله بن عمر عن عبدالرحمن بن القاسم، عن القاسم، عن عائشة قالت‏:‏ وددت أني كنت استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما استأذنته سودة‏.‏ فأصلي الصبح بمنى‏.‏ فأرمي الجمرة‏.‏ قبل أن يأتي الناس‏.‏

فقيل لعائشة‏:‏ فكانت سودة استأذنته ‏؟‏ قالت‏:‏ نعم‏.‏ إنها كانت امرأة ثقيلة ثبطة‏.‏ فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن لها

296 - ‏(‏1290‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا وكيع‏.‏ ح وحدثني زهير بن حرب‏.‏ حدثنا عبدالرحمن‏.‏ كلاهما عن سفيان عن عبدالرحمن بن القاسم، بهذا الإسناد، نحوه‏.‏

297 - ‏(‏1291‏)‏ حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي‏.‏ حدثنا يحيى ‏(‏وهو القطان‏)‏ عن ابن جريج‏.‏ حدثني عبدالله مولى أسماء قال‏:‏ قالت لي أسماء، وهي عند دار المزدلفة‏:‏ هل غاب القمر ‏؟‏ قلت‏:‏ لا‏.‏ فصلت ساعة‏.‏ ثم قالت‏:‏ يا بني ‏!‏ هل غاب القمر ‏؟‏ قلت‏:‏ نعم قالت‏:‏ ارحل بي‏.‏ فارتحلنا حتى رمت الجمرة‏.‏ ثم صلت في منزلها‏.‏ فقلت لها‏:‏ أي هنتاه ‏!‏ لقد غلسنا‏.‏ قالت‏:‏ كلا‏.‏ أي بني ‏!‏ إن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للظعن‏.‏

‏[‏ش ‏(‏أي هنتاه‏)‏ أي يا هذا‏.‏ بسكون النون وقد تفتح‏.‏ وتسكن الهاء‏.‏ التي في آخرها وقد تضم‏.‏ ‏(‏لقد غلسنا‏)‏ أي جئنا بغلس، وتقدمنا على الوقت المشروع‏:‏ والغلس ظلام آخر الليل‏.‏ ‏(‏أذن الظعن‏)‏ هو بضم العين وإسكانها‏.‏ وهن النساء‏.‏ الواحدة ظعينة‏.‏ كسفينة وسفن‏.‏ وأصل الظعينة الهودج الذي تكون فيه المرأة على البعير‏.‏ فسميت المرأة به مجازا‏.‏ واشتهر هذا المجاز حتى غلب وخفيت الحقيقة‏.‏ وظعينة الرجل امرأته‏]‏‏.‏

‏(‏1291‏)‏ وحدثنيه علي بن خشرم‏.‏ أخبرنا عيسى بن يونس عن ابن جريج، بهذا الإسناد‏.‏ وفي روايته‏:‏ قالت‏:‏ لا‏.‏ أي بني ‏!‏ إن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لظعنه‏.‏

298 - ‏(‏1292‏)‏ حدثني محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا يحيى بن سعيد‏.‏ ح وحدثني علي بن خشرم‏.‏ أخبرنا عيسى‏.‏ جميعا عن ابن جريج‏.‏ أخبرني عطاء ؛ أن ابن شوال أخبره ؛ أنه دخل على أم حبيبة فأخبرته ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث بها من جمع بليل‏.‏

299 - ‏(‏1292‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا سفيان بن عيينة‏.‏ حدثنا عمرو بن دينار‏.‏ ح وحدثنا عمرو الناقد‏.‏ حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار، عن سالم بن شوال، عن أم حبيبة‏.‏ قالت‏:‏

كنا نفعله على عهد النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ نغلّس من جمع إلى منى‏.‏ وفي رواية الناقد‏:‏ نغلّس من مزدلفة‏.‏

300 - ‏(‏1293‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى وقتيبة بن سعيد‏.‏ جميعا عن حماد‏.‏ قال يحيى‏:‏ أخبرنا حماد بن زيد عن عبيدالله بن أبي يزيد‏.‏ قال سمعت ابن عباس يقول‏:‏

بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثقل ‏(‏أو قال في الضعفة‏)‏ من جمع بليل‏.‏

‏[‏ش ‏(‏الثقل‏)‏ هو المتاع ونحوه‏:‏ والجمع أثقال‏:‏ مثل سبب وأسباب‏.‏ ‏(‏الضعفة‏)‏ أي في ضعفة أهله من النساء والصبيان‏.‏ وهو جمع ضعيف‏.‏ وجمع ضعيف على ضعفة غريب‏.‏ ومثله خبيث وخبثة‏.‏ قال الفيومي‏:‏ ولا يكاد يوجد لهما ثالث‏]‏‏.‏

301 - ‏(‏1293‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا سفيان بن عيينة‏.‏ حدثنا عبيدالله بن أبي يزيد ؛ أنه سمع ابن عباس يقول‏:‏ أنا ممن قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ضعفة أهله‏.‏

302 - ‏(‏1293‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا سفيان بن عيينة‏.‏ حدثنا عمرو عن عطاء، عن ابن عباس قال‏:‏

كنت فيمن قدّم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ضعفة أهله‏.‏

303 - ‏(‏1294‏)‏ وحدثنا عبد بن حميد‏.‏ أخبرنا محمد بن بكر‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ أخبرني عطاء ؛ أن ابن عباس قال‏:‏

بعث بي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسحر من جمع في ثقل نبي الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ قلت‏:‏ أبلغك أن ابن عباس قال‏:‏ بعث بي بليل طويل ‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ إلا كذلك، بسحر‏.‏ قلت له‏:‏ فقال ابن عباس‏:‏ رمينا الجمرة قبل الفجر‏.‏ وأين صلى الفجر ‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ إلا كذلك‏.‏

304 - ‏(‏1295‏)‏ وحدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى قالا‏:‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب ؛ أن سالم بن عبدالله أخبره ؛ أن عبدالله بن عمر كان يقدم ضعفة أهله‏.‏ فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة بالليل‏.‏ فيذكرون الله ما بدا لهم‏.‏ ثم يدفعون قبل أن يقف الإمام‏.‏ وقبل أن يدفع‏.‏ فمنهم من يقدم منى لصلاة الفجر‏.‏ ومنهم من يقدم بعد ذلك‏.‏ فإذا قدموا رموا الجمرة‏.‏ وكان ابن عمر يقول‏:‏ أرخص في أي أولئك رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

*3* ‏(‏50‏)‏ باب رمي جمرة العقبة من بطن الوادي، تكون مكة عن يساره، ويكبر مع كل حصاة

305 - ‏(‏1296‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبدالرحمن بن يزيد‏.‏ قال‏:‏

رمى عبدالله بن مسعود جمرة العقبة، من بطن الوادي، بسبع حصيات‏.‏ يكبر مع كل حصاة‏.‏ قال فقيل له‏:‏ إن أناسا يرمونها من فوقها‏.‏ فقال عبدالله بن مسعود‏:‏ هذا، والذي لا إله غيره ‏!‏ مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة‏.‏

306 - ‏(‏1296‏)‏ وحدثنا منجاب بن الحارث التيمي‏.‏ أخبرنا ابن مسهر عن الأعمش‏.‏ قال‏:‏ سمعت الحجاج بن يوسف يقول، وهو يخطب على المنبر‏:‏ ألّفوا القرآن كما ألّفه جبريل‏.‏ السورة التي يذكر فيها البقرة‏.‏ والسورة التي يذكر فيها النساء‏.‏ والسورة التي يذكر فيها آل عمران‏.‏

قال‏:‏ فلقيت إبراهيم فأخبرته بقوله‏.‏ فسبه وقال‏:‏ حدثني عبدالرحمن بن يزيد ؛ أنه كان مع عبدالله بن مسعود‏.‏ فأتى جمرة العقبة‏.‏ فاستبطن الوادي‏.‏ فاستعرضها‏.‏ فرماها من بطن الوادي بسبع حصيات‏.‏ يكبر مع كل حصاة‏.‏ قال فقلت‏:‏ يا أبا عبدالرحمن ‏!‏ إن الناس يرمونها من فوقها‏.‏ فقال‏:‏ هذا، والذي لا إله غيره ‏!‏ مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة‏.‏

‏[‏ش ‏(‏ألّفوا القرآن‏)‏ قال القاضي عياض‏:‏ إن كان الحجاج أراد بقوله‏:‏ كما ألّفه جبريل - تأليف الآي في كل سورة ونظمها على ما هي عليه الآن في المصحف، فهو إجماع المسلمين‏.‏ وأجمعوا أن ذلك تأليف النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ وإن كان يريد تأليف السور بعضها في إثر بعض، فهو قول بعض الفقهاء والقراء‏.‏ وخالفهم المحققون، وقالوا بل هو اجتهاد من الأئمة وليس بتوقيف‏.‏ قال القاضي‏:‏ وتقديمه هنا النساء على آل عمران، دليل على أنه لم يرد إلا نظم الآي‏.‏ لأن الحجاج إنما كان يتبع مصحف عثمان رضي الله عنه ولا يخالفه‏.‏ والظاهر أنه أراد ترتيب الآي لا ترتيب السور‏.‏ ‏(‏فاستبطن الوادي‏)‏ أي دخله‏.‏ ‏(‏فاستعرضها‏)‏ أي فأتى العقبة من جانبها عرضا‏.‏ فتكون مكة على يساره ومنى عن يمينه‏]‏‏.‏

‏(‏1296‏)‏ وحدثني يعقوب الدورقي‏.‏ حدثنا ابن أبي زائدة‏.‏ ح وحدثنا ابن أبي عمر‏.‏ حدثنا سفيان‏.‏ كلاهما عن الأعمش‏.‏ قال‏:‏ سمعت الحجاج يقول‏:‏ لا تقولوا سورة البقرة‏.‏ واقتصا الحديث بمثل حديث ابن مسهر‏.‏

307 - ‏(‏1296‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا غندر عن شعبة‏.‏ ح وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة عن الحكم، عن إبراهيم، عن عبدالرحمن بن يزيد ؛ أنه حج مع عبدالله‏.‏ قال‏:‏

فرمى الجمرة بسبع حصيات‏.‏ وجعل البيت عن يساره‏.‏ ومنى عن يمبينه‏.‏ وقال‏:‏ هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة‏.‏

308 - ‏(‏1296‏)‏ وحدثنا عبيد بن معاذ‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا شعبة، بهذا الإسناد‏.‏ غير أنه قال‏:‏ فلما أتى جمرة العقبة‏.‏

309 - ‏(‏1296‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا أبو المحياة‏.‏ ح وحدثنا يحيى بن يحيى ‏(‏واللفظ له‏)‏ أخبرنا يحيى بن يعلى أبو المحياة عن سلمة بن كهيل، عن عبدالرحمن بن يزيد‏.‏ قال‏:‏

قيل لعبدالله‏:‏ إن أناسا يرمون الجمرة من فوق العقبة‏.‏ قال‏:‏ فرماها عبدالله من بطن الوادي‏.‏ ثم قال‏:‏ من ههنا، والذي لا إله غيره ‏!‏ رماها الذي أنزلت عليه سورة البقرة‏.‏
‏(‏51‏)‏ باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبا‏.‏ وبيان قوله صلى الله تعالى عليه وسلم ‏"‏لتأخذوا مناسككم‏"‏

310 - ‏(‏1297‏)‏ حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعلي بن خشرم‏.‏ جميعا عن عيسى بن يونس‏.‏ قال ابن خشرم‏:‏ أخبرنا عيسى عن ابن جريج‏.‏ أخبرني أبو الزبير ؛ أنه سمع جابرا يقول‏:‏

رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر، ويقول ‏"‏ لتأخذوا مناسككم‏.‏ فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه ‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏لتأخذوا مناسككم‏)‏ هذه اللام لام الأمر‏.‏ ومعناه‏:‏ خذوا مناسككم‏]‏‏.‏

311 - ‏(‏1298‏)‏ وحدثني سلمة بن شبيب‏.‏ حدثنا الحسن بن أعين‏.‏ حدثنا معقل عن زيد بن أبي أنيسة، عن يحيى بن حصين، عن جدته أم الحصين‏.‏ قال‏:‏ سمعتها تقول‏:‏

حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع‏.‏ فرأيته حين رمى جمرة العقبة وانصرف وهو على راحلته‏.‏ ومعه بلال وأسامة‏.‏ أحدهما يقود به راحلته‏.‏ والآخر رافع ثوبه على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشمس‏.‏ قالت‏:‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا كثيرا‏.‏ ثم سمعته يقول ‏"‏ إن أمّر عليكم عبد مجدّع ‏(‏حسبتها قالت‏)‏ أسود، يقودكم بكتاب الله تعالى، فاسمعوا له وأطيعوا ‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏عبد مجدع‏)‏ أي مقطع الأعضاء‏.‏ والتشديد للتكثيير‏.‏ وإلا فالجدع قطع الأنف والأذن والشفة‏.‏ والذي قطع منه ذلك أجدع والأنثى جدعاء‏.‏ والمقصود التنبيه على نهاية خسته‏.‏ فإن العبد خسيس في العادة، ثم سواده نقص آخر، وجدعه نقص آخر‏.‏ ومن هذه الصفات مجموعة فيه، فهو في نهاية الخسة‏.‏ والعادة أن يكون ممتهنا في أرذل الأعمال‏]‏‏.‏

312 - ‏(‏1298‏)‏ وحدثني أحمد بن حنبل‏.‏ حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبدالرحيم، عن زيد بن أبي أنيسة، عن يحيى بن الحصين، عن أم الحصين جدته‏.‏ قالت‏:‏

حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع‏.‏ فرأيت أسامة وبلالا‏.‏ وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ والآخر رافع ثوبه يستره من الحر‏.‏ حتى رمى جمرة العقبة‏.‏

قال مسلم‏:‏ واسم أبي عبدالرحيم، خالد بن أبي يزيد‏.‏ وهو خال محمد بن سلمة‏.‏ روى عنه وكيع وحجّاج الأعور‏.‏

*3* ‏(‏52‏)‏ باب استحباب كون حصى الجمار بقدر حصى الخذف

313 - ‏(‏1299‏)‏ وحدثني محمد بن حاتم وعبد بن حميد‏.‏ قال ابن حاتم‏:‏ حدثنا محمد بن بكر‏.‏ أخبرنا ابن جربج‏.‏ أخبرنا أبو الزبير ؛ أنه سمع جابر بن عبدالله يقول‏:‏

رأيت النبي صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة، بمثل حصى الخذف‏.‏

*3* ‏(‏53‏)‏ باب بيان وقت استحباب الرمي

314 - ‏(‏1299‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا أبو خالد الأحمر وابن إدريس عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر ؛ قال‏:‏

رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضحى‏.‏ وأما بعد، فإذا زالت الشمس‏.‏

‏(‏1299‏)‏ وحدثنا علي بن خشرم‏.‏ أخبرنا عيسى‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ أخبرني أبو الزبير ؛ أنه سمع جابر بن عبدالله يقول‏:‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ بمثله‏.‏

*3* ‏(‏54‏)‏ باب بيان أن حصى الجمار سبع

315 - ‏(‏1300‏)‏ وحدثني سلمة بن شبيب‏.‏ حدثنا الحسن بن أعين‏.‏ حدثنا معقل ‏(‏وهو ابن عبيدالله الجزري‏)‏ عن أبي الزبير، عن جابر‏.‏ قال‏:‏

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏الاستجمار توّ‏.‏ ورمي الجمار توّ‏.‏ والسعي بين الصفا والمروة توّ‏.‏ والطواف توّ‏.‏ وإذا استجمر أحدكم فليستجمر بتوّ‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏الاستجمار تو‏)‏ التو هو الوتر‏.‏ والاستجمار هو الاستنجاء‏.‏ والمراد بالتو في الجمار سبع، وفي الطواف سبع، وفي السعي سبع، وفي الاستنجاء ثلاث‏.‏ فإن لم يحصل الإنقاء بثلاث وجبت الزيادة حتى ينقى‏]‏‏.‏

*3* ‏(‏55‏)‏ باب تفضيل الحلق على التقصير وجواز التقصير

316 - ‏(‏1301‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى ومحمد بن رمح‏.‏ قالا‏:‏ أخبرنا الليث‏.‏ ح وحدثنا قتيبة‏.‏ حدثنا ليث عن نافع ؛ أن عبدالله قال‏:‏

حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلق طائفة من أصحابه‏.‏ وقصر بعضهم‏.‏ قال عبدالله‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏رحم الله المحلقيين‏"‏ مرة أو مرتين ثم قال ‏"‏والمقصرين‏"‏‏.‏

317- ‏(‏1301‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن نافع، عن عبدالله بن عمر ؛

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏اللهم ارحم المحلقين‏"‏ قالوا‏:‏ والمقصرين ‏؟‏ يا رسول الله ‏!‏ قال ‏"‏ اللهم ارحم المحلقين‏"‏ قالوا‏:‏ والمقصرين ‏؟‏ يا رسول الله ‏!‏ قال ‏"‏ والمقصرين‏"‏‏.‏

318 - ‏(‏1301‏)‏ أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان عن مسلم بن الحجاج قال‏:‏ حدثنا ابن نمير‏.‏ حدثنا أبي حدثنا عبيدالله بن عمر عن نافع، عن ابن عمر ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال ‏"‏رحم الله المحلقين‏"‏ قالوا‏:‏ والمقصرين ‏؟‏ يا رسول الله ‏!‏ قال ‏"‏رحم الله المحلقين‏"‏ قالوا‏:‏ والمقصرين ‏؟‏ يا رسول الله ‏!‏ قال ‏"‏رحم الله المحلقين‏"‏ قالوا‏:‏ والمقصرين ‏؟‏ يا رسول الله ‏!‏ قال ‏"‏والمقصرين‏"‏ ‏.‏

‏[‏ش ‏(‏أخبرنا أبو إسحاق‏)‏ هو قول أبي أحمد الجلودي، الذي هو صاحب أبي إسحاق‏.‏ روى عنه هذا الكتاب‏.‏ وشيخه أبو إسحاق المذكور هو صاحب الإمام مسلم، روى عنه صحيحه هذا‏.‏ قال‏:‏ فرغ لنا مسلم من قراءة الكتاب في شهر رمضان، سنة سبع وخمسين ومائتين‏.‏ ومات هو في رجب سنة ثمان وثلاثمائة‏.‏ وقد فاته من سماع هذا الكتاب من مسلم ثلاثة مواضع‏:‏ أولها هذا الموضع من كتاب الحج‏.‏ فيقال فيه‏:‏ أخبرنا أبو إسحاق عن مسلم‏.‏ ولا يقال فيه‏:‏ أخبرنا مسلم‏]‏‏.‏

319 - ‏(‏1301‏)‏ وحدثناه ابن المثنى‏.‏ حدثنا عبدالوهاب‏.‏ حدثنا عبيدالله، بهذا الإسناد‏.‏ وقال في الحديث‏:‏ فلما كانت الرابعة، قال ‏"‏والمقصرين‏"‏‏.‏

320 - ‏(‏1302‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن نمير وأبو كريب‏.‏ جميعا عن ابن فضيل‏.‏ قال زهير‏:‏ حدثنا محمد ابن فضيل‏.‏ حدثنا عمارة عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، قال‏:‏

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ اللهم ‏!‏ اغفر للمحلقين‏"‏ قالوا‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ وللمقصرين ‏؟‏ ‏"‏اللهم ‏!‏ اغفر للمحلقين‏"‏ قالوا يا رسول الله ‏!‏ وللمقصرين ‏؟‏ قال ‏"‏اللهم ‏!‏ اغفر للمحلقين‏"‏ قالوا‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ وللمقصرين ‏؟‏ قال ‏"‏وللمقصرين‏"‏‏.‏

‏(‏1302‏)‏ وحدثني أمية بن بسطام‏.‏ حدثنا يزيد بن زريع‏.‏ حدثنا روح عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ بمعنى حديث أبي زرعة، عن أبي هريرة‏.‏

321 - ‏(‏1303‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا وكيع وأبو داود الطيالسي عن شعبة، عن يحيى بن الحصين، عن جدته ؛ أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، في حجة الوداع، دعا للمحلقين ثلاثا‏.‏ وللمقصرين مرة‏.‏ ولم يقل وكيع‏:‏ في حجة الوداع‏.‏

322 - ‏(‏1304‏)‏ وحدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا يعقوب ‏(‏وهو ابن عبدالرحمن القاري‏)‏ ح وحدثنا قتيبة‏.‏ حدثنا حاتم ‏(‏يعني ابن إسماعيل‏)‏‏.‏ كلاهما عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلق رأسه في حجة الوداع‏.‏

*3* ‏(‏56‏)‏ باب بيان أن السنة يوم النحر أن يرمي ثم ينحر ثم يحلق، والابتداء في الحلق بالجانب الأيمن من رأس المحلوق

323 - ‏(‏1305‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا حفص بن غياث عن هشام، عن محمد بن سيرين، عن أنس بن مالك ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منى‏.‏ فأتى الجمرة فرماها‏.‏ ثم أتى منزله بمنى ونحر‏.‏ ثم قال للحلاق ‏"‏خذ‏"‏ وأشار إلى جانبه الأيمن‏.‏ ثم الأيسر‏.‏ ثم جعل يعطيه الناس‏.‏

324 - ‏(‏1305‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير وأبو كريب‏.‏ قالوا‏:‏ أخبرنا حفص بن غياث عن هشام، بهذا الإسناد‏.‏ أما أبو بكر فقال في روايته، للحلاق ‏"‏ها‏"‏ وأشار بيده إلى الجانب الأيمن هكذا‏.‏ فقسم شعره بين من يليه‏.‏ قال‏:‏ ثم أشار إلى الحلاق وإلى الجانب الأيسر‏.‏ فحلقه فأعطاه أم سليم‏.‏ وأما في رواية أبي كريب قال‏:‏ فبدأ بالشق الأيمن‏.‏ فوزعه الشعرة والشعرتين بين الناس‏.‏ ثم قال بالأيسر فصنع به مثل ذلك‏.‏ ثم قال ‏"‏ههنا أبو طلحة‏"‏ ‏؟‏ فدفعه إلى أبي طلحة‏.‏

325 - ‏(‏1305‏)‏ وحدثنا محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا عبدالأعلى‏.‏ حدثنا هشام عن محمد، عن أنس بن مالك ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة‏.‏ ثم انصرف إلى البدن فنحرها‏.‏ والحجّام جالس‏.‏ وقال بيده عن رأسه‏.‏ فحلق شقه الأيمن فقسمه فيمن يليه‏.‏ ثم قال ‏"‏احلق الشق الآخر‏"‏ فقال ‏"‏أين أبو طلحة ‏؟‏‏"‏ فأعطاه إياه‏.‏

326 - ‏(‏1305‏)‏ وحدثنا ابن أبي عمر‏.‏ حدثنا سفيان‏.‏ سمعت هشام بن حسان يخبر عن ابن سيرين، عن أنس بن مالك‏.‏ قال‏:‏

لما رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة‏.‏ ونحر نسكه وحلق‏.‏ ناول الحالق شقه الأيمن فحلقه‏.‏ ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فأعطاه إياه‏.‏ ثم ناوله الشق الأيسر‏.‏ فقال ‏"‏احلق‏"‏ فحلقه‏.‏ فأعطاه أبا طلحة‏.‏ فقال ‏"‏اقسمه بين الناس‏"‏‏.‏

*3* ‏(‏57‏)‏ باب من حلق قبل النحر، أو نحر قبل الرمي

327 - ‏(‏1306‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن ابن شهاب، عن عيسى بن طلحة بن عبيدالله، عن عبدالله بن عمرو بن العاص‏.‏ قال‏:‏

وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم، في حجة الوداع، بمنى، للناس يسألونه‏.‏ فجاء رجل فقال‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ لم أشعر، فحلقت قبل أن أنحر‏.‏ فقال ‏"‏اذبح ولا حرج‏"‏ ثم جاءه رجل آخر فقال‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي‏.‏ فقال ‏"‏ارم ولا حرج‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء قدم ولا أخر، إلا قال ‏"‏افعل ولا حرج‏"‏‏.‏

328 - ‏(‏1306‏)‏ وحدثني حرملة بن يحيى‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب‏.‏ حدثني عيسى بن طلحة التيمي ؛ أنه سمع عبدالله بن عمرو بن العاص يقول‏:‏

وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته‏.‏ فطفق ناس يسألونه‏.‏ فيقول القائل منهم‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ إني لم أكن أشعر أن الرمي قبل النحر، فنحرت قبل الرمي‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏فارم ولا حرج‏"‏ قال‏:‏ وطفق آخر يقول‏:‏ إني لم أشعر أن النحر قبل الحلق، فحلقت قبل أن أنحر‏.‏ فيقول ‏"‏انحر ولا حرج‏"‏ قال‏:‏ فما سمعته يسأل يومئذ عن أمر، مما ينسى المرء ويجهل، من تقديم بعض الأمور قبل بعض، وأشباهها، إلا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏افعلوا ذلك ولا حرج‏"‏‏.‏

‏(‏1306‏)‏ حدثنا حسن الحلواني‏.‏ حدثنا يعقوب‏.‏ حدثنا أبي عن صالح، عن ابن شهاب‏.‏ بمثل حديث يونس عن الزهري إلى آخره‏.‏

329 - ‏(‏1306‏)‏ وحدثنا علي بن خشرم‏.‏ أخبرنا عيسى عن ابن جريج‏.‏ قال‏:‏ سمعت ابن شهاب يقول‏:‏ حدثني عيسى بن طلحة‏.‏ حدثني عبدالله بن عمرو بن العاص ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ بينا هو يخطب يوم النحر، فقام إليه رجل فقال‏:‏

ما كنت أحسب، يا رسول الله ‏!‏ أن كذا وكذا، قبل كذا وكذا‏.‏ ثم جاء لآخر فقال‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ كنت أحسب أن كذا، قبل كذا وكذا‏.‏ لهؤلاء الثلاث‏.‏ قال ‏"‏افعل ولا حرج‏"‏‏.‏

330 - ‏(‏1306‏)‏ وحدثناه عبد بن حميد‏.‏ حدثنا محمد بن بكر‏.‏ ح وحدثني سعيد بن يحيى الأموي‏.‏ حدثني أبي‏.‏ جميعا عن ابن جريج، بهذا الإسناد‏.‏ أما رواية ابن أبي بكر فكرواية عيسى‏.‏ إلا قوله‏:‏ لهؤلاء الثلاث‏.‏ فإنه لم يذكر ذلك‏.‏ وأما يحيى الأموي ففي روايته‏:‏ حلقت قبل أن أنحر‏.‏ نحرت قبل أن أرمي‏.‏ وأشباه ذلك‏.‏

331 - ‏(‏1306‏)‏ وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب‏.‏ قال أبو بكر‏:‏ حدثنا ابن عيينة عن الزهري، عن عيسى بن طلحة عن عبدالله بن عمرو‏.‏ قال‏:‏

أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال‏:‏ حلقت قبل أن أذبح‏.‏ قال ‏"‏فاذبح ولا حرج‏"‏ قال‏:‏ ذبحت قبل أن أرمي‏.‏ قال ‏"‏ارم ولا حرج‏"‏‏.‏

332 - ‏(‏1306‏)‏ وحدثنا ابن أبي عمر وعبد بن حميد عن عبدالرزاق، عن معمر، عن الزهري، بهذا الإسناد‏:‏

رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقة بمنى‏.‏ فجاءه رجل‏.‏ بمعنى حديث ابن عيينة‏.‏

333 - ‏(‏1306‏)‏ وحدثني محمد بن عبدالله بن قهزاذ‏.‏ حدثنا علي بن الحسن عن عبدالله بن المبارك‏.‏ أخبرنا محمد بن أبي حفصة عن الزهري، عن عيسى بن طلحة، عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال‏:‏

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأتاه رجل يوم النحر، وهو واقف عند الجمرة‏.‏ فقال‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ إني حلقت قبل الرمي‏.‏ فقال ‏"‏ارم ولا حرج‏"‏ وأتاه آخر فقال‏:‏ إني ذبحت قبل أن أرمي‏.‏ قال ‏"‏ارم ولا حرج‏"‏ وأتاه آخر فقال‏:‏ إني أفضت إلى البيت قبل أن أرمي‏.‏ قال ‏"‏ارم ولا حرج‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فما رأيته سئل يومئذ عن شيء، إلا قال ‏"‏افعلوا ولا حرج‏"‏‏.‏

334 - ‏(‏1307‏)‏ حدثني محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا بهز‏.‏ حدثنا وهيب‏.‏ حدثنا عبدالله بن طاوس عن أبيه، عن ابن عباس ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له‏:‏ في الذبح، والحلق، والرمي، والتقديم، والتأخير، فقال ‏"‏لاحرج‏"‏‏.‏

*3* ‏(‏58‏)‏ باب استحباب طواف الإفاضة يوم النحر

335 - ‏(‏1308‏)‏ حدثني محمد بن رافع‏.‏ حدثنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا عبيدالله بن عمر عن نافع، عن ابن عمر ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاض يوم النحر‏.‏ ثم رجع فصلى الظهر بمنى‏.‏ قال نافع‏:‏ فكان ابن عمر يفيض يوم النحر‏.‏ ثم يرجع فيصلي الظهر بمنى‏.‏ ويذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله‏.‏

336 - ‏(‏1309‏)‏ حدثني زهير بن حرب‏.‏ حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق‏.‏ أخبرنا سفيان عن عبدالعزيز بن رفيع‏.‏ قال‏:‏

سألت أنس بن مالك‏.‏ قلت‏:‏ أخبرني عن شيء عقلته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ أين صلى الظهر يوم التروية ‏؟‏ قال‏:‏ بمنى‏.‏ قلت‏:‏ فأين صلى العصر يوم النفر ‏؟‏ قال‏:‏ بالأبطح‏.‏ ثم قال‏:‏ افعل ما يفعل امراؤك‏.‏

*3* ‏(‏59‏)‏ باب استحباب النزول بالمحصب يوم النفر، والصلاة به

‏[‏ش ‏(‏المحصب‏)‏ المحصب والحصبة والأبطح والبطحاء وخيف بني كنانة اسم لشيء واحد‏.‏ وأصل الخيف كل ما انحدر من الجبل وارتفع عن المسيل‏]‏‏.‏

337 - ‏(‏1310‏)‏ حدثنا محمد بن مهران الرازي‏.‏ حدثنا عبدالرزاق عن معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا ينزلون الأبطح‏.‏

338 - ‏(‏1310‏)‏ حدثني محمد بن حاتم بن ميمون‏.‏ حدثنا روح بن عبادة‏.‏ حدثنا صخر بن جويرية عن نافع ؛ أن ابن عمر كان يرى التحصيب سنّة‏.‏ وكان يصلي الظهر يوم النفر بالحصبة‏.‏

قال نافع‏:‏ قد حصب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخلفاء بعده‏.‏

339 - ‏(‏1311‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا عبدالله بن نمير‏.‏ حدثنا هشام عن أبيه، عن عائشة‏.‏ قالت نزول الأبطح ليس بسنة‏.‏ إنما نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه كان أسمح لخروجه إذا خرج‏.‏

‏[‏ش ‏(‏أسمح لخروجه إذا خرج‏)‏ أي أسهل لخروجه راجعا إلى المدينة‏]‏‏.‏

‏(‏1311‏)‏ وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا حفص بن غياث‏.‏ ح وحدثنيه أبو الربيع الزهراني‏.‏ حدثنا حماد ‏(‏يعني ابن زيد‏)‏‏.‏ ح وحدثناه أبو كامل‏.‏ حدثنا يزيد بن زريع‏.‏ حدثنا حبيب المعلم‏.‏ كلهم عن هشام، بهذا الإسناد، مثله‏.‏

340 - ‏(‏1311‏)‏ حدثنا عبد بن حميد‏.‏ أخبرنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا معمر عن الزهري، عن سالم ؛ أن أبا بكر وعمر وابن عمر كانوا ينزلون الأبطح‏.‏ قال الزهري‏:‏ وأخبرني عروة عن عائشة ؛ أنها لم تكن تفعل ذلك‏.‏ وقالت‏:‏ إنما نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان منزلا أسمح لخروجه‏.‏

341 - ‏(‏1312‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم وابن أبي عمر وأحمد بن عبدة ‏(‏واللفظ لأبي بكر‏)‏ حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس، قال‏:‏

ليس التحصيب بشيء‏.‏ إنما هو منزل نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

342 - ‏(‏1313‏)‏ حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب‏.‏ جميعا عن ابن عيينة‏.‏ قال زهير‏:‏ حدثنا سفيان بن عيينة عن صالح بن كيسان، عن سليمان بن يسار‏.‏ قال‏:‏ قال أبو رافع‏:‏

لم يأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنزل الأبطح حين خرج من منى‏.‏ ولكني جئت فضربت فيه قبته‏.‏ فجاء فنزل‏.‏ قال أبو بكر، في رواية صالح‏:‏ قال‏:‏ سمعت سليمان بن يسار‏.‏ وفي رواية قتيبة، قال‏:‏ عن أبي رافع‏.‏ وكان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

343 - ‏(‏1314‏)‏ حدثني حرملة بن يحيى‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن بن عوف عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ أنه قال ‏"‏ننزل غدا، إن شاء الله، بخيف بني كنانة‏.‏ حيث تقاسموا على الكفر‏"‏‏.‏

344 - ‏(‏1314‏)‏ حدثني زهير بن حرب‏.‏ حدثنا الوليد بن مسلم‏.‏ حدثني الأوزاعي‏.‏ حدثني الزهري‏.‏ حدثني أبو سلمة‏.‏ حدثنا أبو هريرة قال‏:‏

قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن بمنى ‏"‏نحن نازلون غدا بخيف بني كنانة‏.‏ حيث تقاسموا على الكفر‏"‏‏.‏ وذلك أن قريشا وبني كنانة تحالفت على بني هشام وبني المطلب، أن لا يناكحوهم، ولا يبايعوهم، حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ يعني، بذلك، المحصب‏.‏

345 - ‏(‏1314‏)‏ وحدثني زهير بن حرب‏.‏ حدثنا شبابة‏.‏ حدثني ورقاء عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة،، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏منزلنا، إن شاء الله، إذا فتح الله، الخيف‏.‏ حيث تقاسموا على الكفر‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏حيث تقاسموا على الكفر‏)‏ أي تحالفوا وتعاهدوا عليه‏.‏ وهو تحالفهم على إخراج النبي صلى الله عليه وسلم وبني هشام وبني المطلب من مكة إلى هذا الشعب، وهو خيف بني كنانة‏.‏ وكتبوا بينهم صحيفتهم المشهورة ‏(‏انظر السيرة‏)‏‏]‏‏.‏

*3* ‏(‏60‏)‏ باب وجوب المبيت بمنى ليالي أيام التشريق، والترخيص في تركه لأهل السقاية

346 - ‏(‏1315‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا ابن نمير وأبو أسامة‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا عبيدالله عن نافع، عن ابن عمر‏.‏ ح وحدثنا ابن نمير ‏(‏واللفظ له‏)‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا عبيدالله‏.‏ حدثني نافع عن ابن عمر ؛ أن العباس بن عبدالمطلب استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يبيت بمكة ليالي منى، من أجل سقايته‏.‏ فأذن له‏.‏

‏(‏1315‏)‏ وحدثناه إسحاق بن إبراهيم‏.‏ أخبرنا عيسى بن يونس‏.‏ ح وحدثنيه محمد بن حاتم وعبد بن حميد‏.‏ جميعا عن محمد بن بكر‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ كلاهما عن عبيدالله بن عمر، بهذا الإسناد، مثله‏.‏

347 - ‏(‏1316‏)‏ وحدثني محمد بن المنهال الضرير‏.‏ حدثنا يزيد بن زريع‏.‏ حدثنا حميد الطويل عن بكر بن عبدالله المزني‏.‏ قال‏:‏

كنت جالسا مع ابن عباس عند الكعبة‏.‏ فأتاه أعرابي فقال‏:‏ ما لي أرى بني عمكم يسقون العسل واللبن وأنتم تسقون النبيذ ‏؟‏ أمن حاجة بكم أم من بخل ‏؟‏ فقال ابن عباس‏:‏ الحمد لله ‏!‏ ما بنا من حاجة ولا بخل‏.‏ قدم النبي صلى الله عليه وسلم على راحلته وخلفه أسامة‏.‏ فاستسقى فأتيناه بإناء من نبيذ فشرب‏.‏ وسقى فضله أسامة‏.‏ وقال‏:‏ ‏"‏أحسنتم وأجملتم‏.‏ كذا فاصنعوا‏"‏ فلا نريد تغيير ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

*3* ‏(‏61‏)‏ باب في الصدقة بلحوم الهدي وجلودهم وجلالها

348 - ‏(‏1317‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا أبو خيثمة عن عبدالكريم، عن مجاهد، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن علي‏.‏ قال‏:‏

أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه‏.‏ وأن أتصدق بلحمها وجلودها وأجلتها‏.‏ وأن لا أعطي الجزار منها‏.‏ قال ‏"‏نحن نعطيه من عندنا‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏على بدنه‏)‏ قال أهل اللغة‏:‏ سميت البدنة لعظمها‏.‏ وتطلق على الذكر والأنثى‏.‏ وتطلق على الإبل والبقر والغنم‏.‏ هذا قول أكثر أهل اللغة‏.‏ ولكن معظم استعمالها في الأحاديث وكتب الفقه، في الإبل خاصة‏.‏ ‏(‏أجلتها‏)‏ في القاموس‏:‏ الجل بالضم وبالفتح ما تلبسه الدابة لتصان به‏.‏ جمعه جلال وأجلال‏.‏ فلعل الأجلة جمع الجلال، الذي هو جمع الجل‏]‏‏.‏

‏(‏1317‏)‏ وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وزهير بن حرب‏.‏ قالوا‏:‏ حدثنا ابن عيينة عن عبدالكريم الجزري، بهذا الإسناد مثله‏.‏

م ‏(‏1317‏)‏ وحدثنا إسحاق بن إبراهيم‏.‏ أخبرنا سفيان‏.‏ وقال إسحاق بن إبراهيم‏:‏ أخبرنا معاذ بن هشام‏.‏ قال‏:‏ أخبرني أبي‏.‏ كلاهما عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس في حديثهم أجر الجازر‏.‏

349 - ‏(‏1317‏)‏ وحدثني محمد بن حاتم بن ميمون، ومحمد بن مرزوق، وعبد بن حميد ‏(‏قال عبد‏:‏ أخبرنا‏.‏ وقال الآخران‏:‏ حدثنا محمد بن بكر‏)‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ أخبرني الحسن بن مسلم ؛ أن مجاهدا أخبره ؛ أن عبدالرحمن بن أبي ليلى أخبره ؛ أن علي بن أبي طالب أخبره ؛ أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يقوم على بدنة‏.‏ وأمره أن يقسم بدنه كلها‏.‏ لحومها وجلودها وجلالها‏.‏ في المساكين‏.‏ ولا يعطي في جزارتها منها شيئا‏.‏

‏[‏ش ‏(‏جزارتها‏)‏ يقال‏:‏ جزرت الجزور، وهي الناقة وغيرها، إذا نحرتها‏.‏ والفاعل جازر وجزار وجزير كسكيت‏.‏ والحرفة والجزارة‏.‏ أما الجزارة، بالضم، فما يأخذه الجزار من الذبيحة عن أجرته كالعمالة للعامل‏.‏ وأصل الجزارة أطراف البعير‏:‏ اليدان والرجلان والرأس‏.‏ سميت بذلك لأن الجزار كان يأخذها عن أجرته‏]‏‏.‏

‏(‏1317‏)‏ وحدثني محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا محمد بن بكر‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ أخبرني عبدالكريم بن مالك الجزري ؛ أن مجاهدا أخبره ؛ أن عبدالرحمن بن أبي ليلى أخبره ؛ أن علي بن أبي طالب أخبره ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره‏.‏ بمثله‏.‏

*3* ‏(‏62‏)‏ باب الاشتراك في الهدي، وإجزاء البقرة والبدنة كل منهما عن سبعة

350 - ‏(‏1318‏)‏ حدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا مالك‏.‏ ح وحدثنا يحيى بن يحيى ‏(‏واللفظ له‏)‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن أبي الزبير، عن جابر بن عبدالله‏.‏ قال‏:‏

نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية‏.‏ البدنة عن سبعة‏.‏ والبقرة عن سبعة‏.‏

351 - ‏(‏1318‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا أبو خيثمة عن أبي الزبير، عن جابر‏.‏ ح وحدثنا أحمد بن يونس‏.‏ حدثنا زهير‏.‏ حدثنا أبو الزبير عن جابر‏.‏ قال‏:‏

خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج‏.‏ فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر‏.‏ كل سبعة منا في بدنة‏.‏

352 - ‏(‏1318‏)‏ وحدثني محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا وكيع‏.‏ حدثنا عزرة بن ثابت عن أبي الزبير،، عن جابر بن عبدالله‏.‏ قال‏:‏

حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فنحرنا البعير عن سبعة‏.‏ والبقرة عن سبعة‏.‏

353 - ‏(‏1318‏)‏ وحدثني محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج‏.‏ أخبرني أبو الزبير ؛ أنه سمع جابر بن عبدالله قال‏:‏

اشتركنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحج والعمرة‏.‏ كل سبعة في بدنة‏.‏ فقال رجل لجابر‏:‏ أيشترك في البدنة ما يشترك في الجزور ‏؟‏ قال‏:‏ ما هي إلا من البدن‏.‏ وحضر جابر الحديبية‏.‏ قال‏:‏ نحرنا يومئذ سبعين بدنة‏.‏ اشتركنا كل سبعة في بدنة‏.‏

‏[‏ش ‏(‏الجزور‏)‏ قال العلماء‏:‏ الجزور هو البعير‏.‏ قال القاضي‏:‏ وفرق هنا بين البقرة والجزور‏:‏ لأن البدنة والهدى ما ابتدئ إهداؤه عند الإحرام‏.‏ والجزور ما اشتري بعد ذلك لينحر مكانها‏.‏ فتوهم السائل أن هذا أحق في الاشتراك‏.‏ فقال في جوابه‏:‏ إن الجزور، لما اشتريت للنسك، صار حكمها كالبدن‏.‏ وقوله‏:‏ ما يشترك في الجزور، هكذا في النسخ‏:‏ ما يشترك‏.‏ وهو صحيح‏.‏ ويكون ما بمعني من‏.‏ وقد جاء ذلك في القرآن وغيره‏.‏ ويجوز أن تكون ما مصدرية، أي اشتراكا كالاشتراك في الجزور‏]‏‏.‏

354 - ‏(‏1318‏)‏ وحدثني محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا محمد بن بكر‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ أخبرنا أبو الزبير ؛ أنه سمع جابر بن عبدالله يحدث عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ قال‏:‏

فأمرنا إذا أحللنا أن نهدي‏.‏ ويجتمع النفر منا في الهدية‏.‏ وذلك حين أمرهم أن يحلوا من حجهم‏.‏ في هذا الحديث‏.‏

355 - ‏(‏1318‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا هشيم عن عبدالملك، عن عطاء، عن جابر بن عبدالله‏.‏ قال‏:‏

كنا نتمتع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة‏.‏ فنذبح البقرة عن سبعة‏.‏ نشترك فيها‏.‏

356 - ‏(‏1319‏)‏ حدثنا عثمان بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا يحيى بن زكرياء بن أبي زائدة عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر‏.‏ قال‏:‏

ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عائشة بقرة يوم النحر‏.‏

357 - ‏(‏1319‏)‏ وحدثني محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا محمد بن بكر‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ ح وحدثني سعيد بن يحيى الأموي‏.‏ حدثني أبي‏.‏ حدثنا ابن جريج‏.‏ أخبرني أبو الزبير ؛ أنه سمع جابر بن عبدالله يقول‏:‏

نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه‏.‏ وفي حديث ابن بكر‏:‏ عن عائشة، بقرة في حجته‏.‏
‏(‏63‏)‏ باب نحر البدن قياما مقيدة

358 - ‏(‏1320‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا خالد بن عبدالله عن يونس، عن زياد بن جبير ؛ أن ابن عمر أتي على رجل وهو ينحر بدنته باركة‏.‏ فقال‏:‏

ابعثها قياما مقيدة، سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم‏.‏

‏[‏ش ‏(‏ابعثها قياما مقيدة‏)‏ أي أثرها حتى تقوم ثم انحرها‏.‏ ‏(‏مقيدة‏)‏ أي قائمة معقولة، يعني مشدودة بالعقال‏.‏ وتكون معقولة اليد اليسرى‏.‏ ويشعر بالقيام قوله تعالى‏:‏ والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف‏.‏ أي قائمات على ثلاث، معقولة اليد اليسرى‏]‏‏.‏

*3* ‏(‏64‏)‏ باب استحباب بعث الهدي إلى الحرم لمن لا يريد الذهاب بنفسه، واستحباب تقليده وفتل القلائد، وأن باعثه لا يصير محرما، ولا يحرم عليه شيء بذلك

359 - ‏(‏1321‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى ومحمد بن رمح‏.‏ قالا‏:‏ أخبرنا الليث‏.‏ ح وحدثنا قتيبة‏.‏ حدثنا ليث عن ابن شهاب، عن عروة ابن الزبير وعمرة بنت عبدالرحمن ؛ أن عائشة قالت‏:‏

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهدي من المدينة‏.‏ فأفتل قلائد هديه‏.‏ ثم لا يجتنب شيئا مما يجتنب المحرم‏.‏

‏[‏ش ‏(‏يهدي من المدينة‏)‏ أي يبعث بهدية منها إلى الكعبة‏.‏ ‏(‏فأفتل قلائد هديه‏)‏ من فتلت الحبل وغيره، إذا لويته‏.‏ والقلائد جمع قلادة‏.‏ والمراد بها ما يعلق بالهدي من الخيوط المفتولة وغيرها علامة له‏.‏ والهدي ما يهدي إلى الحرم من النعم‏]‏‏.‏

‏(‏1321‏)‏ وحدثنيه حرملة بن يحيى‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب، بهذا الإسناد، مثله‏.‏

360 - ‏(‏1321‏)‏ وحدثناه سعيد بن منصور وزهير بن حرب‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا سفيان عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم ‏.‏ح وحدثنا سعيد بن منصور وخلف بن هشام وقتيبة بن سعيد‏.‏ قالوا‏:‏ أخبرنا حماد بن زيد عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة‏.‏ قالت‏:‏ كأني أنظر إلي أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنحوه‏.‏

361 - ‏(‏1321‏)‏ وحدثنا سعيد بن منصور‏.‏ حدثنا سفيان عن عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه‏.‏ قال‏:‏ سمعت عائشة تقول‏:‏

كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هاتين‏.‏ ثم لا يعتزل شيئا ولا يتركه‏.‏

‏[‏ش ‏(‏ثم لا يعتزل شيئا‏)‏ أي مما يعتزله الحاج من لبس المخيط واستعمال الطيب وملامسة النساء‏]‏‏.‏

362 - ‏(‏1321‏)‏ وحدثنا عبدالله بن مسلمة بن قعنب‏.‏ حدثنا أفلح عن القاسم، عن عائشة‏.‏ قالت‏:‏ فتلت قلائد بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي‏.‏ ثم أشعرها وقلدها‏.‏ ثم بعث بها إلى البيت‏.‏ وأقام بالمدينة‏.‏ فما حرم عليه شيء كان له حلا‏.‏

363 - ‏(‏1321‏)‏ وحدثنا علي بن حجر السعدي ويعقوب بن إبراهيم الدورقي‏.‏ قال ابن حجر‏:‏ حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب، عن القاسم وأبي قلابة، عن عائشة‏.‏ قالت‏:‏

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث بالهدي‏.‏ أفتل قلائدها بيدي‏.‏ ثم لا يمسك عن شيء، لا يمسك عنه الحلال‏.‏

‏[‏ش ‏(‏لا يمسك عنه الحلال‏)‏ الجملة صفة لشيء‏.‏ أي لا يجتنب شيئا مما لا يجتنبه من لم يكن محرما‏]‏‏.‏

364 - ‏(‏1321‏)‏ وحدثنا محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا حسين بن الحسن‏.‏ حدثنا ابن عون عن القاسم، عن أم المؤمنين‏.‏ قالت‏:‏

أنا فتلت تلك القلائد من عهن كان عندنا‏.‏ فأصبح فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حلالا‏.‏ يأتي ما يأتي الحلال من أهله‏.‏ أو يأتي ما يأتي الرجل من أهله‏.‏

‏[‏ش ‏(‏من عهن‏)‏ هو الصوف‏.‏ وقيل‏:‏ الصوف المصبوغ ألوانا ‏]‏‏.‏

365 - ‏(‏1321‏)‏ وحدثنا زهير بن حرب‏.‏ حدثنا جرير عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة‏.‏ قالت‏:‏

لقد رأيتني أفتل القلائد لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغنم‏.‏ فيبعث به‏.‏ ثم يقيم فينا حلالا‏.‏

366 - ‏(‏1321‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب ‏(‏قال يحيى‏:‏ أخبرنا‏.‏ وقال الآخران‏:‏ حدثنا أبو معاوية‏)‏ عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة‏.‏ قالت‏:‏ ربما فتلت القلائد لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فيقلد هديه ثم يبعث به‏.‏ ثم يقيم‏.‏ لا يجتنب شيئا مما يجتنب المحرم‏.‏

367 - ‏(‏1321‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب‏.‏ قال يحيى‏:‏ أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة‏.‏ قالت‏:‏

أهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، مرة إلى البيت غنما، فقلدها‏.‏

368 - ‏(‏1321‏)‏ وحدثنا إسحاق بن منصور‏.‏ حدثنا عبدالصمد‏.‏ حدثني أبي‏.‏ حدثني محمد بن جحادة عن الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة‏.‏ قالت‏:‏

كنا نقلد الشاء فنرسل بها‏.‏ ورسول الله صلى الله عليه وسلم حلال، لم يحرم عليه منه شيء‏.‏

369 - ‏(‏1321‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن عبدالله بن أبي بكر، عن عمرة بنت عبدالرحمن ؛ أنها أخبرته ؛ أن ابن زياد كتب إلى عائشة ؛ أن عبدالله بن عباس قال‏:‏

من أهدي هديا حرم عليه ما يحرم على الحاج‏.‏ حتى ينحر الهدي‏.‏ وقد بعثت بهديي‏.‏ فاكتبي إلى بأمرك‏.‏ قالت عمرة‏:‏ قالت عائشة‏:‏ ليس كما قال ابن عباس‏.‏ أنا فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي‏.‏ ثم قلدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده‏.‏ ثم بعث بها مع أبي‏.‏ فلم يحرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء أحله الله له‏.‏ حتى نحر الهدي‏.‏

‏[‏ش ‏(‏إن ابن زياد‏)‏ هكذا وقع في جميع نسخ صحيح مسلم‏.‏ أن ابن زياد‏.‏ قال أبو علي الغساني والمازري والقاضي عياض وجميع المتكلمين على صحيح مسلم‏:‏ هذا غلط‏.‏ وصوابه‏.‏ أن زياد بن أبي سفيان‏.‏ وهو المعروف بزياد بن أبيه‏.‏ وهكذا وقع على الصواب في صحيح البخاري والموطأ وسنن أبي داود وغيرها من الكتب المعتمدة‏.‏ ولأن ابن زياد لم يدرك عائشة‏]‏‏.‏

370 - ‏(‏1321‏)‏ وحدثنا سعيد بن منصور‏.‏ حدثنا هشيم‏.‏ أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي، عن مسروق، قال‏:‏ سمعت عائشة، وهي من وراء الحجاب تصفق وتقول‏:‏ كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي‏.‏ ثم يبعث بها‏.‏ وما يمسك عن شيء مما يمسك عنه المحرم‏.‏ حتى ينحر هديه‏.‏

‏(‏1321‏)‏ وحدثنا محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا عبدالوهاب‏.‏ حدثنا داود‏.‏ ح وحدثنا ابن نمير‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا زكرياء‏.‏ كلاهما عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة، بمثله عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

*3* ‏(‏65‏)‏ باب جواز ركوب البدنة المهداة لمن احتاج إليها

371 - ‏(‏1322‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدنة‏.‏ فقال ‏"‏اركبها‏"‏ قال‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ إنها بدنة‏.‏ فقال ‏"‏اركبها‏.‏ ويلك‏!‏‏"‏ في الثانية أو في الثالثة‏.‏

‏[‏ش ‏(‏إنها بدنة‏)‏ أي هدي‏.‏ ظانا أنه لا يجوز ركوب الهدي مطلقا‏.‏ ‏(‏اركبها ويلك‏)‏ هذه الكلمة أصلها لمن وقع في هلكة‏.‏ فقيل‏:‏ لأنه كان محتاجا قد وقع في تعب وجهد‏.‏ وقيل‏:‏ هي كلمة تجري على اللسان وتستعمل من غير قصد إلى ما وضعت له أولا‏.‏ بل تدعم بها العرب كلامها‏.‏ كقولهم‏:‏ لا أم له، لا أب له، تربت يداه، قاتله الله‏.‏‏.‏الخ‏]‏‏.‏

وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا المغيرة بن عبدالرحمن الحزامي عن أبي الزناد، عن الأعرج، بهذا الإسناد‏.‏ وقال‏:‏

بينما رجل يسوق بدنة مقلدة‏.‏

372 - ‏(‏1322‏)‏ حدثنا محمد بن رافع‏.‏ حدثنا عبدالرزاق‏.‏ حدثنل معمر عن همام بن منبه‏.‏ قال‏:‏ هذا ما حدثنا أبو هريرة عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فذكر أحاديث منها‏:‏ وقال‏:‏

بينما رجل يسوق بدنة مقلدة، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ ‏"‏ويلك ‏!‏ اركبها‏"‏ فقال‏:‏ بدنة‏.‏ يا رسول الله ‏!‏ قال‏"‏ ويلك ‏!‏ اركبها‏.‏ ويلك ‏!‏ اركبها‏"‏‏.‏

373 - ‏(‏1323‏)‏ وحدثني عمرو الناقد وسريج بن يونس‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا هشيم‏.‏ أخبرنا حميد عن ثابت، عن أنس‏.‏ قال‏:‏

وأظنني قد سمعته من أنس‏.‏ ح وحدثنا يحيى بن يحيى ‏(‏واللفظ له‏)‏ أخبرنا هشيم عن حميد، عن ثابت البناني، عن أنس‏.‏ قال‏:‏ مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يسوق بدنة‏.‏ فقال ‏"‏ اركبها ‏"‏ فقال‏:‏ إنها بدنة‏.‏ قال ‏"‏اركبها‏"‏ مرتين أو ثلاثا‏.‏

‏[‏ش ‏(‏وأظنني قد سمعته من أنس‏)‏ القائل‏:‏ وأظنني قد سمعته من أنس، هو حميد‏]‏‏.‏

374 - ‏(‏1323‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا وكيع عن مسعر، عن بكير بن الأخنس، عن أنس‏.‏ قال‏:‏ سمعته يقول‏:‏

مر على النبي صلى الله عليه وسلم ببدنة أو هدية‏.‏ فقال ‏"‏اركبها‏"‏ قال‏:‏ إنها بدنة أو هدية‏.‏ فقال ‏"‏وإن‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏فقال ‏"‏وإن‏"‏‏)‏ هكذا هو في جميع النسخ‏:‏ وإن، فقط‏.‏ أي وإن كانت بدنة‏]‏‏.‏

‏(‏1323‏)‏ وحدثناه أبو كريب‏.‏ حدثنا ابن بشر عن مسعر‏.‏ حدثني بكير بن الأخنس‏.‏ قال‏:‏ سمعت أنسا يقول‏:‏ مر على النبي صلى الله عليه وسلم ببدنة‏.‏ فذكر مثله‏.‏

375 - ‏(‏1324‏)‏ وحدثني محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج‏.‏ أخبرني أبو الزبير‏.‏ قال‏:‏ سمعت جابر بن عبدالله‏.‏ سئل عن ركوب الهدي ‏؟‏ فقال‏:‏

سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ‏"‏ اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها‏.‏ حتى تجد ظهرا ‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏حتى تجد ظهرا‏)‏ أي مركبا‏]‏‏.‏

376 - ‏(‏1324‏)‏ وحدثني سلمة بن شبيب‏.‏ حدثنا الحسن بن أعين‏.‏ حدثنا معقل عن أبي الزبير‏.‏ قال‏:‏ سألت جابرا عن ركوب الهدي ‏؟‏ فقال‏:‏

سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ‏"‏اركبها بالمعروف، حتى تجد ظهرا ‏"‏‏.‏

*3* ‏(‏66‏)‏ باب ما يفعل بالهدي إذا عطب في الطريق

377 - ‏(‏1325‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا عبدالوارث بن سعيد عن أبي التياح الضبعي‏.‏ حدثني موسى بن سلمة الهذلي‏.‏ قال‏:‏

انطلقت أنا وسنان بن سلمة معتمرين‏.‏ قال‏:‏ وانطلق سنان معه ببدنة يسوقها‏.‏ فأزحفت عليه بالطريق‏.‏ فعي بشأنها‏.‏ إن هي أبدعت كيف يأتي بها‏.‏ فقال‏:‏ لئن قدمت البلد لأستحفين عن ذلك‏.‏ قال‏:‏ فأضحيت‏.‏ فلما نزلنا البطحاء قال‏:‏ انطلق إلى ابن عباس نتحدث إليه‏.‏ قال‏:‏ فذكر له شأن بدنته‏.‏ فقال‏:‏ على الخبير سقطت‏.‏ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بست عشرة بدنة مع رجل وأمره فيها‏.‏ قال‏:‏ فمضى ثم رجع‏.‏ فقال‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ كيف أصنع بما أبدع على منها ‏؟‏ قال ‏"‏ انحرها‏.‏ ثم أصبغ نعليها في دمها‏.‏ ثم اجعله على صفحتها‏.‏ ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك ‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏فأزحفت عليه‏)‏ هذا رواية المحدثين، لا خلاف لهم فيه‏.‏ قال الخطابي‏:‏ كذا يقوله المحدثون‏.‏ قال‏:‏ وصوابه والأجود‏:‏ فأزحفت بضم الهمزة‏.‏ يقال‏:‏ زحف البعير إذا قام، وأزحفه‏.‏ قال الهروي وغيره‏:‏ يقال أزحف البعير وأزحفه السير، بالألف‏.‏ وكذا قال الجوهري وغيره‏.‏ يقال زحف البعير وأزحف، لغتان‏.‏ وأزحفه السير، وأزحف الرجل وقف بعيره‏.‏ فحصل أن إنكار الخطابي ليس بمقبول‏.‏ بل الجميع جائز‏.‏ ومعنى أزحف، وقف من الكلال والإعياء‏.‏ ‏(‏فعيى بشأنها‏)‏ ذكر صاحب المشارق والمطالع أنه روى على ثلاثة أوجه‏:‏ أحدهما، وهي رواية الجمهور‏:‏ فعيي، بيائين من الإعياء‏.‏ وهو العجز‏.‏ ومعناه عجز عن معرفة حكمها لو عطبت عليه في الطريق، كيف يعمل بها‏.‏ ووجه الثاني‏:‏ فعي، بياء واحدة مشددة‏.‏ وهي لغة بمعنى الأولى‏.‏ والوجه الثالث‏:‏ فعني، من العناية بالشيء والإهتمام به‏.‏ ‏(‏أبدعت‏)‏ معناه كلت وأعيت ووقفت‏.‏ قال أبو عبيد‏:‏ قال بعض الأعراب‏:‏ لا يكون الإبداع إلا بظلع‏.‏ ‏(‏لأستحفين عن ذلك‏)‏ معناه‏:‏ لأسألن سؤالا بليغا عن ذلك‏.‏ يقال‏:‏ أحفي في المسئلة إذا ألح فيها وأكثر منها‏.‏ ‏(‏فأضحيت‏)‏ معناه صرت في وقت الضحى‏.‏ ‏(‏وأمره فيها‏)‏ أي جعله أميرا فيها ووكيلا، لينحرها بمكة‏.‏ ‏(‏نعليها‏)‏ ما علق بعنقها، علامة لكونها هديا‏.‏ ‏(‏رفقتك‏)‏ المراد بالرفقة جميع القافلة‏]‏‏.‏

‏(‏1325‏)‏ وحدثناه يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن حجر ‏(‏قال يحيى‏:‏ أخبرنا‏.‏ وقال الآخران‏:‏ حدثنا إسماعيل بن علية‏)‏ عن أبي التياح، عن موسى بن سلمة، عن ابن عباس ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بثمان عشرة بدنة مع رجل‏.‏ ثم ذكر بمثل حديث عبدالوارث‏.‏ ولم يذكر أول الحديث‏.‏

378 - ‏(‏1326‏)‏ حدثني أبو غسان المسمعي‏.‏ حدثنا عبدالأعلى‏.‏ حدثنا سعيد عن قتادة، عن سنان بن سلمة، عن ابن عباس ؛ أن ذؤيبا أبا قبيصة حدثه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث معه بالبدن ثم يقول‏:‏

‏"‏إن عطب منها شيء، فخشيت عليه موتا، فانحرها‏.‏ ثم اغمس نعلها في دمها‏.‏ ثم اضرب به صفحتها‏.‏ ولا تطعهما أنت ولا أحد من أهل رفقتك‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏إن عطب منها شيء‏)‏ أي إن قارب الهلاك‏.‏ بدليل قوله‏:‏ فخشيت عليه موتا‏.‏ ‏(‏ثم اغمس نعلها في دمها‏)‏ أي النعل التي كانت معلقة بعنقها‏]‏‏.‏

*3* ‏(‏67‏)‏ باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض

379 - ‏(‏1327‏)‏ حدثنا سعيد بن منصور وزهير بن حرب‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا سفيان عن سليمان الأحول، عن طاوس، عن ابن عباس‏.‏ قال‏:‏

كان الناس ينصرفون في كل وجه‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت‏"‏‏.‏ قال زهير‏:‏ ينصرفون كل وجه‏.‏ ولم يقل‏:‏ في‏.‏

380 - ‏(‏1328‏)‏ حدثنا سعيد بن منصور وأبو بكر بن أبي شيبة ‏(‏واللفظ لسعيد‏)‏ قالا‏:‏ حدثنا سفيان عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس‏.‏ قال‏:‏

أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت‏.‏ إلا أنه خفف عن المرأة الحائض‏.‏

381 - ‏(‏1328‏)‏ حدثني محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج‏.‏ أخبرني الحسن بن مسلم عن طاوس‏.‏ قال‏:‏ كنت مع ابن عباس‏.‏ إذ قال زيد بن ثابت‏:‏

تفتي أن تصدر الحائض قبل أن يكون آخر عهدها بالبيت ‏؟‏ فقال له ابن عباس‏:‏ إما لا‏.‏ فسل فلانة الأنصارية‏.‏ هل أمرها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏؟‏ ققال‏:‏ فرجع زيد بن ثابت إلى ابن عباس يضحك‏.‏ وهو يقول‏:‏ ما أراك إلا قد صدقت‏.‏

‏[‏ش ‏(‏إما لا‏)‏ هو بكسر الهمزة وفتح اللام وبالإمالة الخفيفة‏.‏ قال ابن الأثير‏:‏ أصل هذه الكلمة‏:‏ إن وما‏.‏ فأدغمت الن في الميم وما زائدة في اللفظ، لا حكم لها‏.‏ وقد أمالت العرب لا إمالة خفيفة‏.‏ ومعناه‏:‏ إن لم تفعل هذا، فليكن هذا ‏]‏‏.‏

382 - ‏(‏1211‏)‏ حدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا ليث ‏.‏ح وحدثنا محمد بن رمح‏.‏ حدثنا الليث عن ابن شهاب، عن أبي سلمة وعروة؛ أن عائشة قالت‏:‏ حاضت صفية بنت حيي بعد ما أفاضت‏.‏ قالت عائشة‏:‏

فذكرت حيضتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏أحابستنا هي ‏؟‏‏"‏ قالت فقلت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ إنها قد كانت أفاضت وطافت بالبيت‏.‏ ثم حاضت بعد الإفاضة‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏فلتنفر‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏حيضتها‏)‏ أي الحالة التي عليها الحائض‏]‏‏.‏

383 - ‏(‏1211‏)‏ حدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى وأحمد بن عيسى ‏(‏قال أحمد‏:‏ حدثنا‏.‏ وقال الآخران‏:‏ أخبرنا ابن وهب‏)‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب، بهذا الإسناد‏.‏ قالت‏:‏

طمثت صفية بنت حيي، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، في حجة الوداع‏.‏ بعدما أفاضت طاهرا‏.‏ بمثل حديث الليث‏.‏

‏[‏ش ‏(‏طمثت‏)‏ أي حاضت‏.‏ ‏(‏طاهرا‏)‏ تعني من الحيض‏.‏ يقال‏:‏ امرأة طاهرة من الأدناس، وطاهر من الحيض، بغير هاء‏]‏‏.‏

‏(‏1211‏)‏ وحدثنا قتيبة ‏(‏يعني ابن سعيد‏)‏ حدثنا ليث‏.‏ ح وحدثنا زهير بن حرب‏.‏ حدثنا سفيان‏.‏ ح وحدثني محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا عبدالوهاب‏.‏ حدثنا أيوب‏.‏ كلهم عن عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة ؛ أنها ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أن صفية قد حاضت‏.‏ بمعنى حديث الزهري‏.‏

384 - ‏(‏1211‏)‏ وحدثنا عبدالله بن مسلمة بن قعنب‏.‏ حدثنا أفلح عن القاسم بن محمد، عن عائشة‏.‏ قالت‏:‏

كنا نتخوف أن تحيض صفية قبل أن تفيض‏.‏ قال‏:‏ فجاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ‏"‏أحابستنا صفية ‏؟‏‏"‏ قلنا‏:‏ قد أفاضت‏.‏ قال ‏"‏فلا‏.‏ إذن‏"‏‏.‏

385 - ‏(‏1211‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن عبدالله بن أبي بكر، عن أبيه، عن عمرة بنت عبدالرحمن، عن عائشة ؛ أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

يا رسول الله ‏!‏ إن صفية بنت حيي قد حاضت‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لعلها تحبسنا‏.‏ ألم تكن قد طافت معكن بالبيت ‏؟‏‏"‏ قالوا‏:‏ بلى‏.‏ قال ‏"‏فاخرجن‏"‏‏.‏

386 - ‏(‏1211‏)‏ حدثني الحكم بن موسى‏.‏ حدثني يحيى بن حمزة عن الأوزاعي ‏(‏لعله قال‏)‏ عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة، عن عائشة ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد من صفية بعض ما يريد الرجل من أهله‏.‏ فقالوا‏:‏

إنها حائض‏.‏ يا رسول الله ‏!‏ قال ‏"‏وإنها لحابستنا ‏؟‏‏"‏ فقالوا‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ إنها قد زارت يوم النحر‏.‏ قال فلتنفر معكم‏"‏‏.‏

387 - ‏(‏1211‏)‏ حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة‏.‏ ح وحدثنا عبيدالله بن معاذ ‏(‏واللفظ له‏)‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا شعبة عن الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة‏.‏ قالت‏:‏

لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينفر، إذا صفية على باب خبائها كئيبة حزينة‏.‏ فقال ‏"‏عقرى ‏!‏ حلقي ‏!‏ إنك لحابستنا‏"‏ ثم قال لها ‏"‏أكنت أفضت يوم النحر ‏؟‏‏"‏ قالت‏:‏ نعم‏.‏ قال ‏"‏فانفري‏"‏‏.‏

‏(‏1211‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب عن أبي معاوية، عن الأعمش‏.‏ ح وحدثنا زهير بن حرب‏.‏ حدثنا جرير عن منصور‏.‏ جميعا عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ نحو حديث الحكم‏.‏ غير أنهما لا يذكران كئيبة حزينة‏.‏

*3* ‏(‏68‏)‏ باب استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره، والصلاة فيها، والدعاء في نواحيها كلها

388 - ‏(‏1329‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى التميمي‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن نافع، عن ابن عمر ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة، هو وأسامة وبلال وعثمان بن طلحة الحجبي‏.‏ فأغلقها عليه‏.‏ ثم مكث فيها‏.‏ قال ابن عمر‏:‏ فسألت بلالا، حين خرج‏:‏

ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏؟‏ قال‏:‏ جعل عمودين عن يساره‏.‏ وعمودا عن يمينه‏.‏ وثلاثة أعمدة وراءه‏.‏ وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة‏.‏ ثم صلى‏.‏

‏[‏ش ‏(‏الحجبي‏)‏ منسوب إلى حجابة الكعبة وهي ولاي تها وفتحها وإغلاقها وخدمتها‏]‏‏.‏

389 - ‏(‏1329‏)‏ حدثنا أبو الربيع الزهراني وقتيبة بن سعيد وأبو كامل والجحدري‏.‏ كلهم عن حماد بن زيد‏.‏ قال أبو كامل‏:‏ حدثنا حماد‏.‏ حدثنا أيوب عن نافع، عن ابن عمر‏.‏ قال‏:‏

قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح‏.‏ فنزل بفناء الكعبة‏.‏ وأرسل إلى عثمان بن طلحة‏.‏ فجاء بالمفتح‏.‏ ففتح الباب‏.‏ قال‏:‏ ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم وبلال وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة‏.‏ وأمر بالباب فأغلق‏.‏ فلبثوا فيه مليا‏.‏ ثم فتح الباب‏.‏ فقال عبدالله‏:‏ فبادرت الناس‏.‏ فتلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجا‏.‏ وبلال على إثره‏.‏ فقلت لبلال‏:‏ هل صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قلت‏:‏ أين ‏؟‏ قال‏:‏ بين العمودين‏.‏ تلقاء وجهه‏.‏ قال‏:‏ ونسيت أن أسأله‏:‏ كم صلى‏.‏

‏[‏ش ‏(‏بفناء الكعبة‏)‏ جانبها وحريمها‏.‏ ‏(‏بالمفتح‏)‏ هو المفتاح‏]‏‏.‏

390 - ‏(‏1329‏)‏ وحدثنا ابن أبي عمر‏.‏ حدثنا سفيان عن أيوب السختياني، عن نافع، عن ابن عمر‏.‏ قال‏:‏

أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، عام الفتح، على ناقة لأسامة بن زيد‏.‏ حتى أناخ بفناء الكعبة‏.‏ ثم دعا عثمان ابن طلحة فقال‏"‏ ائتني بالمفتاح‏"‏ فذهب إلى أمه‏.‏ فأبت أن تعطيه‏.‏ فقال‏:‏ والله ‏!‏ لتعطينيه أو ليخرجن هذا السيف من صلبي‏.‏ قال‏:‏ فأعطته إياه‏.‏ فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فدفعه إليه‏.‏ ففتح الباب‏.‏ ثم ذكر بمثل حديث حماد بن زيد‏.‏

391 - ‏(‏1329‏)‏ وحدثني زهير بن حرب‏.‏ حدثنا يحيى ‏(‏وهو القطان‏)‏ ‏.‏ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا أبو أسامة ‏.‏ح وحدثنا ابن نمير ‏(‏واللفظ له‏)‏ حدثنا عبدة عن عبيدالله، عن نافع، عن ابن عمر‏.‏ قال‏:‏

دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت، ومعه أسامة وبلال وعثمان بن طلحة‏.‏ فأجافوا عليهم الباب طويلا‏.‏ ثم فتح‏.‏ فكنت أول من دخل‏.‏ فلقيت بلالا‏.‏ فقلت‏:‏ أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏؟‏ فقال‏:‏ بين العمودين المقدمين‏.‏ فنسيت أن أسأله‏:‏ كم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏؟‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏فأجافوا‏)‏ في النهاية‏:‏ أجاف الباب رده عليه‏]‏‏.‏

392 - ‏(‏1329‏)‏ وحدثني حميد بن مسعدة‏.‏ حدثنا خالد ‏(‏يعني ابن الحارث‏)‏ حدثنا عبدالله بن عون عن نافع، عن عبدالله بن عمر؛ أنه انتهى إلى الكعبة‏.‏ وقد دخلها النبي صلى الله عليه وسلم وبلال وأسامة‏.‏ وأجاف عليهم عثمان بن طلحة الباب‏.‏ قال‏:‏

فمكثوا فيه مليا‏.‏ ثم فتح الباب‏.‏ فخرج النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ ورقيت الدرجة‏.‏ فدخلت البيت‏.‏ فقلت‏:‏ أين صلى النبي صلى الله عليه وسلم ‏؟‏ قالوا‏:‏ ههنا‏.‏ قال‏:‏ ونسيت أن أسألهم‏:‏ كم صلى ‏؟‏‏.‏

393 - ‏(‏1329‏)‏ وحدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا ليث‏.‏ ح وحدثنا ابن رمح‏.‏ أخبرنا الليث عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه ؛ أنه قال‏:‏

دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت، هو وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة‏.‏ فأغلقوا عليهم‏.‏ فلما فتحوا كنت في أول من ولج‏.‏ فلقيت بلالا فسألته‏:‏ هل صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ صلى بين العمودين اليمانيين‏.‏

394 - ‏(‏1329‏)‏ وحدثني حرملة بن يحيى‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب‏.‏ أخبرني سالم بن عبدالله عن أبيه‏.‏ قال‏:‏ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة، هو وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة‏.‏ ولم يدخلها معهم أحد‏.‏ ثم أغلقت عليهم‏.‏ قال عبدالله بن عمر‏:‏ فأخبرني بلال أو عثمان بن طلحة ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في جوف الكعبة، بين العمودين اليمانيين‏.‏

395 - ‏(‏1330‏)‏ حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد‏.‏ جميعا عن ابن بكر‏.‏ قال عبد‏:‏ أخبرنا محمد بن بكر‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ قال‏:‏ قلت لعطاء‏:‏ أسمعت ابن عباس يقول‏:‏

إنما أمرتم بالطواف ولم تؤمروا بدخوله‏.‏ قال‏:‏ لم يكن ينهى عن دخوله‏.‏ ولكني سمعته يقول‏:‏ أخبرني أسامة بن زيد ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل البيت دعا في ناحيه كلها‏.‏ ولم يصل فيه‏.‏ حتى خرج‏.‏ فلما خرج ركع في قبل البيت ركعتين‏.‏ وقال ‏"‏هذه القبلة‏"‏ قلت له‏:‏ ما نواحيها ‏؟‏ أفي زواياها ‏؟‏ قال‏:‏ بل في كل قبلة من البيت‏.‏

‏[‏ش ‏(‏قبل البيت‏)‏ قبل الشيء أوله، وما استقبلك منه‏.‏ بضمتين، وبإسكان الباء‏]‏‏.‏

396 - ‏(‏1331‏)‏ حدثنا شيبان بن فروخ‏.‏ حدثنا همام‏.‏ حدثنا عطاء عن ابن عباس ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة وفيها ست سوار‏.‏ فقام عند سارية فدعا، ولم يصل‏.‏

397 - ‏(‏1332‏)‏ وحدثني سريج بن يونس‏.‏ حدثني هشيم‏.‏ أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد‏.‏ قال‏:‏ قلت لعبدالله بن أبي أوفى، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

أدخل النبي صلى الله عليه وسلم البيت في عمرته ‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏

*3* ‏(‏69‏)‏ باب نقض الكعبة وبنائها

398 - ‏(‏1333‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا أبو معاوية عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة‏.‏ قالت‏:‏ قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏لولا حداثة عهد قومك بالكفر، لنقضت الكعبة، ولجعلتها على أساس إبراهيم‏.‏ فإن قريشا، حين بنت البيت، استقصرت‏.‏ ولجعلت لها خلفا‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏استقصرت‏)‏ أي قصرت عن تمام بنائها واقتصرت على هذا القدر، لقصور النفقة بهم عن تمامها‏.‏ ‏(‏خلفا‏)‏ هذا هو الصحيح المشهور‏.‏ والمراد به باب من خلفها‏]‏‏.‏

‏(‏1333‏)‏ وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا ابن نمير عن هشام، بهذا الإسناد‏.‏

399 - ‏(‏1333‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن ابن شهاب، عن سالم بن عبدالله ؛ أن عبدالله بن محمد بن أبي بكر الصديق أخبر عبدالله بن عمر، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏ألم ترى أن قومك، حين بنوا الكعبة، اقتصروا عن قواعد إبراهيم ‏؟‏‏"‏ قالت‏:‏ فقلت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ أفلا تردها على قواعد إبراهيم‏!‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت‏"‏‏.‏

فقال عبدالله بن عمر‏:‏ لئن كانت عائشة سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك استلام الركننين اللذين يليان الحجر، إلا أن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم‏.‏

‏[‏ش ‏(‏لولا حدثان قومك‏)‏ أي قرب عهدهم بالكفر‏.‏ ‏(‏لئن كانت عائشة سمعت هذا‏)‏ قال القاضي‏:‏ ليس هذا اللفظ من ابن عمر سبيل التضعيف لروايتها والتشكيك في صدقها وحفظها‏.‏ فقد كانت من الحفظ والإتقان بحيث لا يستراب في حفظها ولا فيما تنقله‏.‏ ولكن كثيرا ما يقع في كلام العرب صورة التشكيك والتقرير‏.‏ والمراد به اليقين‏.‏ كقوله تعالى‏:‏ وإن أدرى لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت‏.‏ الآية‏.‏ ‏(‏يليان الحجر‏)‏ أي يقربان منه‏.‏ والحجر، قال في النهاية‏:‏ هو اسم الحائط المستدير إلى جانب الكعبة الغربي‏]‏‏.‏

400 - ‏(‏1333‏)‏ حدثني أبو الطاهر‏.‏ أخبرنا عبدالله بن وهب عن مخرمة‏.‏ ح وحدثني هارون بن سعيد الأيلي‏.‏ حدثنا ابن وهب‏.‏ أخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه، قال‏:‏ سمعت نافعا مولى ابن عمر يقول‏:‏ سمعت عبدالله بن أبي بكر بن أبي قحافة، يحدث عبدالله ابن عمر عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنها قالت‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏

‏"‏لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية ‏(‏أو قال بكفر‏)‏ لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله، ولجعلت بابها بالأرض، ولأدخلت فيها من الحجر‏"‏‏.‏

401 - ‏(‏1333‏)‏ وحدثني محمد بن حاتم‏.‏ حدثني ابن مهدي‏.‏ حدثنا سليم بن حيان عن سعيد ‏(‏يعني ابن ميناء‏)‏ قال‏:‏ سمعت عبدالله بن الزبير يقول‏:‏ حدثتني خالتي ‏(‏يعني عائشة‏)‏ قالت‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏يا عائشة ‏!‏ لولا أن قومك حديثو عهد بشرك، لهدمت الكعبة‏.‏ فألزقتها بالأرض‏.‏ وجعلت لها بابين بابا شرقيا وبابا غربيا‏.‏ وزدت فيها ستة أذرع من الحجر‏.‏ فإن قريشا اقتصرتها حيث بنت الكعبة‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏حيث بنت الكعبة‏)‏ أي حين بنتها‏.‏ ذكر ابن هشام في مغنى اللبيب‏:‏ إن كلمة حيث قد ترد للزمان‏]‏‏.‏

402 - ‏(‏1333‏)‏ حدثنا هناد بن السري‏.‏ حدثنا ابن أبي زائدة‏.‏ أخبرني ابن أبي سليمان عن عطاء‏.‏ قال‏:‏

لما احترق البيت زمن زيد بن معاوية، حين غزاها أهل الشام، فكان من أمره ما كان، تركه ابن الزبير‏.‏حتى قدم الناس الموسم‏.‏ يريد أن يجرئهم ‏(‏أو يحر بهم‏)‏ على أهل الشام‏.‏ فلما صدر الناس قال‏:‏ يا أيها الناس ‏!‏ أشيروا على في الكعبة‏.‏ أنقضها ثم أبني بناءها‏.‏ أو أصلح ما هو منها ‏؟‏ قال ابن عباس‏:‏ فإني قد فرق لي رأي فيها‏.‏ أرى أن تصلح ما وهي منها‏.‏ وتدع بيتا أسلم الناس عليه‏.‏ وأحجارا أسلم الناس عليها وبعث عليها النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال ابن الزبير‏:‏ لو كان أحدكم احترق بيته‏.‏ ما رضي حتى يجده‏.‏ فكيف بيت ربكم ‏؟‏ إني مستخير ربي ثلاثا‏.‏ ثم عازم على أمري‏.‏ فلما مضى الثلاث أجمع رأيه على أن ينقضها‏.‏ فتحاماه الناس أن ينزل، بأول الناس يصعد فيه، أمر من السماء‏.‏ حتى صعد رجل فألقى منه حجارة‏.‏ فلما لم يره الناس أصابه شيء تتابعوه‏.‏ فنقضوه حتى بلغوا به الأرض‏.‏ فجعل ابن الزبير أعمدة‏.‏ فستر عليها الستور‏.‏ حتى ارتفع بناؤه‏.‏ وقال ابن الزبير‏:‏ إني سمعت عائشة تقول‏:‏ إن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏لولا أن الناس حديث عهدهم بكفر، وليس عندي من النفقة ما يقوى على بنائه‏.‏ لكنت أدخلت فيه من الحجر خمس أذرع، ولجعلت لها بابا يدخل الناس منه، وبابا يخرجون منه‏"‏‏.‏ قال فأنا اليوم أجد ما أنفق‏.‏ ولست أخاف الناس‏.‏ قال‏:‏ فزاد فيه خمس أذرع من الحجر‏.‏ حتى أبدى أسا نظر الناس إليه‏.‏ فبنى عليه البناء‏.‏ وكان طول الكعبة ثماني عشرة ذراعا‏.‏ فلما زاد فيه استقصره‏.‏ فزاد في طوله عشر أذرع‏.‏ وجعل له بابين‏:‏ أحدهما يدخل منه، والآخر يخرج منه‏.‏ فلما قتل ابن الزبير كتب الحجاج إلى عبدالملك بن مروان يخبره بذلك‏.‏ ويخبره أن ابن الزبير قد وضع البناء على أس نظر إليه العدول من أهل مكة‏.‏ فكتب إليه عبدالملك‏:‏ إنا لسنا من تلطيخ ابن الزبير في شيء‏.‏ أما ما زاد في طوله فأقره‏.‏ وأما ما زاد فيه من الحجر فرده إلى بنائه‏.‏ وسد الباب الذي فتحه‏.‏ فنقضه وأعاده إلى بنائه‏.‏

‏[‏ش ‏(‏يجرئهم أو يحر بهم‏)‏ من الجراءة أي يشجعهم على قتالهم، بإظهار قبح فعالهم‏.‏ هذا هو المشهور في ضبطه‏.‏ قال القاضي‏:‏ ورواه العذري يجربهم ومعناه يختبرهم وينظر ما عندهم في ذلك من حمية وغضب لله تعالى ولبيته‏.‏ ومعنى يحر بهم، أي يغيظهم بما يرونه قد فعل بالبيت‏.‏ من قولهم‏:‏ حربت الأسد، إذا أغضبته‏.‏ قال القاضي‏:‏ وقد يكون معناه يحملهم على الحرب ويحرضهم عليها ويؤكد عزائمهم لذلك‏.‏ قال‏:‏ ورواه آخرون‏:‏ يحز بهم أي يشد قوتهم ويميلهم إليه ويجعلهم حزبا له وناصرين له على مخالفيه‏.‏ وحزب الرجل من مال إليه‏.‏ وتحازب القوم تمالؤا‏.‏ ‏(‏قد فرق لي رأي فيها‏)‏ أي كشف وبين‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ وقرآنا فرقناه، أي فصلناه وبيناه‏.‏ هذا هو الصواب في ضبط هذه اللفظة ومعناها‏.‏ وهكذا ضبطها القاضي والمحققون‏.‏ ‏(‏يجده‏)‏ أي يجعله جديدا‏.‏ ‏(‏تتابعوا‏)‏ هكذا هو في جميع نسخ بلادنا، وكذا ذكره القاضي عن رواية الأكثرين‏.‏ وعن أبي بحر‏:‏ تتابعوا‏.‏ وهو بمعناه‏.‏ إلا أن أكثر ما يستعمل، تتابعوا، في الشر خاصة‏.‏ وليس هذا موضعه‏.‏ ‏(‏فجعل ابن الزبير أعمدة فستر عليا الستور‏)‏ المقصود بهذه الأعمدة والستور أن يستقبلها المصلون في تلك الأيام ويعرفوا موضع الكعبة‏.‏ ولم تزل تلك الستور حتى ارتفع البناء وصار مشاهدا للناس فأزالها‏.‏ لحصول المقصود بالبناء المرتفع من الكعبة‏.‏ ‏(‏حتى أبدى أسا‏)‏ أي حفر من أرض الحجر ذلك المقدار إلى أن بلغ أساس البيت الذي أسس عليه إبراهيم عليه السلام حتى أرى الناس أساسه‏.‏ فنظروا إليه فبنى البناء عليه‏.‏ ‏(‏إنا لسنا من تلطيخ ابن الزبير‏)‏ يريد بذلك سبه وعيب فعل‏.‏ يقال‏:‏ لطختهه، أي رميته بأمر قبيح‏.‏ يعني إنا براء مما لوثه بما اعتمده من هدم الكعبة‏]‏‏.‏

403 - ‏(‏1333‏)‏ حدثني محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا محمد بن بكر‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ قال‏:‏ سمعت عبدالله بن عبيد بن عمير والوليد بن عطاء يحدثان عن الحارث بن عبدالله بن أبي ربيعة‏.‏ قال عبدالله ابن عبيد‏:‏ وفد الحارث بن عبدالله على عبدالملك بن مروان في خلافته‏.‏ فقال عبدالملك‏:‏ ما أظن أبا خبيب ‏(‏يعني ابن الزبير‏)‏ سمع من عائشة ما كان يزعم أنه سمعه منها‏.‏ قال الحارث‏:‏ بلى ‏!‏ أنا سمعته منها‏.‏ قال‏:‏ سمعتها تقول ماذا ‏؟‏ قال‏:‏ قالت‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

‏"‏إن قومك استقصروا من بنيان البيت‏.‏ ولولا حداثة عهدهم بالشرك أعدت ما تركوا منه‏.‏ فإن بدا لقومك، من بعدي، أن يبنوه فهلمي لأريك ما تركوا منه‏"‏‏.‏ فأراها قريبا من سبعة أذرع‏.‏ هذا حديث عبدالله بن عبيد‏.‏ وزاد عليه الوليد بن عطاء‏:‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم

‏"‏ولجعلت لها بابين موضوعين في الأرض شرقيا وغربيا‏.‏ وهل تدرين لم كان قومك رفعوا بابها ‏؟‏‏"‏ قالت‏:‏ قلت‏:‏ لا‏.‏ قال ‏"‏ تعززا أن لا يدخلها إلا من أرادوا‏.‏ فكان الرجل إذا هو أراد أن يدخلها يدعونه يرتقي‏.‏ حتى إذا كاد أن يدخل دفعوه فسقط‏"‏‏.‏ قال عبدالملك للحارث‏:‏ أنت سمعتها تقول هذا ‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ فنكت ساعة بعصاه ثم قال‏:‏ وددت أني تركته وما تحمل‏.‏

‏[‏ش ‏(‏فإن بدا لقومك‏)‏ يقال‏:‏ بدا له في الأمر بداء، بالمد، أي حدث له فيه رأي لم يكن‏.‏ وهو ذو بدوات، أي بتغير رأيه‏.‏ والبداء محال على الله تعالى، بخلاف النسخ‏.‏ ‏(‏فهلمي‏)‏ هذا جار على إحدى اللغتين في هلم‏.‏ قال الجوهري‏:‏ تقول‏.‏ هلم يا رجل، بفتح الميم بمعنى تعال‏.‏ قال الخليل‏:‏ أصله لم‏.‏ من قولك لم الله شعثه، أي جمعه‏.‏ كأنه أراد لم نفسك إلينا، أي اقرب‏.‏ وها للتنببيه‏.‏ وحذفت ألفها لكثرة الاستعمال، وجعلا اسما واحدا يستوي فيه الواحد والإثنان والجمع والمؤنث‏.‏ فيقال، في الجماعة‏:‏ هلم‏.‏ هذه لغة أهل الحجاز‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏والقائلين لإخوانهم هلم إلينا‏}‏‏.‏ وأهل نجد يصرفونها فيقولون للاثنين‏:‏ هلما‏.‏ والمرأة‏:‏ هلمي‏.‏ وللنساء‏:‏ هلممن‏.‏ والأولى أفصح‏.‏ هذا كلام الجوهري‏.‏ ‏(‏كاد أن يدخل‏)‏ هكذا هو في النسخ كلها‏:‏ كاد أن يدخل‏.‏ وفيه حجة لجواز دخول أن بعد كاد‏.‏ وقد كثر ذلك‏.‏ وهي لغة فصيحة‏.‏ لكن الأشهر عدمه‏]‏‏.‏

‏(‏1333‏)‏ وحدثناه محمد بن عمرو بن جبلة‏.‏ حدثنا أبو عاصم‏.‏ ح وحدثنا عبد بن حميد‏.‏ أخبرنا عبدالرزاق‏.‏ كلاههما عن ابن جريج، بهذا الإسناد، مثل حديث ابن بكر‏.‏

404 - ‏(‏1333‏)‏ وحدثني محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا عبدالله بن بكر السهمي‏.‏ حدثنا حاتم بن أبي صغيرة عن أبي قزعة ؛ أن عبدالملك ابن مروان، بينما هو يطوف بالبيت إذ قال‏:‏ قاتل الله ابن الزبير ‏!‏ حيث يكذب على أم المؤمنين‏.‏ يقول‏:‏ سمعتها تقول‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

‏"‏ يا عائشة ‏!‏ لولا حدثان قومك بالكفر لنقضت البيت حتى أزيد فيه من الحجر‏.‏ فإن قومك قصروا في البناء ‏"‏

فقال الحارث بن عبدالله ابن أبي ربيعة‏:‏ لا تقل هذا‏.‏ يا أمير المؤمنين ‏!‏ فأنا سمعت أم المؤمنين تحدث هذا‏.‏ قال‏:‏ لو كنت سمعته قبل أن أهدمه، لتركته على ما بنى ابن الزبير‏.‏

‏[‏ش ‏(‏فنكت ساعة بعصاه‏)‏ أي بحث بطرفها في الأرض‏.‏ وهذه عادة من تفكر في أمر مهم‏]‏‏.‏

*3* ‏(‏70‏)‏ باب جدر الكعبة وبابها

405 - ‏(‏1333‏)‏ حدثنا سعيد بن منصور‏.‏ حدثنا أبو الأحوص‏.‏ حدثنا أشعث بن أبي الشعثاء عن الأسود بن يزيد، عن عائشة‏.‏ قالت‏:‏

سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الجدر ‏؟‏ أمن البيت هو ‏؟‏ قال ‏"‏ نعم‏"‏ قلت‏:‏ فلم لم يدخلوه في البيت ‏؟‏ قال ‏"‏إن قومك قصرت بهم النفقة ‏"‏ قلت‏:‏ فما شأن بابه مرتفعا ‏؟‏ قال ‏"‏ فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاؤا ويمنعوا من شاؤا‏.‏ ولولا أن قومك حديث عهدهم في الجاهلية، فأخاف أن تنكر قلوبهم، لنظرت أن أدخل الجدر في البيت‏.‏ وأن ألزق بابه بالأرض‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏الجدر‏)‏ ههو حجر الكعبة‏.‏ ‏(‏في الجاهلية‏)‏ هكذا هو في جميع النسخ‏:‏ في الجاهلية‏.‏ وهو بمعنى بالجاهلية، كما في سائر الروايات‏]‏‏.‏

406 - ‏(‏1333‏)‏ وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ قال‏:‏ حدثنا عبيدالله ‏(‏يعني ابن موسى‏)‏ حدثنا شيبان عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن الأسود بن يزيد، عن عائشة‏.‏ قالت‏:‏

سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحجر‏.‏ وساق الحديث بمعنى حديث أبي الأحوص‏.‏ وقال فيه‏:‏ فقلت‏:‏ فما شأن بابه مرتفعا لا يصعد إليه إلا بسلم ‏؟‏ وقال ‏"‏مخافة أن تنفر قلوبهم‏"‏‏.‏

*3* ‏(‏71‏)‏ باب الحج عن العاجز لزمانة وهرم ونحوههما، أو للموت

407 - ‏(‏1334‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن ابن شهاب، عن سليمان بن يسار، عن عبدالله بن عباس ؛ أنه قال‏:‏

كان الفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه‏.‏ فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه‏.‏ فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر‏.‏ قالت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا‏.‏ لا يستطيع أن يثبت على الراحلة‏.‏ أفأحج عنه ‏؟‏ قال ‏"‏ نعم‏"‏ وذلك في حجة الوداع‏.‏

408 - ‏(‏1335‏)‏ حدثني علي بن خشرم‏.‏ أخبرنا عيسى عن ابن جريج، عن ابن شهاب‏.‏ حدثنا سليمان بن يسار عن ابن عباس، عن الفضل ؛ أن امرأة من خثعم قالت‏:‏

يا رسول الله ‏!‏ إن أبي شيخ كبير‏.‏ عليه فريضة الله في الحج‏.‏ وهو لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم

‏"‏فحجي عنه‏"‏‏.‏

*3* ‏(‏72‏)‏ باب صحة حج الصبي، وأجر من حج به

409 - ‏(‏1336‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن عمر‏.‏ جميعا عن ابن عيينة‏.‏ قال أبو بكر‏:‏ حدثنا سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن عقبة، عن كريب مولى ابن عباس، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ لقي ركبا بالروحاء‏.‏ فقال

‏"‏من القوم ‏؟‏‏"‏ قالوا‏.‏ المسلمون‏.‏ فقالوا‏:‏ من أنت ‏؟‏ قال ‏"‏ رسول الله ‏"‏ فرفعت إليه امرأة صبيا فقالت‏:‏ ألهذا حج ‏؟‏ قال ‏"‏ نعم‏.‏ ولك أجر‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏ركبا‏)‏ الركب أصحاب الإبل خاصة‏.‏ وأصله أن يستعمل في عشرة فما دونها‏.‏ ‏(‏بالروحاء‏)‏ مكان على ستة وثلاثين ميلا من المدينة‏]‏‏.‏

410 - ‏(‏1336‏)‏ حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء‏.‏ حدثنا أبو أسامة عن سفيان، عن محمد بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس‏.‏ قال‏:‏ رفعت امرأة صبيا لها‏.‏ فقالت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ ألهذا حج ‏؟‏ قال

‏"‏ نعم‏.‏ ولك أجر‏"‏‏.‏

411 - ‏(‏1336‏)‏ وحدثني محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا عبدالرحمن‏.‏ حدثنا سفيان عن إبراهيم بن عقبة، عن كريب ؛ أن امرأة رفعت صبيا فقالت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ ألهذا حج ‏؟‏ قال ‏"‏ نعم‏.‏ ولك أجر‏"‏‏.‏

‏(‏1336‏)‏ وحدثنا ابن المثنى‏.‏ حدثنا عبدالرحمن‏.‏ حدثنا سفيان عن محمد بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس‏.‏ بمثله‏.‏

*3* ‏(‏73‏)‏ باب فرض الحج مرة في العمر

412 - ‏(‏1337‏)‏ وحدثني زهير بن حرب‏.‏ حدثنا يزيد بن هارون‏.‏ أخبرنا الربيع بن مسلم القرشي عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة‏.‏ قال‏:‏ خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال

‏"‏ أيها الناس ‏!‏ قد فرض الله عليكم الحج فحجوا ‏"‏ فقال رجل‏:‏ أكل عام ‏؟‏ يا رسول الله ‏!‏ فسكت‏.‏ حتى قالها ثلاثا‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏ ‏"‏لو قلت‏:‏ نعم‏.‏ لوجبت‏.‏ ولما استطعتم‏"‏‏.‏ ثم قال ‏"‏ذروني ما تركتكم‏.‏ فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم‏.‏ فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم‏.‏ وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه‏"‏‏.‏

*3* ‏(‏74‏)‏ باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره

413 - ‏(‏1338‏)‏ حدثنا زهير بن حرب ومحمد بن المثنى‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا يحيى ‏(‏وهو القطان‏)‏ عن عبيدالله‏.‏ أخبرني نافع عن ابن عمر ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

‏"‏لا تسافر المرأة ثلاثا، إلا ومعها ذو محرم‏"‏‏.‏

‏(‏1338‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا عبدالله بن نمير وأبو أسامة‏.‏ ح وحدثتا ابن نمير‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ جميعا عن عبيدالله، بهذا الإسناد‏.‏ في رواية أبي بكر‏:‏ فوق ثلاث وقال ابن نمير في روايته عن أبيه ‏"‏ ثلاثة إلا ومعها ذو محرم‏"‏‏.‏

414 - ‏(‏1338‏)‏ وحدثنا محمد بن رافع‏.‏ حدثنا ابن أبي فديك‏.‏ أخبرنا الضحاك عن نافع، عن عبدالله بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال

‏"‏لا يحل لإمرأة، تؤمن بالله واليوم الآخر، تسافر مسيرة ثلاث ليال، إلا ومعها ذو محرم‏"‏‏.‏

415 - ‏(‏827‏)‏ حدثنا قتيبة بن سعيد وعثمان بن أبي شيبة‏.‏ جميعا عن جرير‏.‏ قال قتيبة‏:‏ حدثناجرير عن عبدالملك ‏(‏وهو ابن عمير‏)‏ عن قزعة، عن أبي سعيد‏.‏ قال‏:‏ سمعت منه حديثا فأعجبني‏.‏ فقلت له‏:‏ أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏؟‏ قال‏:‏ فأقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم أسمع‏.‏ قال‏:‏ سمعته يقول‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

‏"‏لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد‏.‏ مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى‏"‏‏.‏ وسمعته يقول ‏"‏لا تسافر المرأة يومين من الدهر إلا ومعها ذو محرم منها، أو زوجها‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏لا تشدوا الرحال‏)‏ المراد النهي عن السفر إلى غيرها‏.‏ والرحال جمع رحل، وهو، للبعير، كالسرج للفرس‏.‏ وكنى بشد الرحال عن السفر، لأنه لازمه‏.‏ ولا فرق بين ركوب الرواحل والخيل والبغال والحمير والمشي، في المعنى المذكور‏]‏‏.‏

416 - ‏(‏827‏)‏ وحدثنا محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة عن عبدالملك بن عمير‏.‏ قال‏:‏ سمعت قزعة قال‏:‏ سمعت أبا سعيد الخدري قال‏:‏

سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا‏.‏ فأعجبنني وآنقنني‏.‏ نهى أن تسافر المرأة مسيرة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم‏.‏ واقتص باقي الحديث‏.‏

‏[‏ش ‏(‏آنفتني‏)‏ أي أعجبنني‏.‏ وإنما كرر المعنى لإختلاف اللفظ‏.‏ والعرب تفعل ذلك كثيرا، للبيان والتوكيد‏]‏‏.‏

417 - ‏(‏827‏)‏ حدثنا عثمان بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا جرير عن مغيرة، عن إبراهيم، عن سهم ابن منجاب، عن قزعة، عن أبي سعيد الخدري‏.‏ قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

‏"‏لا تسافر المرأة ثلاثا، إلا مع ذي محرم‏"‏‏.‏

418 - ‏(‏827‏)‏ وحدثني أبو غسان المسمعي ومحمد بن بشار‏.‏ جميعا عن معاذ بن هشام‏.‏ قال أبو غسان‏:‏ حدثنا معاذ‏.‏ حدثني أبي عن قتادة، عن قزعة، عن أبي سعيد الخدري ؛ أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال

‏"‏لا تسافر امرأة فوق ثلاث ليال، إلا مع ذي محرم‏"‏‏.‏

‏(‏827‏)‏ وحدثناه ابن المثنى‏.‏ حدثنا ابن أبي عدي عن سعيد، عن قتادة، بهذا الإسناد‏.‏ وقال ‏"‏ أكثر من ثلاث، إلا مع ذي محرم‏"‏‏.‏

419 - ‏(‏1339‏)‏ حدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا ليث عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه ؛ أن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

‏"‏لا يحل لإمرأة مسلمة تسافر مسيرة ليلة‏.‏ إلا ومعها رجل ذو حرمة منها ‏"‏‏.‏

420 - ‏(‏1339‏)‏ حدثني زهير بن حرب‏.‏ حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن أبي ذئب‏.‏ حدثنا سعيد بن أبي سعيد عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ قال

‏"‏لا يحل لإمرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، تسافر مسيرة يوم وليلة، إلا مع ذي محرم‏"‏‏.‏

421 - ‏(‏1339‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

‏"‏لا يحل لإمرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، تسافر مسيرة يوم وليلة، إلا مع ذي محرم عليها‏"‏‏.‏

422 - ‏(‏1339‏)‏ حدثنا أبو كامل الجحدري‏.‏ حدثنا بشر ‏(‏يعني ابن مفضل‏)‏ حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه، عن أبي هريرة، قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

‏"‏لا يحل لإمرأة أن تسافر ثلاثا، إلا ومعها ذو محرم منها‏"‏‏.‏

423 - ‏(‏1340‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب‏.‏ جميعا عن أبي معاوية‏.‏ قال أبو كريب‏:‏ حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري، قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

‏"‏لا يحل لإمرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، أن تسافر سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا، إلا ومعها أبوها أو ابنها أو زوجها أو أخوها أو ذو محرم منها‏"‏‏.‏

‏(‏1340‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو سعيد الأشج‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا وكيع‏.‏ حدثنا الأعمش، بهذا الإسناد، مثله‏.‏

424 - ‏(‏1341‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب‏.‏ كلاهما عن سفيان‏.‏ قال أبو بكر‏:‏ حدثنا سفيان بن عيينة‏.‏ حدثنا عمرو بن دينار عن أبي معبد‏.‏ قال‏:‏ سمعت ابن عباس يقول‏:‏ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول

‏"‏لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم‏.‏ ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم‏"‏ فقام رجل فقال‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ إن امرأتي خرجت حاجة‏.‏ وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا‏.‏ قال ‏"‏ انطلق فحج مع امرأتك‏"‏‏.‏

‏(‏1341‏)‏ وحدثناه أبو الربيع الزهراني‏.‏ حدثنا حماد عن عمرو، بهذا الإسناد، نحوه‏.‏

‏(‏1341‏)‏ وحدثنا ابن أبي عمر‏.‏ حدثنا هشام ‏(‏يعني ابن سليمان‏)‏ المخزومي، عن ابن جريج، بهذا الإسناد، نحوه‏.‏ ولم يذكر ‏"‏لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم‏"‏‏.‏
(‏75‏)‏ باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره

425 - ‏(‏1342‏)‏ حدثني هارون بن عبدالله‏.‏ حدثنا حجاج بن محمد‏.‏ قال‏:‏ قال ابن جريج‏:‏ أخبرني أبو الزبير ؛ أن عليا الأزدي أخبره ؛ أن ابن عمر علمهم ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى على بعيره خارجا إلى سفر، كبر ثلاثا، ثم قال

‏"‏سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين‏.‏ وإنا إلى ربنا لمنقلبون‏.‏ اللهم ‏!‏ إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى‏.‏ ومن العمل ما ترضى‏.‏ اللهم ‏!‏ هون علينا سفرنا هذا‏.‏ واطوعنا بعده‏.‏ اللهم ‏!‏ أنت الصاحب في السفر‏.‏ والخليفة في الأهل‏.‏ اللهم ‏!‏ إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب، في المال والأهل‏"‏‏.‏

وإذا رجع قالهن‏.‏ وزاد فيهن ‏"‏آيبون، تائبون، عابدون، لربنا حامدون‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏وما كنا له مقرنين‏)‏ معنى مقرنين مطيقين‏.‏ أي ما كنا نطيق قهره واستعماله لولا تسخير الله تعالى إياه لنا‏.‏ ‏(‏وعثاء‏)‏ المشقة والشدة‏.‏ ‏(‏وكآبة‏)‏ هي تغبر النفس من حزن ونحوه‏.‏ ‏(‏المنقلب‏)‏ المرجع‏]‏‏.‏

426 - ‏(‏1343‏)‏ حدثني زهير بن حرب‏.‏ حدثنا إسماعيل بن علية عن عاصم الأحول، عن عبدالله بن سرجس‏.‏ قال‏:‏

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا سافر، يتعوذ من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، والحور بعد الكون، ودعوة المظلوم، وسوء المنظر في الأهل والمال‏.‏

‏[‏ش ‏(‏والحور بعد الكون‏)‏ هكذا هو في معظم النسخ من صحيح مسلم‏:‏ بعد الكون، بالنون‏.‏ بل لا يكاد يوجد في نسخ بلادنا إلا بالنون‏.‏ وكذا ضبطه الحفاظ المتقنون في صحيح مسلم، قال القاضي‏:‏ وهكذا رواه الفارسي وغيره من رواة صحيح مسلم قال‏:‏ ورواه العذري‏:‏ بعد الكور، بالراء‏.‏ قال‏:‏ والمعروف في رواية عاصم الذي رواه مسلم عنه، بالنون‏.‏ قال القاضي‏:‏ قال إبراهيم الحربي‏:‏ يقال إن عاصما وهم فيه وإن صوابه الكور، بالراء‏.‏ قلت‏:‏ وليس كما قال الحربي‏.‏ بل كلاهما روايتان‏.‏ وممن ذكر الروايتين جميعا الترمذي في جامعه، وخلائق من المحدثين‏.‏ وذكرهما أبو عبيد وخلائق من أهل اللغة وغريب الحديث‏.‏ قال الترمذي، بعد أن رواه بالنون‏:‏ ويروي بالراء أيضا‏.‏ ثم قال‏.‏ وكلاهما له وجه قال‏:‏ ويقال هو الرجوع من الإيمان إلى الكفر، أو من الطاعة إلى المعصية‏.‏ ومعناه الرجوع من شيء إلى شيء من الشر‏.‏ هذا كلام الترمذي‏.‏ وكذا قال غيره من العلماء‏:‏ معناه بالراء والنون جميعا الرجوع من الاستقامة أو الزيادة إلى النقص‏.‏ قالوا‏:‏ ورواية الراء مأخوذة من تكوير العمامة، وهو لفها وجمعها‏.‏ ورواية النون مأخوذة من السكون، مصدر كان يكون كونا، إذا وجد واستقر‏.‏ قال المازري، في رواية الراء‏:‏ قيل أيضا معناه أعوذ بك من الرجوع عن الجماعة، بعد أن كنا فيها‏.‏ يقال‏:‏ كار عمامته إذا لفها‏.‏ وحارها، إذا نقضها‏.‏ وقيل نعوذ بك من أن تفسد أمورنا بعد صلاحها كفساد العمامة بعد استقامتها على الرأس‏.‏ وعلى رواية النون، قال أبو عبيد‏:‏ سئل عاصم عن معناه ‏؟‏ فقال‏:‏ ألم تسمع قولهم‏:‏ حار بعد ما كان، أي أنه كان على حالة جميلة فرجع عنها‏.‏ ‏(‏ودعوة المظلوم‏)‏ أي أعوذ بك من الظلم فإنه يتريب عليه دعاء المظلوم‏.‏ ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب‏.‏ ففيه التحذير من الظلم ومن التعرض لأسبابه‏]‏‏.‏

427 - ‏(‏1343‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى وزهير بن حرب‏.‏ جميعا عن أبي معاوية‏.‏ ح وحدثني حامد بن عمر‏.‏ حدثنا عبدالواحد‏.‏ كلاهما عن عاصم، بهذا الإسناد، مثله‏.‏ غير أن في حديث عبدالواحد‏:‏ في المال والأهل‏.‏ وفي رواية محمد بن خازم قال‏:‏ يبدأ بالأهل إذا رجع‏.‏ وفي روايتها جميعا ‏"‏ اللهم ‏!‏ إني أعوذ بك من وعثاء السفر‏"‏‏.‏

*3* ‏(‏76‏)‏ باب ما يقول إذا قفل من سفر الحج وغيره

428 - ‏(‏1344‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا أبو أسامة‏.‏ حدثنا عبيدالله عن نافع، عن ابن عمر‏.‏ ح وحدثنا عبيدالله بن سعيد ‏(‏واللفظ له‏)‏ حدثنا يحيى ‏(‏وهو القطان‏)‏ عن عبيدالله، عن نافع، عن عبدالله بن عمر‏.‏ قالك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا قفل من الجيوش أو السرايا أو الحج أو العمرة، إذا أوفى على ثنية أو فدفد، كبر ثلاثا‏.‏ ثم قال

‏"‏لا إله إلا الله وحده لا شريك له‏.‏ له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير‏.‏ آيبون تائبون عابدون ساجدون‏.‏ لربنا حامدون‏.‏ صدق الله وعده‏.‏ ونصر عبده‏.‏ وهزم الأحزاب وحده‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏قفل من الجيوش‏)‏ أي رجع من الغزو‏.‏ ‏(‏إذا أوفى على ثنية أو فدفد كبر‏)‏ معنى أوفى ارتفع وعلا‏.‏ والفدفد هو الموضع الذي فيه غلظ وارتفاع‏.‏ وقيل‏:‏ هو الفلاة التي لا شيء فيها‏.‏ وقيل‏:‏ غليظ الأرض ذات الحصى‏.‏ وقيل‏:‏ الجلد من الأرض في ارتفاع وجمعه فدافد‏.‏ ‏(‏وهزم الأحزاب وحده‏)‏ المراد الأحزاب الذين اجتمعوا يوم الخندق وتحزبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل الله عليهم ريحا وجنودا لم تروها‏]‏‏.‏

‏(‏1344‏)‏ وحدثني زهير بن حرب‏.‏ حدثنا إسماعيل ‏(‏يعني ابن علية‏)‏ عن أيوب‏.‏ ح وحدثنا ابن أبي عمر‏.‏ حدثنا معن عن مالك‏.‏ ح وحدثنا ابن رافع‏.‏ حدثنا ابن أبي فديك‏.‏ أخبرنا الضحاك‏.‏ كلهم عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثله‏.‏ إلا حديث أيوب‏.‏ فإن فيه التكبير مرتين‏.‏

429 - ‏(‏1345‏)‏ وحدثني زهير بن حرب‏.‏ حدثنا إسماعيل بن علية عن يحيى بن أبي إسحاق‏.‏ قال‏:‏ قال أنس بن مالك‏:‏

أقبلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، أنا وأبو طلحة، وصفية رديفته على ناقته‏.‏ حتى إذا كنا بظهر المدينة قال‏:‏ ‏"‏آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون‏"‏ فلم يزل يقول ذلك حتى قدمنا المدينة‏.‏

‏(‏1345‏)‏ وحدثنا حميد بن مسعدة‏.‏ حدثنا بشر بن المفضل‏.‏ حدثنا يحيى بن أبي إسحاق عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثله‏.‏

*3* ‏(‏77‏)‏ باب التعريس بذى الحليفة، والصلاة بها إذا صدر من الحج أوالعمرة

430 - ‏(‏1257‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن نافع، عن عبدالله بن عمر ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ بالبطحاء التي بذى الحليفة‏.‏ فصلى بها‏.‏ وكان عبدالله بن عمر يفعل ذلك‏.‏

431 - ‏(‏1257‏)‏ وحدثني محمد بن رمح بن المهاجر المصرى‏.‏ أخبرنا الليث‏.‏ ح وحدثنا قتيبة ‏(‏واللفظ له‏)‏ قال‏:‏ حدثنا ليث عن نافع‏.‏ قال‏:‏ كان ابن عمر ينيخ بالبطحاء التي بذى الحليفة‏.‏ التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينيخ بها‏.‏ ويصلي بها‏.‏

432 - ‏(‏1257‏)‏ وحدثنا محمد بن إسحاق المسيبى‏.‏ حدثني أنس ‏(‏يعني أبا ضمرة‏)‏ عن موسى بن عقبة، عن نافع ؛ أن عبدالله بن عمر كان، إذا صدر من الحج أو العمرة، أناخ بالبطحاء التي بذي الحليفة‏.‏ التي كان ينيخ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

433 - ‏(‏1346‏)‏ وحدثنا محمد بن عباد‏.‏ حدثنا حاتم ‏(‏وهوابن إسماعيل‏)‏ عن موسى ‏(‏وهو ابن عقبة‏)‏، عن سالم، عن أبيه ؛

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى في معرسه بذى الحليفة‏.‏ فقيل له‏:‏ إنك ببطحاء مباركة‏.‏

‏[‏ش ‏(‏في معرسه‏)‏ قال القاضي‏:‏ المعرس موضع النزول‏.‏ قال زيد‏:‏ عرس القوم في المنزل، إذا نزلوا به في أي وقت من ليل أونهار‏.‏ قال الخليل والأصمعى ‏:‏ التعريس النزول آخر الليل‏]‏‏.‏

434 - ‏(‏1346‏)‏ وحدثنا محمد بن بكار بن الريان وسريج بن يونس ‏(‏واللفظ لسريج‏)‏ قالا‏:‏ حدثنا إسماعيل بن جعفر‏.‏ أخبرني موسى ابن عقبة، عن سالم بن عبدالله بن عمر، عن أبيه ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى، وهو في معرسه من ذى الحليفة في بطن الوادى‏.‏ فقيل‏:‏

إنك ببطحاء مباركة‏.‏ قال موسى‏:‏ وقد أناخ بنا سالم بالمناخ من المسجد الذى كان عبدالله ينيخ به‏.‏ يتحرى معرس رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وهو أسفل من المسجد الذى ببطن الوادى‏.‏ بينه وبين القبلة‏.‏ وسطا من ذلك‏.‏

‏[‏ش ‏(‏بطن الوادى‏)‏ المراد بالوادى وادى العقيق، الذى قال فيه صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏أتاني الليلة آت من ربى فقال‏:‏ صلّ في هذا الوادى المبارك‏"‏ والمعرس موضع على طريق من أراد الذهاب من المدينة إلى مكة على ستة أميال من المدينة‏:‏ لكن المعرس أقرب‏.‏ ووادى العقيق بينه وبين المدينة أربعة أيام‏.‏ ‏(‏يتحرى معرس‏)‏ أي يقصده ويختاره‏.‏ ‏(‏وسطا بين ذلك‏)‏ أي حال كونه متوسطا من ذلك‏.‏ وأتى بقوله‏:‏ وسطا، بعد قوله‏:‏ بين، وإن كان معلوما منه، ليبين أنه في حال الوسط من غير قرب لأحد الجانبين‏]‏‏.‏

*3* ‏(‏78‏)‏ باب لا يحج البيت مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان‏.‏ وبيان يوم الحج الأكبر

435 - ‏(‏1347‏)‏ حدثني هارون بن سعيد الأيلى‏.‏ حدثنا ابن وهب‏.‏ أخبرني عمرو عن ابن شهاب، عن حميد بن عبدالرحمن، عن أبي هريرة‏.‏ ح وحدثني حرلة بن يحيى التجيبي‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس ؛ أن ابن شهاب أخبره عن حميد بن عبدالرحمن بن عوف، عن أبي هريرة‏.‏ قال‏:‏

بعثني أبو بكر الصديق في الحجة التي أمره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ قبل حجة الوداع‏.‏ في رهط، يؤذنون في الناس يوم النحر‏:‏ لا يحج بعد العام مشرك‏.‏ ولا يطوف بالبيت عريان‏.‏ قال ابن شهاب‏:‏ فكان حميد بن عبدالرحمن يقول‏:‏ يوم النحر يوم الحج الأكبر‏.‏ من أجل حديث أبي هريرة‏.‏

‏[‏ش ‏(‏لا يحج بعد العام مشرك‏)‏ موافق لقوله الله تعالى‏:‏ إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا‏.‏ والمراد بالمسجد الحرام، ههنا، الحرام كله‏.‏ فلا يمكن مشرك من دخول الحرم بحال‏.‏ حتى لو جاء في رسالة أو أمر مهم لا يمكن من الدخول، بل يخرج إليه من يقضى الأمر المتعلق به‏.‏ ولو دخل خفية ومرض ومات - نبش وأخرج من الحرم‏.‏ ‏(‏ولا يطوف بالبيت عريان‏)‏ هذا إبطال لما كانت الجاهلية عليه من الطواف بالبيت عراة‏]‏‏.‏

*3* ‏(‏79‏)‏ باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة

436 - ‏(‏1348‏)‏ حدثنا هارون بن سعيد الأيلى وأحمد بن عيسى‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا ابن وهب‏.‏ أخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه‏.‏ قال‏:‏ سمعت يونس بن يوسف يقول عن ابن المسيب قال‏:‏ قالت عائشة‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار، من يوم عرفة‏.‏ وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة‏.‏ فيقول‏:‏ ما أراد هؤلاء ‏؟‏‏"‏‏.‏

437 - ‏(‏1349‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن سمى مولى أبي بكر بن عبدالرحمن، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما‏.‏ والحج المبرور، ليس جزاء إلا الجنة‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏المبرور‏)‏ الأصح الأشهر أن المبرور هو الذي لا يخالطه إثم‏.‏ مأخوذ من البر، وهو الطاعة‏.‏ وقيل‏:‏ هو المقبول‏.‏ ومن علامة القبول أن يرجع خيرا مما كان، ولا يعاود المعاصي‏]‏‏.‏

‏(‏1349‏)‏ وحدثناه سعيد بن منصور وأبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وزهير بن حرب‏.‏ قالوا‏:‏ حدثنا سفيان بن عيينة‏.‏ ح وحدثني محمد بن عبدالملك الأموي‏.‏ حدثنا عبدالعزيز بن المختار عن سهيل‏.‏ ح وحدثنا ابن نمير‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا عبيدالله‏.‏ ح وحدثنا أبو كريب‏.‏ حدثنا وكيع‏.‏ ح وحدثني محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا عبدالرحمن‏.‏ جميعا عن سفيان‏.‏ كل هؤلاء عن سمى، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ بمثل حديث مالك‏.‏

438 - ‏(‏1350‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى وزهير بن حرب ‏(‏قال يحيى‏:‏ أخبرنا‏.‏ وقال زهير‏:‏ حدثنا جرير‏)‏ عن منصور، عن أبي حازم، عن أبي هريرة‏.‏ قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق، رجع كما ولدته أمه‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏فلم يرفث ولم يفسق‏)‏ قال القاضي‏:‏ هذا من قوله تعالى‏:‏ فلا رفث ولا فسوق‏.‏ والرفث اسم للفحش من القول وقيل‏:‏ هو الجماع‏.‏ وهذا قول الجمهور في الآية‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم‏}‏‏.‏ يقال‏:‏ رفث يرفث‏.‏ ويقال أيضا‏:‏ أرفث‏.‏ وقيل الرفث التصريح بذكر الجماع‏.‏ قال الأزهري‏:‏ هي كلمة‏.‏ جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة‏.‏ وكان ابن عباس يخصصه بما خوطب به النساء‏.‏ وأما الفسوق فالمعصية‏.‏ وفسر بالخروج عن الاستقامة‏]‏‏.‏

‏(‏1350‏)‏ وحدثناه سعيد بن منصور عن أبي عوانة وأبي الأحوص‏.‏ ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا وكيع عن مسعر وسفيان‏.‏ ح وحدثنا ابن المثنى‏.‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة‏.‏ كل هؤلاء عن منصور، بهذا الإسناد‏.‏ وفي حديثهم جميعا ‏"‏من حج فلم يرفث ولم يفسق‏"‏‏.‏

‏(‏1350‏)‏ حدثنا سعيد بن منصور‏.‏ حدثنا هشيم عن سيار، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثله‏.‏

*3* ‏(‏80‏)‏ باب النزول بمكة للحاج، وتوريث دورها

439 - ‏(‏1351‏)‏ حدثنني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى‏.‏ قالا أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرنا يونس بن يزيد عن ابن شهاب ؛ أن علي بن حسين أخبره ؛ أن عمرو بن عثمان بن عفان أخبره عن أسامة بن زيد بن حارثة ؛ أنه قال‏:‏

يا رسول الله ‏!‏ أتنزل في دارك بمكة ‏؟‏ فقال ‏"‏وهل ترك لنا عقيل منن رباع أو دور ‏؟‏‏"‏‏.‏

وكان عقيل ورث أبا طالب هو وطالب‏.‏ ولم يرثه جعفر ولا علي شيئا‏.‏ لأنهما كانا مسلمين‏.‏ وكان عقيل وطالب كافرين‏.‏

‏[‏ش ‏(‏رباع‏)‏ جمع ربع - كسهم وسهام‏.‏ والربع محلة القوم ومنزلهم‏]‏‏.‏

440 - ‏(‏1351‏)‏ حدثننا محمد بن مهران الرازي وابن أبي عمر وعبد بن حميد‏.‏ جميعا عن عبدالرزاق‏.‏ قال ابن مهران‏:‏ حدثنا عبدالرزاق عن معمر، عن الزهري، عن علي بن حسين، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد‏.‏ قلت‏:‏

يا رسول الله ‏!‏ أين تنزل غدا ‏؟‏ وذلك في حجته، حين دنونا من مكة‏.‏ فقال ‏"‏وهل ترك لنا عقيل منزلا‏"‏‏.‏

‏(‏1351‏)‏ وحدثنيه محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا روح بن عبادة‏.‏ حدثننا محمد بن أبي حفصة وزمعة بن صالح‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا ابن شهاب عن علي بن حسين،، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد ؛ أنه قال‏:‏

يا رسول الله ‏!‏ أين تنزل غدا، إن شاء الله ‏؟‏ وذلك زمن الفتح قال ‏"‏وهل ترك لنا عقيل من منزل ‏؟‏‏"‏‏.‏

*3* ‏(‏81‏)‏ باب جواز الإقامة بمكة، للمهاجر منها بعد فراغ الحج والعمرة، ثلاثة أيام بلا زيادة

441 - ‏(‏1352‏)‏ حدثنا عبدالله بن مسلمة بن قعنب‏.‏ حدثنا سليمان ‏(‏يعني ابن بلال‏)‏ عن عبدالرحمن بن حميد ؛ أنه سمع عمر بن عبدالعزيز يسأل السائب بن يزيد يقول‏:‏ هل سمعت في الإقامة بمكة شيئا ‏؟‏ فقال السائب‏:‏ سمعت العلاء بن الحضرمي يقول‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏

‏"‏للمهاجر إقامة ثلاثة، بعد الصدر، بمكة‏"‏ كأنه يقول لا يزيد عليها‏.‏

‏[‏ش ‏(‏للمهاجر إقامة ثلاثة‏)‏ معنى الحديث أن الذين هاجروا من مكة قبل الفتح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حرم عليهم استيطان مكة والإقامة بها‏.‏ ثم أبيح لهم، إذا وصلوها بحج أو عمرة أو غيرهما، أن يقيموا، بعد فراغهم، ثلاثة أيام‏.‏ ولا يزيدوا على الثلاثة‏]‏‏.‏

442 - ‏(‏1352‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبدالرحمن بن حميد‏.‏ قال‏:‏ سمعت عمر بن عبدالعزيز يقول لجلسائه‏:‏ ما سمعتم في سكني مكة ‏؟‏ فقال السائب بن يزيد‏:‏ سمعت العلاء ‏(‏أو قال العلاء بن الحضرمي‏)‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏يقيم المهاجر بمكة، بعد قضاء نسكه، ثلاثا‏"‏‏.‏

443 - ‏(‏1352‏)‏ وحدثني حسن الحلوانني وعبد بن حميد‏.‏ جميعا عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد‏.‏ حدثنا أبي عن صالح، عن عبدالرحمن بن حميد ؛ أنه سمع عمر بن عبدالعزيز يسأل السائب بن يزيد‏.‏ فقال السائب‏:‏ سمعت العلاء بن الحضرمي يقول‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏

‏"‏ثلاث ليال يمكثهن المهاجر بمكة، بعد الصدر‏"‏‏.‏

444 - ‏(‏1352‏)‏ وحدثنا إسحاق بن إبراهيم‏.‏ أخبرنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ وأملاه علينا إملاء‏.‏ أخبرني إسماعيل بن محمد بن سعد ؛ أن حميد بن عبدالرحمن بن عوف أخبره ؛ أن السائب ابن يزيد أخبره ؛ أن العلاء بن الحضرمي أخبره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏مكث المهاجر بمكة، بعد قضاء نسكه، ثلاثا‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏ثلاثا‏)‏ هكذا هو في أكثر النسخ ببلادنا‏:‏ ثلاثا‏.‏ وفي بعضها ثلاث‏.‏ ووجه النصب أن يقدر فيه محذوف‏.‏ أي مكثة المباح أن يمكث ثلاثا‏]‏‏.‏

‏(‏1352‏)‏ وحدثني حجاج بن الشاعر‏.‏ حدثنا الضحاك بن مخلد‏.‏ أخبرنا ابن جريج، بهذا الإسناد، مثله‏.‏

*3* ‏(‏82‏)‏ باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها، إلا لمنشد، على الدوام

445 - ‏(‏1353‏)‏ حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي‏.‏ أخبرنا جرير عن منصور، عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس‏.‏ قال‏:‏

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فتح مكة ‏"‏لا هجرة‏.‏ ولكن جهاد ونية‏.‏ وإذا اسننفرتم فانفروا‏"‏‏.‏ وقال يوم الفتح فتح مكة ‏"‏إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض‏.‏ فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة‏.‏ وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي‏.‏ ولم يحل لي إلا ساعة من نهار‏.‏ فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة‏.‏ لا يعضد شوكه‏.‏ ولا ينفر صيده‏.‏ ولا يلتقط إلا من عرفها‏.‏ ولا يختلي خلاها‏"‏ فقال العباس‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ إلا الإذخر‏.‏ فإنه لقينهم ولبيوتهم‏.‏ فقال ‏"‏إلا الإذخر‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏لا هجرة‏)‏ قال العلماء‏:‏ الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام باقية إلى يوم القيامة‏.‏ والمعنى لا هجرة بعد الفتح من مكة‏:‏ لأنها صارت دار إسلام‏.‏ وإنما تكون الهجرة من دار الحرب‏.‏ ‏(‏ولكن جهاد ونية‏)‏ معناه لكم طريق إلى تحصيل الفضائل التي في معنى الهجرة، وذلك بالجهاد ونية الخير في كل شيء‏.‏ ‏(‏وإذا استنفرتم فانفروا‏)‏ معناه إذا دعاكم السلطان إلى غزو فاذهبوا‏.‏ ‏(‏لا يعضد‏)‏ قال أهل اللغة‏:‏ العضد القطع‏.‏ ‏(‏ولا يختلى خلاها‏)‏ الخلا هو الرطب من الكلأ‏.‏ قالوا‏:‏ الخلا والعشب اسم للرطب منه‏.‏ والحشيش والهشيم اسم لليابس منه‏.‏ والكلأ يقع على الرطب واليابس‏.‏ ومعنى يختلى يؤخذ ويقطع‏.‏ ‏(‏الإذخر‏)‏ قال العلايلي في معجمه‏:‏ الإذخر نبات عشبي، من فصيلة النجيليات، له رائحة ليمونية عطرة، أزهاره تستعمل منقوعا كالشاي، ويقال له أيضا‏:‏ طيب العرب‏.‏ والإذخر المكي من الفصيلة نفسها، جذوره من الأفاويه، ينبت في السهول وفي المواضع الجافة الحارة‏.‏ ويقال له أيضا‏:‏ حلفاء مكة‏.‏ ‏(‏لقينهم ولبيوتهم‏)‏ القين هو الحداد والصائغ‏.‏ ومعناه يحتاج إليه القين في وقود النار‏.‏ ويحتاج إليه في القبور لتسد به فرج اللحد المتخللة بين اللبنات‏.‏ ويحتاج إليه في سقوف البيوت، يجعل فوق الخشب‏]‏‏.‏

‏(‏1353‏)‏ وحدثني محمد بن رافع‏.‏ حدثنا يحيى بن آدم‏.‏ حدثنا مفضل عن منصور، في هذا الإسناد، بمثله‏.‏ ولم يذكر ‏"‏يوم خلق السماوات والأرض‏"‏ وقال، بدل القتال ‏"‏القتل‏"‏ وقال ‏"‏لا يلتقط لقطته إلا من عرفها‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏لقطته‏)‏ اللقطة اسم الشيء الذي تجده ملقى فتأخذه‏.‏ والالتقاط هو أخذه‏.‏ وأصل اللقط الأخذ من حيث لا يحس‏]‏‏.‏

446 - ‏(‏1354‏)‏ حدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا ليث عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي شريح العدوي ؛ أنه قال لعمرو بن سعيد، وهو يبعث البعوث إلى مكة‏:‏ ائذن لي‏.‏ أيها الأمير ‏!‏ أحدثك قولا قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم، الغد من يوم الفتح‏.‏ سمعته أذناي‏.‏ ووعاه قلبي‏.‏ وأبصرته عيناي حين تكلم به‏.‏ أنه حمد الله وأثنى عليه‏.‏ ثم قال ‏"‏إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس‏.‏ فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ولا يعضد بها شجرة‏.‏ فإن أحد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فقولوا له‏:‏

إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم‏.‏ وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار‏.‏ وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس‏.‏ وليبلغ الشاهد الغائب‏"‏ فقيل لأبي شريح‏:‏ ما قال لك عمرو ‏؟‏ قال‏:‏ أنا أعلم بذلك منك‏.‏ يا أبا شريح ‏!‏ إن الحرم لا يعيذ عاصيا ولا فارا بدم ولا فارا بخربة‏.‏

‏[‏ش ‏(‏يبعث البعوث‏)‏ يعني لقتال ابن الزبير‏.‏ ‏(‏سمعته أذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناي‏)‏ أراد بهذا كله المبالغة في تحقيق حفظه إياه وتيقينه زمانه ومكانه ولفظه‏.‏ ‏(‏ترخص‏)‏ في المنجد‏:‏ ترخص في الأمر أخذ فيه بالرخصة‏.‏ والرخصة، قال في المقاييس‏:‏ الرخصة في الأمر خلاف التشديد‏.‏ ‏(‏لا يعيذ عاصيا‏)‏ أي لا يجيره ولا يعصمه، أراد به عبدالله بن الزبير‏.‏ ‏(‏ولا فارا بدم‏)‏ أي ولا يعيذ الحرم هاربا التجأ إليه بسبب من الأسباب الموجبة للقتل‏.‏ ‏(‏ولا فارا بخربة‏)‏ هي بفتح الخاء وإسكان الراء‏.‏ هذا هو المشهور‏.‏ ويقال بضم الخاء أيضا، حكاها القاضي وصاحب المطالع وآخرون‏.‏ وأصلها سرقة الإبل‏.‏ وتطلق على كل خيانة‏.‏ قال الخليل‏:‏ هي الفساد في الدين من الخارب، وهو اللص المفسد في الأرض‏]‏‏.‏

447 - ‏(‏1355‏)‏ حدثني زهير بن حرب وعبيدالله بن سعيد‏.‏ جميعا عن الوليد‏.‏ قال زهير‏:‏ حدثنا الوليد بن مسلم‏.‏ حدثنا الأوزاعي حدثني يحيى بن أبي كثير‏.‏ حدثني أبو سلمة ‏(‏هو ابن عبدالرحمن‏)‏‏.‏ حدثني أبو هريرة قال‏:‏ لما فتح الله عز وجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة‏.‏ قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه‏.‏ ثم قال‏:‏

‏"‏إن الله حبس عن مكة الفيل‏.‏ وسلط عليها رسولها والمؤمنين‏.‏ وإنها لن تحل لأحد كان قبلي‏.‏ وإنها أحلت لي ساعة من نهار‏.‏ وإنها لن تحل لأحد بعدي‏.‏ فلا ينفر صيدها‏.‏ ولا يختلي شوكها‏.‏ ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد‏.‏ ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين‏.‏ إما أن يفدى وإما أن يقتل‏"‏ فقال العباس‏:‏ إلا الإذخر‏.‏ يا رسول الله ‏!‏ فإنا نجعله في قبورنا وبيوتنا‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ إلا الإذخر‏"‏ فقام أبو شاه، رجل من أهل اليمن، فقال‏:‏ اكتبوا لي يا رسول الله ‏!‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏اكتبوا لأبي شاه‏"‏‏.‏

قال الوليد‏:‏ فقلت للأوزاعي‏:‏ ما قوله‏:‏ اكتبوا لي يا رسول الله ‏؟‏ قال‏:‏ هذه الخطبة التي سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

‏[‏ش ‏(‏ساقطتها‏)‏ معنى الساقطة ما سقط فيها بغفلة مالكه‏.‏ ‏(‏إلا لمنشد‏)‏ المنشد هو المعرف‏.‏ ‏(‏ومن قتل له قتيل ‏.‏‏.‏‏)‏ معناه‏:‏ ولي المقتول بالخيار‏.‏ إن شاء قتل القاتل، وإن شاء أخذ فداءه، وهي الدية‏]‏‏.‏

448 - ‏(‏1355‏)‏ حدثني إسحاق بن منصور‏.‏ أخبرنا عبيدالله بن موسى عن شيبان، عن يحيى‏.‏ أخبرني أبو سلمة ؛ أنه سمع أبا هريرة يقول‏:‏ إن خزاعة قتلوا رجلا من بني ليث‏.‏ عام فتح مكة‏.‏ بقتيل منهم قتلوه‏.‏ فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فركب راحلته فخطب فقال‏:‏

‏"‏إن الله عز وجل حبس عن مكة الفيل‏.‏ وسلط عليها رسوله والمؤمنين‏.‏ ألا وإنها لم تحل لأحد قبلي ولن تحل لأحد بعدي‏.‏ ألا وإنها أحلت لي ساعة من النهار‏.‏ ألا وإنها، ساعتي هذه، حرام‏.‏ لا يخبط شوكها ولا يعضد شجرها‏.‏ ولا يلتقط ساقطتها إلا منشد‏.‏ ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين‏.‏ إما أن يعطى ‏(‏يعني الدية‏)‏، وإما أن يقاد ‏(‏أهل القتيل‏)‏‏"‏ قال‏:‏ فجاء رجل من أهل اليمن يقال له أبو شاه فقال‏:‏ اكتب لي‏.‏ يا رسول الله ‏!‏ فقال ‏"‏اكتبوا لأبي شاه‏"‏‏.‏ فقال رجل من قريش‏:‏ إلا الإذخر‏.‏ فإنا نجعله في بيوتنا وقبورنا‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إلا الإذخر‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏بقتيل‏)‏ متعلق بقتلوا، أي بمقابلة مقتول من بني خزاعة قتله قاتل من بني ليث‏.‏ ‏(‏حبس عن مكة الفيل‏)‏ أي منعه من الدخول فيها حين جاء يقصد خراب الكعبة‏.‏ ‏(‏لا يخبط شوكها‏)‏ أي لا يقطع‏.‏ وأصل الخبط إسقاط الورق من الشجر‏.‏ ‏(‏وإما أن يقاد‏)‏ من الإقادة‏.‏ ومعناها تمكين ولي الدم من القود‏.‏ وأصله أنهم يدفعون القاتل لولى المقتول فيقوده بحبل‏]‏‏.‏

*3* ‏(‏83‏)‏ باب النهي عن حمل السلاح بمكة، بلا حاجة

449 - ‏(‏1356‏)‏ حدثني سلمة بن شبيب‏.‏ حدثنا ابن أعين‏.‏ حدثنا معقل عن أبي الزبير، عن جابر‏.‏ قال‏:‏ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏

‏"‏لا يحل لأحدكم أن يحمل بمكة السلاح‏"‏‏.‏

*3* ‏(‏84‏)‏ باب جواز دخول مكة بغير إحرم

450 - ‏(‏1357‏)‏ حدثنا عبدالله بن مسلمة القعنبي ويحيى بن يحيى وقتيبة بن سعيد ‏(‏أما القعنبي فقال‏:‏ قرأت على مالك بن أنس‏.‏ وأما قتيبة فقال‏:‏ حدثنا مالك‏)‏ وقال يحيى‏:‏ ‏(‏واللفظ له‏)‏ قلت لمالك‏:‏ أحدثك ابن شهاب عن أنس بن مالك ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه مغفر‏.‏ فلما نزعه جاءه رجل فقال‏:‏ ابن خطل متعلق بأستار الكعبة‏.‏ فقال ‏"‏اقتلوه‏"‏ ‏؟‏ فقال مالك‏:‏ نعم‏.‏

‏[‏ش ‏(‏مغفر‏)‏ المغفر هو ما يلبس على الرأس من درع الحديد‏.‏ ‏(‏اقتلوه‏)‏ قال العلماء‏:‏ إنما قتله لأنه كان ارتد عن الإسلام وقتل مسلما كان يخدمه‏.‏ وكان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم ويسبه‏.‏ وكانت له قينتان تغنيان بهجاء النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين‏]‏‏.‏

451 - ‏(‏1358‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى التميمي وقتيبة بن سعيد الثقفي‏.‏ ‏(‏قال يحيى‏:‏ أخبرنا‏.‏ وقال قتيبة‏:‏ حدثنا معاوية بن عمار الدهني‏)‏ عن أبي الزبير، عن جابر بن عبدالله الأنصاري ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة ‏(‏وقال قتيبة‏:‏ دخل يوم فتح مكة‏)‏ وعليه عمامة سوداء بغير إحرام‏.‏ وفي رواية قتيبة قال‏:‏ حدثنا أبو الزبير عن جابر‏.‏

‏(‏1358‏)‏ حدثنا علي بن حكم الأودي‏.‏ أخبرنا شريك عن عمار الدهني، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبدالله ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء‏.‏

452 - ‏(‏1359‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى وإسحاق بن إبراهيم‏.‏ قالا‏:‏ أخبرنا وكيع عن مساور الوراق، عن جعفر بن عمرو بن حريث، عن أبيه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس وعليه عمامة سوداء‏.‏

453 - ‏(‏1359‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة والحسن الحلواني‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا أبو أسامة عن مساور الوراق‏.‏ قال‏:‏ حدثني ‏(‏وفي رواية الحلواني قال‏:‏ سمعت جعفر بن عمرو بن حريث‏)‏ عن أبيه، قال‏:‏

كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على المنبر‏.‏ وعليه عمامة سوداء‏.‏ قد أرخى طرفيها بين كتفيه‏.‏ ولم يقل أبو بكر‏:‏ على المنبر‏.‏

‏[‏ش ‏(‏طرفيها‏)‏ هكذا هو في جميع نسخ بلادنا وغيرها‏:‏ طرفيها بالتثنية‏.‏ وكذا هو في الجمع بين الصحيحين للحميدي‏.‏ وذكر القاضي عياض أن الصواب المعروف طرفها بالإفراد‏.‏ وإن بعضهم رواه طرفيها بالتثنية‏]‏‏.‏

*3* ‏(‏85‏)‏ باب فضل المدينة، ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة‏.‏ وبيان تحريمها وتحريم صيدها وشجرها‏.‏ وبيان حدود حرمها

454 - ‏(‏1360‏)‏ حدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا عبدالعزيز ‏(‏يعني ابن محمد الدراوردي‏)‏ عن عمرو بن يحيى المازني، عن عباد بن تميم، عن عمه عبدالله بن زيد بن عاصم ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏إن إبراهيم حرم مكة ودعا لأهلها‏.‏ وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة‏.‏ وإني دعوت في صاعها ومدها بمثلى ما دعا به إبراهيم لأهل مكة‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏في صاعها ومدها‏)‏ أي فيما يكال بهما‏.‏ فهو من باب ذكر المحل وإرادة الحال لأن الدعاء إنما هو للبركة في الطعام المكيل، لا في المكاييل‏.‏ والمد مكيال دون الصاع‏]‏‏.‏

455 - ‏(‏1360‏)‏ وحدثنيه أبو كامل الجحدري‏.‏ حدثنا عبدالعزيز ‏(‏يعني ابن المختار‏)‏‏.‏ ح وحدثنا أبو كامل بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا خالد بن مخلد‏.‏ حدثني سليمان بن بلال‏.‏ ح وحدثناه إسحاق بن إبراهيم‏.‏ أخبرنا المخزومي‏.‏ حدثنا وهيب‏.‏ كلهم عن عمرو بن يحيى ‏(‏هو المازني‏)‏ بهذا الإسناد‏.‏ أما حديث وهيب فكرواية الدراوردي ‏"‏بمثلي ما دعا به إبراهيم‏"‏وأما سليمان بن بلال وعبدالعزيز بن المختار، ففي روايتهما ‏"‏مثل ما دعا به إبراهيم‏"‏‏.‏

456 - ‏(‏1361‏)‏ وحدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا بكر ‏(‏يعني ابن مضر‏)‏ عن ابن الهاد، عن أبي بكر بن محمد، عن عبدالله بن عمرو ابن عثمان، عن رافع بن خديج‏.‏ قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏إن إبراهيم حرم مكة‏.‏ وإني أحرم ما بين لابتيها‏"‏‏.‏ ‏(‏يريد المدينة‏)‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏لابتيها‏)‏ اللابة هي الحرة‏.‏ والمدينة المنورة بين حرتين شرقية وغربية تكتنفانها‏.‏ والحرة هي الأرض ذات الحجارة السود، كأنها أحرقت بالنار‏.‏ ومعنى ذلك اللابتان وما بينهما‏.‏ والمراد تحريم المدينة ولا بتيها‏]‏‏.‏

457 - ‏(‏1361‏)‏ وحدثنا عبدالله بن مسلمة بن قعنب‏.‏ حدثنا سليمان بن بلال عن عتبة بن مسلم، عن نافع بن جبير ؛ أن مروان بن الحكم خطب الناس‏.‏ فذكر مكة وأهلها وحرمتها‏.‏ ولم يذكر المدينة وأهلها وحرمتها‏.‏ فناداه رافع بن خديج‏.‏ فقال‏:‏

ما لي أسمعك ذكرت مكة وأهلها وحرمتها، ولم تذكر المدينة وأهلها وحرمتها‏.‏ وقد حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين لابتيها‏.‏ وذلك عندنا في أديم خولاني إن شئت أقرأتكه‏.‏ قال‏:‏ فسكت مروان ثم قال‏:‏ قد سمعت بعض ذلك‏.‏

‏[‏ش ‏(‏وذلك عندنا في أديم خولاني‏)‏ هذا قول رافع بن خديج‏.‏ وهو صحابي أنصاري شهد أحدا وما بعدها‏.‏ يريد رافع أن حديث تحريم المدينة محفوظ عندنا بالكتابة في جلد مدبوغ منسوب إلى خولان وهي، كما في معجم البلدان، كورة من كور اليمن‏.‏ وقرية كانت بقرب دمشق خربت‏.‏ بها قبر أبي مسلم الخولاني‏.‏ ولعل أديم تلك النواحي في تلك الزمان كان من أنعم الجلود التي يكتبون فيها ‏]‏‏.‏

458 - ‏(‏1362‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد‏.‏ كلاهما عن أبي أحمد‏.‏ قال أبو بكر‏:‏ حدثنا محمد بن عبدالله الأسدي‏.‏ حدثنا سفيان عن أبي الزبير، عن جابر، قال‏:‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏إن إبراهيم حرم مكة‏.‏ وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها‏.‏ لا يقطع عضاهها ولا يصاد صيدها‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏عضاهها‏)‏ العضاه كل شجر يعظم وله شوك‏.‏ واحدها عضاهة، وعضهة وعضة‏]‏‏.‏

459 - ‏(‏1363‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا عبدالله بن نمير‏.‏ ح وحدثنا ابن نمير‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا عثمان بن حكيم‏.‏ حدثني عامر بن سعد عن أبيه‏.‏ قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏إني أحرم ما بين لابتي المدينة‏.‏ أن يقطع عضاهها‏.‏ أو يقتل صيدها‏"‏‏.‏ وقال ‏"‏ المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون‏.‏ لا يدعها أحد رغبة عنه إلا أبدل الله فيها من هو خير منه‏.‏ ولا يثبت أحد على لأوائها وجهدها إلا كنت له شفيعا، أو شهيدا، يوم القيامة‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏لأوائها‏)‏ قال أهل اللغة‏:‏ اللأواء الشدة والجوع‏.‏ ‏(‏وجهدها‏)‏ والجهد هو المشقة‏.‏ ‏(‏شفيعا أو شهيدا‏)‏ أو بمعنى الواو‏.‏ أو للتقسيم‏.‏ أي شفيعا لقوم وشهيدا لآخرين‏.‏ قال القاضي عياض‏:‏ إن هذا الحديث رواه جابر وسعد وابن عمر وأبو سعيد وأبو هريرة وأسماء بنت عميس وصفية بنت أبي عبيد رضي الله عنهم، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بهذا اللفظ‏.‏ ويبعد اتفاق جميعهم أو رواتهم على الشك وتطابقهم فيه على صيغة واحدة‏.‏ بل الأظهر أنه قاله صلى الله عليه وسلم هكذا ‏]‏‏.‏

460 - ‏(‏1363‏)‏ وحدثنا ابن أبي عمر‏.‏ حدثنا مروان بن معاوية‏.‏ حدثنا عثمان بن حكيم الأنصاري‏.‏ أخبرني عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏.‏ ثم ذكر مثل حديث ابن نمير‏.‏ وزاد في الحديث ‏"‏ولا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص، أو ذوب الملح في الماء‏"‏‏.‏

461 - ‏(‏1364‏)‏ وحدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد‏.‏ جميعا عن العقدي‏.‏ قال عبد‏:‏ أخبرنا عبدالملك بن عمرو‏.‏ حدثنا عبدالله بن جعفر عن إسماعيل بن محمد، عن عامر بن سعد ؛ أن سعدا ركب إلى قصره بالعقيق‏.‏ فوجد عبدا يقطع شجرا أو يخبطه‏.‏ فسلبه‏.‏ فلما رجع سعد، جاءه أهل العبد فكلموه أن يرد على غلامهم، أو عليهم، ما أخذ من غلامهم فقال‏:‏ معاذ الله ‏!‏ أن أرد شيئا نفلنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وأبى أن يرد عليهم‏.‏

‏[‏ش ‏(‏أو يخبطه‏)‏ الخبط جاء هنا عديلا للقطع، فيراد به معناه الأصلي، وهو إسقاط الورق‏.‏ ‏(‏فسلبه‏)‏ أي أخذ ما عليه ما عدا الساتر لعورته، زجرا له عن العودة لمثله‏.‏ ‏(‏نفلنيه‏)‏ التنفيل إعطاء النفل‏.‏ أي أعطانيه زيادة على نصيبي من قسمة الغنيمة‏]‏‏.‏

462 - ‏(‏1365‏)‏ حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وابن حجر‏.‏ جميعا عن إسماعيل‏.‏ قال ابن أيوب‏:‏ حدثنا إسماعيل بن جعفر‏.‏ أخبرني عمرو بن أبي عمرو، مولى المطلب بن عبدالله بن حنطب ؛ أنه سمع أنس بن مالك يقول‏:‏

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة ‏"‏ التمس لي غلاما من غلمانكم يخدمني‏"‏‏.‏ فخرج بي أبو طلحة يردفني وراءه‏.‏ فكنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما نزل‏.‏ وقال في الحديث‏:‏ ثم أقبل، حتى إذا بدا له أحد قال‏:‏ ‏"‏هذا جبل يحبنا ونحبه‏"‏ فلما أشرف على المدينة قال‏:‏ ‏"‏اللهم ‏!‏ إني أحرم ما بين جبليها مثل ما حرم به إبراهيم مكة‏.‏ اللهم ‏!‏ بارك لهم في مدهم وصاعهم‏"‏‏.‏

‏(‏1365‏)‏ وحدثناه سعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا يعقوب ‏(‏وهو ابن عبدالرحمن القارئ‏)‏ عن عمرو بن أبي عمرو، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثله‏.‏ غير أنه قال ‏"‏إني أحرم ما بين لابتيها‏"‏‏.‏

463 - ‏(‏1366‏)‏ وحدثناه حامد بن عمر‏.‏ حدثنا عبدالواحد‏.‏ حدثنا عاصم‏.‏ قال‏:‏ قلت لأنس بن مالك‏:‏

أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ ما بين كذا إلى كذا‏.‏ فمن أحدث فيها حدثا‏.‏ قال ثم قال لي‏:‏ هذه شديدة ‏"‏من أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين‏.‏ لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا‏"‏ قال فقال ابن أنس‏:‏ أو آوى محدثا‏.‏

‏[‏ش ‏(‏فمن أحدث فيها حدثا‏)‏ معناه من أتى فيها إثما‏.‏ ‏(‏صرفا ولا عدلا‏)‏ قال الأصمعي‏:‏ الصرف التوبة، والعدل الفدية‏:‏ وروى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ قال القاضي‏:‏ وقيل المعنى لا تقبل فريضته ولا نافلته قبول رضا، وإن قبلت قبول جزاء‏.‏ ‏(‏أو آوى محدثا‏)‏ أي آوى من أتاه وضمه إليه وحماه‏.‏ ويقال‏:‏ أوى بالقصر والمد، في الفعل اللازم والمتعدي جميعا‏.‏ لكن القصر في اللازم أشهر وأفصح‏.‏ والمد في المتعدي أشهر وأفصح‏.‏ وبالأفصح جاء القرآن العزيز في الموضعين‏]‏‏.‏

464 - ‏(‏1366‏)‏ حدثني زهير بن حرب‏.‏ حدثنا يزيد بن هارون‏.‏ أخبرنا عاصم الأحول‏.‏ قال‏:‏ سألت أنسا‏:‏

أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ هي حرام‏.‏ لا يختلى خلاها‏.‏ فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين‏.‏

465 - ‏(‏1368‏)‏ حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس، فيما قرئ عليه من إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏اللهم ‏!‏ بارك لهم في مكيالهم‏.‏ وبارك لهم في صاعهم‏.‏ وبارك لهم في مدهم‏"‏‏.‏

466 - ‏(‏1369‏)‏ وحدثني زهير بن حرب وإبراهيم بن محمد السامي‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا وهب بن جرير‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ قال‏:‏ سمعت يونس يحدث عن الزهري، عن أنس بن مالك، قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏اللهم ‏!‏ اجعل بالمدينة ضعفي ما بمكة من البركة‏"‏‏.‏

467 - ‏(‏1370‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وأبو كريب‏.‏ جميعا عن أبي معاوية‏.‏ قال أبو كريب‏:‏ حدثنا أبو معاوية‏.‏ حدثنا الأعمش عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، قال‏:‏

خطبنا علي بن أبي طالب فقال‏:‏ من زعم أن عندنا شيئا نقرأه إلا كتاب الله وهذه الصحيفة ‏(‏قال‏:‏ وصحيفة معلقة في قراب سيفه‏)‏ فقد كذب‏.‏ فيها أسنان الإبل‏.‏ وأشياء من الجراحات‏.‏ وفيها قال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ المدينة حرم ما بين عير إلى ثور‏.‏ فمن أحدث فيها حدثا‏.‏ أو آوى محدثا‏.‏ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين‏.‏ لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا‏.‏ وذمة المسلمين واحدة‏.‏ يسعى بها أدناهم‏.‏ ومن ادعى إلى غير أبيه، أو انتمى إلى غير مواليه‏.‏ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين‏.‏ لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا‏"‏‏.‏ وانتهى حديث أبي بكر وزهير عند قوله ‏"‏يسعى بها أدناهم‏"‏ ولم يذكرا ما بعده‏.‏ وليس في حديثهما‏:‏ معلقة في قرب سيفه‏.‏

‏[‏ش ‏(‏في قراب سيفه‏)‏ القراب هو الغلاف الذي يجعل فيه السيف بغمده‏.‏ ‏(‏فقد كذب‏)‏ قال النووي‏:‏ هذا تصريح من علي رضي الله تعالى عنه بإبطال ما تزعمه الرافضة والشيعة ويخترعونه من قولهم‏:‏ إن عليا أوصى إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأمور كثيرة من أسرار العلم وقواعد الدين وكنوز الشريعة‏.‏ وإنه صلى الله عليه وسلم خص أهل البيت بما لم يطلع عليه غيرهم‏.‏ وهذه دعاوي باطلة واختراعات فاسدة لا أصل لها‏.‏ ويكفي في إبطالها قول علي رضي الله عنه هذا‏.‏ ‏(‏فيها أسنان الإبل‏)‏ أي في تلك الصحيفة بيان أسنان الإبل التي تعطى دية‏.‏ ‏(‏المدينة حرم ما بين عير إلى ثور‏)‏ هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، في‏:‏ 85 - كتاب الفرائض، 21 - باب إثم من تبرأ من مواليه‏.‏ فهو من الأحاديث المتفق عليها بين الشيخين‏.‏ ورواته لا يمكن أن يتطرق الوهن أو الشك إلى روايتهم‏.‏ والحديث قاله سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، وسمعه منه أهل المدينة، ومنهم الإمام علي بن أبي طالب‏.‏ وقد حرص عليه أيما حرص، فكتبه في صحيفته المشهورة المعلقة في قراب سيفه‏.‏ ومع كل هذا فقد ظهر بين المتقدمين من يدعى مصعبا الزبيري، فألقى بها كلمة طاعنة في متن الحديث، حيث قال‏:‏ ليس في المدينة عير ولا ثور‏.‏ يا عجبا ‏!‏ لهذه الجرأة‏.‏ وتبعه أبو عبيد فقال‏:‏ ما بين عير وثور، هذه رواية أهل العراق، وأما أهل المدينة فلا يعرفون جبلا عندهم يقال له ثور‏.‏ وإنما ثور بمكة‏.‏ وأقول أنا‏:‏ وجود جبل بمكة اسمه ثور لا ينفى وجود جبل بالمدينة، بهذا الاسم، اللهم ‏!‏ إلا الجهل الذي يسمونه علما‏.‏ ولقد روى الإمام البخاري، في صحيحه، في 65 - كتاب التفسير، 38 سورة ص، 3 باب وما أنا من المتكلفين‏:‏

عن مسروق قال‏:‏ دخلنا على عبدالله بن مسعود‏.‏ قال‏:‏ يا أيها الناس ‏!‏ من علم شيئا فليقل به‏.‏ ومن لم يعلم، فليقل‏:‏ الله أعلم‏.‏ فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم‏:‏ الله أعلم‏.‏

-----------------------------------------

وقد أخذ العلماء قول مصعب وأبي عبيد حجة بدون تمحيص ولا تحقيق‏:‏

يقولون أقوالا ولا يعلمونها * ولوقيل‏:‏ هاتوا حققوا‏.‏لم يحققوا

ثم تناولوا الحديث بالتخريج والتأويل، مما دل على اضطراب ذهن ليس له مثيل‏.‏

ووقع بسبب هذا القول، في الخطأ الشنيع، ثلاثة من كبار المؤلفين‏:‏

أولهم أبو عبيد البكري، المتوفي عام 487 هـ، في كتابه معجم من استعجم‏.‏ والثاني ابن الأثير، المتوفي عام 606 هـ، في كتابه النهاية في غريب الحديث والأثر‏.‏ والثالث ياقوت الحموي، المتوفي عام 626 هـ، في كتابه معجم البلدان‏.‏ قال في معجم ما استعجم‏:‏

وذكر أبو عبيد ‏(‏هو القاسم بن سلام، بتشديد اللام، كما حرر ذلك ابن خلكان في الوفيات، وكما جاء في نزهة الألبا في طبقات الأدبا لابن الأنباري، إذ قال‏:‏ وقد رثاه عبدالله بن طاهر بقوله‏:‏

يا طالب العلم قد أودى ابن سلام * وكان فارس علم غير محجام

لا بالتخفيف كما نص عليه صاحب التاج وتبعه الأستاذ مصطفى السقا في تعليقه على هذا‏)‏ هذا الحديث‏.‏ وقال‏:‏ عير وثور جبلان بالمدينة‏.‏ قال‏:‏ وهذا حديث أهل العراق‏.‏ وأهل المدينة لا يعرفون بالمدينة جبلا يقال له ثور‏.‏ وإنما ثور بمكة‏.‏ فيرى أن الحديث إنما أصله ‏"‏ما بين عير إلى أحد‏"‏‏!‏‏!‏‏!‏

وقال ابن الأثير‏.‏ وفيه أنه حرم المدينة ما بين عير إلى ثور‏.‏ هما جبلان‏.‏ أما عير فجبل معروف بالمدينة‏.‏ وأما ثور فالمعروف أنه بمكة، وفيه الغار الذي بات به النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر‏.‏ وفي رواية قليلة‏:‏ ما بين عير وأحد‏.‏ وأحد بالمدينة، فيكون ثور غلطا من الراوي، وإن كان هو الأشهر في الرواية والأكثر‏.‏ وقيل إن عيرا جبل بمكة، ويكون المراد أنه حرم من المدينة قدر ما بين عير وثور من مكة، أو حرم المدينة تحريما مثل تحريم ما بين عير وثور بمكة، على حذف المضاف، ووصف المصدر بالمحذوف‏.‏

وقال ياقوت‏:‏ وفي حديث المدينة إنه صلى الله عليه وسلم حرم ما بين عير إلى ثور‏.‏‏.‏ قال أبو عبيد‏:‏ أهل المدينة لا يعرفون بالمدينة جبلا يقال له ثور‏.‏ وإنما ثور بمكة‏.‏ فيرى أهل الحديث أنه حرم ما بين عير إلى أحد‏.‏ وقال غيره‏:‏ إلى بمعنى مع‏.‏ كأنه جعل المدينة مضافة إلى مكة في التحريم، وقد ترك بعض الرواة موضع ثور بياضا ليبين الوهم‏.‏ وضرب آخرون عليه‏.‏ وقال بعض الرواة‏:‏ من عير إلى كدى‏.‏ وفي رواية ابن سلام‏:‏ من عير إلى أحد‏.‏ والأول أشهر وأشد‏.‏

وكل هذا التخريج، وإن شئت فقل التخريف، والتأويل لا ينحط الإنسان إليه إلا بخذلان من الله‏.‏ وما توفيقي إلا بالله‏.‏ ورضي الله سبحانه وتعالى عن أستاذ الدنيا في علم الحديث الحافظ ابن حجر العسقلاني حيث قال في كتابه، قاموس السنة المحيط، فتح الباري، في 29 - كتاب فضائل المدينة، 1 - باب حرم المدينة، ما نصه‏:‏ ‏"‏وقال المحب الطبري‏"‏ في الأحكام‏:‏ بعد حكاية كلام أبي عبيد ومن تبعه قد أخبرني الثقة العالم أبو محمد عبدالسلام البصري، أن حذاء أحد، عن يساره، جانحا إلى ورائه، جبل صغير يقال له‏:‏ ثور‏.‏ وأخبر أنه تكرر سؤاله عنه لطوائف من العرب العارفين بتلك الأرض وما فيها من الجبال، فكل أخبر أن ذلك الجبل أسمه ثور‏.‏ وتواردوا على ذلك‏.‏

فعلمنا أن ذكر ثور في الحديث صحيح‏.‏ وأن عدم علم أكابر العلماء به، لعدم شهرته، وعدم بحثهم عنه‏.‏ قال‏:‏ وهذه فائدة جليلة‏.‏ انتهى‏.‏

ثم قال الحافظ‏:‏ وقرأت بخط شيخ شيوخنا الحلبي في شرحه‏:‏ حكى لنا شيخنا أبو محمد عبدالسلام ابن مزروع البصري أنه خرج رسولا إلى العراق‏.‏ فلما رجع إلى المدينة كان معه دليل‏.‏ وكان يذكر له الأماكن والجبال‏.‏ قال‏:‏ فلما وصلنا إلى أحد، إذا بقربه جبل صغير‏.‏ فسألته عنه ‏؟‏ فقال‏:‏ هذا يسمى ثورا‏.‏ قال‏:‏ فعلمت صحة الرواية‏.‏

‏(‏قلت‏)‏ وكان هذا مبدأ سؤاله عن ذلك‏.‏

وذكر شيخنا أبو بكر بن حسين المراغي، نزيل المدينة، في مختصره لأخبار المدينة، أن خلف أهل المدينة ينقلون عن سلفهم ؛ إن خلف أحد، من جهة الشمال، جبلا صغيرا إلى الحمرة بتدوير، يسمى ثورا‏.‏ قال‏:‏ وقد تحققته بالمشاهدة‏.‏ 1 هـ‏.‏ من الفتح‏.‏

وقال الفيروز أبادي، في القاموس المحيط، الذي هو أكثر كتب اللغة تداولا بين الأيدي‏:‏ ‏(‏ثور‏)‏ جبل بالمدينة‏.‏ ومنه الحديث الصحيح‏.‏ المدينة حرم ما بين عير إلى ثور‏.‏ وأما قول أبي عبيد بن سلام، وغيره من الأكابر الأعلام‏:‏ إن هذا تصحف‏.‏ والصواب‏:‏ إلى أحد، لأن ثورا إنما هو بمكة - فغير جيد‏.‏

لما أخبرني الشجاع البعلي، الشيخ الزاهد، عن الحافظ أبي محمد عبدالسلام البصري أن حذاء أحد، جانحا إلى ورائه، جبلا صغيرا يقال له‏:‏ ثور‏.‏ وتكرر سؤالي عنه طوائف من العرب العارفين بتلك الأرض‏.‏ فكل أخبرني أن اسمه ثور‏.‏

ولما كتب إلى الشيخ عفيف الدين المطري، عن والده الحافظ الثقة، قال‏:‏ إن خلف أحد، عن شماليه، جبلا صغيرا مدورا يعرفه أهل المدينة، خلفا عن سلف‏.‏

وقد أيد العلماء المعاصرون ما أورده الحافظ في الفتح والمجد في القاموس، وأكدوه تمام التأكيد‏.‏

فقد ذكر العلامة الجليل، والمؤرخ المحقق النبيل، الدكتور محمد حسين هيكل، في كتابه ‏"‏في منزل الوحي‏"‏ ص 581 عند ذكر الحديث ‏"‏إني أحرم ما بين جبليها مثل ما حرم إبراهيم مكة‏"‏‏.‏

قال حفظه الله‏:‏ وجبلا المدينة المقصودان هما عير وأحد‏.‏ أو عير وثور الواقع وراء أحد، ليدخل أحد في الحرم‏.‏ ولا بتا المدينة هما الحرتان واقم الوبرة‏.‏ أولاهما في شرق المدينة والثانية في غربها‏.‏ والجبلان‏:‏ عير في جنوبها، وثور في شمالها‏.‏ وهذه هي حدود المدينة الأربعة‏.‏

ونشر أمام الصفحة 512 خريطة أثرية تقريبية للمدينة المنورة‏.‏ وهنا في رأس الخريطة من جهة الشمال، وراء جبل أحد، يقع جبل ثور‏.‏

وقد أرشدني حفظه الله إلى كتاب‏"‏ آثار المدينة المنورة، لمؤلفه الأستاذ عبدالقدوس الأنصاري‏.‏ الذي اتصل به منذ نزل المدينة‏.‏ وقد ذكر له فضله، وشكره أجمل شكر على إرشاده ومعاونته ص 440‏.‏

وهذا الكتاب مطبوع عام 1353 هـ - 1935 م‏.‏ وقد نشر به الخريطة الأثرية التقريبية للمدينة المنورة، وهي خريطة مطابقة تمام المطابقة للخريطة المنشورة في كتاب ‏"‏في منزل الوحي‏"‏ وكأن إحداهما صورة من الأخرى‏.‏ وقد قال صاحب هذا الكتاب ص 139 تحت عنوان‏:‏ ‏(‏عير وثور‏)‏

اسما جبلي من جبال المدينة، أولهما عظيم شامخ يقع بجنوب المدينة على مسافة ساعتين عنها تقريبا‏.‏ وثانيهما أحمر صغير يقع شمال أحد‏.‏ ويحدان حرم المدينة جنوبا وشمالا‏.‏

فليرمج ما بالنهاية وما بمعجم البلدان من هذا الجهل المظلم الفاضح وليوضع بدله هذا العلم النير الواضح‏.‏

أما معجم ما استعجم فقد تولى تصحيحه ما ارتطم به صاحبه من الخطأ محققه الأستاذ مصطفى السقا فنقل ما جاء في الزبيدي شارح القاموس‏.‏ ولكنه لم يفصل بين قول المجد وقول الشارح‏.‏

وقد أمدني حضرة السيد صاحب ‏"‏الأعلام‏"‏ بكتاب اسمه ‏(‏كتاب عمدة الأخبار في مدينة المختار‏)‏ للمحقق العلامة الشيخ أحمد بن عبدالحميد‏.‏ نشره السيد أسعد طرابزوني الحسيني‏.‏ جاء فيه ص 249 ما يأتي‏.‏

‏"‏ثور جبل صغير جدا وراء أحد‏.‏ وقال بعض الحفاظ‏:‏ أن خلف أحد من شماله جبلا صغيرا مدورا يسمى ثورا يعرفه أهل المدينة‏.‏

قلت‏:‏ وأنا منهم إن شاء الله‏.‏ ورأيته وعاينته، وليس الخبر كالعيان‏"‏‏.‏

ثم نقل ما قاله أبو عبيد، وما تأوله المتأولون‏.‏

ثم قال‏:‏ وقد قال العلامة مجد الدين الفيروز أبادي‏:‏ لا أدري كيف وقعت المسارعة من هؤلاء الأعلام إلى أثبات وهم في الحديث الصحيح المتفق على صحته، بمجرد دعوى أن أهل المدينة لا يعرفون جبلا يسمى ثورا‏"‏‏.‏

وللصديق الرجل العظيم المؤرخ المحقق السيد خير الدين الزركلي شكري الجزيل من خالص قلبي على اهتمامه بهذا الموضوع وجليل عنايته به ثم إمدادي بهذا الكتاب وكتاب آثار المدينة المنورة‏.‏ وانظر‏:‏ ج 1 ص 66 من وفاء الوفا‏.‏

وبعد كل هذا التحقيق الدقيق يجيء صديقنا الأستاذ العلامة الشيخ أحمد محمد شاكر فلا يلتفت إلى شيء من هذا، بل يمضي في شرحه للحديث 615 من المسند بنقل ما جاء في النهاية لابن الأثير، حرفا بحرف‏.‏ ثم يشير إلى ماجاء في معجم البلدان‏.‏

فينبغي ترميج هذا السخف أيضا‏.‏ وفوق كل ذي علم عليم‏.‏

---------------------------------

‏(‏وذمة المسلمين واحدة‏)‏ المراد بالذمة هنا الأمان‏.‏ معناه أن أمان المسلمين للكافر صحيح‏.‏ فإذا أمنه أحد المسلمين حرم على غيره التعرض له ما دام في أمان المسلم‏.‏ ‏(‏يسعي بها أدناهم‏)‏ أي يتولاها ويلي أمرها أدني المسلمين مرتبة‏.‏ ‏(‏ومن ادعى إلى غير أبيه‏)‏ هذا صريح في غلظ تحريم انتماء الإنسان إلى غير أبيه، أو انتماء العتيق إلى ولا ء غير مواليه لما فيه من كفر النعمة وتضييع حقوق الإرث والولاء والعقل وغير ذلك، مع ما فيه من قطيعة الرحم والعقوق‏]‏‏.‏

468 - ‏(‏1370‏)‏ وحدثني علي بن حجر السعدي‏.‏ أخبرنا علي بن مسهر‏.‏ ح وحدثني أبو سعيد الأشج‏.‏ حدثنا وكيع‏.‏ جميعا عن الأعمش، بهذا الإسناد، نحو حديث أبي كريب عن أبي معاوية إلى آخره‏.‏ وزاد في الحديث

‏"‏فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين‏.‏ لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل‏"‏ وليس في حديثهما ‏"‏من ادعى إلى غير أبيه‏"‏ وليس في رواية وكيع، ذكر يوم القيامة‏.‏

‏[‏ش ‏(‏فمن اخفر مسلما‏)‏ معناه من نقض أمان مسلم، فتعرض لكافر أمنه مسلم‏.‏ قال أهل اللغة‏:‏ يقال أخفرت الرجل إذا نقضت عهده، وخفرته إذا أمنته‏]‏‏.‏

‏(‏1370‏)‏ وحدثني عبدالله بن عمر القواريري ومحمد بن أبي بكر المقدمي‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا عبدالرحمن بن مهدي‏.‏ حدثنا سفيان عن الأعمش، بهذا الإسناد، نحو حديث ابن مسهر ووكيع‏.‏ إلا قوله ‏"‏من تولى غير مواليه‏"‏ وذكر اللعنة له‏.‏

469 - ‏(‏1371‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا حسين بن علي الجعفي عن زائدة، عن سليمان، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ قال‏:‏

‏"‏المدينة حرم‏.‏ فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين‏.‏ لا يقبل منه يوم القيامة عدل ولا صرف‏"‏‏.‏

470 - ‏(‏1371‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن النضر بن أبي النضر‏.‏ حدثني أبو النضر‏.‏ حدثني عبيدالله الأشجعي عن سفيان، عن الأعمش، بهذا الإسناد، مثله‏.‏ ولم يقل ‏"‏يوم القيامة‏"‏ وزاد ‏"‏وذمة المسلمين واحدة‏.‏ يسعى بها أدناهم‏.‏ فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين‏.‏ لا يقبل منه يوم القيامة عدل ولا صرف‏"‏‏.‏

471 - ‏(‏1372‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة ؛ أنه كان يقول

لو رأيت الظباء ترتع بالمدينة ما ذعرتها‏.‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ما بين لابتيها حرام‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏لو رأيت الظباء ترتع بالمدينة ما ذعرتها‏)‏ معنى ترتع ترعى‏.‏ وقيل تسعى وتنبسط‏.‏ ومعنى ذعرتها أزعجتها‏.‏ وقيل نفرتها‏.‏ وكنى بذلك عن عدم صيدها‏]‏‏.‏

472 - ‏(‏1372‏)‏ وحدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رافع وعبد بن حميد‏.‏ قال إسحاق‏:‏ أخبرنا عبدالرزاق‏.‏ حدثنا معمر عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة‏.‏ قال‏:‏

حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين لا بتي المدينة‏.‏ قال أبو هريرة‏:‏ فلو وجدت الظباء ما بين لابتيها ما ذعرتها‏.‏ وجعل اثني عشر ميلا، حول المدينة، حمى‏.‏

473 - ‏(‏1373‏)‏ حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس ‏(‏فيما قرئ عليه‏)‏ عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة ؛ أنه قال‏:‏

كان الناس إذا رأوا أول الثمر جاءوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ فإذا أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏اللهم ‏!‏ بارك لنا في ثمرنا‏.‏ وبارك لنا في مدينتنا‏.‏ وبارك لنا في صاعنا‏.‏ وبارك لنا في مدنا ‏!‏ اللهم ‏!‏ إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك‏.‏ وإني عبدك ونبيك‏.‏ وإنه دعاك لمكة‏.‏ وإني أدعوك للمدينة‏.‏ بمثل مادعاك لمكة‏.‏ ومثله معه‏"‏‏.‏ قال‏:‏ ثم يدعو أصغر وليد له فيعطيه ذلك الثمر‏.‏

474 - ‏(‏1373‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا عبدالعزيز بن محمد المدني عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بأول الثمر فيقول‏:‏

‏"‏اللهم ‏!‏ بارك لنا في مدينتنا وفي ثمارنا وفي مدنا وفي صاعنا‏.‏ بركة مع بركة‏"‏‏.‏ ثم يعطيه أصغر من يحضره من الولدان‏.‏