الاميران ياسمين ومازر --الجزء الاول من الفصل الاول من القصة الاولى

المقدمة

ألأميران "ياسمين" و "مازر"

بقلم أبو ليلى البيروتي

 

أول قصص”المحارب”  رواها لي وهو يعمل بأمرٍ أتاه من سيده، ولم يَبُح لي بإسم سيده رغم طول معرفتنا ، حارسا لأميرة صبية في مقتبل العمر جميلة ،مرهفة الحس ،شاعرة لا ترغب في زواج ولا تغُرُّها المراكز ولا تأبه لمجوهرات هي لها بحكم ولادتها ولا تأبه لما يُهدى لها،  وكانت فارسة شجاعة مقدامة، شجاعتها موروثة من عائلة أسبغ الله عليها كل نِعَمِه ورضي  عنها وأرضاها  لعدلها وكرمها وإدارتها الحكيمة لشؤون البلاد وقد رضي الناس بها فأصبحوا وكأنهم أهل تلك العائلة يفرحون لفرحها ويحزنون لحزنها  فعاشوا بفرح وحرية وتضامن واكتفاء بما أنعم الله عليهم وعلى أهلهم وأولادهم وطبعا لم يكن ينقصهم من حاجات الدنيا شيء على الإطلاق.

 

أما الأميرة "ياسمين" فكان لها عند الناس محبة خاصة ، فهم عرفوها عن قرب وهي لم تتعالَ على أيٍّ إنسان فكانت تعيش بينهم ولهم  تنظر في حاجاتهم وتؤمِّنها ، وهي تعرف كل فرد من أفراد الرعية بالإسم ،  لهذا لم تكن بينهم أسرار ولا من يرغب منهم في إخفاء أمر عن الآخر. هم أهلها وهم حُرَّاسها وهي صديقتهم وحاميتهم . لهذا لم يكن من بُدٍّ لسؤال ”المحارب”عن سبب تعيينه حارساً لها إذ لا أعداء لها تخافهم ولا حُسَّاد تتقي شرَّهم ولا من يهدد حياتها أو حياة والديها الملكين ولا من يخشاه الناس فتدفعه عنهم ، وهي الفارسة التي لا يُشَقُّ لها غبار ولها من تاريخها ما يُطَمئِن الناس كما الوالدين بالإستقرار والأمان. وكان الكل يعمل بصدقٍ وإيمان للإرتقاء  إلى أعلى مراتب الحياة بتشجيع ومساعدة الأميرة والملكين. .

 

الدولة المملكة التي رعاها أبواها الملِكان وأجدادُها الميامين الأتقياء لم تكن لها ممالك مجاورة تخشاها فهي كانت جزيرة كبيرة بعيدة عن الطرق البحرية المعروفة والتي كانت ترتادها سفن التجارة أو الصيد ولم يكن في مرآها أو في نطاق أسفار أهلها جزر أخرى مسكونة. فكانت هذه الجزيرة بعيدة عن أطماع الممالك الأخرى لأنهم لا يعرفون أنها موجودة أصلاً.

 

سألت ”المحارب” قلت: ما تروي يفترض عدم حاجة الأميرة "ياسمين" لحراسة وما ينطبق عليها ينطبق على أهلها والشعب فلا أعداء ولا حُسّاد ولا غُرباء تنقصهم الخبرة في معرفة نياتهم. والسؤال الذي يفرض نفسه هو، ماذا عدا مما بدا فقرر سيدك إرسال واحداً من أهم محاربٍيه لحمايتها؟ وهل هي وحدها بخطر أم أن الجميع أو بعضهم يتساوون في الحاجة لهذا المستوى والنوع من الحراسة والحماية. وأنت إذا ذهبت إلى هناك،  ولك ولسيدك على ما يظهر معرفة بمكان وسبل الوصول إليها في مملكتها،  لا يمكن أن تظهر بشكلك الذي أعرفه لأنه وإن كان لا يُخيفُ ”ياسمين" الفارسة المقدامة فإنها لن تُسَّر برؤية بشاعة بهذا القدر الغريب الغير مُرَحَّبٌ به، وماذا تقول لها عندما تراها ؟

 

 فأجاب وقال، أنا كغيري من أبناء عشيرتي، ولم يكن قد باح لي بإسم عشيرته ونوعها ومكانها، قال،  نُغيِّر من شكلنا ليتناسب وذوق من نَزور والمهمة التى نسعى إلى إتمامها.  الأميرة سترى فيَ شاباً جميلا رشيقا فارسا مثلها ، يأمل إرضاءها ، وأنا وقدراتي والقدرات العقلية والجسدية التي أضافها سيدي لي ، يوم إختارني لهذه المهمة ، تكفي لبدء المهمة وكسب ثقة الأميرة وأهلها وكل من يناصرها فأنا في مملكتها ، وظيفتي وواجبي وكل مهمتي وقدراتي وقدرات سيدي الذي أرسلني هي حمايتها من شرور تحيط بها.

 

كان جوابه واضحا إلا ان المملكة كما سبق وعرِفنا ليس لها أعداء ولم يكن لها أعداء في تاريخها المعروف فلماذا ظَنَّ سيده أن مخاطر جَمَّة ستنزل على الأميرة  والمملكة وتُلحق بها  ضرراً؟ وهل يعرف ما المخاطر التي ستواجهها ومن هو العدو ، ونعلم أن الملكين والأميرة لا يتصرفون وكأن هناك ما يجب أن ينتبهوا له ويخشوه فهم في سعادتهم وإسعاد ناسهم في نعيم؟ وكان جوابه هذه المرة أيضا واضحا إذ قال:"مازر"  الذي أحَبَّها حباً لم يستطع بعده النوم فهو متيم بها ولا يريد شراً لها ، ولكنه يعلم علم اليقين بأنها سترفض الزواج منه كيفما ظهر لها. لا يهمها المال ولا العطايا ولا شكل من يطلب يدها ولا حتى فروسيته. ما تريد صعب المنال بعيدُه ، ولا يستطيع هو ولا غيره ممن يعرف ، وبقدراته الهائلة وإتساع مملكته أن يُقَدِّم لها ما تريد ، لأن ما تطلب لم يسمع به ولا رآهُ  إنسٌ ولا جِنٌّ.  وأردف قائلا أن سيده يرغب أن تتم مصاهرة "ملك الجن" و"الأميرة " . وإنها  وإبنه “مازر” مجبولان من نفس الطينة ولهما ذوق مشترك في كل شيء وصفات كل منهما في الشجاعة والفروسية والكرم والعدل والسؤدد متطابقان. وكان ما باح به عن سيده وابنه الأمير "مازر" ما يسمح بفهم أسباب الحراسة وتواجد "المحارب" في "مملكة الياسمين".

 

 إبن ملك الجن مُتَيَّمٌ كما قلنا،  وهو ووالده سيغدقان على الأميرة  والمملكة أيضا من الثروة والجاه والسعادة ما لم تختبره مملكة الياسمين في تاريخها ولا غيرها إختبَر مثلها. ولكنه، وهنا مكمن الخطر، لن يرضى أن تصُدُه وترفض الزواج منه لأنه لن يتراجع عن مطلبه مهما كلَّف الأمر وحتى لو تَطَّلب خوض حرب ، يعرف هو حِدَّتُها،  لينال مبتغاه ولو إقتضى الأمر أيضا أخذها  أسيرة لديه فتكون زوجة له دون رضاها. هذا ما يقلق ملك الجن.  لهذا قرر سيد “المحارب” الملك عبد الله المذهب والذي سنتكلم عنه لاحقاً،   حماية ”الأميرة." وهو بلا منازع أحسن وأكفأ وأقدر من يقوم بهذا العمل.

 

وهنا سألته ما كان يجب أن أسأل من البدء عن إسم”الأميرة" وأسماء والديها الملكين وإسم المملكة التي يديرون، وما دمنا في معرض التعرف إلى الأسماء رأيت أن أضيف إسم ملك الجان وقبيلته وأين تكون كي تكتمل الصورة فأعَرِّف عن من وما نَقُصُّ ونروي. وكانت إجابته هذه المرة غامضة إذ  قال أنه سيعرفني بكل شيء عندما يحين الحين، أي يأتي الوقت المناسب. وسألته لماذا قال "يحين الحين" فأبلغني بأن لغته عربية فصيحة وأن لغة ملك الجن عربية ولكن للأميرة ومملكتها لغة، أو ربما لهجة، غريبة عنه ويُظَن أن أصلها عربية تغيرت بسبب بقائها منفردة بعيدة عن العالم.

 

ممالك الجن

ولكنني وقد راوغته بعض الشيء سألته عن الجان  وقبائلهم  وملوكهم  فأفاض وتحدث وكأن حديث الجن يفرحه. ومما أخبرني أن قبائل الجن  كثيرة وكلها تعيش في الجزيرة العربية وأنها ذُكِرت في الكتب السماوية وأهم القبائل: بنى القماقم ، بنى النعمان ، بنى قيعان ، بنى دهمان ، بنى غيلان، الشماشقة الغاوون ، الطماطمة  الدناهشة.

 

ذكر الجان في القرآن والتفسير

(حاشية)

وللجان بتاريخ العرب والإسلام إيمان بوجودهم وأن حقيقة الجن خلق آخر غير الإنس وغير عالم الملائكة والأرواح. وبين الجن والإنس قدر مشترك من حيث الإتصاف بصفة العقل والإرادة ومن حيث القدرة على اختيار طريق الشر والخير، ومن حيث التكليف بالعبادة وحسب ما ذكر في القرآن بقوله:  وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ > سورة الذاريات، الآية 56)، وفي قوله:  وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ  [4] سورة الحجر، الآية 27)... "وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (سورة سبأ، الآية 12).

ورد ذكرهم في القرآن: بلفظ الجن والجان، 32 مرة، والشيطان 87 مرة، وذكر إبليس 11 مرة.

يقول ابن تيمية: "لم يخالف أحد من طوائف المسلمين في وجود الجن، ولا أن الله أرسل محمدا إليهم.

 

 

---------------------------------------

هكذا بدأت هذه القصة

ونروي مجرياتها وما حدث فيها من أمور عجيبة غريبة على مراحل ،

وهذا هو الحزء الأول بمثابة مقدمة

والأجزاء الأخرى تتتالى أسيوعيا

يوم الخميس من كل  أسبوع