أداء الواجب

كان في أحد البلاد قاض مشهور بالعدل والذّكاء. انتشر خبر القاضي العادل في كل مكان. وصل الخبر إلى الملك. سعد الملك أن في مملكته قاضيا حكيما يحكم بين الناس بالعدل. قال الملك:لا أكتفي بما أسمعه عن ذلك القاضي، أريد أن أتأكّد بنفسي من عدالته، وأعرف طريقته في الحكم بين الناس.

 

لبس الملك ثوب رجل عاديّ ليتنكّر حتى لا يعرفه الناس. ركب الملك حصانه، وغادر قصره وسار في الطريق من غير حرّاس ولا جنود. شاهد الملك شحاذا يمد يده للناس، فسألهم ان يتصدّقوا عليه ببعض المال. أشفق الملك على الشحاذ، وطلب منه ان بركب الحصان خلفه لينقله إلى المدينة. ركب الشحاد خلف الملك وهو لا يعرف.

 

وصل الحصان إلى المدينة وعليهالرجل ومن خلفه الشحاذ. التفت الرجل للشحاذ وقال:

 

وصلنا المدينة، يمكنك الآن ان تنزل، لكن حاذر ان تقع على الأرض!.

 

أجاب الشحاذ بأعلى صوته:

 

الحصان حصاني، كيف تطردني أيها الرجل؟! انزل أنت الآن من فوق حصاني. ثم صاح الشحاذ واستغاث، فتجمع الناس حولهما. قال الشحاذ للناس:هذا حصاني. وقال الرجل:بل هو حصاني. احتار الناس ولم يعرفوا أيّ الرجلين صادقا في كلامه. قال أحد الناس:

 

هيا إلى القاضي؛ فهو الذي سيحكم بينكما بالعدل.

 

أخذ الناس الرجل والشحاذ إلى دار القضاء. كان القضي جالسا يحكم بين الناس. وقف الرجل أمام القاضي وقصّ عليه قصّته. سمع الشحاذ كلام الرجل، فصاح وقال للقاضي:هذا الرجل كذّاب، الحصان حصاني، وأنا ركّبته معي لأدلّه على الطريق.

 

قال القاضي:اتركا الحصان عندي، واذهبا الآن، ثمّ إرجعا إليّ صباح الغد. انصرف الرجلان، فوضع القاضي الحصان في الإصطبل.

 

في صباح اليوم التالي جاء الرجل والشحاذ إلى دار القضاء، نهض القاضي من مجلسه وقال للرجل الشحاذ:اتبعاني. سار القاضي، وسار خلفه الرجل والشحاذ.. وصل الثلاثة إلى الإصطبل. دخل القاضي والرجل والشحاذ الإصطبل، وكان الحصان موجودا. بقي الثلاثة في الإصطبل بعض الوقت، ثم عاد القاضي ومعه الرجلان إلى دار القضاء. حكم القاضي برد الحصان للرجل، وأمر جنوده ان يجلدوا الشحاذ ويحبسوه.

 

في المسء ذهب الرجل إلى بيت القاضي وسأله:كيف عرفت الحقيقة؟.

 

فقال القاضي:الأمر بسيط، عندما دخلتما الإصطبل معي هذا الصباحلاحظت أن الحصان يقترب منك ويشمّك ويتمسّح بك، بينما لم يبد أي حركة نحو الرجل الآخر، فأدركت – دون شك – أن الحصان لك. ابتسم الرجل وقال للقاضي:أتدري من أنا؟. قال القاضي:لا.فقال الرجل:أنا الملك، جأت متنكّرا لأتأكّد من عدلك. اختر المكافأة التي تحبّها. قال القاضي:اعذرني أيّها الملك؛ فلن أختار شيئا، إنّما أؤدي واجبي!.