الوحش واخباره --الجزء الخامس من الفصل الثاني من القصة الاولى

أما الوحش فكان سيدنا "الملك عبد الله المذهب" و"ملك الجان الأعظم" الحارث بن مرة" يعرفان بوجوده في الجزيرة وبخطره عليها وقررا أن يخلصا الجزيرة منه لأن وقت ظهوره لا يُعرف سلفاً. والوحش قوي جداً وقد يكَبِّد الناس وأموالهم ومقتنياتهم الكثير كما أنه قد يصدف ظهوره في مكان يكون الملك أو الملكة أو الأميرة فيه وهم غير مستعدين لمحاربته فيكون البلاء أعظم. وقد أبلغنا سيدنا بذلك وحدد لنا موعده وحذرنا من محاربته قبل أن يؤهلنا للواقعة. وهكذا كان وبعد أن تأكدنا من اسلوب المبارزة ونقاط الضعف في جسده إتفقنا على ظهوره ومكان ظهوره ولم نكن نعرف أن الأميرة ستكون هناك.

 

 ولما إقتربنا من الهدف رأينا الأميرة وحرسها فسارعنا قبل أن يفوت الأوان،  وما إن وصلنا حتى كان الوحش قد ظهر وكان بدأ بقتل الحرس. وتقدمنا حسب تعليماتنا والتهيئة التي تلقيناها وكان أمرنا له بالركوع في حضرة الأميرة بمثابة تشتيت إنتباهه فعاجلناه أنا وزميلي "المحارب" وتمكنا من بتر إحدى يديه وبعدها الثانية وهكذا إلى أن قُتل وحرقنا جسده كي لا ينبعث مرة أخرى.

 

وقد سعدنا بأننا وصلنا قبل أن يؤذي الأميرة ونحن نعجب بهدؤ أعصابها رغم كل ما شاهدت وحراسها الذين نعرف أنهم كانوا مستعدين للموت قبل أن يمسَّها مكروه. وهنا أيضاً تعجب الملك "رداح" من معرفة سيدنا بوجود وحش كهذا وكيف أظهره وكلفهما بقتله ونشكره على عمله هذا أيضاً.

 

وكان الليل قد أرخى بظلاله فقرر  الملك الإستراحة للجميع مرة أخرى يليها تكملة ما يتيسر من الرواية. وقد وفّرت هذه الإستراحة الفرصة للجميع ليتهيؤوا لما سَيَلي من سرد أو تحضير للقصة إذ أن الجميع كانوا بحاجة لِلَملَمَة أفكارهم. وقد راجع "ورد" مع "المحارب" بعض الأفكار وكانت المراجعة مفيدة ولكن "المحارب" طمأن "ورد" بأن ما رواه صحيحٌ وأن السامعين كانوا في تمام الإهتمام بتسلسل الرواية وما قد يأتي بعدها من مفاجآت يتوقعون أن تكون مهمة وسارة في آن.

 

البشر وممالكهم

وكان الحديث التالي حديث الجن ومن هم وكيف وأين يعيشون وماهية علاقاتهم مع البشر الذين يعيشون في نفس المساحة معهم وهم قبائل وعشائر عربية تاريخهم متجذِّر في شبه الجزيرة وباقي البلاد التي سنسميها ببلاد ما بين النهرين. إذن القصة لها وجهان أحدهما عن الجان والثاني عن البشر.  ونبدأ بالبشر إذ هم كما قلنا عرب عاشوا في شبه الجزيرة وبلاد ما بين النهرين وتقلَّب على المنطقة عروق بشرية أخرى كانت لها أطماع في هذه البلاد أو جاءت لأسباب  مثل التجارة والسياحة وزيارة مقدسات لهم، ونذكر ماهية المقدسات في وقت آخر. وهذه الشعوب بعضها نجح في حكم البلاد لفترة طالت أو قصُرَت وبعضها فشل ولكن في المحصِّلة أكثرهم إندمج في المنطقة مع سكانها الأصليين وأصبحوا مع مرور الزمن جزءا منها.

 

وهناك مدن كبيرة ومؤسسات نشأت على مرّ الزمن نذكر من مدنها بعضها، مثل القدس ودمشق وحلب والموصل وبيروت، وكلها مدن جميلة فيها نمت العلوم والفنون والأدب واستفاد منها العالم بأجمعه وساهم فيها بعض من علماء الجن وفنّانيها وادبائها. وفيها صحارى وجبال شاهقة ووديان وأنهر وبحيرات ويعيش أهلها في داخلها بمودّة وإن خالط ذلك بعض الكَدر وسوء الحال الذي عادة ما ينتج عن سوء تدبير أو غزوات أو حروب صغيرة.

 

الجان وقبائلهم والملوك

أما الجن فهم سبعة قبائل  يتوزعون في البلاد ولكل قبيلة مكان معروف تسكنه ، كما أن لكلٍ منها ملك يحكمها ويرعى شؤونها. والقبائل هي  بنى القماقم ، بنى النعمان ، بنى قيعان ، بنى دهمان ، بنى غيلان الشماشقة الغاوون ، والملوك هم:

الملك "عبد الله المذهب" : خادم يوم الاحد ولبسه وتاجه من الذهب "ملك الجان الأعظم"" الحارث بن مرة" ويُكنّى  "بأبو الجن " : خادم يوم الاثنين. وله أولاد أربعة هم:“مازر” ، كمطم ، قسورة ، طيكل.  أكبرهم سنا هو “مازر” وهو عازب ولكنه واقع في حب فتاة لا يعرف إن كانت تريده، ويسعى والده وملوك الجن لطلب يدها من أبيها ويأملون في قبولها به.

 

الملك ابا محرز الاحمر : خادم يوم الثلاثاء ولبسه وتاجه من الاحمر ويخدم من القران سورة الضحى

الملك برقان ابا العجائب : خادم يوم الاربعاء وقد قتله الملاك كرميائيل وجلس مكانه ملك يدعى برقان ايضا ولبسه وتاجه من الاصفر

الملك شمهورش : خادم يوم الخميس نسمع اسمه كثيرا وهو ملك طيب وهو قاضي الجن، ولبسه وتاجه ابيض

الملك الابيض : خادم يوم الجمعة ويقال انه خليفة شمهورش فى القضاء

الملك ميمون ابانوخ : خادم يوم السبت ولبسه وتاجه اسود

 

والنسوة من الجن ذوات النسب المتحدر من اعلى الشجرة من الدوحة النبوية لفظ تشريف يسبق عادة أسماءهم وهو  "لالة ميرة".

 

ومضارب قبيلة  ومدن "ملك الجان الأعظم الملك الحارث بن مرة" تسكن ما بين النهرين وعاصمتها والتي تقع شرق نهر دجلة العظيم تعرف ب "فوردو". وللمملكة ثراء لا يوصف فهي أكبر القبائل وأقواها وأعلاها مركزاً  وكلمة ملكها مسموعة لدى كل القبائل وله حظوة لدى كل الجن بسبب عدله وكرمه وانتباهه الدائم لحسن سير حياة كلٍ منهم، وعلى ذلك ربّى أولاده و"مازر" بِكرُهُ وخليفته دائم الحضور في مجلسه يتعلم منه ويسعى أن يكون في مثل حظوته لدى جميع أهل الجان.