الثعبان والأخوان

كان لأخوين أغنام كثيرة ترعى في أرضهما الواسعة. لكن، مرّت شهور لم ينزل فيها المطر، فجفّت الأرض وماء الزّرع، وجاعت الأغنام وكادت تموت من العطش. وكان بجوارهما واد مليء بالأشجار والأعشاب الخضراء والماء الكثير. وكان هناك ثعبان كبير يحرس هذا الوادي، ويلدع كل من يقترب من المكان ويقتله.

 

قال الأخ الأصغر لأخيه الأكبر:ما رأيك؟ أذهب بالأغنام إلى هذا الوادي، وأرعاها هنك حتى تكبر وتسمن.

 

فأجابه أخوه الأكبر قائلا:لا يا أخي، لا تذهب هناك أبدا، فأنا أخاف عليك من خطر الثعبان الذي يقتل كل من يقترب من الوادي.

 

لم يسمع الأخ الصغر نصيحة أخيه، وساق غنمه إلى الوادي، وبقى هناك وقتا يرعاها حتى اطمأن. فجأة.. ظهر الثعبان، فخاف الراعي الصغير، وحاول أن ينجو بنفسه ويهرب.. لكن الثعبان كان أسرع منه فلدعه، ومات في الحال.

 

حزن الأخ الأكبر على أخيه حزنا شديدا، وقال:كيف يهنأ لي العيش بعد أخي.. لا قيمة للحياة من بعده، لا بدّ أن اذهب إلى الوادي وأقتل هذا الثّعبان الشرير الذي حرمني من أخي الحبيب، فإن قتلته استراحة نفسي! وإن قتلني لحقت بأخي!

 

ذهب الأخ الأكبر إلى الوادي ليبحث عن الثعبان. بعد قليل شاهد الثعبان يزحف فوق فرع شجرة كبيرة! قال الثعبان:هل توافق على أن تصالحني، ونتعاهد على أن نعيش معا في أمن وسلام، وأتركك ترعى غنمك في هذا الوادي كما تشاء، وأعطيك كل يوم دينارا. وافق الأخ الأكبر، وتعاهد الإثنان على الأمان.

 

وكلّ صباح كان الأخ الأكبر يذهب إلى الوادي، ويرعى غنمه هناك، وفي آخر النهار يعطيه الثعبان دينارا.

 

كثر مال الأخ الأكبر وأصبح غنيّا. وذات يوم تذكّر أخاه الذي قتله الثعبان، وقال لنفسه:كيف أعيش مع قاتل أخي؟ وكيف أصالحه وأعاهده؟ لا بدّ أن أتخلّص من هذا الثعبان الشّرير!.

 

أحضر الأخ الأكبر فأسا، واختبأ حتى لا يراه الثعبان. وانتظر قليلا حتى مر الثعبان من أمامه فهجم عليه. لكن الثعبان استطاع أن يهرب، جرى الرجل وراءه، وقبل أن يدخل الثعبان الحجره ضربه بالفأس ضربة قوية أخطأت الثعبان، وأصابت الحجر وتركته بلا ظاهرة. اختفى الثعبان داخل الحجر وبقي هناك.

 

قطع الثعبان عن الرجل الدّينار التي كان يعطيه له كل يوم، وندم الرجل على ما فعل، وخاف أن ينتقم منه الثعبان، فذهب إليه وعرض على الثعبان أن يتصالحا ويتعاهدا من جديد. ابتسم الثعبان وقال:كيف أعاهدك وهذا أثر فأسك واضح على حجري؟ أنت خائن كذّاب، لا تحافظ على العهد، انصرف بعيدا وإلاّ قتلتك!.