الخروف روفو

صوت روفو: ماء ماء! أمي. ما هذا الذي يقوله الرجل لزوجته؟

 

وما لك ولهذه الأشياء؟ هذه الأمور لا تعنيك ولا تعنيني، يا روفو.

 

ماء! ماء! أنت دائما تخذلينني... أنا أريد أن أعرف.

 

لا أعتقد انه من اللائق أن تعرف كل ما يقوله الناس وما يتحدثون به. هذه عادة سيئة ولا يصح أن تقع فيها يا بنيّ.

 

ولكنني أريد أن أعرف ..

 

للحقيقة يا بني، إني لا أعرف، فكيف يمكنني أن أخبرك؟ ثم إنه لا يهمني ولا يهمك ما يقول الناس, فلنهتمّ بشوؤننا.

 

أمي! أمي!! هل سمعت؟

 

ماذا؟

 

قالوا إن السماء ستمطر قططاً وأرانب.

 

من قال ذلك؟

 

سمعت ذلك في الدرب بينما كنت أسير صباحاً. سمعت شخصاً يتحدث إلى آخر ويقول ذلك.

 

لا أعتقد يا بني. ثم ليس كل شيء تسمعه صحيحاً، أتفهمني يا بني؟

 

لا أدري. أنا هكذا سمعت.

 

أنت يا روفو مشكلة المشاكل. فمتى نضع حدا لهذه المشاكل يا صغيري؟

 

واستمرت أم الخروف روفو تفكر في حالة ابنها. إنه مخلوق فضولي حشري، يريد أن يتدخل في كل شيء، سواء كان الأمر يعنيه أم لا. وفوق هذا، فهو يصدق كل ما يسمع وكل ما يقال. ابنك يا أبا روفو يجب أن نحل مشكلته. يجب أن نجد طريقة تجعله لا يتدخل في أمور سواه، وفي الوقت ذاته تجعله لا يصدق كل ما يسمعه.                                                                                           

ماء! أنا نبهته كثيراً ولم يمتثل، قال الأب.

 

التنبيه لا يكفي.

 

ماذا نفعل إذن؟

 

لست أدري. سأحاول أن أعالجه بطريقة أو بأخرى. المؤسف أنه بسيط لكن قلبه طيّب.

 

هذه حسنات الإنسان، ولكن يخشى أنه إذا كان على بساطة كبيرة أن يصبح أبله!

 

ابني أبله؟! لا لا . أنت مخطئة.

 

إذن دعه يكف عن التدخل في ما لا يعنيه واجعله لا يصدق كل ما يقال, بل يشغّل عقله.

 

الدنيا تعلّم يا زوجتي العزيزة.

 

لا، لا يجب أن نعالجه نحن!

 

كيف ؟

 

أعتقد أننا إذا حكينا له الحكايات المناسبة، استطعنا أن نجعله يدرك ويفهم ويعي.

 

إذا كان الأمر كذلك فهاتي ما عندك!

                                                                                               

نادت الأم: روفو روفو .

 

نعم يا أمي!

 

يا خروفي الحبيب! قالت ضاحكة.

 

ماذا يضحكك يا أمي؟

 

سمعت الآن قصة أضحكتني وأريد أن أرويها لك!

 

قصة؟ .. عجّلي، عجّلي يا أمي، أنا أحب سماع القصص.

 

قالت: وصل مسافر في المساء مع حصانه إلى إحدى القرى في وقت كان البرد فيه قارصاً لا يحتمل.

 

نعم يا أمي .

 

دخل المسافر إلى مطعم القرية حيث تشتعل نار في الموقد، ولكنه لم يجد مكاناً له، وهو بحاجة ماسة إلى دفء النار، فقد جلس عدد من المزارعين حول الموقد، وراحوا يتبادلون الأحاديث في أجواء دافئة. حدّق المسافر إلى الحاضرين وقال في نفسه: لا أحد يتحرك أو يفسح لي مكاناً قرب النار. أنا بردان! أكاد أسقط من بردي. ثم قال لأحدهم: اسمع يا سيد! أين صاحب المطعم؟

 

نعم ماذا تريد؟ أنا صاحب المطعم.

 

مرحبا يا عم!

 

أهلاً,أهلاً وسهلاً! أهلا وسهلا!

 

هل لديك ما يؤكل يا معلم؟

 

آه... عندي.... طبخة فاصوليا، أنزلتها الآن عن النار، إنها من أشهى المآكل يا أخ.

 

حسنا. هل لك إذا سمحت يا صاحبي أن تسكب صحنا من الفاصوليا وتقدمه إلى حصاني المنتظر في الخارج؟ إنه جائع جدا.

 

ماذا تقول؟ ماذا تقول يا سيد؟

 

ألم تسمعني يا رجل؟

 

لم أفهم ما تقول.

 

قلت: هل لك إن سمحت يا صاحبي أن تصبّ لي صحنا ساخناً من الفاصوليا وتحمله إلى حصاني المنتظر في الخارج، فهو جائع جدا.

 

ضحك صاحب المطعم وقال: وهل يأكل الحصان فاصوليا؟

 

حصاني يأكلها. خذ الصحن سريعاً.

 

دع المزاح جانباً أيها المسافر الكريم، فلسنا بسطاء إلى هذا الحد.

 

قلت لك بوضوح إن حصاني يأكل الفاصوليا المطبوخة، ويأكل كل الأطعمة التي يأكلها الإنسان. قل لي كم تريد ثمن صحن الفاصوليا لأدفع لك الآن؟

 

ليس دفع الثمن هو ما يثيرني يا سيد، إنني أكرر سؤالي: أيأكل الحصان الفاصوليا؟ أم م...

 

خذ له الصحن وسترى إن كان سيأكله أم لا.

 

ملأ صاحب المطعم صحناً من الفاصولياً وحمله إلى الحصان، فنهض المزارعون ليروا كيف يأكل الحصان الفاصوليا.

 

فرح المسافر وضحك قائلاً: ما أسخف عقولهم!! الآن خلا لي الجو، وبالإمكان الآن أن آخذ مقعداً لي قرب النار وأدفأ.

 

ضحكت أم روفو وقالت: عاد صاحب المطعم بعد قليل والصحن بين يديه وهو يقول: يا سيد يا سيد. قضم الحصان الفاصوليا ولم يأكل شيئا.

 

إنه تصرف غريب، قد يكون حصاني متضايقا من أمر ما. وبما أنه لم يأكل الفاصوليا فهاتها لآكلها وأنا جالس هنا قرب النار.

 

ضحك روفو وقال: ما أسخف عقولهم! هل صدّقوه؟

 

أرأيت يا روفو؟ ما كل ما تسمعه يصدّق.