عاقبة المكر

زعموا أن رجلين اشتركا في تجارة، وكان سامي مكّارا. وسافرا معا ذات يوم. وبينما كانا في الطريق تخلّف ماهر ليقضي بعض أموره، فوجد كيسا فيه ألف دينار فأخذه. فأحسّ به سامي. ورجعا إلى بلدهما. ولما اقتربا من المدينة، قعدا لاقتسام المال فقال ماهر: خذ نصفه وأعطني نصفه. وكان سامي قد قرر في نفسه أن يأخذ الدنانير كلها، فقال لماهر: لا نقتسم، لكن نتقاسم بعضاً منها وندفن الباقي عند جذور هذه الشجرة، فهو مكان أمين. وإذا احتجنا أنا وأنت نأخذ حاجتنا منه، ولا يعلم بموضعه أحد.

 

أخذ كل منهما مبلغاً قليلاً ودفنا الباقي عند جذر الشجرة. ودخلا البلد. ثم إن سامي تسلل إلى الدنانير فأخذها وسوّى الأرض كما كانت. وجاء ماهر بعد ذلك بأشهر فقال لسامي: قد احتجت إلى مال، فتعال معي لنأخذ حاجتنا. فقام معه سامي، وذهبا إلى المكان، فحفرا فلم يجدا شيئا، فصار ماهر يبكي ويضرب وجهه ويقول: " لقد سبقتني إلى الدنانير فأخذتها ." فجعل سامي يحلف ويلعن آخذها. وماهر يزداد بكاؤه وقال: ما أخذها غيرك!

 

ترافعا إلى القاضي، وقصّا عليه قصتهما، فادّعى سامي أن ماهراً أخذها، وأنكر ماهر ذلك. فسأل القاضي سامياً: هل لك على نكرانك دليل؟

 

قال: نعم: الشجرة التي كانت الدنانير عندها تشهد لي أن المغفل أخذها. وكان سامي قد أمر أباه أن يذهب فتوارى في جوف الشجرة، بحيث إذا سئلت أجاب. فذهب أبو سامي ودخل واختبأ في جوف الشجرة.

 

ولمّا سمع القاضي ذلك من سامي، نظر إليه بتقدير، وانطلق هو وأصحابه وسامي وماهر معه، حتى وصلوا إلى مكان الشجرة. فسألها القاضي عن الخبر، فقال الشيخ من جوفها: نعم، ماهر أخذها.

 

اشتدّ تعجّب القاضي، ودعا إلى جمع حطب، وأمر أن تحرق الشجرة، فأشعلت حولها النيران. استغاث أبو سامي عند ذلك، فأخرج وقد أشرف على الهلاك. فسأله القاضي عن القصة، فأخبره بالحقيقة. فضرب سامي وأباه، وحكم بأن تؤخذ الدنانير من سامي وتعطى إلى ماهر.