عنيزة

تُعتبر مدينة عنيزة أقدم مدن منطقة القصيم السعودية، وهي ثاني مدن المنطقة حاليًا. والقصيم منطقة واسعة ذات مدن وقرى كثيرة وموارد للمياه. وقد استمدّ القصيم اسمه من ظاهرتين جغرافيتين هُما: ظاهرة الرمال التي تغطّي نصف مساحته وظاهرة الغضا التي تنبت في الرّمال، ومن مجموع هاتين الظاهرتين جاء إسم "القصيم".

تُلفَظ عُنَيزه، بضمّ العين وفتح النّون وسكون الياء وفتح الزّاي مع تاء مربوطة. هكذا نُطقها الصّحيح. أما نطقها العامي فتُسكّن العين مع وجود ألف ليّنة قبلها مع كسر النّون والزّاي.

وجاءت تسميتها بهذا الإسم على الأرجح تصغيرًا لكلمة "العنز" التّي تعني الأكمّة السّوداء. ويؤيّد ذلك ما رواه الأزهري عن الأعرابي مِن أنّ "العنز" القارة أو الأكمة السّوداء، كما ذكر ياقوت الحموي في معجمه، أنّ من معاني العنز ما فيه حزنه من أكمة أو تل أو حجارة والتاء فيه لتأنيث البُقعة.

كما تُعرَف عنيزة بإسم "الفيحاء" ومعناه الواسعة من قولهم مكان افيح بمعنى واسع.

تكتسب عنيزة أهميّة موقعها من موقع منطقة القصيم ككل. فالقصيم جزءٌ مهم من نجد بل هو بمثابة القلب منها ومن الجزيرة العربيّة أيضًا لوقوعه في وسطها مع مَيلٍ إلى الشمال قليلاً. هذا الموقع جعله يمتاز بحمايةٍ طبيعيةٍ في ظل نطاق الموانع الرّملية والصّخرية في أكثر جهاته الرّئيسة، ممّا كان له الأثر الكبير في تجميع القبائل العربية فيه قديمًا وحديثًا. فكان في طريق القوافل التّجارية قديمًا بين شمال الجزيرة العربية وجنوبها، كما كان ممرًا مهمًا بطريق الحج العراقي إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة. ولهذا لعب دورًا أساسيًا في حياة جزيرة العرب، فصار مسرحًا لكثيرٍ من الأحداث والمعارك التّاريخية.

تقع مدينة عنيزة ضمن منطقة القصيم شرقًا إلى الجنوب من مجرى وادي الرّمة. وهي بهذا تقع في القطاع الشّرقي الأوسط لإقليم نجد عمومًا وفي الجانب الشّرقي من منطقة القصيم. وقد أكسبها هذا الموقع أهميّة خاصة لأنها تتوسط المسافة بين بلاد العراق وفارس مع مكة المكرّمة والمدينة المنورة، ممّا جعلها كما هي اليوم محطةٌ لحُجّاج تلك الجهات.

يقول "سادلر" الذي مر بعُنيزة عام 1235هـ: "عنيزة قصبة الجزيرة العربية جغرافيًا وسياسيًا وتجاريًا، فهي منطقة وصلٍ بين الخليج العربي والبحر الأحمر، تلتقي عندها عدّة طرقٍ".

ولأهمية موقع عُنيزة فقد حُظِيَت بربطها بمدن القصيم وقراه وباقي المملكة وببعض الدول المجاورة بشبكةٍ من الطرق المُعبّدة.

كانت مدينة عُنيزة إلى النّصف الأول من القرن الماضي تتمتّع بسجلٍ عريقٍ في التجارة مع المناطق الأخرى والبلدان المجاورة، خصوصًا مع الكويت والعراق. ولهذا نجد كتابات الباحثين عن تلك الفترة تُبرِزُ هذه النّاحية. يقول لوريمر في كتابه "دليل الخليج العربي" الذي ألّفه في أوائل القرن العشرين الميلادي: "إن عُنَيزة هي المدينة الرّئيسة في القصيم، بل هي في الحقيقة في أنحاء نجد".

وما تزال عُنيزة حتّى اليوم تلعب دورًا مهمًا داخل المنطقة وأصبحت الآن مركزًا شبه إقليميٍ يوفّر الخدمات التّجارية والإدارية والإجتماعية للجزء الجنوبي الشرقي من القصيم.