غـزة

تقع مدينة غزّة الفلسطينية، على البحر المتوسط، وتحتلّ مع قطاعها مساحةً تبلغ 368كيلومترًا مربعًا. ويتّخذ القطاع شكل شريط بَرّي مستطيلٍ بعرض ثمانية كيلومترات وطول45 كيلومترًا.  

كانت غزّة، كغيرها من المناطق الفلسطينية، تضمّ نواحي وقرى زراعية متوسّطة الكثافة السّكانية. وكانت المدينة تعيش من نشاطات مرفئها أساسًا ومن الصّيد البحري والمُنتجات الزّراعية، ولم يكن عدد سكّانها يتعدّى100 ألف نسمةٍ سنة 1948. وبعد هذا التّاريخ، انقلب مصير هذه المنطقة الهادئة رأسًا على عقبٍ، فلجأ إلى قطاع غزّة (غزة-خان يونس-رفح) عشرات الآلاف من الفلسطينييّن الذين تركوا قراهم ومدنهم. وقُدِّرَ هؤلاء عند ذاك بـ200 ألف نسمة، أي ما يعادل ضعفيّ سكان القطاع تقريبًا. وعاش اللاّجئون منذ ذلك الحين في ثمانية مخيّماتٍ تمتدّ من شمال القطاع حتى جنوبه. ثم تضاعف عدد السّكان إلى أن بلغ، عام1987، ما يقارب700 ألف نسمةٍ.

تضخّمت المُخيّمات نتيجة الإكتظاظ السّكاني. ومقابل النّمو السّكاني الكثيف في القطاع بدأت إسرائيل بممارسة الضّغوطات المُختلفة، فاتّبعت سياسة مصادرة الأراضي الخصبة وبناء مستوطناتٍ زراعيةٍ وصادرت الأراضي للجيش الإسرائيلي وتدريباته. وكرّست إسرائيل جيشًا مؤلّفًا من 15ألف جندي لمراقبة سكّان غزة وضبطهم. فأقامت سواتر ترابيةً عاليةً على حدود المُخيّمات وفي مواجهتها. وبَنَت أبراجًا حول السّواتر لمراقبة حركة السّكان، حيث أصبح القطاع عبارة عن معسكر اعتقالٍ كبيرٍ، وفرضت قوانين وأنظمة مُجحفة في حق السّكان، منها:

- منع استبدال الأشجار غير المُثمرة بأشجارٍ مثمرةٍ.

- منع زراعة المنغا والأفوكا لكي لا تنافس الإنتاج الإسرائيلي.

- منع الصّيد في البحر خلال أوقاتٍ مُعيّنةٍ تُحدّدها الإدارة العسكريّة.

- منع حفر الآبار الأرتوازية.

- منع ارتداء الملابس التي تحمل ألوان العَلَم الفلسطيني (أسود، أبيض، أحمر، أخضر).

- بالإضافة إلى حظر التّجول وتسيير دوريّات على مدار السّاعة في كلّ نواحي القطاع ومدنه.

وفي هذه الظّروف الصّعبة، كان الشّعب يبحث عن عملٍ ولا يجد. فعمل حوالى نصف السّكان منهم في إسرائيل ومنهم في غيرها؛ والنّصف الآخر عاطل عن العمل. فأصبح قطاع غزّة كالمرجل الذي يغلي مُنتظرًا ساعة الإنفجار.

ووقع الإنفجار في 9كانون الأول 1987 حيث كان إندلاع الإنتفاضة، وكان ذلك في مخيّم جبالية في غزّة، حين دَهَست شاحنةٌ إسرائيليّةٌ مجموعةً من الشّبان الفلسطينيين فانطلقت الإنتفاضة من غزّة وشملت كلّ الأراضي المُحتلّة. وحمل هذا الإنفجار إسم «إنتفاضة الحجارة». وقد كانت حصّة غزة من هذه الإنتفاضة كبيرةً إذ بلغت أكثر من 1000 قتيلٍ وعشرات الآلاف من الجَرحى.

تُعتبر غزّة المركز الرّئيسي لحركة المقاومة الإسلامية، حَماس. وبعد توقيع اتّفاق أوسلو بين منظمة التحرير والكيان الصهيوني، أصبحت غزة بمثابة المركز الرئيسي أو العاصمة المؤقّتة للسلطة الفلسطينية، بانتظار البدء بالمُفاوضات حول مصير القُدْس التي ستكون العاصمة النّهائية لدولة فلسطين.