إقليم تاوريرت

كلمة تاوريرت ذات أصل بربري وتعني التل أو الكدية حسب مختلف اللهجات البربرية المحلية، وهي تنطق "ثاورارث." 

 

تاوريرت القديمة

أفادت المصادر التي سبقت الفترة المرينية أي قبل تأسيس قلعة تاوريرت خصوصا تلك التي جاءت على لسان الرحالة الجغرافيين كابن حوقل وأبي عبيد الله البكري والشريف الإدريسي بأن تاوريرت المغربية كانت مركزاً تجارياً مهما في طرق تجارة القوافل الصحراوية. وكما يؤكد "فوانو" على لسان مارمول كربخال بأنها كانت من المدن الأساسية في المغرب قبل الفترة المرينية. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أهمية المدينة من جهة وأقدميتها من جهة أخرى.

 

تاوريرت مدينة قديمة بناها الأفارقة على تل مرتفع قرب نهر "زاع" تحيط بها أراضٍ زراعية جيدة، لكنها لا تمتد بعيداً لمحاداتها صحراء وعرة جافة، وتتاخم هذه الصحراء من جهة الشمال صحراء كرط ومن الجنوب صحراء الظهرة ومن الشرق صحراء أنكاد حيث تبتدئ مملكة تلمسان، ومن الغرب صحراء تافراطا المتاخمة لمدينة "تازا ". ويبقى بناء مدينة تاوريرت من طرف الأفارقة ذا أهمية بالغة للدلالة على أقدمية المدينة، وطالما أنه لم تتوفر أية إشارة تاريخية تتعلق بتأسيس مدينة تاوريرت قبل الحقبة المرينية، تبقى إذن تاوريرت القديمة لا يعرف بانيها ومخططها وبداية تاريخها قبل الفترة المذكورة.

 

تاوريرت القلعة

تطلع المصادر التي تزامنت مع الفترة المرينية، وحتى التي جاءت من بعدها بإيضاحات مهمة، تخص تأسيس القلعة العسكرية بتاوريرت، هذه القلعة التي ارتبط معها التاريخ المحلي للمنطقة وبالأحرى الوطني، من خلال آثار بصماتها في الصراع المريني الزياني على مناطق النفوذ في المغربين الأوسط والأقصى.

 

ومن العوامل التي أدت إلى بناء قلعة تاوريرت، أنه لم يعد في إمكان حصن كرسيف مراقبة القبائل المتعددة بالمنطقة فقرر الخليفة أبو يعقوب يوسف بناء حصن تاوريرت سنة 1295م، لا لمراقبة المنطقة فحسب ولكن لمواجهة بني عبد الواد بتلمسان الأكثر تهديدا لمملكة فاس من ناحية الشرق. وفي العهد العلوي جددت قلعة تاوريرت على يد السلطان المولى اسماعيل. وأصبحت قلعة تاوريرت عامرة بعد أن أنزل بها السلطان مائة فارس من عبيده بعيالهم وأولادهم، وبعد التأسيس أعاد بناءها السلطان المريني أبو سعيد عثمان. وفي سنة إحدى وعشرين وسبعمائة تحرك أمير المسلمين عثمان إلى رباط تازة فأقام به مدة ثلاثة أشهر وأمر ببناء حصن تاوريرت ودعمه بالرجال والرماة والخيل.

 

قصبة مولاي إسماعيل بقبيلة أهل الكرارمة

هذه القلعة مازالت قائمة في مكانها إلى يومنا هذا، رغم مرور حوالى سبعة قرون على تشييدها. وللمرء أن يعتقد بأن الزمن لم يحدث أي تأثير على صور القلعة اللهم ما شهدته جدرانها من تغيير اللون بفعل التقادم والتآكل، وتسكنها الآن عائلات من قبيلة الكرارمة. ويمتد سور القلعة بشكل شبه دائري على طول 825.5 متراً، كما يحتوي سور القلعة على أبراج مربعة ومستطيلة الشكل دون الأبراج الدائرية، يبلغ علوه 10 أمتار وعرضه حوالى مترين. كما كان للقلعة باب عرضه حوالي 14 متراً.

 

تاوريرت الحديثة

بعد أن تمكن الجنرال اليوطي من إحكام سيطرته على مدينة وجدة، توجه صوب العيون ثم مستكمار إلى أن حط الرحال بمدينة تاوريرت، حيث شيد الثكنة العسكرية الكائنة في أسفل جبل آزرو المطل على واد زا، وتعتبر تلك الثكنة النواة الأولى للمدينة الحديثة التي ليست بالبعيدة عن المدينة القديمة. وموضعها يشبه إلى حد بعيد موضع المدينة القديمة.

 

شيدت إلى جانب الثكنة العسكرية مرافق اجتماعية واقتصادية ومدنية، منها مركز دائرة تاوريرت الحالي الذي شيد تقريبا حوالي سنة 1912، وسوق مغطاة لازالت هنالك إلى هذا العهد تعرف رواجا اقتصاديا مهما، وسوق أسبوعي كان يعقد حيث توجد إعدادية علال بن عبد الله قبل أن ينقل إلى حيث يوجد الملعب البلدي الآن على الطريق في اتجاه محطة القطار. ومكان الثكنة وضواحيها يعرف حاليا بالحي القديم باعتباره أقدم حي بالمدينة كان يقطنه عدد مهم من المستوطنين النصارى واليهود على عهد الحماية.


تقع مدينة تاوريرت المغربية في الجهة الشمالية الشرقية على الطريق الرئيسية رقم 6 الرابطة بين فاس ووجدة، وتبعد عن المدينة الأولى بـ 232 كلم وعن المدينة الثانية بـ 108 كلم، وبينها وبين الناضور 112 كلم. وتوجد على مسافة من كرسيف تساوي ما يقارب المسافة بينها وبين العيون وبينها وبين دبدو. ويحدها غربا إقليما تازة وبولمان وشرقا عمالة وجدة أنكاد، وشمالاً إقليما الناضور وبركان، وجنوباً إقليما جرادة وفكيك.