دمشق

دمشق كما جاءت في الاعمال الكاملة للدكتور نفولا زيادة --الجزء الثالث عشر

دمشق هي عاصمة الجمهورية العربية السّورية وأكثر مدنها سكانًا، وقاعدة محافظة دمشق التّي تضمّ أقضية دوما والزبداني والقطيفة والنبك.

 

تقع دمشق في الجهة الجنوبية الغربية من البلاد، إلى الشمال الشرقي من جبل الشيخ، في سهلٍ فسيحٍ ومُنبَسطٍ، ويخترقها نهر بردى الذي يسقي بساتينها وجنائنها، ويطلّ عليها لجهة الشّمال جبل قاسيون.

 

هي مركز مُحافظة دمشق ومركزٌ مُهمٌّ من مراكز التّجارة والصناعة والزراعة والثقافة.

 

تشتهر دمشق بالصّناعات الكيماوية والمعدنية والكهربائية وصناعة السّكاكر والحلويات والمرَبّيات، وصناعة الغزل والنسيج بسبب انتشار زراعة القطن فيها، ومطاحن الحبوب والصّناعات البلاستيكية، وصناعة الجلود والأحذية وغيرها كثير.. ممّا يدل على أن الصناعة تمثّل قطاعًا مُتطوّرًا ونشيطًا في الجمهورية العربية السورية حيث تعتمد على صناعاتها المحليّة.

 

أسواق دمشق عامرةٌ دائمًا بالمُنتجات والسّلع، حيث تُعرَض أصنافًا متنوّعةً من السّلع، ويقصدها التّجار من جميع البلدان العربية والأجنبية. وأهمّ أسواقها سوق الحميدية وهو من أكبر الأسواق الشّعبية، يليه سوق مدحت باشا. والسّوقان ما زالا يُحافظان على طابعهما القديم.

 

في دمشق جامعة علميّة عريقة تضمّ مُختلف أنواع التّخصص. وفيها قصر آل العظم والمتحف الحربي والمتحف الوطني ومسجد بني أميّة التاريخي والعديد من الآثار البيزنطية والعربية وعدد كبير من المساجد التاريخية والمقامات، وأهمّها مقام السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب، وهو يستقطب العديد من الزّوار الذين يقصدونه من أماكن مختلفة، ومقام القائد صلاح الدّين الأيوبي والعديد من العلماء والأولياء. كما فيها مزار وكنيسة الرّسول بولس حيث التجأ بعد تحوّله المسيحيّة، ومنها انطلق مُبشّرًا في العالم القديم.

 

وفي دمشق معرضٌ تجاريٌ مشهور، وفيها مطاران: الأول مطار المزّة، وهو مطار قديم يقع إلى الغرب منها، والثاني مطار حديث متطوّر يقع إلى الجنوب الشرقي ويبعد عنها حوالى 30كيلومترًا. كما شُيّد في دمشق العديد من الفنادق الفخمة الكبيرة، وصروح فارعة كقصر الضيافة الجديد والقصر الجمهوري الضخم ومكتبة الأسد الكبيرة. وتمّ، على طريق المطار، إنشاء مركز للمؤتمرات، وكذلك مدينة السينما والكليّة العسكرية للبنات ومشروع ومجمّع دار الأوبرا.

 

تُعتبر دمشق أقدم العواصم في التّاريخ وأعرقها. سُمّيت بدمشق من "الدّمشَقَة" وهي السّرعة، لأنهم دَمشَقوا في بنائها، أي أسرعوا. وقيل سُمّيت بدمشق على إسم "دماشق بن قاني بن مالك بن أرفخشذ بن سام بن نوح". وقيل إنّ أوّل مَن بَنى دمشق بيوراسف، وقيل جيرون بن سعد بن عاد بن إرم بن سام بن نوح. بناها بعد مولد إبراهيم بخمس سنين. وقيل إنّ بانيها عازر غلام إبراهيم وكان اسمه "دمشق" فسُمّيت بإسمه. وقالوا إنّ أوّل حائط وُضِع في الأرض بعد الطوفان هو حائط دمشق وحرّان. وفي بعض التّفاسير أنّ دمشق هي الربوة في قوله تعالى: "وآويناها إلى ربوةٍ ذات قرارٍ ومعين".

 

كانت دمشق قاعدة الآرامييّن سنة 940 ق.م. افتتحها العرب المسلمون في أولى سنواتهم، ثم صارت عاصمة الخلافة الأموية. وتوالى عليها العبّاسيون، فصارت مركزًا للشّعراء يَفِدُون إليها يمدحون الخلفاء فيها سعيًا وراء التّكسب المادي. ثم توالى عليها الطّولونيون والإخشيديون والفاطميون والأيوبيّون والمماليك. دخلها تيمورلنك سنة 1400م وأحرقها. واحتلّها العثمانيون سنة1516، وحرّرها المصريون سنة 1832، بقيادة إبراهيم بن محمد علي باشا.

تشتهر دمشق بحسن عمارتها ونزاهة رقعتها ووفرة فاكهتها وكثرة مياهها. وأجمل ما فيها غوطتها التي لم يُر في الزمن القديم مثلها. نُسِبَ إلى الأحمصي قوله:«جنّات الدّنيا ثلاث: الغُوطة في دمشق ونهر بلخ ونهر الأبلّة».

 

مِن أهمّ مساجد دمشق مسجد إبراهيم، وهو مسجدان، أحدهما في الأشعرين والآخر في برزة، مسجد باب الشرقي.

 

على أنّ أهم مساجد دمشق هو مسجد بني أميّة أو المسجد الأموي، ويُعَد مثالاً رائعًا من الحُسن والصّنعة في العمارة. بدأ عمارته الوليد بن عبد الملك سنة 87هـ. واستمر العمل فيه تسع سنين. وقد قال عنه أحد علماء الآثار الغربيّين: "إن لم يكن أعظم الأبنية التي قامت في أرض الإسلام حتى ذلك الوقت فحسب، بل أحد ابتكارات فن البناء العالمي في كلّ الأزمان وفي البلاد".

 

وفي دمشق من الآثار كنيسة "حنانيا" القديمة، وهي تحتفظ بطابعها البسيط في قلب كهفٍ حجريٍ. وقريبًا من دمشق دير أثريّ شُيّدَ على تلةٍ صخريةٍ في صيدنايا، وهو مزار دينيّ.

 

وفي دمشق أسواق شرقية، تُعرَض فيها البضائع المحليّة الصنع ذات الطّابع الشّرقي، وخاصّةً الدمشقية، كالموزاييك الدقيق الصنع ونسيج البروكار المصنوع على الأنوال اليدوية وصناعات الخشب المُطعّم بالصّدف والزخرف، والمطرّزات وأشغال الإبرة، والآنية النّحاسية المنقوشة. وأشهر هذه الأسواق: "سوق الحميديّة"، وفيه يقع الجامع الأموي. وقد بنى السّوق السّلطان عبد الحميد قبل أكثر من مئة عامٍ، فسُمّيت بإسمه.

 

أمّا متحف دمشق فهو من أجمل متاحف المنطقة وأغناها. وتشمل آثاره العهود اليونانية والرومانية والبيزنطية والعهد الإسلامي. وأهمّ ما في فرع الآثار السّابقة للفتح اليوناني مجموعة آثار ماري من تماثيل الألباستر وقطع الصّدف ولوحات الفخّار وآثار رأس شمرا (أوغاريت)، ومن ضمنها حجر الألفباء الفينيقيّة، وبه مجموعة برونزية ثمينة.

 

وفي دمشق الآثار العثمانية، التّكية السليمانية، وقصر العظم، وهو نموذج جميل للفنّ المعماري في منتصف القرن18، وقد حُوِّل إلى متحفٍ للتقاليد الشّعبية.

 

صنفت منظمة اليونيسكو دمشق القديمة مدينة تراثية عالمية عام 1979