تقع مدينة قسنطينة على خط 36.23 شمالاً، وخط 7.35 شرقًا، وتتوسّط إقليم شرق الجزائر، حيث تبعد بمسافة 245 كلم عن الحدود الشرقية الجزائرية التونسية، وحوالى 431 كلم عن الجزائر العاصمة غربًا. وتتربّع قسنطينة فوق الصّخرة العتيقة على جانبيّ وادي الرّمال، تحفّ بها العوائق والإنحدارات الشّديدة من كلّ الجهات. وإذا تتبّعنا مظاهر سطح المدينة، نلاحظ أن المنطقة التي تقوم عليها غير متجانسة من حيث ارتفاعها عن سطح البحر.
تضفي المدينة القديمة بدروبها الضيقة وخصوصية بناياتها طابعًا مميّزًا. وتجتهد ببيوتها المسقوفة وهندستها المعمارية الإسلامية في الصّمود مدةً أطول، مُلمّحة إلى حضارةٍ عريقةٍ وطابعٍ معماريٍ يرفض الزّوال.
تُعتبر المدينة القديمة إرثًا معنويًا وجماليًا يُشكّل ذاكرة المدينة بكلّ مكوّناتها الثقافية والإجتماعية والحضارية. فقد عرفت قسنطينة كغيرها من المُدن والعواصم الإسلامية الأسواق المتخصّصة. فكلّ سوقٍ خُصّ بتجارةٍ أو حِرفةٍ معيّنةٍ. وما زالت أسواق المدينة تحتفظ بهذه التّسميات مثل: الجزّارين، الحدّادين، سوق الغزل، وغيرها. أمّا الأسواق الخاصة بكلّ حيٍ من أحياء المدينة، فإنّها كانت تُسمّى "السّويقة"، وهي السّوق الصغير.
نظرًا لتضاريس المدينة الوعرة وأخدود وادي الرّمال العميق الذي يشقها، أُقيمَت عليها سبعة جسورٍ لتسهيل حركة التنقّل. واشتهرت بعد ذلك قسنطينة بإسم مدينة الجسور المعلّقة، وهي:
- جسر باب القنطرة وهو أقدم الجسور بناه الأتراك عام 1792 وهدمه الفرنسيون ليبنوا على أنقاضه الجسر القائم حاليًا وذلك سنة 1863.
- جسر سيدي راشد ويحمله 27 قوسًا، يبلغ قطر أكبرها 70م، ويُقدّر علوه بـ105م، طوله 447م وعرضه 12م. بدأت حركة المرور به سنة 1912.
- جسر سيدي مسيد، بناه الفرنسيون عام 1912 ويُسمّى أيضًا بالجسر المُعلّق ويُقدّر ارتفاعه بـ175م وطوله 168، وهو أعلى جسور المدينة.
- جسر صلاح سُليمان وهو ممرّ حديديٌ خُصّص للراجلين فقط، ويبلغ طوله 125م وعرضه مترين ونصف المتر. وهو يربط بين شارع محطّة السّكك الحديدية ووسط المدينة.
- جسر مجازن الغنم وهو امتدادٌ لشارع رحماني عاشور. ونظرًا لضيقه فهو أحادي الإتّجاه.
- جسر الشيطان وهو جسرٌ صغيرٌ يربط بين ضفّتي وادي الرمال، ويقع في أسفل الأخدود.
- جسر الشّلالات الموجود على الطريق المؤدّي إلى المسبح. تعلو الجسر مياه وادي الرّمال التي تمرّ تحته مكوّنةً شلاّلات. بُنِيَ عام 1928.
يَطلق الشّعراء على قسنطينة إسم مدينة "الهوى والهواء" وهذا نظرًا لِلَطافَة جوّها ورقّة طباع أهلها وانتشار البساتين والأشجار في كلّ أرجائها. وبذلك تتوفّر المدينة على عدّة حدائق عموميّة تعمل على تلطيف الجو داخلها. ولعلّ أهم هذه الحدائق والتي ما زالت تحافظ على رونقها وجمالها، حديقة بن ناصر أو كما يُطلَق عليها "جنان الأغنياء" وتتوسط شارع باب الواد. وبِحَيّ سيدي مبروك تُوجد حديقتان، إحداهما تقع بالمنطقة العُليا والأخرى تقع بالمنطقة السّفلى. كما توجد حديقةٌ بحيّ المنظر الجميل تحمل إسم "فرفيو عبد الحميد". وتجدر الإشارة إلى أنّ قصر "أحمد باي" يتوفّر على حديقةٍ رائعة الجمال، وتذكر بعض الرّوايات أن الباي نفسه كان يشرف عليها. ومن بين حدائق قسنطينة التي كَتَب عنها بعض المؤرّخين والرحالة "حديقة قسوم محمد" التّي تُدعى "سكورا قامبيطة" الكائنة خلف شارع بلوزداد، التي ما فتئت تستقطب الكثير من النّاس لجمالها وكثافة أشجارها. وتحت جسر باب القنطرة توجد حديقة رائعة الجمال.
الرّحبة هي المكان الواسع الذي يُستعمَل لأغراضٍ تجاريةٍ حيث تُباع مُختلف السّلع والبضائع، كالملابس والأقمشة وغيرها.
عَرفت قسنطينة قديمًا عدّة رحباتٍ منها ما يزال قائمًا حتّى اليوم ومنها ما تحوّل إلى مبانٍ وطرقاتٍ كرحبة الزّرع التي كانت تتوسّط المدينة وتُقام فيها نشاطاتٌ تجاريةٌ كبيع الحبوب، التمور والزّيوت. ومن الرّحبات المعروفة في قسنطينة قديمًا، نذكر "رحبة الشّبرلييّن"، "سوق الخرازين"، "سوق العطّارين"، "سوق الصّاغة"، و"سوق الصّباغين" وغيرها... وحاليًا ما تزال بعض الرّحبات موجودة مثل "رحبة الصّوف" التي تحوّلت اليوم إلى سوقٍ لبيع الخضر والفواكه والأواني وبعض الأغراض المنزلية. أمّا "رحبة الجمال" التي يذكر المؤرخون أنّها كانت مبركًا للقوافل الآتية من مختلف الأنحاء مُحمّلةً بالبضائع، فقد أصبحت اليوم سوقًا لبيع الملابس ومكانًا مُفضّلاً للمطاعم الشعبية الشّهية بوجباتها. وهناك "سوق العصر" الذي كان قبلاً يُسمّى "سوق الجمعة" ويشتهر بتنوّع خضره وفواكهه وباللّحوم والأقمشة، وعادةً ما تكون أسعار هذا السّوق معتدلة مقارنةً مع بقيّة الأسواق.