بيت لحم من أعرق المُدن الفلسطينية. وهي تقع على جبلٍ يرتفع نحو 780م عن سطح البحر، على مسافة حوالى عشرة كيلومتراتٍ جنوبي مدينة القدس.
مناخها مُعتدل البرودة شتاء؛ أمّا الصيف فلطيف جاف.
تتميّز بيت لحم بهجرة أبنائها إلى الخارج، ولاسيما إلى الأميركيّتين، وهي تأخذ عادةً طابع الهجرة الدّائمة. وقد بدأت هذه الهجرة في النّصف الثاني من القرن التاسع عشر، وأخذت تتّسع في بداية القرن العشرين. وتعود هذه الهجرة عدّة إلى أسبابٍ، أهمّها السّعي للعيش في ظروفٍ أفضل نتيجة الفكرة القديمة عن ثروات الأميركيّتين. ويُقدّر عدد مَن يَعود إلى أصلٍ تلحميٍ في الأميركيّتين حاليًا ما يزيد على 55 ألفًا.
مدينة بيت لحم قديمةٌ في التاريخ. سُكِنَت حوالى سنة 2000 ق.م. وكانت تُسمّى بيت "إيلو لاهاما"، أي بيت الإله لاهاما. وهذا الإله هو إله القُوت والطّعام عند الكنعانييّن. والأرجح أن إسم المدينة الحالي مُشتقّ من إسم هذا الإله. وربّما كان سبب جعل المدينة بيتًا للإله لاهاما أنّها كانت تقع في منطقةٍ خصبةٍ ترعى فيها الأغنام والمواشي وتنتشر فيها حقول القمح والشّعير والكروم والزيتون. كما إن كلمة بيت لحم تعني بالآرامية "بيت الخبز".
وفي بيت لحم وُلِدَ الملك داوود.
أمّا أهمية بيت لحم الكُبرى وشهرتها في العالم، فقد استُمِدَّتا من مولد السيد المسيح فيها. ويروي إنجيل لوقا (2:1-20) أنّ مريم ويوسف النّجار ذهبا إلى بيت لحم ليُسجّلا اسميهما في الإحصاء العام، بناءً على أمر أغسطس قيصر. وقد ولدت مريم السيد المسيح وهي هناك.
وفي حوالى سنة 330م بنى الإمبراطور قسطنطين الروماني كنيسةً فوق المغارة التي وُلد فيها السّيد المسيح، دُعِيَت "كنيسة القديسة مريم". والمشهور أنّ الذي بنى هذه الكنيسة هو القدّيسة هيلانة أم قسطنطين، بين سنتيّ 326 و333م.
كانت بيت لحم في العصور القديمة متواضعةً. وقد اشتهرت كمركزٍ تجاريٍ في العهد الرّوماني لقيامها على الطريق التجاري التي تربط بين البحر الأحمر وبلاد الشام. ووصلت شهرتها إلى الذروة بسبب ميلاد المسيح فيها.
وقد شهدت المدينة نموًا عمرانيًا في أوائل القرن العشرين بسبب تدفّق رؤوس الأموال من أبنائها المُغتربين.
تُشكّل السياحة جانبًا مهمًا من دخل المدينة. فكون بيت لحم مسقط رأس السّيد المسيح شجّع السياحة وما يرتبط بها. فتحوّلت إلى حجّ للسّياح على مدار السنة. وقد تطوّرت صناعة التّحف والهدايا والتّذكارات المصنوعة من خشب الزيتون والصَّدف والنحاس والتطريز. وقد دخلت هذه الصناعة في القرن الثاني عشر الميلادي، فأتقنها أهل المدينة وأصبحت مصدر الرزق الرّئيسي لمعظم بيوتها. ثم أخذت تتطوّر بدخول الآلة إليها.
تطوّرت في بيت لحم مؤخّرًا صناعة التّحف المعدنية والنّحاسية. كما تطوّرت فيها فروع صناعية مُتعدّدة، أهمها وأقدمها: صناعة النسيج والتريكو والمعكرونة والأثاث المعدني والسّخانات الشّمسية والمسامير والبراغي وهوائيّات التّليفزيون والأدوات الكهربائية والدهانات وأدوات التجميل والصّابون ومبيدات الحشرات.
أمّا الزراعة فبَعليّة، أهمها: الزيتون والعنب واللّوزيات، يُضاف إلى ذلك بعض الخضر الصّيفية. ويُزرع في المنطقة القمح والشعير وبعض البقول.
أمّا الثروة الحرجية في المنطقة فبسيطة، وهي الأحراج التي توجد الآن في بقعٍ مُتفرّقةٍ حول الأديرة وبعض مناطق التّحريج.
ومن حيث المباني، ففي المدينة طرازان معماريّان مُختلفان:
الأوّل قديم في البلدة القديمة حيث القباب والجدران السّميكة المصنوعة من الحجر الكلسي، والأبواب والشبابيك على شكل الأقواس. وتلتصق هذه البنايات بعضها ببعض مُقسّمةً البلدة القديمة إلى حاراتٍ مُتراصةٍ ذات شوارع ضيّقة. وكان هذا هو الشّكل الأمثل لتأمين الدّفاع عن المدينة والأحياء قديمًا.
أمّا الطّراز الثاني فهو الطراز الحديث في مناطق السّكن الجديدة. ويتكوّن البناء فيه من الحجر المنحوت من الخارج والإسمنت من الداخل. والشبابيك والأبواب مستطيلة الشّكل، والسقف مُسطّح. والبناء السّائد هو البيوت المُستقلّة ذات الطبقة الواحدة. وقد بدأ حديثًا بناء عمارات من طبقاتٍ مُتعدّدةٍ.