قبيلة كبيرة متفرعة من قبيلة الأزد القحطانية اليمانية. وهم بنو الأَوْس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو مُزَيْقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة الغِطريف بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن عبد الله بن الأزد. والأوس والخزرج أمُّهما قَيْلة بنت الأرقم بن عمرو بن جفنة بن عمرو مزيقياء. وقد عرفا بأمهما قيلة، ولابد أن يكون لهذه المرأة التي ينتسبون إليها شهرة في الجاهلية، حملتهم على الافتخار بالانتساب إليها.
ومن بطون الأوس: بنو عَوْف بن مالك، وبنو عمرو بن مالك (النَبيت) ومُرّة بن مالك وهم الجَعادرة، وجُشَم بن مالك. ومن بني عوف بن مالك زيد بن مالك، وكُلفة بن عوف، ومن بني زيد ضُبَيْعة بن زيد. وإلى هذا البطن ينتمي الأحوص عبد الله بن محمد الشاعر، وحنظلة بن أبي عامر (غسيل الملائكة)، وعاصم بن ثابت بن الأقلح، ومن بني عمرو بن عوف بنو السَّميعة ومن بطونهم بنو جَحجبا بن كُلفة، ومن هذا البطن أُحيحة بن الجُلاح، وخُبيب بن عديّ الذي صلبته قريش بالتنعيم، ومن بطونهم كذلك حبيب بن عمرو بن عوف، وإليه ينتمي سُويد بن الصامت. وتفرّعت من بني عمرو بن مالك بطون كثيرة منها بنو ظَفَر، وعبد الأشهل، وزَعُوراء، ومن بني عبد الأشهل سعد بن مُعاذ، سيد الأوس، ومن بني ظفر قيس بن الخَطيم الشاعر. ومن بطون النبيت أيضاً جُشم بن حارثة ومَجْدعة بن حارثة، ومن بني جُشم بن مالك بن الأوس بنو خَطْمة، وهم بطن كبير.
كان الأوس أهل عزّة ومَنَعة، لم يؤدّوا إتاوة قط في الجاهلية إلى أحد من الملوك. وقد هاجروا من اليمن بعد خراب سدّ مأرب إلى يثرب (المدينة المنورة) واستقروا فيها مع إخوتهم الخزرج إلى جوار اليهود الذين كانوا يستأثرون بالمواقع الجيدة فيها، فنزل الأوس والخزرج في سافلة المدينة وعاليتها، وجاروا اليهود في بناء الآطام (الحصون) التي كانوا يلجؤون إليها إذا أحدق بهم الخطر، وقد أخربت آطام المدينة في عهد عثمان بن عفان. وكانت الأموال والنخل في أيدي اليهود فمكث الأوس والخزرج معهم أمداً في ضنك وشدّة. واضطروا إلى أن يخضعوا لسلطانهم، ثم ثار مالك بن العَجْلان الخزرجي على استبداد اليهود بهم، وقتل ملكهم، ثم استعان بأحد أمراء غسّان من أقربائه عليهم فأعانه وبطش بهم، ومكّن للأوس والخزرج بيثرب، وملّكهم الآطام والنخل، ولما كثر عدد الأوس والخزرج وقويت شكيمتهم، اضطر اليهود إلى الخضوع لسلطانهم، وعقدوا معهم حلفاً ليأمنوا على أموالهم ونخلهم وقد حالف اليهود من بني قُريظة والنضير قبائل الأوس، وحالف آخرون الخزرج.
ثم ما لبث الأوس والخزرج أن وقع الخلاف بينهما، ونشبت بينهما حروب متصلة لم تتوقف إلا بمجيء الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. على أن ما بين الحَيَّيْن من وشائج الرحم، جعل هذه الحروب لا تتسم دائماً بالضراوة والعنف، وقد التزم الحيّان طائفة من الأعراف من شأنها عدم الإسراف في القتل، ومنها أن الرجل لا يُقْتَل إذا كان في بيته أو نخله.
ومن أقدم هذه الحروب حرب سُمَير التي استمرت عشرين عاماً، وكان الذي أثارها مقتل جار لمالك بن العجلان سيّد الخزرج بيد رجل من الأوس يدعى سُمير بن يزيد، واتصلت الوقائع بين الحَيَّيْن، واحتكم القوم إلى المنذر بن حرام، جدّ حسان بن ثابت، فاحتمل هو وقومه نصف الديّة، واحتمل بنو عوف النصف الآخر، وحُقنت دماء القوم.
ومن حروبهم كذلك، حرب كعب بن عمرو. وكان سيّد الأوس يومئذ الشاعر أُحيحة بن الجُلاح. ومنها حرب حاطِب التي أثارت وقائع متصلة كان آخرها يوم بُعاث الذي كان قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بنحو خمس سنوات. ومن الوقائع المتصلة بهذه الحرب يوم الرَّبيع، ويوم البَقيع، ويوم الحديقة، ويوم معبّس ومضرّس. وشارك في هذه الحرب قيس بن الخطيم شاعر الأوس. كما وقف حسان بن ثابت إلى جانب قومه الخزرج، ودارت بينه وبين ابن الخطيم مناقضات كثيرة من جرّاء ذلك.
كان الأوس في الجاهلية يدينون بالديانة الوثنية، وكانوا يحفظون في بيوتهم أصناماً يتقربون إليها، كما كانوا يحجّون إلى محجات على مسافة من يثرب. ومن آلهتهم مناة وهي أكبر آلهتهم، وكان لها بيت بالمشلَّل وسدنة، وكانوا يذبحون عندها، كما كانوا يهلّون منها للحج إلى الكعبة، ثم يقفون مع الناس المواقف كلها، ولا يحلقون رؤوسهم، فإذا نفروا أتوا مناة وحلقوا رؤوسهم عندها، وأقاموا لا يرون لحجهم تماماً إلا بذلك، كما كانوا يعظمون العُزّى.
امتهن الأوس الزراعة إلى جانب التجارة، فكانوا يخرجون إلى أسواق الشام فيتّجرون منها، وكانت لهم اتصالات مع قريش. ولما بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم بنشر الدعوة الإسلامية، أتاحت له الأسواق والأعياد التي كانت تعقد حول مكة سبيلاً للاتصال بالأوس الذين لبى قسم منهم الدعوة لانتشار فكرة ظهور النبي بينهم وإدراكهم قصور الديانة الوثنية، إضافة إلى انقسام مجتمع المدينة على نفسه، وفقدان الوحدة بين سكانه.
التقى الرسول صلى الله عليه وسلم جماعة من الأوس جاءت تطلب حلف قريش في مواجهة الخزرج، فدعاهم إلى الإسلام، وتلا عليهم القرآن، فبايعه في بيعة العقبة الأولى اثنان من الأوس. وكذلك حضر منهم أحد عشر رجلاً بيعة العقبة الثانية، فعرضوا مع الخزرج على الرسول صلى الله عليه وسلم الهجرة إلى المدينة، فوافق على أن يمنعوه ما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم، كما توثقوا لأنفسهم من الرسول خشية عودته لقومه إذا أظهره الله. ثم بدأت هجرة المسلمين إلى المدينة، ودان الأوس تدريجياً بالإسلام، وغلب اسم الأنصار عليهم وعلى الخزرج. وقد عمل الرسول صلى الله عليه وسلم على كفِّهما عن التخاصم فيما بينهما، ووجههما وجهة جديدة أنستهما الخصومة العنيفة التي كانت بينهما، كما آخى بينهم وبين المهاجرين، ووضح لهم حقوقهم وواجباتهم في الصحيفة التي أصدرها في المدينة. ولما توفي الرسول صلى الله عليه وسلم ساعدت الأوس المهاجرين في سقيفة بني ساعدة على انتخاب أبي بكر خليفة، وكان للأوس والخزرج (الأنصار) مواقف موحدة منذ قيام الدولة الأموية.
نبغ من الأوس طائفة من الشعراء منهم قيس بن الخطيم الذي قال شعراً كثيراً في الحروب بين الأوس والخزرج، وكان يثير في نفوس الأوس الأحقاد القديمة. وأبو قيس بن الأسلت من بني عمرو بن عوف، وأُحيحة بن الجلاح، وسُويد بن الصامت، وأبو قيس مالك بن الحارث.