الغساسنة والمناذره

ثمة هجرات تدريجية حدثت بعد خراب سد مأرب في اليمن وبعد "السيل العرم"، أي بدءاً من أواخر الألف الأول قبل الميلاد. فكان من هذه الهجرات "المناذرة" في الحيرة العراق والغساسنة في جنوبي سورية بصرى.

وأصل الغساسنة من الأزد استقروا في تهامة قرب عين ماء اسمها "غسان" فحملوا هذا الاسم، ثم نزلوا مشارف الشام وتغلبوا على قبائل "الضجاغمة" التي كانت تنزل هناك، وأنشأوا دولة عاصمتها بصرى واعتنقوا المسيحية، وكانوا حلفاء الروم فاشتركوا معهم في حروبهم مع الفرس وحلفائهم المناذرة العرب. وحكم الغساسنة ستمائة سنة أي من أوائل القرن الأول الميلادي إلى ظهور الإسلام وكانت لغتهم العربية والآرامية وكان أول ملوكهم "جفنة بن عمرو"، وامتد سلطانهم على جميع بلاد الشام حتى تدمر والرصافة وإلى البحر. ومن آثارهم صهاريج الرصافة والقصر الأبيض والأزرق وكثير من الأديرة، ولقد التحق بالغساسنة شعراء مشهورون مثل لبيد والنابغة الذبياني وحسان ابن ثابت.

أما المناذرة فهم "تنوخيون" مزيج من "قضاعة" و"الأزد"، نزحوا بعد خراب السد في "مأرب" وأسسوا في الحيرة مملكة استمرت من 268-631م. إن أشهر تراثهم قصر الخورنق وحصن السدير، وكانوا من حلفاء الساسانيين. ويروي ابن قتيبة الحرب الشهيرة بين المناذرة والغساسنة في "يوم حليمة".