أأنْ ترسَّمتَ من خرقاءَ منزلة ً |
ماءُ الصَّبابة ِ منْ عينيكَ مسجومُ |
كَأَنَّهَا بَعْدَ أَحْوَالٍ مَضَيْنَ لَهَا |
بِالأَشْيَمَيْنِ يَمَانٍ فِيهِ تَسْهِيمُ |
أودى بها كلَّ عرّاصٍ ألثَّ بها |
وَجَافِلٌ مِنْ عَجَاجِ الصَّيْفِ مَهْجُومُ |
ودمنة ً هيَّجتْ شوقي معالمُها |
كَأَنَّهَا بِالْهِدَمْلاَتِ الرَّوَاسِيمُ |
منازلُ الحيِّ إذ لا الدارُ نازحة ٌ |
بِالأَصْفِيَآءِ وَإذْ الْعَيْشُ مَذْمُومُ |
كَادَتْ بِهَا الْعَيْنُ تَنْبُو ثُمَّ ثَبَّتَهَا |
مَعَارِفُ الدَّارِ والْجُونُ الْيحَامِيمُ |
هل حبلُ خرقاءَ بعدَ الهجرِ مرمومُ |
مَخَافَة َ الرَّمي حَتَّى كُلُّهَا هِيمُ |
أَمْ نَازِحُ الْوَصْلِ مِخْلاَفٌ بِشِيْمَتِهِ |
لونانِ منقطعٌ منهُ فمصرومُ |
لاَ غَيْرَ أَنَّا كَأَنَّا مِنْ تَذَكُّرِهَا |
وطولِ ما قدْ نأتنا نُزَّعٌ هيمُ |
تعتادني زفراتٌ حينَ أذكرها |
تَكَادُ تَنْفَضُّ مِنْهُنَّ الْحَيَازِيمُ |
كأنَّني من هوى خرقاءَ مطَّرفٌ |
دَامي الأَظَلِّ بَعِيدُ السَّأْوِ مَهْيُومُ |
دانى له القيدُ في ديمومة ٍ قذفٍ |
قَيْنَيْهِ وانْحَسَرَتْ عَنْهُ الأَنَاعِيمُ |
هامَ الفؤادُ لذكراها وخامرهُ |
منها على عدواءِ الدّارِ تسقيمُ |
فَمَا أَقُولُ ارْعَوَى إِلاَّ تَهَيَّضَهُ |
حظٌّ له من خبالِ الشَّوقِ مقسومُ |
كأنَّها أمُّ ساجي الطَّرفِ أخدرها |
مُسْتَودَعٌ خَمَرَ الْوَعْسَآءِ مَرْخُومُ |
تَنْفي الطَّوَارِفَ عَنْهُ دِعْصَتَا بَقَرٍ |
وَيَافِعٌ مِنْ فِرِنْدَادَيْنِ مَلْمُومُ |
كأنَّهُ بالضُّحى ترمي الصَّعيدَ به |
دبّابة ٌ في عظامِ الرَّأسِ خرطومُ |
لاَيَنْعَشُ الطَّرْفَ إلاَّ مَا تَخَوَّنَهُ |
داعٍ يناديهِ باسم الماءِ مبغومُ |
كَأَنَّهُ دُمْلُجٌ مِنْ فِضَّة ٍ نَبَهٌ |
في ملعبٍ منْ عذارى الحيِّ مفصومُ |
أَوْ مُزْنَة ٌ فَارِقٌ يَجْلُو غَوَارِبَهَا |
تبوُّحُ البرقِ والظَّلماءُ علجومُ |
تلْكَ الَّتِي أَشْبَهَتْ خَرْقَآءَ جَلْوَتُهَا |
يَوْمَ النَّقَا بَهْجَة ٌ مِنْهَا وَتَطْهِيمُ |
تَثْنِي النِّقَابَ عَلَى عِرْنِيْنِ أَرْنَبَة ٍ |
شمّاءَ مارنُها بالمسكِ مرثومُ |
كَأَنَّمَا خَالَطَتْ فَاهَا إِذَا وَسِنَتْ |
بعدَ الرُّقادِ فما ضمَّ الخياشيمُ |
مهطولة ٌ منْ خزامى الخُرجِ هيَّجها |
مِنْ نَفْحِ سَارِيَة ٍ لَوْثَآءَ تَهْمِيمُ |
أَوْ نَفْحَة ٌ مِنْ أَعَالي حَنْوَة ٍ مَعَجَتْ |
فيها الصَّبا موهناً والروضُ مرهومُ |
حَوَّآءُ قَرْحَآءُ أَشْرَاطِيَّة ٌ وَكَفَتْ |
فيها الذِّهابُ وحفَّتْها البراعيمُ |
تِلْكَ الَّتِي تَيَّمَتْ قَلْبِي فَصَارَ لَهَا |
منْ ودِّهِ ظاهرٌ بادٍ ومكتومُ |
قدْ أعسِفُ النازحَ المجهولَ معسفُهُ |
في ظِلِّ أَغْضَفَ يَدْعُو هَامَهُ الْبُومُ |
بِالصُّهْبِ نَاصِبَة ِ الأَعْنَاقِ قَدْ خَشَعَتْ |
مِنْ طُولِ مَا وَجَفَتْ أَشْرَافُهَا الْكُومُ |
مهريَّة ٌ رُجَّفٌ تحتَ الرِّحالِ إذا |
شَجَّ الْفَلاَ مِنْ نَجَآءِ الْقَوْمِ تَصْمِيمُ |
تَنْجُو إِذَا جَعَلَتْ تَدْمَى أَخِشَّتُهَا |
واعْتَمَّ بِالزَّبَدِ الْجَعْدِ الْخَرَاطِيمُ |
قَدْ يَتْرُكُ الأَرْحَبِيُّ الْوَهْمُ أَرْكُبَهَا |
كَأَنَّ غَارِبَهُ يَأْفُوخ مَأْمُومُ |
بينَ الرَّجا والرَّجا من جيبِ واصية ٍ |
يهماءَ خابطُها بالخوفِ معكومُ |
لِلْجِنِّ بِاللَّيْلِ في حَافَاتِهَا زَجَلٌ |
كما تناوَحَ يومَ الرّيحِ عيشومُ |
هَنَّا وَهِنَّا وَمِنْ لَهُنَّ بِهَا |
ذَاتَ الشَّمَائِلِ والأَيْمَانِ هَيْنُومُ |
دوِّيَّة ٌ ودُجا ليلٍ كأنَّهما |
يَمٌّ تَرَاطَنَ في حَافَاتِهِ الرُّومُ |
يُجلى بها اللَّيلُ عنّا في مُلمِّعة ٍ |
مِثْلِ الأَدِيمِ لَهَا مِنْ هَبْوَة ٍ نِيمُ |
كأنَّنا والقنانَ القودَ يحملُنا |
موجُ الفراتِ إذا التجَّ الدَّياميمُ |
والآلُ منفهقٌ عنْ كلِّ طامسة ٍ |
قرواءَ طائقُها بالآل محزومُ |
كأنَّهنَّ ذرا هديٍ مجوَّبة ٍ |
عنها الجلالُ إذا ابيضَّ الأياديمُ |
والرَّكْبُ تَعْلُو بِهْمِ صُهْبٌ يَمَانِيَة ٌ |
فَيْفاً عَلَيْهِ لِذَيْلِ الرِّيحِ نِمْنِيمُ |
كأنَّ أدمانها والشمسُ جانحة ٌ |
وَدْعٌ بِأَرْجَآئِهَا فَضٌّ وَمَنْظُومُ |
يُضْحِي بِهَا الأَرْقَشُ الْجَوْنُ الْقَرَا غَرِداً |
كَأَنَّهُ زَجِلُ الأَوْتَارِ مَخْطُومُ |
من الطَّنابيرِ يزهى صوتهُ ثملٌ |
في لحنهِ عنْ لغاتِ العُربِ تعجيمُ |
مُعرَورياً رمضَ الرَّضراضِ يركضهُ |
والشمسُ حيرى لها بالجوِّ تدويم |
كَأَنَّ رِجْلَيْهِ رِجْلا مُقْطِفٍ عَجِلٍ |
إذا تجاوَبَ منْ بُرديهِ ترنيمُ |
|
زُعْ بِالزِّمَامِ وَجَوْزُ اللَّيْلِ مَرْكُومُ |
كَأَنَّهُ بَيْنَ شَرْخَيْ رَحْلِ سَاهِمَة ٍ |
حرفٍ إذا ما استرقَّ اللَّيلُ مأمومُ |
ترمي بهِ القفرَ بعدَ القفرِ ناجية ٌ |
هوجاءُ راكبُها وسنانُ مسمومُ |
هَيْهَاتَ خَرْقَآءُ إِلاَّ أَنْ يُقَرِّبَهَا |
ذُو الَعَرْشِ وَالشَّعْشَعَانَاتُ الْعَيَاهِيمُ |
هلْ تُدنينَّكَ منْ خرقاءَ ناجية ٌ |
بَيْنَ الأَشَآءِ تَعَلاَّهُ الْعَلاَجِيمُ |
كأنَّ أجلادَ حاذيها وقدْ لحقتْ |
أَحْشَآؤُهَا مِنْ هَيَامِ الرَّمْلِ مَطْمُومُ |
كأنّما عينُها منها وقدْ ضمرتْ |
|
يَسْتَرْجِفُ الصِّدْقُ لِحْيَيْهَا إِذَا جَعَلَتْ |
أواسطُ الميسِ تغشاها المقاديمُ |
مهريَّة ٌ بازلٌ سيرُ المطيِّ بها |
عَشِيَّة َ الخِمْسِ بِالْمَوْمَاة ِ مَزْمُومُ |
إذ قعقعَ القربُ البصباصُ ألحيها |
واسترجفتْ هامها الهيمُ الشَّغاميمُ |
يُصبحنَ ينهضنَ في عطفي شمردلة ٍ |
كأنَّها أسفعُ الخدَّينِ موشومُ |
طَاوِي الْحَشَا قَصَرَتْ عَنْهُ مُحَرَّجَة ٌ |
مستوفضٌ منْ بناتِ القفرِ مشهومُ |
ذو سُفعة ٍ كشهابِ القذفِ منصلتٌ |
يَطفْو إِذَا مَا تَلَقَّتْهُ الْجَرَاثِيمُ |
أَوْ مُخْطَفُ الْبَطْنِ لاحَتْهُ نَحَائِصُهُ |
بِالْقُنَّتَيْنِ كِلاَ لِتَيْهِ مَكْدُومُ |
حادي مخطَّطة ٍ قمرٍ يسيِّرُها |
بِالصَّيْفِ مِنْ ذِرْوَة ِ الصَّمَّانِ خَيْشُومُ |
جَادَ الرَّبِيعُ لَهُ رَوْضَ الْقِذَافِ إِلى َ |
قوَّينَ وانعدلتْ عنهُ الأصاريمُ |
حتَّى كسا كلَّ مرتادٍ لهُ خضلٌ |
مستحلسٌ مثلُ عُرضِ اللَّيلِ يحمومُ |
وَحْفٌ كَأَنَّ النَّدَى وَالشَّمسُ مَاتِعَة ٌ |
إذا توقَّدَ في أفنانهِ التّومُ |
ما آنستْ عينهُ عيناً يُفزِّعهُ |
مُذْ جَادَهُ الْمُكْفَهِرَّاتُ اللَّهَامِيمُ |
حتَّى انجلى البردُ عنهُ وهوَ محتقرٌ |
عرضَ اللِّوى زلقُ المتنينِ مدمومُ |
ترميهِ بالمورِ مهيافٌ يمانية ٌ |
هَوْجَاءُ فِيهَا لِبَاقي الرُّطْبِ تَجْرِيمُ |
مَا ظَلَّ مُذْ وَجَفَتْ في كُلِّ ظَاهِرَة ٍ |
بِالأَشْعَثِ الْوَرْدِ إِلاَّ وَهْوَ مَهْمُومُ |
لمّا تعالتْ من البُهمى ذوائبها |
واحْتَثَّهَا السَّيْرُ ـ فِى بَعْضِ الأَضَا ـ مِيمُ |
حَتَّى إِذَا لَمْ يَجِدْ وَغْلاً وَنَجْنَجَهَا |
مخافة َ الرَّميِ كلُّها هيمُ |
ظلَّتْ تفالى وظلَّ الجأبُ مكتئباً |
كأنَّهُ عنْ سرارِ الأرضِ محجومُ |
حَتَّى إِذَا حَانَ مِنْ خُضْرٍ قَوَادِمُهُ |
ذي جُدَّتينِ يكُفُّ الطَّرفَ تغييمُ |
خلَّى لها سربَ أولاها وهيَّجها |
مِنْ خَلْفِهَا لاَحِقُ الصُّقْلَيْنِ هِمْهِيمُ |
رَاحَتْ يَشُجُّ بِهَا الآكَامَ مُنْصَلِتاً |
فالصُّمُّ تُجرحُ والكذّانُ محطومُ |
فما انجلى اللَّيلُ حتَّى بيَّتتْ غلَلاً |
بينَ الأشاءِ تغشّاهُ العلاجيمُ |
وَقَدْ تَهَيَّأ رَامٍ عَنْ شَمَائِلِهَا |
مُجَرَّبٌ مِنْ بَني جِلاَّنُ مَعْلُومُ |
كَأَنَّهُ حِيْنَ تَدْنُو وِرْدَهَا طَمَعاً |
بِالصَّيْدِ مِنْ خَشْيَة ِ الإِخْطَآءِ مَحْمُومُ |
إذا توجَّسَ قرعاً منْ سنابكها |
أَوْ كَانَ صَاحِبَ أَرْضٍ أَوْ بِهِ الْمُومُ |
جتَّى إذا اختلطتْ بالماءِ أكرُعها |
أهوى لها طامعٌ بالصيدِ محرومُ |
وَفي الشِّمَالِ مِنَ الشَّرْيَانِ مُطْمِعَة ٌ |
كبداءُ في عودِها عطفٌ وتقويمُ |
يؤودُ منْ متنها متنٌ ويجذبُهُ |
كأنَّهُ في نياطِ القوسِ حلقومُ |
فَبَوَّأَ الرَّمْيَ فِي نَزْعٍ فَحُمَّ لَهَا |
مِنْ نَاشِبَاتِ أَخي جِلاَّنَ تَسْلِيمُ |
فانصاعتِ الحقبُ لم تقصعْ صرائرَها |
وَقَدْ نَشَحْنَ فَلاَ رِيٌّ وَلاَ هِيمُ |
وَبَاتَ يَلْهَفُ مِمَّا قَدْ أُصِيبَ بِهِ |
والْحُقْبُ تَرْفَضُّ مِنْهُنَّ الأَضَامِيمُ |