أَدَاراً بِحُزْوَى هِجْتِ للْعَيْنِ عَبْرَة ً |
فَمَآءُ الْهَوَى يَرْفَضُّ أَوْ يَتَرَقْرَقُ |
كمستعبري في رسمِ دارٍ كأنَّها |
بِوَعْسَآءَ تَنْصُوهَا الْجَمَاهِيرُ مُهْرَقُ |
وَقَفْنَا فَسَلَّمْنَا فَكَادَتْ بِمُشْرِفٍ |
لعرفانِ صوتي دمنة ُ الدّارِ تنطقُ |
تجيشُ إليَّ النَّفسُ في كلِّ منزلٍ |
لميٍّ ويرتاعُ الفؤادُ المشوَّقُ |
أراني إذا هوَّمتُ يا ميُّ زرتني |
فيا نعمتا لوْ أنَّ رؤيايَ تصدُقُ |
فَمَا حُبُّ مَيٍّ بِالَّذِي يَكْذِبُ الْفَتَى |
ولا بالذي يُزهي ولا يُتملَّقُ |
أَلاَ ظَعَنَتْ مَيٌّ فَهَاتِيكَ دَارُهَا |
بها السُّحمُ تردي والحمامُ المُطوَّقُ |
أربَّتْ عليها كلُّ هوجاءَ رادة ٍ |
زَجُولٍ بِجَوْلاَنِ الْحَصَى حِيْنَ تَسْحَقُ |
لعمرُكَ إنّي يومَ جرعاءِ مالكٍ |
لَذُو عَبْرَة ٍ كُلاً تَفِيضُ وَتَخْنُقُ |
وإنسانُ عيني يحسِرُ الماءُ تارة ً |
فَيَبْدُو وَتَارَاتٍ يَجُمُّ فَيَغْرَقُ |
يلومُ على ميٍّ خليلي وربَّما |
يجورُ إذا لامَ الشَّفيقُ ويخرُقُ |
وَلَوْ أَنَّ لُقْمَانَ الْحَكِيمَ تَعَرَّضَتْ |
لعينيهِ ميٌّ سافِراً كادَ يبرَقُ |
غداة َ أمَنّي النفسَ أنْ تسعفَ النّوى |
بِمَيٍّ وَقَدْ كَادَتْ مِنَ الْوَجْدِ تَزْهَقُ |
أَنَاة ٌ تَلُوثُ الْمِرْطَ مِنْهَا بِدِعْصَة ٍ |
رُكَامٍ وَتَجْتَابُ الْوِشَاحَ فَيَقْلَقُ |
وَتَكْسُو الْمِجَنَّ الرَّخْوَ خَصْراً كَأَنَّهُ |
إهانٌ ذوى عن صفرة ٍ فهو أخلقُ |
لها جيدُ أمِّ الخشفِ ريعتْ فأتلعتْ |
ووجهٌ كقرنِ الشَّمسِ ريّانُ مشرقُ |
وَعَيْنٌ كَعَيْنِ الرِئْمِ فِيهَا مَلاَحَة ٌ |
هِيَ السحْرُ أَوْ أَدْهَى الْتِبَاساً وَأَعْلَقُ |
وَتَبْسِمُ عَنْ نَوْرِ الأَقَاحِيِّ أَقْفَرَتْ |
بِوَعْسَآءِ مَعْرُوفٍ تُغَامُ وَتُطْلَقُ |
أمنْ ميَّة َ اعتادَ الخيالُ المؤرِّقُ |
نعمْ إنها ممّا على النَّأيِ تطرُقُ |
وَحَاذَانِ مَجْلُوزٌ عَلَى صَلَويْهِمَا |
وخفّانُ دوني سيلهُ فالخورنقُ |
بأشعثَ منقدِّ القميصِ كأنَّهُ |
صفيحة ُ سيفٍ جفنهُ متخرِّقُ |
رجيعة ُ أسفارٍ كأنَّ زمامَها |
مِلاَطٌ تَعَادَى عَنْ رَحَا الزَّوْرِ أَدْفَقُ |
طَرَحْتُ لَهَا فِي الأَرْضِ أَسْفَلَ فَضْلِهِ |
وَأَعْلاَهُ فِي مَثْنَى الْخِشَاشة ِ مُعْلَقُ |
ثَوَى بَيْنَ نِسْعَيْهَا عَلَى مَاتَجَشَّمَتْ |
جَنِينٌ كَدُعْمُوصِ الْفَرَاشَة ِ مُغْرِقُ |
وَقَدْ غَادَرَتْ فِي السَّيرِ نَاقَة ُ صَاحِبِي |
طَلاً مَوَّتَتْ أَوْصَالَهُ فَهُوَ يَشْهَقُ |
جُمَالِيَّة ٌ حَرْفٌ سِنَادٌ يَشُلُّهَا |
وَظِيفٌ أَزَجُّ الْخَطْوِ رَيَّانُ سَهْوَقُ |
وكعبٌ وعُرقوبٌ كِلا مَنجِميهِما |
أشمُّ حديدُ الأنفِ عارٍ معرَّقُ |
وفوقهما ساقٌ كأنَّ حماتها |
إذا استُعرضتْ منْ ظاهر الرِّجْلِ خرنقُ |
إِلَى صَهْوَة ٍ تَحْدُو مَحَالاً كَأَنَّهُ |
صفاً دلَّصتهُ طحمة ُ السَّيلِ أخلقُ |
وجوفٌ كجوفِ القصرِ لم ينتكتْ لهُ |
بِآبَاطِهِ الزُّلِّ الزَّهَالِيلِ مِرْفَقُ |
وَهَادٍ كَجِذْعِ السَّاجِ سَامٍ يَقُودُهُ |
مُعَرَّقُ أَحْنَآءِ الصَّبِيَّينِ أَشْدَقُ |
ودفواءُ حدباءُ الذِّراعِ يزينُها |
ملاطٌ تجافى عنْ رحا الزَّورِ أدفقُ |
قطعتُ عليها غولَ كلِّ تنوفة ٍ |
وَقَضَّيْتُ حَاجَاتِي تَخُبُّ وَتَعْنِقُ |
ومُشبهِ الأرباءِ يرمي بركبهِ |
يَبِيسُ الثَّرَى نَائِي الْمَنَاهِلَ أَخْوَقُ |
إِذَا هَبَّتِ الرِيْحُ الصَّبَا دَرَجَتْ بِهِ |
غرابيبُ منْ بيضٍ هجائنَ دردقُ |
ونادى به ماءٍ إذا ثارَ ثورة ً |
أُصيبحُ أعلى نقبة ِ اللَّونِ أطرقُ |
ترِيعُ لَهُ أَمٌّ كَأَنَّ سَرَاتَهَا |
إذا انجابَ عنْ صحرائها اللّيلُ يلمقُ |
إِذَا الأَرْوَعُ الْمَشْبُوبُ أَضْحَى كَأَنَّهُ |
على الرَّحلِ ممّا منَّهُ السَّيرُ أحمقُ |
وتيهاءَ تودي بينَ أرجائها الصَّبا |
عَلَيْهَا مِنَ الظَّلْمَآءِ جُلٌّ وَخَنْدَقُ |
غللتُ المهارى بينها كلَّ ليلة ٍ |
وَبَيْنَ الدُّجَى حّتَّى أَرَاهَا تَمَزَّقُ |
فَأَصَبْحتُ أَجْتَابُ الْفَلاَة َ كَأَنَّنِي |
حُسَامٌ جَلَتْ عَنْهُ الْمَدَاوِسُ مُخْفِقُ |
نظرتُ كما جلّى على رأسِ رهوة ٍ |
منَ الطَّيرِ أقنى ينفُضُ الطَلَّ أزرقُ |
طِرَاقُ الْخَوَافِي وَاقِعٌ فَوْقَ رِيعَة ٍ |
ندى ليلهِ في ريشهِ يترقرقُ |
وَمَاءٍ قَديِمِ الْعَهدِ بِالنَّاسِ آجِنٍ |
كأنَّ الدَّبى ماءَ الغضى فيه يبصقُ |
وردتُ اعتسافاً والثّريّا كأنَّها |
عَلَى قِمَّة ِ الرَّأَسِ ابْنُ مَآءٍ مُحَلّقُ |
يَدُفُّ عَلَى آثَارِهَا دَبَرَانُهَا |
فَلاَ هُوَ مَسْبُوقٌ وَلاَهُوَ يَلْحَقُ |
بِعِشْريِنَ مِنْ صُغْرى النُّجُومِ كَأَنَّهَا |
وإياهُ في الخضراءِ لو كانَ ينطقُ |
قِلاَصٌ حَدَاهَا رَاكبٌ مُتَعَمّمٌ |
هَجَآئِنُ قَدْ كَادَتْ عَلَيْهِ تَفَرَّقُ |
قُرانى وأشتاتاً أجدَّ يسوقُها |
إِلَى الْمَآء مِنْ جَوْزِ التَّنُوفَة ِ مُطْلِقُ |
وقدْ هتكَ الصُّبحُ الجليُّ كفاءهُ |
ولكنَّهُ جونُ السَّراة ِ مُروَّقُ |
فَأَدْلَى غُلاَمِي دَلْوَهُ يَبْتَغِي بِهَا |
شفاءَ الصَّدى واللَّيلُ أدهمُ أبلقُ |
فجاءتْ بنسجِ العنكبوتِ كأنَّهُ |
عَلَى عَصَويْهَا سَابِرِيٌّ مُشَبْرَقَ |
فَقُلْتُ لَهُ عُدْ فَالْتَمِسْ فَضْلَ مَآئِهَا |
تَجُوبُ إِليَّهَا اللَّيْلَ وَالْقَعْرُ أَخْوَقُ |
فجاءتْ بمُدٍّ نصفُهُ الدِّمنُ آجنٍ |
كَمِآءِ السَّلاَ فِي صِغْوِهَا يَتَرقْرَقُ |