دنا البينُ منْ ميٍّ فرُدَّتْ جِمالُها |
فهاجَ الهوى تقويضُها واحتمالُها |
وقدْ كانت الحسناءُ ميٌّ كريمة ً |
علينا ومكروهاً إلينا زيالُها |
وَيَوْمٍ بِذي الأَرْطَى إِلَى بَطْنِ مُشْرِفٍ |
بِوَعْسَآئِهِ حَيْثُ اسْبَطَرَّتْ حِبَالُهَا |
عرفتُ لها داراً فأبصرَ صاحبي |
صَفيِحَة َ وَجْهِي قَدْ تَغَيَّرَ حَالُهَا |
فَقُلْتُ لِنَفْسِي مِنْ حَيَاءٍ رَدَدْتُهُ |
إليها وقد بلَّ الجفونَ بلالُها |
أَمِنْ أَجْلِ دَارٍ صَيَّرَ الْبَيْنَ أَهْلُهَا |
أَيَادِي سَبَا بَعْدِي وَطَالَ أحْتَيالُهَا |
بوهبينَ تسنوها السَّواري وتلتقي |
بِهَا الْهُوجُ شَرْقيَّاتُهَا وَشَمَالُهَا |
إِذَا صَوَّحَ الْهَيْفُ السَّفَا لَعِبَتْ بِهِ |
صبا الحافة ِ اليُمنى جنوبٌ شمالُها |
فؤادُك مبثوثٌ عليكَ شجونهُ |
وَعَيْنُكَ يَعْصي عَاذِليكَ کنْهِلاَلُهَا |
تَداَوَيْتُ مِنْ ميٍّ بِهِجْرَانِ أَهْلِهَا |
فلمْ يشفِ من ذكرى طويلٍ خبالُها |
تُراجعُ منها أسودَ القلبِ خطرة ٌ |
بلاءٌ ويجري في العظامِ امذلالُها |
لقد علِقتْ ميٌّ بقلبي علاقة ً |
بطيئاً على مرِّ الشُّهورِ انحلالُها |
إِذَا قُلْتُ تَجْزِي الوُدَّ أَوْ قُلْتُ يَنْبَري |
لها البذلُ يأبى بُخلُها واعتلالُها |
عَلَى أَنَّ مَيّاً لاَ أرَى كَبَلآئِهَا |
منَ البُخلِ ثمَّ البُخلِ يُرجى نوالُها |
وَلَمْ يُنْسِني مَيّاً تَرَاخِي مَزَارِهَا |
وصرفُ اللَّيالي مرُّها وانفتالُها |
على أنَّ أدنى العهدِ بيني وبينها |
تَقَادَمَ إلاَّ أنْ يَزُورَ خَيَالُهَا |
بَنِي شُقَّة ٍ أَغْفَوا بِأَرْضٍ مُتِيهة ٍ |
كأَنَّ بَني حَام بْنِ نُوحٍ رِئَاَلهُا |
لدى كلِّ نقضٍ يشتكي منْ خشاشهِ |
وَنِسْعَيِه أوْ سَجْرَاءَ حُرِّ قَذَالُهَا |
فأيُّ مزورٍ أشعثِ الرَّأسِ هاجعٍ |
إِلَى دَفّ هَوْجَاءِ الْوَنيِّ عِقَالُهَا |
طَوَاهَا إِلَى حَيْزُومِهَا وَأَنْطَوَتْ لَهَا |
بِأَوَّلِ رَاجٍ حِيلَة ً لاَ يَنَالُهَا |
دروجٌ طوتْ آطالها وانطوتْ بها |
بِلاَلِيْقُ أَغْفَالٌ قَلِيلٌ حِلاَلُهَا |
فَهذِي طَوَاهَا بَعْدَ هذِي وَهَذِهِ |
طَوَاهَا لِهذِي وَخْدُهَا وَانْسِلاَلُهَا |
وَقَدْ سَدَتِ الصُّهْبُ الْمَهَارَى بِأَرْجُلٍ |
شَدِيدٍ بِرَضْرَاضِ الْمْتَانِ انْتضَالُهَا |
إذا ما نِعاجُ الرَّملِ ظلَّتْ كأنَّها |
كواعبُ مقصورٌ عليها حجالُها |
تَخَطَّتْ بِنَا جَوْزَ الفَلاَ شَدَنِيَّة ٌ |
كَأَنَّ الصَّفَا أَوْرَاكُهَا وَمَحَالُهَا |
حَرَاجِيجُ مَا تَنْفَكُّ تَسْمُو عُيُونُهَا |
كرشقِ المرامي لم تفاوتْ خصالُها |
إلى قُنَّة ٍ فوقَ السَّرابِ كأنَّها |
كُمَيْتٌ طَوَاهَا القَوْدُ فَاقْوَرَّ آلُهَا |
إِذَا مَا حَشَوْنَاهُنَّ جَوْزَ تنوفة ٍ |
سَبَارِيتَ يَنْزُو بِاْلقُلُوبِ اهْوِلاَلُهَا |
رهاءٍ بساطِ الظَّهرِ سيٍّ مخوفة ٍ |
عَلَى رَكْبِهَا إِقْلاَتُهَا وَضَلاَلُهَا |
تعاوى لحسراها الذِّئابُ كما عوتْ |
منَ اللَّيلِ في رفضِ العواشي فِصالُها |
شججنَ الفلا بالأمِّ شجّاً وشمَّرتْ |
يَمَانِيَة ٌ يُدْنِي الْبَعِيدَ انْتِقَالُهَا |
طوالُ الهوادي والحوادي كأنَّها |
سَمَاحِيجُ قُبٌّ طَارَ عَنْهَا نُسَالُهَا |
رَعَتْ بَارِضَ الْبُهْمَى جَميِماً وَبُسْرَة ً |
وَصَمْعَاءَ حَتَّى آَنَفَتْهَا نِصَالُهَا |
برهبى إلى روضِ القذافِ إلى المِعى |
إِلَى وَاحِفٍ تَرْوَادُهَا وَمَجَالُهَا |
فَلَمَّا ذَوَى بَقْلُ التَّنَاهِي وَبَينَّتْ |
مَخَاضُ الأَوَابِي وَاسْتُبِينَتْ حِيَالُهَا |
تَرَدَّفْنَ خَشْبَآءَ الْقَرينِ وَقَدْ بَدَا |
لهنَّ إلى أهلِ السِّتارِ زيالُها |
صوافنَ لا يعدِلنَ بالوردِ غيرهُ |
وَلَكِنَّهَا فِي مَوْرِدَيْنِ عِدَالُهَا |
أعينُ بني بوٍّ غُمازهُ مورِدٌ |
لَهَا حِيْنَ تَجْتَابُ الدُّجَى أَمْ أُثَالُهَا |
فَلَمَا بَدَا فِي اللَّيْلِ ضَوْءٌ كَأَنَّهُ |
وإيّاهُ قوسُ المُزنِ ولّى ظلالُها |
تَيَمَّمْنَ عَيْناً مِنْ أُثالٍ نَمِيرة ً |
قَمُوساً يَمُجُّ الْمُنْقِضَاتِ احِتْفَالُهَا |
على أمرِ منقدِّ العفاءِ كأنَّهُ |
عَصَا قَسِّ قُوسٍ لِيُنَها وَاعْتِدَالُهَا |
إِذَا عَارَضَتْ مِنْهَا نَحُوضٌ كَأَنَّهَا |
فولَّيْنَ يَذْرِينَ العَجَاجَ كأَنَّهُ |
أحالَ عليها وهو عادلُ رأسهِ |
يَدُقُّ السِّلاَمَ سَحُّهُ وَآنْسِحَالُهَا |
كأنَّ هويَّ الدَّلوِ في البئرِ شلُّهُ |
بذاتِ الصُّوى آلافهُ وانشلالُها |
لَهُ أَزْمَلٌ عِنْدَ الْقِذَافِ كَأَنَّهُ |
نَحِيبُ الثَّكَالَى تَارَة ً وَاعْتِوَالُهَا |
رَباعٌ لها مُذْ أورَقَ العُودُ عندهُ |
خُمَاشَاتُ ذَحْلٍ لاَ يُرَادُ امْتِثالُهَا |
مِنَ الْعَضِّ بِالأَفْخَاذِ أَوْ حَجَبَاتِهَا |
إِذَا رَابَهُ اسْتِعْصَاؤُهَا وَعِدَالُهَا |
وَقَدْ بَاتَ ذُو صَفْرَآءَ زَوْرآءَ نَبْعَة ٍ |
وزُرقٍ حديثٍ ريشُها وصقالُها |
كَثِيرٍ لِمَا يِتْرُكْنَ فِي كُلَّ جُفْرَة ٍ |
زَفِيرُ الْقَوَاضِي نَحْبُهَا وَسُعَالُهَا |
أَخو شُقَّة ٍ يَأْوِي إِلَى أُمِّ صِبْيَة ٍ |
ثَمَانِيّة َ لَحْمُ الأَوَابِدِ مَالُهَا |
يُرَاصِدُهَا فِي جَوْفِ حَدْبَآءَ ضَيِقٍ |
عَلَى الْمَرْءِ إِلاَّ مَا تحرَّفَ جَالُهَا |
يُبَايُتهُ فِيْهَا أَحَمُّ كأنَّهُ |
إبَاضُ قَلُوصٍ أَسْلَمَتْهَا حِبَالُهَا |
وقرناءُ يدعو باسمها وهو مُظلمٌ |
له صوتُها أو إنْ رآها زمالُها |
إذَا شَآءَ بَعْضَ اللَّيْلِ حَفَّتْ لِصَوْتِهِ |
حفيفَ رحاً منْ جلدِ عودٍ ثفالُها |
فجاءتْ بأغباشٍ تحجّى شريعة ً |
تلاداً عليها رميها واحتبالُها |
فلمّا تجلّى قرعُها القاعَ سمعهُ |
وَباَنَ لَهُ وَسْطَ الأَشَاءِ انْغِلالُهَا |
طَوَى شَخْصَهُ حَتَّى إِذَا مَا تَوَدَّفَتْ |
عَلَى هِيلَة ٍ مِنْ كُلِّ أَوْبٍ تُهَالُهَا |
رمى وهيَ أمثالُ الأسنَّة ِ يُتَّقى |
بِهَا صَفُّ أُخْرَى لمْ يُبَاحَتْ قِتالُهَا |
يُبَادِرْنَ أَنْ يُبْرِدْنَ ألَوَاحَ أَنْفُسٍ |
قَلِيلٍ مِنَ الْمَآءِ الرَّوَآءِ دِخَالُهَا |
فَمَرَّ عَلَى القُصْوَى النَّضُّي فَصَدَّهُ |
تليَّة ُ لَمْ يكمَّلْ كَمَالُهَا |
وقدْ كانَ يشقى قبلها مثلُها بهِ |
إذَا مَا رَمَاهَا كَبْدُهَا وَطِحَالُهَا |
|
عثانُ إجامٍ لجَّ فيها اشتعالُها |
أُوَلئِكَ أَشْبَاهُ الْقِلاَصِ الَّتِي طَوَتْ |
|
تَرَامَى الْفَيَافِي بَيْنَهَا قَفَرَاتُهَا |
إِذَا اسْحَنْكَكَتْ مِنْ عُرْضِ لَيْلٍ جِلاَلُهَا |
بنا وبأطلاحٍ إذا هي وقَّعتْ |
كَسَا الأَرْضَ أَذْقَانَ الْمَهَارَى كَلاَلُهَا |
نَوَاشِطُ بَالرُّكْبَانِ فِي كُلِّ رحْلَة ٍ |
وَمَنْ يَتَّبِعْ عَيْنَيْهِ فِي النَّاسِ لاَ يَزَلْ |
أَلَمْ تَعْلَمي يَا مَيُّ أَنِّي وَبَيْنَنَا |
خَلِيلَيَّ هَلْ مِنْ حِيلَة ٍ تَعْلَمَانِهَا |
أمنّي ضميرَ النَّفسِ إيّاكِ بعدما |
يُرَاجِعُنِي بَثّي فَيَنْسَاحُ بَالُهَا |
سلي الناسَ هلْ أرضي عدُوَّكِ أو بغى |
حَبِيبُكِ عِنْدِي حَاجَة ً لاَ يَنَالُهَا |
خليليَّ هلْ منْ حاجة ٍ تعلمانها |
يدنِّيكما منْ وصلِ ميَّ احتيالُها |
فَنَحْيَا لَهَا أَمْ لا، فَإِنْ لاَ فَلَمْ نَكُنْ |
|
وأنْ رُبَّ أمثالِ البلايا منَ السُّرى |
مُضرٌّ بها الإدلاجُ لولا نعالُها |
لألقاكِ قدْ أدأبتُ والقومُ كُلَّما |
جرتْ حذوَ أخفافِ المطيِّ ظلالُها |
وَخَوْصَآءَ قَدْ نَفَّرْتُ عَنْ كُورِهَا الْكَرَى |
بِذِكْرَاكِ والأَعْتَاقُ مِيلٌ قِلاَلُهَا |
أفي آخرِ الدَّهرِ امرأ القيسِ رُمتمُ |
مساعيَ قدْ أعيتْ أباكمْ طوالُها |
رَأَيْتُكَ إِذْ مَرَّ الرِّبَابُ وَأَشْرَفَتْ |
جبالٌ رأتْ عيناكَ أنْ لا تنالُها |
نَزَلْنَا وَقَدْ غَارَ النَّهَارُ وَأَوْقَدَتْ |
عَلَيْنَا حَصَى الْمَعْزَآءِ شَمْسٌ تَنَالُهَا |
يَرَى حَاجَة ً مَمْنُوعَة ً لاَ يَنَالُهَا |
دَسَاكِرُ لَمْ تُرْفَعْ لِخَيْرٍ ظِلاَلُهَا |
بنينا علينا ظلَّ أبرادِ يُمنة ٍ |
على سمكِ أسيافٍ قديمٍ صقالُها |
فقمنا فرُحنا والدَّوامغُ تلتظي |
عَلَى الْعِيسِ مِنْ شَمْسٍ بَطِيءٍ زَوَالُهَا |
وَلَوْ عُرِّيَتْ أَصْلاَبُهَا عِنْدَ بَيْهَسٍ |
عَلَى ذَاتِ غِسْلٍ لَمْ تُشَمَّسْ رِحَالُهَا |
وَقَدْ سُمِيَّتْ بِاسْمِ امْرِىء الْقَيْسِ قَرْيَة ٌ |
كرامٌ صواديها لئامٌ رجالُها |
تَظَلُّ الْكِرَامُ الْمُرْمِلُونَ بِجَوْفِهَا |
سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ حَمْلُهَا وَحِيَالُهَا |
بها كلُّ خوثاءِ الحشا مرئيَّة ٍ |
روادٍ يزيدُ القُرطَ سوءاً قذالُها |
إذا ما امرؤُ القيسِ بنُ لؤمٍ تطعَّمتْ |
بِكَأْسِ النَّرَاَمى خَبَّثْتَها سَبِالُها |
فَكَأْسُ امْرِىء الْقَيْسِ الَّتِي يَشْرَبُونَهَا |
حرامٌ على القومِ فضالُها |
فَخَرْتَ بِزَيْدٍ وَهْيَ مِنْكَ بَعِيدَة ٌ |
كَبُعْدِ الثُّرَيَّا عِزُّهَا وَجَمَالُهَا |
أَلَمْ تَكُ تَدْري أنَّمَا أَنْتَ مُلْصَقٌ |
بدعوى وأنَّي عمُّ زيدٍ وخالُها |
ستعلمُ أستاهُ امرئِ القيسِ أنَّها |
صغارٌ مناميها قصارٌ رجالُها |