لَقَدْ جَشَأَتْ نَفْسي عَشِيَّة َ مُشْرِفٍ |
وَيَوْمَ لِوَى حُزْوَى فَقُلْتُ لَهَا صَبْرَا |
تحنُّ إلى ميٍّ كما حنَّ نازعٌ |
دَعَاهُ الْهَوَى فَارْتَادَ مِنْ قِيْدِه قَصْرَا |
فقلتُ اربعا يا صاحبيَّ بدمنة ٍ |
بِذِي الرّمْثِ قَدْ أَقْوَتْ مَنَازِلُهَا عَصْرَا |
أَرَشَّتْ بِهَا عَيْنَاك حَتَّى كَأَنَّمَا |
تَحُلاَّنِ مِنْ سَفْحِ الدُّمُوعِ بِهَا نَذْرَا |
وَلاَ مَيَّ إِلاَّ أَنْ تَزورَ بِمُشْرِفٍ |
أو الزُّرقِ منْ أطلالها دمناً قفرا |
تعفَّتْ لتهتالَ الشِّتاءِ وهوِّشتْ |
بها نائجاتِ الصَّيفِ شرقيَّة ً كدرا |
فَمَا ظَبْيَة ٌ تَرْعَى مَسَاقِطَ رَمْلَة ٍ |
كَسَا الْوَاكِفُ الْغَادِي لَهَا وَرَقاً نَضْرَا |
تلاعاً هراقتْ عندَ حوضى وقابلتْ |
مِنَ الْحَبْلِ ذِي الأَدْعَاصِ آمِلَة ً عُفْرَا |
رأتْ اناً عندَ الخلاءِ فأقبلتْ |
ولمْ تبدِ إلاَّ في تصرفها ذعرا |
بِأَحْسَنَ مِنْ مَيٍّ عَشِيَّة َ حَاوَلَتْ |
لتجعلَ صدعاً في فؤادكَ أو وقرا |
بِوَجْهٍ كَقَرْنِ الشَّمسِ حُرٍّ كَأَنَّمَا |
تهيضُ بهذا القلبِ لمحتهُ كسرا |
وَعَيْنٍ كَأَنَّ الَبْابِلِيَّيْنِ لَبَّسَا |
بِقَلْبِكَ مِنْهَا يَوْمَ مَعْقُلَة ٍ سِحْرَا |
وذي أشرٍ كالأقحوانِ ارتدتْ بهِ |
حَنَادِيجُ لَمْ يَقْرَبْ سِبَاخاً وَلاَ بَحْرَا |
وجيدٍ ولبَّاتٍ نواصعَ وضَّحٍ |
إذا لمْ تكنْ منْ نضحِ جاديِّهِ صفرا |
فيا ميُّ ما أدراكِ أينَ مناخنا |
معرَّقة َ الألحي يمانية ً سجرا |
قدْ اكتفلتِ بالحزنِ واعوجَّ دونها |
ضواربُ منْ خفَّانَ مجتابة ٌ سدرا |
حَرَاجِيجَ مَا تَنْفكُّ إِلاَّ مُنَاخَة ً |
على الخسفِ أو نرمي بها بلداً قفرا |
إِذَا نَزَلَتْ قِيلَ انْزِلُوا وَإذَا |
يُغَنِّي بِنَابَيْهِ مُطْلَّحَة ً صُعْرَا |
طَوَاهُنَّ قَوْلُ الرَّكْبِ سِيرُوا إِذَا اكْتَسَى |
منَ اللِّيلِ أعلى كلَّ رابية ٍ خدرا |
وَتَهْجِيْرُنَا وَالْمَرْوُ حَامٍ كَأَنَّمَا |
يطأنَ بهِ، والشَّمسُ بادية ٌ، جمرا |
وأرضٍ فلاة ٍ تسحلُ الرِّيحُ متنها |
كساها سوادُ اللَّيلِ أردية ً خضرا |
طوتنا بها الصُّهبُ المهاري فأصبحتْ |
يناصيبُ أمثالِ الرِّماحِ بها غبرا |
مِنَ اْلبُعْدِ خَلْفَ الرَّكْبِ يَلْوُونَ نَحْوَهَا |
لأعناقهمْ كمْ دونها نظراً شزرا |
إِذَا خَلَّفَتْ أَعْنَاقُهُنَّ بَسِيَطَة ً |
منَ الأرضِ أو خشباءَ أو جبلاً وعرا |
نظرنَ إلى أعناقِ رملٍ كأنَّما |
يقودُ بهنَّ الآلُ أحصنة ً شقرا |
وسقطٍ كعينِ الدِّيكِ عاورتُ صاحبي |
أباها وهيَّأنا لموقعها وكرا |
قدْ انتتجتْ منْ جانبٍ منْ جنوبها |
عَوَاناً وَمِنْ جَنْبٍ إِلَى جَنْبهَا بكْرَا |
فلمَّا بدتْ كفَّنْتُها وهي طفلة ٌ |
بِطَلْسآءَ لَمْ تَكْمُلْ ذِرَاعاً وَلاَ شبْرَا |
وقلتُ لهُ: ارفعها إليكَ فأحيها |
بِرُوحِكَ وَاقْتَتْهُ لَهَا قِيتَة ً قَدْرَا |
وظاهرْ لها منْ يابسِ الشَّختِ واستعنْ |
عَلَيْهَا الصَّبَا وَاجْعَلْ يَدَيْكَ لَهَا ستْرَا |
فَلَمَّا جَرَتْ في الجَزْلِ جَرْياً كَأَنَّهُ |
سنا الفجرِ أحدثنا لخالقها شكرا |
أخوها أبوها والضَّوى لا يضيرها |
وَسَاقُ أَبِيهَا أُمُّهَا اعْتَقَرَتْ عَقْرَا |
وقرية ٍ لا جنٍّ ولا أنسيَّة ٍ |
مُدَاخِلَة ٍ أَبْوَابُهَا بُنِيَتْ شَزْرَا |
ومضروبة ٍ في غيرِ ذنبٍ بريئة ٍ |
كَسَرْتُ لأَصْحَابِي عَلَى عَجَلٍ كَسْرَا |
وَسَوْدَآء مِثْلِ التُرْسِ نَازَعْتُ صُحْبَتي |
طفاطفها لمْ نستطعْ دونها صبرا |
وَأَبْيَضَ هَفَّافِ القَمِيصِ أَخَذْتُهُ |
فَجِئْتُ بِهِ لِلْقَوْمِ مُغْتَصِباً ضَمْرَا |
وأسودَ ولاَّجٌ بغيرِ تحيَّة ٍ |
على الحيِّ لمْ يجرمِ ولم يحتملْ وزرا |
قبضتُ عليهِ الخمسَ ثمَّ تركتهُ |
وَلَمْ أَتَّخِذْ إِرْسَالَهُ عِنْدَهُ ذُخْرَا |
وَمَيِّتة ِ الأجْلاَدِ يَحْيَا جَنِينُهَا |
لأَوَّلِ حَمْلٍ ثُمَّ يُورِثُهَا عُقْرَا |
وأشعثَ عاري الضَّرَّتينِ مشجَّجٍ |
بِأَيْدِي السَّبَايَا لا تَرَى مِثْلَهُ جَبْرَا |
كأنَّ على أعراسهِ وبنائهِ |
وئيدَ جراحٍ قرَّحٍ ضبرتْ ضبرا |
وداعٍ دعاني للنَّدى وزجاجة ٍ |
تحسَّيتها لمْ تقنَ ماءً ولاخمرا |
ومنسدحٍ بينَ الرَّحا ليسَ يشتكي |
إِذَا ضَجَّ وَابْتَلَّتْ جَوَانِبُهُ فَتْرَا |
وذو شعبٍ شتَّى كسوتُ فروجهُ |
لغاشية ٍ يوماً مقطَّعة ً حمرا |
وَخَضْرَاءَ في وَكْرَيْنَ عَرْعَرتُ رَأسَهَا |
لأبلي إذا فارقتُ في صحبتي عذرا |
وَفَاشيَة ٍ فِي الأَرْضِ تُلْقِي بَنَاتهَا |
عَوَارِيَ لاَتُكْسَى دُرُوعاً ولا خُمْرَا |
إِذَا مَا الْمَطَايَا سُفْنَهَا لَمْ يَذُقْنَهَا |
وَإِنْ كَانَ أَعْلَى نَبْتِهَا نَاعِماً نَضْرَا |
محملجة ِ الأمراسِ ملساً متونها |
سقتها عصاراتُ السَّرى فبدتْ عجرا |
وَوَارِدة ٍ فَرْداً وَذَاتِ قَرِينَة ٍ |
تبينُ إذا قالتْ وما نطقتْ شعرا |
وبيضاءَ لمْ تطبعْ ولمْ تدرِ ما الخنا |
ترى أعينَ الفتيانِ منْ دونها خزرا |
إِذَا مَدَّ أَصْحَابُ الصِّبَا بِأَكُفِّهِمْ |
|
وحاملة ٍ ستِّينَ لمْ تلقَ منهمُ |
|
وَإِنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ لاَ يُهِمُّهَا |
|
وأسمرَ قوَّامٍ إذا نامَ صحبتي |
خفيفِ الثِّيابِ لا نواري لهُ أزرا |
وَأَقْصَمَ سَيَّارٍ مَعَ الْحَيِّ لَمْ يَدَعْ |
تراوحُ حافاتِ السَّماءِ لهُ صدرا |
وأصغرَ منْ قعبِ الوليدِ ترى بهِ |
قباباً مبنَّاة ً وأودية ً خضرا |
وشعبٍ أبى أنْ يسلكَ الغفرَ بينهُ |
سَلَكْتُ قُرَانَى مِنْ قَيَاسِرَة ٍ سُمْرَا |
ومربوعة ٍ ربعيَّة ٍ قدْ لبأتها |
بكفَّيَّ في دوَّيَّة ٍ سفراً سفرا |